الطيف الكهرطيسي (الكهرومغناطيسي) – من اكتشفه؟ ما هي أقسامه؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هي الأمواج (waves) فيزيائياً؟
إذا سبق لك أن ذهبت للسباحة في البحر فأنت بالفعل على درايةٍ ولو بسيطة بالأمواج، فالموجة هي ببساطة اهتزازٌ أو تذبذبٌ في ذرات أي وسط مادي أو مجال، وتندرج الموجات الكهرطيسية ضمن هذا التعريف، لكنها تتميز بأنها تتكون بالفعل من اهتزاز موجتين أو حقلين متعامدين مع بعضها البعض، وهما حقل مغناطيسي وحقل كهربائي. كما في الشكل التالي:
ولكل موجة ثلاث خواص أساسية هي:
1- السعة (Amplitude) يُرمز له A.
2- الطول الموجي (wavelength)، ويرمز له λ.
3- التردد، التواتر، (Frequency)، ويرمز له f.
ما هو الإشعاع الكهرطيسي (Electromagnetic radiation)؟
الإشعاع الكهرطيسي هو موجةٌ تنتقل من خلالها الطاقة عبر الفضاء، فالحرارة الناتجة عن النار المشتعلة وضوء الشمس والأشعة السينية التي يستخدمها الطبيب، وكذلك الطاقة المُستخدمة لتسخين الطعام في الميكرويف كلها شكل من أشكال من الأمواج الكهرطيسية (Electromagnetic waves)، والأنواع المختلفة من الأمواج الكهرطيسية ندعوها الطيف الكهرطيسي. [1]
من اكتشف الطيف الكهرطيسي؟
لم يكن اكتشاف الطيف الكهرومغناطيسي (Electromagnetic spectrum) نتيجة شخصٍ واحد، بل نتيجة عمل العديد من العلماء على مدى أكثر من قرنٍ من الزمان، وجاءت الاكتشافات الأولى التي تشير إلى وجود أطوالٍ موجيةٍ أخرى غير الضوء المرئي في القرن التاسع عشر في عام 1800.
حيث استخدم عالم الفلك البريطاني ويليام هيرشل (William Herschel) الموشور (Prism) لفصل الضوء، وقياس درجة حرارة الألوان الناتجة فوجد أنه في الجزء تحت الأحمر حيث لا يوجد ضوءٌ ظاهرٌ للعين أصبح مقياس الحرارة أكثر سخونةً، وهذا كان تنبؤاً بوجود الأشعة تحت الحمراء (Infrared) غير المرئية.
في عام 1867 تنبّأ العالم العظيم جيمس كلارك ماكسويل (James Clerk Maxwell) بوجود أطوالٍ موجيةٍ وراء النهاية القصوى للضوء البنفسجي المرئي، فتنبّأ بوجود ما يُسمّى الأشعة فوق البنفسجية، وأول موجاتٍ راديوية أنتجها الفيزيائي الألماني هاينريش هيرتز (Heinrich Hertz) في عام 1887 ثم تمَّ اكتشاف الأشعة السينية بواسطة الفيزيائي البريطاني أرنست رذرفورد (Ernest Rutherford) في عام 1914. [2]
ما هي أقسام الطيف الكهرطيسي؟
أقسام الطيف الكهرطيسي من الأقلّ طاقةً وتردداً إلى الأكبر، وهي: [3]
1- الأمواج الراديوية (Radio waves)
تحتوي موجات الراديو على أدنى تردد (أكبر طول موجة) لجميع أنواع الطيف الكهرومغناطيسي، وتحمل فوتوناتها أقلّ كمية من الطاقة، ويتراوح التردّد بين 3 كيلو هرتز و300 جيجا هرتز، وهي جيدةٌ للاتصالات بعيدة المدى، ويمكن استخدامها في الرادار، وفي البثّ التلفزيوني والإذاعي، واتصالات الهاتف الخلوي، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS). تستخدم أيضاً في التصوير الطبي، وللكشف عن الأجرام السماوية البعيدة مثل: النجوم، والمجرات.
2- الأمواج الميكروية – المايكرويف (Microwaves)
وتكون بتردداتٍ تتراوح بين 300 ميجا هرتز و300 جيجا هرتز، ويمكنها اختراق بعض الأشياء التي لا تستطيع الأمواج الراديوية اختراقها، مثل: السحب الكثيفة أو الغبار. تستخدم الموجات الميكروية لنقل البيانات عبر الشبكات اللاسلكية، وللتواصل مع الأقمار الصناعية، والمركبات الفضائية، وأجهزة التحكم، وأشعة الميكرويف، وهي جيدةٌ جداً في تسخين المياه، وبما أن الطعام يحتوي دائماً على بعض الماء على الأقلّ، فهذا يعني أن أفران الميكرويف هي طريقةٌ رائعةٌ لتسخين الطعامٍ.
