Skip links
أشخاص تمشي في شوارع المدينة

العمران – ما هو؟ ما العوامل المساعدة على تطوره؟

الرئيسية » الجغرافيا » العمران – ما هو؟ ما العوامل المساعدة على تطوره؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو العمران وماهي المدينة؟

العمران هو مرحلة من مراحل استقرار الإنسان التي وصلت إليها فئة ما من سكان منطقةٍ ما من بين مجموع السكان. العمران في اللغة العربية مشتقة من كلمة عَمَر ومعناها بنى، ولذلك لن نستطيع أن نقول إن الشعوب البدائية وصلت إلى مرحلةٍ عمرانيةٍ معينة، لأنها لم تستقر أو لم تثبت في مكانٍ ما.

وبناءً على ذلك، فإن الشعوب البدائية التي انتشرت أو التجأت إلى الكهوف، وضفاف الأنهار، والممرات الجبلية لا تعبر أبداً عن حالة من حالات العمران، لأنهم لم يقوموا ببناء أو تعمير منزل أو مسكن، ولم يستخدموا المواد الأولية الموجودة في الطبيعة آنذاك، بل لجؤوا إلى المغاور، والكهوف، والقمم الجبلية، وغيرها.

والتي كانت قد تكونت بفعل عوامل الطبيعة المختلفة أو وجدت بمحض الصدفة، إن عملية البناء وإشادة المساكن لم تعد كافيةً للتعبير عن مرحلةٍ عمرانيةٍ معينة، بل أصبح من الواجب أن ترافقها اهتمامات عمرانية ذات قيمةٍ هندسية، وبالوقت نفسه معبرة عن مكنونات النفس البشرية الداخلية وبداية تفهمها لفلسفة الحياة، فأصبح يتبع بناء المساكن إقامة المقابر، وشق الشوارع، والأسواق، وساحات عامة مركزية.

أما المدينة، فتعرف على أنها مساحات من الأرض يقوم فوقها نوع متحضر من البشر، ويقطنها أناس متمدنون ومتحضرون بإمكانهم استخدام التقنية الحديثة، واحترام القوانين والأنظمة الاجتماعية والاقتصادية السائدة، وتتمتع المدينة أيضاً بوظيفةٍ أخرى تتميز بها غير الوظيفة السكنية هي الوظيفة الإدارية الإقليمية. [1]

ما هي العوامل المساعدة للتطور العمراني ونمو المدن؟

1- الموقع الجغرافي والظروف الطبيعية

الموقع عاملٌ هامٌّ في مراحل نمو المدن، لذلك فإن الموقع الجغرافي الذي تشغله المدينة أو المركز البشري له أهمية كبيرة في مراحل تطوره العمراني التاريخي، ولهذا فإن للموقع دوره الإيجابي أو السلبي. يكون دور الموقع الجغرافي إيجابياً في حال توافر الشروط المطلوبة والمساعدة في تغطية حاجات ومتطلبات سكان المدينة أو على الأقل يوفر حدوداً معقولة، ودون أن يهبط للحدود الدنيا أمام متطلبات السكان التي من الطبيعي أن تزداد يوماً بعد يوم.

وعلى العكس تماماً فإن الموقع يكون سلبياً في حال عدم القدرة على تحقيق حتى الحدود الدنيا أو حتى قلة من الشروط المطلوب توافرها كي تحافظ المدينة على نموها واستمرارها. إن وقوع مدينةٍ في منطقة سهلية، وتحيط بها سهول واسعة، هو عامل إيجابي يساعد في امتداد المدينة في المستقبل في كل جهاتها، ويؤمن لها ظهيراً زراعياً يؤمن الحاجات الغذائية للسكان.

وللمناخ وللشروط الطبيعية الأخرى أيضاً أدوار على درجة من الأهمية لأنه من الطبيعي أن تكون المدينة ذات مركز جاذب للسكان، وتشغل مكاناً مريحاً للنفس يشع منه الهدوء والسكينة، وبخاصةٍ إذا أصبحت مركزاً لقدومٍ أجنبي لعذوبة مناخها صيفاً وشتاءً، وتقع تحت تأثير شروطٍ طبيعيةٍ ملائمة، وتكون ذات حرارةٍ معتدلة، قليلة الرياح العاصفة، وتهب عليها نسمات هوائية رطبة تنعش النفس. أما عنصر الماء، فله دور حاسم، ولتوافر الماء، وتعدّد مصادره، وعذوبته، وصفائه دوره الهام في مراحل نمو المدن.

2- وجود الدولة والأمن والاستقرار

إن للدولة هيبة وسلطاناً، وانطلاقاً من ذلك، فان عامل وجود الدولة أو السلطة القوية صاحبة النفوذ والقادرة على تطبيق القانون، ونشر الأمن والسلام هو عامل أساسي وهام جداً في عملية البناء، والتطور العمراني لأن وجود الدولة عادةً يعني الأمن، والسلام، والاستقرار، وفي حال توافر تلك الأمور، فإنه من المؤكد أن ترى البلاد أينما كانت امتداداً عمرانياً جديداً يتطابق إلى حدٍّ كبير ومتطلبات العصر.

3- الثورة الصناعية والتمركز الصناعي

مع بداية انطلاق الثورة الصناعية، وتحسن طرق ووسائط النقل، والطلب المتزايد على الأيدي العاملة، فإن الكثير من المناطق وأماكن تواجد المواد الأولية الصناعية، والتي توافد إليها العمال قد تطورت بسرعةٍ هائلة، وتحولت معسكرات العمال البدائية إلى مدنٍ كبيرة قفزت إلى مستوى المدن الكبرى ذات التاريخ العريق.

