Published in: عُلماء

العالم رونتجن – اكتشافه للأشعة السينية واستخداماتها

Author م. فاطمة زهرة

Published on: 15 أبريل، 2023

م. فاطمة زهرة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

من هو فيلهلم كونراد رونتغن؟

وُلد العالم فيلهلم رونتغن في ألمانيا عام 1845 وتوفي فيها عام 1923، وحصل خلال مسيرته على جوائز عدة منها: جائزة نوبل في الفيزياء – ميدالية برنارد للخدمة الجليلة للعلوم.

“لم أفكر؛ بل بحثت”^[1] هكذا قال فيلهلم رونتجن المهندس الفيزيائي الألماني عندما سُئل عما كان يفكر فيه في 8 نوفمبر 1895، ليلة اكتشافه الأشعة السينية في مدينة فورتسبورغ الألمانية، وقد حققت تحقيقاته واختراعه ثورةً في العالم، وأحدثت ثورةً في الطب، وأكسبته أول جائزة نوبل في الفيزياء عام 1901.

ما هي الأشعة السينية X-Ray؟

هي نوعٌ من أنواع الإشعاع الذي يُستخدم لتكوين صورةٍ لأعضاء الجسم الداخلية. عندما تعبر حزم الأشعة السينية عبر الجسم، يتم امتصاصها بشكلٍ مختلف من خلال الأعضاء المختلفة في الجسم، مثل: العظام والأنسجة الرخوة. يتم استخدام هذه الطريقة لإنشاء صورة لداخل الجسم، كما يُعرّف التصوير بالأشعة السينية أيضاً باسم (التصوير الشعاعي)، ويُدعى بالألمانية (Röntgen) نسبة لمُكتشف هذه الأشعة فيلهلم رونتجن.

اكتشاف العالم رونتجن للأشعة السينية X-Ray

في أواخر عام 1895، جهز الفيزيائي فيلهلم رونتجن نفسه للبدء بتجربة من تجاربه باستخدام أشعة تُدعى أشعة الكاثود، وهي الحزم المُتوهّجة للإلكترونيات التي تعبر عبر أنبوب فارغ عند تطبيق فرق جهد كهربائي مرتفع عليها. كان أنبوب الحزم المُتوهّجة عنصراً مهماً ومعروفاً في علم الفيزياء في تلك الحقبة الزمنية.

وفي مختبره المظلم قام العالم فيلهلم رونتجن بتغطية هذا الأنبوب بورقٍ أسود مُقوّى لإخفاء توهجه بشكلٍ كامل، لكنه فجأة لاحظ وميضاً من الضوء على ورقة من الفلورسنت عبر الغرفة. أصاب العالم رونتجن الفضول بسبب توهج ورقة الفلورسنت، رغم تغطيته للأنبوب المُتوهج، فقام بوضع ورقة أخرى من الورق المقوى الأسود بين ورقة الفلورسنت والأنبوب، ثم وضع ورقةً أخرى، ثم كتاباً سميكاً، ثم لوح رفّ مصنوع من الخشب تزيد سماكته عن 2,5 سنتيمتر.

بعدها حمل قرصاً صغيراً من الرصاص وألقى بظلال على الشاشة، فظهر الشكل الداكن للقرص نفسه، جنباً إلى جنب مع الهيكل العظمي للعظام في يده. ترك العالم رونتجن التجربة في منتصفها وخرج من غرفتهِ عائداً إلى منزله. لم يُطِق صبراً فعاد مجدداً إلى المختبر ظناً منه أنه ربما كان يتخيل الأمر.

لم يعرف العالم رونتجن ماهي طبيعة هذه الأشعة التي اخترقت جسده وكونت صورةً لهيكل يده العظمي على ورقة الفلورسنت، فسماها بالأشعة (X) وهو رمز للمجهول باللغة اللاتينية، الذي يقابله في اللغة العربية الحرف (س)، أو المجهول (س)، ومن هنا أتت تسمية هذه الأشعة بالأشعة السينية نسبة للمجهول (س).

في النهاية شجع العالم رونتجن نفسه ليُخبر زوجته بما رآه، وطلب مساعدتها في متابعة تلك التجربة التي بقيت في منتصفها. وفي نفس العام قبل عيد الميلاد بأيام، استبدل رونتجن الشاشة الفلورية بورق فوتوغرافي وأخذ أول صورة بالأشعة السينية في العالم، وهي صورة واضحة لعظام يد زوجته اليسرى وخاتم زواجهما واضح. ^[2]

شهرة العالم رونتجن

نُشرت أخبار اكتشاف رونتجن في صحيفة نمساوية في 5 من يناير عام 1896، سرعان ما أصبحت علوم الطب وطب العظام أموراً شبه واضحة. كان العالم فيلهلم رونتجن من العلماء المتواضعين ولم يُشهر عن نفسه ولم يحب الشهرة قط، كما تجنب الثروة وكذلك الشهرة ولم يُسجل براءة اختراع الأشعة السينية باسمه، حيث اعتبر بأن هذا الاكتشاف يجب أن يبقى متوفراً دون قيودٍ للباحثين الآخرين والمجتمعات الطبية المختلفة.

في القانون الألماني لبراءات الاختراع، يؤخذ في عين الاعتبار فكرة عدم التسويق للأمراض البشرية. ولاعتبارات أخلاقية وصحية واجتماعية لا تُمنح براءة الاختراع للإجراءات الطبية وإنما تُمنح للمنتجات، أي يمكن منح براءة الاختراع لجهاز أشعة سينية جديد، ولكن لا تُمنح لطريقة التشخيص بهذا الجهاز، والتي هي الأشعة السينية. ^[3]

تبرع العالم رونتجن بالمال الذي حصل عليه عندما حصل على جائزة نوبل عام 1901 للمجتمع العلمي. إن كرم رونتجن المُتمثل بعدم رغبته في الاستفادة من اكتشافه، إلى جانب الظروف الاقتصادية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى، قد تركه شبه مفلس إلى حلول الوقت الذي مات فيه عام 1923.

استخدامات الأشعة السينية

اليوم يتم الاستفادة من أشعة (X) أو الأشعة السينية في مجالاتٍ عديدة وخاصةً الطبية، للكشف عن الإصابات والكسور في الهيكل العظمي، بالإضافة إلى استخدامها في العيادة السنية أيضاً، لعمل صورةٍ دقيقة للسن. كما يتم استخدام أشعة X لعمل صورةٍ شعاعية للأعضاء الحساسة في الجسم، كالرئتين، والقلب، كما تُستخدم أيضاً في العيادة النسائية عند الفحص الدوري لمنطقة الثدي للكشف عن وجود ورم الثدي. ^[4]