Skip links
كتابين فوق بعضهم مكتوب على أحدهما بالإنكليزية original وعلى الكتاب الآخر مكتوب بالإنكليزية copy

الظاهرة المُنتحلة – أسبابها، أشكالها وماهي آثارها السلبية؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هي الظاهرة المنتحلة؟

هي عبارةٌ عن فكرةٍ يتمُّ تحليلها وصياغتها بطريقةٍ احترافية ثم تقديمها للآخرين على أنها حدثٌ حقيقيّ، ومصدرها يعود لدليلٍ واقعيّ مُثبَت، لكن وعلى الجانب المقابل من الحقيقة لا وجود لما يتمّ ذكره من هذه المواضيع، فهي انعكاسٌ لشيءٍ وهمي غير مُثبتٍ أصولاً بدليل، أو أنها قد تكون منسوبةً لمصادر مُحرَّفة أو مُزوّرة لا تمتُّ للحقائق بأي صلةٍ علميةٍ دقيقة، فالظاهرة المُنتحلة يمكن أن تظهر في عدة محاور ومجالاتٍ حياتية، كالتاريخ أو في العلوم والثقافة.

على سبيل المثال: قد يتمّ تقديم نظريةٍ علميةٍ حديثة على أنها حدثٌ ثوري، واكتشافٌ جديد، لكنها وفي الواقع قد تمّ تزويرها أو سرقتها من مصادر لم تثبت بشكلٍ رسمي وصحيح، أو قد تنتحل بعض الروايات التاريخية والقصص الأدبية شخصياتٍ مشهورة، وفتراتٍ زمنيةٍ معينة، ولكن في الحقيقة تكون مستوحاةً بطريقةٍ غير صحيحة ومُلفّقة فقط للإقناع بشيءٍ ما.

فالفرق قد يبدو واضحاً بين الظاهرة المُنتحلة والحقيقية، فالحقيقية تعتمد على مراجع موثوقة ومصدّقة في الكتب، وبأدلةٍ قوية على عكس المُنتحلة التي تفتقر إلى وجود البراهين والأدلة، وتعتمد فقط على التخمين، والكذب، والتزييف، وينتشر هذا النمط بسبب صعوبة الحصول على المعلومات الدقيقة، والرغبة أيضاً في تضليل المجتمع، وقد ينتج عن تصديق الأفراد لذلك إلى انتشار الخرافات، والكثير من المفاهيم والعادات والقيم الخاطئة. [1]

ما هي أسباب انتشار الظاهرة المُنتحلة؟

السبب في انتشار هذه الظاهرة يتلخص في عدة جوانب، ومن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الانتشار وسرعة التداول: [2]

1- الرغبة في زيادة مصادر الدخل المادي أو الشهرة

قد يسعى الفرد إلى اختراع أو ترويج أشياء وظواهر كاذبة غير حقيقية بهدف جذب الانتباه وتحقيق الشهرة، وفي بعض الأوقات قد يكون الهدف الأساسي هو الحصول على شهادةٍ علمية، أو أدبية، أو تحقيق مكاسب مادية ضخمة من خلال الأفلام، أو الكتب، أو التسويق بالمنتجات، ومن أجل ذلك يتمُّ اعتماد الظاهرة المُنتحلة به.

2- انتشار الجهل وسوء الفهم للظواهر الواقعية

قد ينتج عن الفهم الخاطئ أو النقص في المعارف والحقائق إلى انتشار الظاهرة المُنتحلة، فعندما يخطئ الفرد في تفسير المعلومات، وبالتالي قد يحدث خلطٌ بين الحقيقة والكذب، فمن الممكن حينها أن ينتشر المفهوم الخطأ على أنه حقيقيٌّ وصحيح، ويحدث ذلك عندما تكون المعلومات متداخلةً ببعضها ومعقدةً تتطلب شرحاً علمياً دقيقاً.

3- التأثيرات الناتجة عن الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي

حيث يلعبون دوراً رئيسياً في نشر المعلومات المغلوطة، ويتمُّ التسويق لها عبر الأنترنت، حيث لا يوجد من يراقب أو يحاسب، ومن السهل جداً تصديقها من قبل الناس، بالإضافة إلى دعم الإعلاميين لهذه الظواهر دون وعي أو تحقُّق، وبالتالي يزيد ذلك من مصداقيتها وثباتها.