لأن استمرار العمل الصناعي، واستخدام التقنية الحديثة ترافق مع خلق شبكةٍ من الطرق الحديثة تسير عليها أحدث وسائل النقل المختلفة، وهذا خلص أصحاب العمل وأصحاب الأموال من فكرة انتقال العمال، أو نقل المواد الأولية، أو حتى وجود السوق الاستهلاكية.

وهذا فعلاً ساهم في خلق مدنٍ توضعت في أماكن العمل، وبالوقت نفسه ساهمت تلك التقنية في خلق مدنٍ أخرى بعيدة عن المراكز الصناعية بفضل وسائط النقل التي استطاعت أن تجد من تلك المدن أسواقاً استهلاكية بعيدة عن مكان التصنيع. [2]

أهمية تخديم المدن في مراحل تطورها العمراني

1- الخدمات التحتية الأساسية

الماء

إن مستوى الخدمات التحتية هو الصورة الحقيقية لكل مدينة، والمدن المتوازنة بتطورها تقاس بحسن أداء خدماتها ومدى صلاحيتها، وقدرتها على تقديم متطلبات السكان. في مقدمة تلك الخدمات الماء، والذي يعدّ العامل الرئيسي الأول لحياة الإنسان، إن تغذية المدينة بالماء بحاجة إلى جهودٍ وخبراتٍ وتقنياتٍ عالية من أجل تأمين كمياتٍ وافرة من الماء النقي، ويتطلب أيضاً ضرورة حماية المصادر المائية التي تغذي المدينة، وتمديد شبكة مياه حديثة، ومحكمة السد لمنع الترشيح والتلوث.

الكهرباء

إن توفر الكهرباء أصبح حاجةً ملحةً لجميع السكان على مختلف انتماءاتهم الجغرافية لأن الكهرباء دخلت في الضروريات لحياة الإنسان، ولم يعد يمكن الاستغناء عنها لأن التطور التقني من جهة، وتطور حياة الإنسان، وتحسن مستوى المعيشة جعل من توفر عنصر الكهرباء للاستخدامات المختلفة ضرورةً يعتمد الإنسان على توفرها في مختلف أنشطته البشرية.

شبكة الطرقات ووسائل النقل المختلفة

كما لشبكات الطرق الخارجية والإقليمية أهمية كبرى في اتساع دائرة الحركة العمرانية في عموم الأرياف، فإن لشبكات الطرق وتنوع وسائل النقل أيضاً أهمية كبرى في تمدد رقعة البناء، وتعاظم نمو الحركة العمرانية داخل المدن والمراكز البشرية المختلفة.

إن شبكات الطرق الداخلية في المدن على اختلاف خصائصها لم تعد تتطلب فقط الكثافة، وإنما أيضاً التقنية الحديثة عند القيام بتنفيذ طرق وأرصفة، وغير ذلك بما يتلاءم مع حاجة السكان من جهة، ومع تعدد وسائل النقل، واختلاف نماذجها من جهة ثانية. إن النمو العمراني الحديث أصبح يتطلب شبكات طرقٍ متلائمة مع حاجة السكان، والتنوع في حاجاتهم، وكلما نمت المدينة باتجاه الأطراف، فإنه من المفروض أن تنمو معها شبكات الطرق كماً ونوعاً، وكثافة وتقنية.

2- الخدمات الحضرية

يقصد بالخدمات الحضرية المرافقة للنمو العمراني كل أنواع الخدمات التي يصبح وجودها ضرورياً في المدن كماً وكيفاً، مثل: البريد، والهاتف، الفنادق، والمقاهي، والمطاعم) مع كل أصنافها ودرجاتها، ومختلف الخدمات الصحية والمؤسسات التابعة لها، والخدمات التعليمية والثقافية، والشرطة والأمن، والإدارات المختلفة، والقضاء، ومحطات الوقود، والمؤسسات الدينية، ومختلف الأنشطة التجارية والخدماتية.

أما الخدمات التعليمية المختلفة والصحية في كل مستوياتها والاجتماعية على مختلف أنماطها، فإن تواجدها الضروري بشكلٍ متوازنٍ مع أعداد السكان يصبح على أهمية أكبر، وكذلك ضرورة انتشارها على أماكن توزع السكان، وتوضعهم حسب الأحياء السكنية، وحسب الكثافة الحقيقية، ودون أن ننسى ضرورة توفر الخدمات الموجهة للأشخاص، وتوضع ورشات إعادة تصليح الأجهزة الكهربائية والمنزلية، وغير ذلك.

3- وجود المساحات الخضراء

إن المساحات الخضراء يمكن أن تعني جميع المساحات المزروعة في المدينة أو على أطرافها سواءً كانت بساتين، أو مزارع، أو حدائق منزلية، أو جزراً تفصل اتجاه الذهاب عن اتجاه الإياب في الشوارع العريضة، بالإضافة إلى الحدائق العامة المنتشرة في المدينة، وخاصةً الملاعب الرياضية المعشبة. المساحات الخضراء بكل أشكالها تزداد أهميتها في المدن، ويصبح من الضروري توفرها في الأحياء السكنية نظراً للأهمية المطلقة التي تشكلها في حياة سكان المدن. الاهتمام بتوفير المساحات الخضراء على تنوع أشكالها لم يعد شكلاً من أشكال جمالية المدينة، بل هي حاجة ملحة لضرورة الحياة في المدن. [3]

المراجع البحثية

1-  Urban Geography: Introduction & Examples. (n.d.). StudySmarter UK. Retrieved August 25, 2024

2- (2024, June 4). 5 key factors in urban planning. EagleView US. Retrieved August 25, 2024

3- د. فيصل عزام قماش. دراسات في التطور العمراني وتخطيط المدن. (1999). Retrieved August 25, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.