Skip links
امرأة بالغة ذات شعر أملس ناعم تلبس كنزة سوداء تنظر بتأمل للجهة المقابلة ويبدو عليها علامات الفراغ العاطفي

الفراغ العاطفي

الرئيسية » المقالات » الصحة النفسية » الفراغ العاطفي

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

هي حالةٌ يشعر فيها الفرد بنقص في العاطفة عندما لا يجد من يُعبر له عما في داخله من مشاعر ورغبات أو مشكلات وعواطف من الأهل والأصدقاء والأقارب. وتصيب هذه الحالة الجنسين من الذكر والأنثى، وخاصةً في مرحلة المراهقة كونها من أكثر المراحل حساسية في الحياة وفي بناء شخصية الفرد.

حيث يشعر الفرد أيضاً بالوحدة والضياع وفقدان الرغبة في إكمال الحياة، وتتناقص ثقته بنفسه تدريجياً، حيث يشعر أنه فردٌ غير محبوب وأن وجوده وعدم وجوده غير مهمّ لمن حوله. [1]

لماذا يشعر الفرد بالفراغ العاطفي في حياته؟

يشعر الفرد بالفراغ العاطفي عندما لا يجد من يُفيض عليه بالحب والحنان والأمان والمشاعر التي تشعره بقيمته وأهمية وجوده في الحياة، ويشعر الأشخاص بالفراغ من وقتٍ لآخر، وسبب هذا الشعور هو المرور بتجارب قاسيةٍ في الحياة أو بسبب التغيير الهرموني في الجسم أو بسبب تخلي شريك الحياة عنه، بالتالي تظهر مشاعر من عدم الثقة والكره والتشاؤم من أي شيء أو حتى من فكرة دخول شخص جديد لحياته، وبالتالي يُفضل الشخص أن يكون وحيداً ومنعزلاً عن الآخرين.

كما أن بعض ظروف الحياة القاسية تتطلب التأني والهدوء وأخذ قسطٍ من الراحة والتفكير في النفس والعمل، وهذا ما يؤدي إلى الشعور بالفراغ لفترةٍ مؤقتة، لكن إذا استمرت لمدةٍ أطول ستشكل خطراً على صاحبها وتدفعه لتصرفاتٍ خاطئة، مثل: الإدمان وشرب الكحول لنسيان ما عانى ومر به أو الدخول في علاقاتٍ غير صحية وسوية مع أشخاص يستغلون هذا النقص والفراغ العاطفي لديه، ويتعمدون الأذى في كلامهم المعسول ومشاعرهم الكاذبة، مما يعود على الشخص بالعواقب الكبيرة والأذى النفسي. [1] [2]

ماذا يحدث عندما نشعر بالفراغ العاطفي طوال الوقت؟

1- فقدان التواصل مع النفس

عدم وجود هدفٍ في الحياة أو طموحٍ نسعى للوصول إليه، هو ما يظهر فكرة انعدام الاتصال مع النفس والعقل الباطني، عندها يشعر الفرد بالفراغ حيث لا أحلام واضحةً، بالتالي لا هدف في الحياة، وهذا ما يدفع الفرد للعمل في وظيفةٍ متطلبة جداً أو الدخول في علاقة مُستهلِكة للمشاعر.

2- التفكير في التجارب والخلافات السابقة التي لم يتمّ حلها

نعاني في الحياة من تجارب تكون محزنةً، ويستمر الشعور بالحزن لمدةٍ طويلة، كالمرور بتجربة لم نتوصل لحلّ لها، مثل: طلاق الوالدين، وبالتالي الشعور بالتخلي عن أحد الوالدين، وعندما لا نتكلم أو نعبر عن العواطف التي رافقتنا لفترةٍ طويلة من الممكن أن تظهر بطرقٍ أخرى، فإن الشعور بالحزن والألم والتعب والتفكير في الأحداث السابقة، والبوح بها سوف يساعدك في معالجتها واكتشاف مدى القوة التي لديك تجاه هذه الأحداث.

