الكوابيس عند الأطفال – الأسباب، دور الوالدين لتخفيف تأثيرها
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
النوم الهانئ والجيد يعدُّ أمراً ضرورياً لصحة وسعادة الطفل، فهو يساهم في نموه الجسدي والعقلي، ويعزز قدرته على التركيز والتعلم، ويسهم في تنشيط جهاز المناعة، ويساعده على الاسترخاء والاستعداد لليوم التالي، فعندما يحصل الطفل على كميةٍ كافية من النوم الجيد يكون لديه طاقة وروح معنوية أفضل، مما يؤثر إيجابياً على تفاعلاته اليومية، وعلاقاته مع الآخرين، لكن ماذا لو عانى الطفل من الكوابيس أثناء نومه؟ سنتناول هذا الموضوع في مقالتنا التالية.
ما هي الكوابيس عند الأطفال؟
الكوابيس هي أحداث مزعجة، أو مخيفة، أو غير سارة تحدث أثناء النوم، وتشكل تجربةً سيئة للأطفال، وقد تتسبب في استيقاظهم بشكلٍ مفزع، ويمكن أن تكون مؤقتة، وتتلاشى مع مرور الوقت، وفي بعض الحالات قد تستمر لفترةٍ أطول. تتنوع مضامين كوابيس الأطفال، قد تشمل المواقف المخيفة، مثل: مطاردة من حيوان مفترس، أو سقوط من مكانٍ مرتفع، أو التواجد في مكان مظلم، أو مواجهة وحوش، أو أشخاص مخيفين، كما قد تتأثر مضامين الكوابيس بالتجارب والمخاوف الشخصية للطفل، والتحديات التي يواجهها في حياته.
أسباب الكوابيس عند الأطفال
قد تكون الأسباب مرتبطةً بالتطور العاطفي والعقلي للطفل، وقد تكون نتيجةً للتوتر والتجارب السلبية التي يواجهها الطفل في حياته، وهنا بعض الأسباب الشائعة:
1- التوتر والضغوط العاطفية
يمكن أن يكون التوتر العاطفي نتيجةً لتجارب سلبية، مثل: التغييرات في الحياة العائلية، مشاكل المدرسة، صعوبات التكيف الاجتماعي، أو توتر العلاقات العائلية سبباً لتعرض الطفل للكوابيس أثناء نومه، فتلك الضغوط قد تنعكس على الكوابيس التي يحلم بها الطفل.
2- المشاعر السلبية والخوف
يمكن أن يشعر الطفل بالخوف أو القلق بسبب مواقف مخيفة أو تجارب سلبية قد تتجسد في الكوابيس التي تعكس مخاوفه.
3- التعب والتوتر الجسدي
يمكن أن ترتبط الكوابيس بالإرهاق والتوتر الجسدي الذي يمر به الطفل، مثل: التعب الزائد، أو النشاط البدني الكثير قبل النوم.
4- الأحداث المؤثرة
قد يسبّب حدث مؤثر، مثل: الانتقال إلى منزلٍ جديد، أو وفاة شخصٍ قريب، أو تغييرٍ في المدرسة على نوم الطفل، ويتجلى ذلك في الكوابيس.
5- الإعياء والمرض
قد يسبّب الشعور بالإعياء أو الأمراض الجسدية عند الطفل كوابيس ذات صلةٍ بالمشاعر والتجارب السلبية المرتبطة بهذه الحالات الصحية.
6- التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي
يمكن أن يتأثر الطفل بالمحتوى الإعلامي المخيف أو المؤثر الذي يشاهده، مثل: الأفلام أو البرامج التلفزيونية غير المناسبة لعمره، وهذا قد يتجلى في الكوابيس التي تتضمن تلك العناصر.
تأثير الكوابيس على نفسية الطفل
الكوابيس يمكن أن تؤثر على الحالة العاطفية والعقلية للطفل بعدة طرق، وفيما يلي بعض الانعكاسات المحتملة للكوابيس على نفسية الطفل:
1- القلق والخوف
قد تزيد الكوابيس من مستوى القلق والخوف لدى الطفل بحيث يصعب عليه التمييز بين الواقع والحلم، وقد يشعر بالقلق من تكرار الأحداث المخيفة التي يراها في كوابيسه.
2- اضطراب النوم
قد تؤثر الكوابيس على نوم الطفل، وتسبّب الاستيقاظ المتكرر في الليل، وعدم الراحة، وذلك يمكن أن يؤدي إلى اضطراباتٍ في النوم، وبالتالي تسبّب تعباً للطفل، وتؤثر على مزاجه ونشاطه اليومي.