4- رغبة الآخرين في تصديق ما يتوافق مع آرائهم وأفكارهم الشخصية

في بعض الأحيان تسعى فئةٌ معينةٌ من الناس إلى تصديق الظواهر التي تتفق مع معتقداتهم السابقة، ولو كانت مزيفةً أو غير صحيحة، وهذا يجعلهم مُعرَّضون لقبول المواضيع المُنتحلة، وتصديقها أيضاً، وتسمّى هذه الظاهرة بالتحيُّز التأكيدي، حيث يميل الشخص للأخذ بالمواضيع التي تناسب تفكيره، ويتجاهل المعلومات والحقائق التي تتناقض معها.

5- عدم التحقُّق من المصادر

في ظلّ التطوُّر التكنولوجي الذي نشهده الآن أصبح من السهل جداً الوصول إلى المعلومات المُرادة، ومن مصادر متعددة، ومع ذلك هنالك الكثير من الناس الذين لا يتحققون من صحة ما يقدمونه من مواضيع وأفكار، بالتالي يؤدي ذلك إلى انتشارٍ أوسع للظواهر المُنتحلة.

6- أسباب إيديولوجية وسياسية

قد يتمُّ الترويج أيضاً للظواهر المُنتحلة بهدف تحقيق دوافع سياسية وإيديولوجية، ومن الممكن أن تكون هذه الدوافع على شكل حملات تضليلٍ إعلامي، أو دعايةٍ معينة للتشهير بأحد، أو للتأثير على الرأي العام، والتلاعب بالعقول لتحقيق مكاسب مادية، وسياسية، واقتصادية معينة.

هذه الأسباب التي قمنا بذكرها تساهم بنسبةٍ كبيرةٍ في انتشار الظواهر المُنتحلة، وتجعل من الصعب جداً التمييز بين ما هو واقعي وما هو وهمي، الأمر الذي يزيد من أهمية توعية الأفراد بضرورة التحري والتدقيق بصحة المعلومات قبل تداولها.

ما هي أشكال الظاهرة المُنتحلة؟

إن الانتحال يظهر في عدة أشكال وجوانب مختلفة سواءً في درجات التعقيد أم التأثيرات، ومن أبرز هذه الأشكال ما يلي: [3]

1- الانتحال المباشر

يكون ذلك عن طريق شخصٍ يقوم بنسخ معلومةٍ ولصقها كما هي دون إجراء أي تعديلٍ أو إضافة، ودون ذكرٍ للاقتباس أو المصدر، ويُعدُّ هذا النمط انتحالاً واضحاً وغير مبرّرٍ أبداً، لأنه يُظهر السرقة الحقيقية للمواضيع.

2- إعادة الصياغة دون ذكر المصدر

حيث يقوم الشخص بإعادة الصياغة للفكرة أو النص الموجود أمامه مع الحفاظ على المعنى الجوهري له، ولكن من دون وضع توثيق، حيث لا يَنسب ما ذكره إلى المرجع الأصلي، ويُعدُّ هذا النوع انتهاكاً وسرقةً علميةً لأنه لا يجوز أن يستخدم الفرد عمل وجهد غيره دون أن يشير إليه.

3- الانتحال من النفس

يحصل ذلك من خلال استخدام الفرد لأجزاء محددة من أعماله السابقة، وإدخالها في مشروعٍ جديدٍ أو بحثٍ أكاديمي دون أن يذكر انه سبق وقام بتوظيفها في مهام وأعمال سابقة له رغم أن ما يقوم به هو نتيجة تعبه وجهده، ولكنه يُعتبر انتحالاً في حال تكرار استخدامه دون الإشارة، إلا أنه مُعاد، ويُعتبر ذلك سرقةً أكاديمية.

4- الانتحال الجزئي

ويعني ذلك أن يقوم الفرد بأخذ بعض العبارات والاقتباسات من مصادر مختلفة، ومن ثم ربطها معاً في جمل أو نصوص دون توثيق يحدد ماهية ما يتمّ الكتابة عنه، وقد يبدو النص مختلفاً ومبتكراً وجديداً، ولكنه في الحقيقة تمّ تضمينه من مواقع ومصادر دون إثبات المصداقية.