3- عدم الاعتناء والاهتمام بالنفس والمظهر

إعطاء الأهمية للآخرين أولاً يجعل الفرد يهمل نفسه، حيث يضع احتياجات الآخرين في المرتبة الأولى لفترةٍ طويلة، وهذا ما يسبب الشعور بالفراغ. قد يفكر الفرد أن جعل الآخرين يشعرون بالسعادة والفرح سوف يجعله هو أيضاً يشعر بالسعادة، وحتى لو كان الأمر كذلك فمن المنطقي أولاً أن يُسعد الفرد نفسه وأن يضع في ذهنه أن حبه لنفسه لا يتوقف ولا يقتصر على دعم الآخرين.

4- عدم وجود علاقات كبيرة

ويُقصد هنا أن الأمر لا يتعلق بعدد العلاقات من حولك بقدر ما يتعلق بمدى مصداقية هذه العلاقات وعمقها وأثرها المهم على الحياة والنفسية. إن العلاقات العاطفية وعلاقات الحب والدعم والاستمتاع والمشاركة بالأنشطة جميعها أمور مهمة، ولكن عندما تكون مفقودة في الحياة سوف تؤدي للشعور بالفراغ والعزلة. [2]

ما هي أسباب الشعور بالفراغ العاطفي؟

1- قلة الحب والاهتمام

والعلاقات الاجتماعية في الحياة، يولد الشعور بالفراغ العاطفي.

2- انعدام الثقة بالنفس

وتجاهلها ومحاولة لفت انتباه الآخرين وإعطاء أهمية لرأيهم.

3- الافتقار لحب الذات وعدم تطويرها

بسبب عدم وجود صداقاتٍ عميقة، وإن وجدت فهي غير مستقرة أو وجود علاقات سامة مُستهلكة للصحة، بالتالي كل هذا يؤدي للشعور بالفراغ العاطفي.

4- عدم القدرة على توجيه الإمكانيات بما هو مناسب

حيث إن العديد من الناس يمتلكون طاقات وإمكانيات عظيمة، ولكن لا يستطيع الجميع توظيفها بالشكل الصحيح، فيحاولون ملء أوقاتهم بتناول الطعام أو العمل على اعتقاد منهم أن هذه الأشياء ستشتت انتباههم عن الفراغ الموجود في حياتهم.

5- كثيرٌ من الآباء لا يُظهرون التعاطف والمحبة والأمان لأبنائهم

وعندما لا يحصل الأولاد على مقدارٍ كافٍ من الحنان والحب والاهتمام من الآباء سيتولد لديهم بالتأكيد هذا النقص والفراغ العاطفي الداخلي.

6- تلعب العادات والتقاليد دوراً كبيراً في النمو النفسي والعقلي السليم

وهذا لكل من الشاب والفتاة، حيث تسبب العادات حاجزاً للاختلاط بين الذكر والأنثى أو تمنع الفتاة من ممارسة حقها في العمل والتعليم وتجبرها على الزواج المبكر، وعدم إعطاء أهمية لرأيها وتجاهل مشاعرها وغيرها من الأفعال التي تجعل البعض منهم يعانون من الإحساس بالفراغ العاطفي داخل مجتمعهم.

7- مواقع التواصل الاجتماعي

تلعب دوراً واضحاً في الفراغ العاطفي، حيث إن إدمانها يجعل من الشخص إنساناً انطوائياً لا يتكلم مع أحد ولا يخرج مع أحد ولا يشارك أحد نشاطاته ولا يكون لديه علاقات، فيلجأ للهروب من الواقع إلى العالم الافتراضي خلف شاشات الأجهزة ليعوض جزءاً من النقص الذي لديه.

8- فقدان شخصٍ عزيز أو موته

إن خسارة شخص عزيز وصادق محب قد يُدخل الفرد في حالة فراغٍ عاطفي، خاصةً إذا كان هذا الشخص له مكانة وتأثيرٌ قويٌّ في حياته أو متعلقٌ به كثيراً، فيدخل الشخص في حالة حزن ويأس على ما حصل ويرى نفسه أنه أصبح وحيداً في هذه الحياة ولا يعوضه أحد عن خسارته. [1] [3]

علاج الشعور بالفراغ العاطفي

السرُّ في العلاج يعتمد على معرفة ما نفتقده في الحياة، وتنمية الشعور بالرضا والتقبل والسعي لسدّ وترميم هذه الاحتياجات بطرقٍ أخرى مفيدة. [1] [3]

1- العمل بجدّ أكثر

من أهم الطرائق التي تجعل الشخص يتجاوز الفراغ العاطفي أن يُركز على عمله بشكل كبير، ويبذل جهده ويستثمر طاقاته في العمل لتطوير نفسه أولاً، وتحقيق نجاحات تُنسيه ما مر به وعانى منه.