3- تغيرات في السلوك
قد تظهر تغيراتٍ في سلوك الطفل بعد تكرار الكوابيس، فيصبح أكثر انطوائية، أو يظهر توتراً، أو غضباً غير مبرر، أو قد يصعب عليه التركيز في النشاطات اليومية.
4- انخفاض الثقة بالنفس
قد تؤدي الكوابيس المتكررة إلى انخفاض ثقة الطفل بنفسه، وقدرته على التعامل مع المواقف المخيفة، فيشعر بالضعف أو العجز، وذلك قد يؤثر على تطوره العاطفي والاجتماعي.
5- الصدمة النفسية
قد يعاني الطفل من صدمةٍ نفسية بعد تكرار الكوابيس المزعجة، وتؤثر هذه الصدمة على تفاعله مع الأحداث والتحديات اليومية.
6- اضطرابات القلق والمزاج
في بعض الحالات قد يؤدي تكرار الكوابيس إلى ظهور اضطرابات القلق والمزاج عند الطفل، مثل: اضطراب القلق العام أو الاكتئاب، لذلك يجب مراقبة تلك الحالات، والتحدث مع أحد المختصين النفسيين إذا استمرت الأعراض، وتأثرت حياة الطفل اليومية.
دور الوالدين لمساعدة الطفل في التعامل مع الكوابيس
يمكن للوالدين أن يقدموا الدعم والمساعدة للطفل في التعامل مع الكوابيس، وتخفيف آثارها النفسية على النحو التالي:
1- الاستماع والتواصل
تشجيع الطفل على التحدث عن الكوابيس التي يعاني منها، والمشاعر التي يشعر بها، والاستماع بصبر وتفهم إلى قصته، وعدم التجاهل أو التقليل من أحاسيسه، وتقديم الدعم العاطفي له مع التأكيد أنه بأمان مع والديه، وأنهما يحبانه كثيراً.
2- التوجيه والدعم
تقديم المعلومات المناسبة حول الكوابيس وطبيعتها، وطمأنة الطفل أن الكوابيس هي أحلام، ولا تحدث في الواقع، وعلى الوالدين أن يقدموا له التوجيه والدعم العاطفي، وتعليمه كيف يمكنه التعامل معها وتجاوزها.
3- إنشاء بيئةٍ هادئة للنوم
العمل على إنشاء بيئةٍ مريحةٍ وهادئة في غرفة النوم، وتقديم جدولٍ منتظم للنوم، والتأكد من أن الطفل يحصل على كميةٍ كافيةٍ من الراحة، وقد يكون من المفيد إنشاء روتينٍ للنوم يشمل أنشطةً هادئة، مثل: القراءة، أو الاستماع إلى الموسيقى المريحة.
4- ممارسة تقنيات التنفس والاسترخاء
من المهمّ تعليم الطفل تقنيات التنفس العميق والاسترخاء، مثل: التنفس البطني، والتفكير الإيجابي قد يساعد ذلك في تهدئة الطفل، وتخفيف التوتر والقلق قبل النوم.
5- تعزيز الأمان والحماية
على الأهل تقديم شعور الأمان والحماية لطفلهم، كما قد يساعد توفير روتينٍ ثابت، والاهتمام بالاحتياجات الأساسية للطفل، مثل: الغذاء الصحي، والنوم المبكر، والحماية من المشاهد المخيفة في الوسائط الإعلامية على حصول الطفل على نومٍ هانئٍ بعيدٍ عن الكوابيس.
6- البحث عن مساعدة مختصة
إذا استمرت الكوابيس، وتأثرت حياة الطفل بشكلٍ كبير، فقد يكون من الجيد التوجه للحصول على مساعدة من متخصصين في صحة النوم أو الاستشارة النفسية، لتقديم الدعم والتوجيه المهني لتقييم الحالة، وتطوير استراتيجياتٍ ملائمة للتعامل معها.
في الختام يمكننا القول إنه بالتفهم والدعم المستمر يمكن للوالدين أن يساعدوا الطفل على تجاوز الكوابيس، والتخفيف من آثارها النفسية. قد يكون هذا التحدي مؤلماً أحياناً، ولكن من خلال التعاون والحب يمكن للأسرة أن تتغلب على هذه التجربة، وتبني طفلاً أقوى قادراً على مواجهة التحديات المستقبلية بشكلٍ أفضل. [1]
المراجع البحثية
1- Rapee, R. M., Wignall, A., Spence, S. H., Cobham, V., & Lyneham, H. (2008). Helping your anxious child: A step-by-step guide for parents (Second edition). New Harbinger Publications. Retrieved June 23, 2024