5- الانتحال البرمجي

في ظل الوسط التكنولوجي المُتقدّم يحدث أن يقوم شخص بنسخ كودٍ برمجي أو طرائق وحلول برمجية، ونسبها لنفسه دون أن يعمل على توثيقها، ويُعتبر هذا النوع شائعاً كثيراً بين المُبرمجين، وطلاب المحاسبة، والاقتصاد أيضاً.

6- الانتحال الترجمي

وهو عندما يقوم فردٌ بترجمة قصةٍ أو عبارة من لغةٍ إلى أخرى ثم نسبها لنفسه دون الإشارة إلى المرجع الأصلي بصرف النظر عن كونها مترجمة، فهي تظل مأخوذةً من مخيلة وعمل فردٍ آخر، ويُعدُّ ذلك انتحالاً فكرياً.

ما هي الآثار السلبية للانتحال؟

توجد للانتحال آثار سلبية كثيرة يمتدُّ البعض منها لمستوياتٍ متعددة سواءً بالنسبة للمؤسسات التعليمية والمهنية، أو الشركات، أو الأفراد، ومن أهمّها ما يلي: [4]

1- انعدام الثقة

الانتحال يُلحق الأذى بسمعة الفرد، وعمله، ومستواه مهما كان، فعندما يتمُّ الكشف والتعرف على شخصية المُنتحِل، من المؤكد أنه سيفضح أمام الآخرين، وسيتأثر كثيراً بانتقاداتهم، وسيؤدي ذلك لفقدان الفرص المهنية، أيضاً في حال كانت الجهة المُنتهِكة مؤسسات، وثبت تورطّها في قضايا الانتحال، سيؤدي ذلك لتوقّف عملها، وتعرضّها لمسائلاتٍ قانونية.

2- التأثير على نواحي الابتكار عند الفرد

تقع على الفرد مسؤولية الابتكار والإبداع، لكنه قد يفضّل اختيار وسيلةٍ أسهل للوصول لذلك، ألا وهي الانتحال دون أن يفكر بعواقب هذا الاستخدام، فالمهمّ لديه الوصول إلى مبتغاه، وتحقيق مراده، لكن هذا الانتحال يؤدي إلى تقليص مستويات الإبداع والتفكير، وبالتالي تقييد مجالاته في مستوى معين غير قابلٍ للتطوير أبداً، لأنه اعتمد على طريقة الانتحال والحصول على كل شيءٍ جاهز، وبالتالي سيؤدي ذلك لتراجعٍ في المستويات المعرفية والعلمية لأن الابتكار هو حجز الأساس لأيّ تقدُّم.

3- إلحاق الضرر بحقوق الملكية

بدون شك الانتحال هو انتهاكٌ واضحٌ لحقوق الملكية المعرفية لأي جهةٍ كانت، لأنه يُعتبر سرقةً لأعمال الآخرين تؤدي لخلق نزاعاتٍ قانونية، وقد يفرض على المُنتحِل دفع غراماتٍ مادية لتعويض الضرر أو في بعض الحالات عليه مواجهة المحاكم القضائية.

4- فرض عقوباتٍ مهنية وتعويضاتٍ مادية

في البيئة الأكاديمية يصنّف الانتحال على أنه انتهاكٌ خطيرٌ للأمانة الفكرية، ومن الممكن أن يؤدي إلى عقوباتٍ شديدة، كالإخفاق في المجالات الدراسية، أو الفصل من الجامعة، أو سحب الشهادة الأكاديمية. أما في الوسط المهني، قد يفقد الفرد عمله أو يُفرض عليه دفع مبالغ مادية معينة، كذلك قد يواجه صعوباتٍ قانونية في حال ثبت تورطُّه في الانتحال.

المراجع البحثية

1- Plagiarism | University of Oxford. (n.d.). Retrieved September 7، 2024

2- Causes of plagiarism. (n.d.). Kent State University. Retrieved September 7، 2024

3- 7 Common types of plagiarism, with examples. (2022, June 2). Retrieved September 7، 2024

4- 6 Consequences of plagiarism. (n.d.). Retrieved September 7، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.