2- إعادة التركيز والتوازن للنفس

من خلال قضاء الوقت بممارسة التمرينات الرياضية والتخيل، التركيز على النفس والتفكير في الرغبات وكيفية تحقيقها، حيث إنه من السهل تشتيت الانتباه بسبب التفكير في المشاعر السلبية المحيطة بالشخص، ويمكن إعادة محور التركيز على النفس من خلال الرعاية الذاتية وتناول الطعام الصحي والتخيل والتأمل وممارسة الرياضة والعادات الصحية الأخرى، مثل النوم المبكر.

3- معرفة الاحتياجات بمساعدة الآخرين

كل شخص لديه رغبات واحتياجات لا يمكن تحقيقها من دون مساعدة الآخرين، قد يتطلب في بعض الأحيان طلب المساعدة منهم، بالتالي من الممكن أن يؤدي طلب المساعدة إلى حل الكثير من المشاكل والصعوبات في الحياة، مثال: إذا كنت تواجه صعوبةً في تشجيع نفسك للذهاب إلى نادٍ رياضي، فابحث عن صديق يهتم بالرياضة، هذا ما يُشعرك بالفرح والمشاركة الإيجابية، مهما كانت درجة معاناتك أو أنك تفتقر لشيء، فمن الممكن أن يكون هنالك شخص ما يمكنه الوقوف بجانبك ومساعدتك إذا كنت على استعداد للتواصل معه.

4- ملءُ أوقات الفراغ

وذلك بالبحث عن شيءٍ مفيد يقوم به، مثل: القراءة، الذهاب لنادٍ رياضي أو السفر، القيام بنزهةٍ مع الأصدقاء أو الالتحاق بوظيفة تطوعية، بحيث لا يبقى وقت لتذكر الأشياء السلبية أو التفكير بها.

5- الحرية في التعبير عن الآراء

من الجميل أن يعبر الإنسان عن مشاعره بشكل واضحٍ وصريح، لأنه كثيراً ما يكون الخجل والشعور بالخوف والقلق من التعبير عن المشاعر للأهل أو للأصدقاء أو الحبيب سبباً في الفراغ العاطفي.

6- وجود أشخاصٍ محبين وصادقين

وهي من أكثر الأمور التي تخفف على الفرد وحدته أو شعوره بالفراغ، فهم يمنحونه الشعور بالأمان وأنه مهما حصل سوف يقفون بجانبه ويدعمونه ويساندونه في أوقات الضعف، لذلك وجب على الإنسان الحرص في اختيار الأشخاص، والابتعاد عن الأشخاص الكاذبين أصحاب المصالح والكلام المعسول المليء بالخداع والنيات السيئة.

7- طلب المساعدة إذا لزم الأمر

فهنالك العديد من الناس لا يستطيعون تحديد سبب الفراغ في حياتهم، لذلك من المفيد لهم البحث عن أخصائيّ جيد يقدم لهم المشورة، ويساعدهم في معرفة مشاعرهم وسبب شعورهم بالفراغ.

يقوم بتقديم الدعم في اللحظة الحالية، بحيث يتخطى الفرد هذا الفراغ مع الوقت، ويحاول التغلب على إحساسه بأن طلب المساعدة يجعل منه شخصاً ضعيفاً لأنها بالطبع لا تجعله كذلك، فطلب المساعدة يدل على أنه شخص ناضج ويمتلك الكثير من الشجاعة والإرادة، وبمجرد أنه لاحظ التغيير والفوائد سينعكس ذلك على نفسه ويتمنى لو فعل ذلك مبكراً.

المراجع البحثية

1- (2023, March 16). الفراغ العاطفي: تعريفه، وأسبابه، وأهم طرق تجاوزه. النجاح. Retrieved March 16, 2023

 2- Casabianca, S. S. (2021, March 29). Feeling empty? here’s what it could mean and how to stop it. Psych Central. Retrieved March 16, 2023

3- Chui, A. Y. (2023, March 9). Why You’re Feeling Empty and How to Fill the Void. Lifehack. Retrieved March 16, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.