3- الأشعة تحت الحمراء (Infrared)
يمتدُّ ترددها من 300 جيجا هرتز (300 مليون هرتز) إلى الحدّ الأدنى المرئي للأحمر عند 430 تيرا هرتز (430 مليار هرتز) تتفاعل الأشعة تحت الحمراء مع الماء الموجود في المواد العضوية (الكائنات الحية) أي أنه يتمُّ امتصاصها، وتحوُّل اهتزازها إلى حرارة.
ومع ذلك فإن العكس صحيح أيضاً مما يعني أن المواد الحية تُشِعُّ عموماً بعض مستويات الأشعة تحت الحمراء أثناء إطلاقها للحرارة لذلك تستخدم في المناظير الليلية، وهي ليست جيدة جداً للاتصالات بعيدة المدى حيث سيتمُّ امتصاصها بواسطة الماء في الغلاف الجوي
ولكن يمكن لجهاز التحكم عن بعد الخاص بالتلفزيون استخدام الأشعة تحت الحمراء لإصدار أوامر عبر مسافاتٍ قصيرةٍ بنجاحٍ كبير، وتُستخدم الأشعة تحت الحمراء أيضاً في علم الفلك. ما يزيد قليلاً عن نصف الطاقة الشمسية التي تصل إلى الأرض هي الأشعة تحت الحمراء، وهذا هو السبب في أن ضوء الشمس يكون دافئاً جداً.
4- ضوء مرئي (Visible light)
وهو الجزء الذي تميّزه عيوننا، ويمتدُّ الضوء المرئي على الطيف ضمن النطاق 430 إلى 770 تيرا هرتز، فنحن نرى ألواناً مختلفةً لأن بعض أجزاء هذا الطيف تمتصُّها الأشياء، وينعكس الباقي الذي لا تمتصّه، فلكي تظهر وردة بلون أحمر للعين، فهذا يعني أن هذه الوردة امتصّت كل الطيف المرئي، وعكست طيف اللون الأحمر الذي ميزته أعيننا.
5- الأشعة فوق البنفسجية (Ultraviolet)
وتكون ضمن تردد 789 تيرا هيرتز، وتحمل الكثير من الطاقة حتى أنها بطاقاتٍ معينةٍ تستطيع تدمير الحمض النووي DNA، وتُعتبر الأشعة فوق البنفسجية نشطةً بدرجةٍ كافية بحيث تصبح خطراً حقيقياً على الحياة حتى الأشعة فوق البنفسجية منخفضة الطاقة نسبياً يمكن أن تُسبّب حروقاً جلديةً شديدةً أسوأ بكثيرٍ من تلك التي تُسبّبها الحرارة، ويمكن أن يؤدي التعرُّض للأشعة فوق البنفسجية عالية الطاقة إلى الإصابة بالسرطان حيث تؤدي الموجات إلى إحداث تشوُّهاتٍ في الحمض النووي.
بالنظر إلى أن الأشعة فوق البنفسجية تشكل حوالي 10 بالمئة من إجمالي ناتج ضوء الشمس، فإنها ستُسبّب الكثير من المتاعب لأي شيءٍ يعيش على الأرض، وذلك نظراً لأن الماء يقوم بعملٍ جيدٍ جداً في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية لكن الأرض محميةٌ بواسطة طبقة الأوزون وبقية الغلاف الجوي، والتي تقوم بتصفية معظم الأشعة فوق البنفسجية قبل أن تُسبّب أي ضررٍ حقيقي، ومع ذلك الأشعة فوق البنفسجية هي المفتاح لتكوين فيتامين D في معظم الفقاريات الأرضية بما في ذلك البشر. تُستخدم الأشعة فوق البنفسجية أيضاً في التصوير الفوتوغرافي وعلم الفلك.
6- الأشعة السينية (X Ray)
تردداتها تتراوح من 30 بيتا هيرتز إلى 30 إكسا هيرتز (بيتا تعني 16 صفراً، إكسا تعني 19 صفراً) يستخدمها الأطباء لرؤية العظام داخل الجسم. تتكون الأشعة السينية (وأشعة غاما أيضاً) من فوتونات تحمل جميعها طاقةً عاليةً جداً، ويمكن أن تلحق أضراراً جسيمةً بالكائنات الحية والجزيئات الحيوية، وغالباً ما تؤثر على الأنسجة بعمقٍ شديدٍ تحت الجلد لأنها تخترق بسهولة معظم المواد. تمَّ تسميتها من قبل رونتجن العالم الألماني الذي اكتشفها عام 1895.
7- أشعة غاما (Gamma ray)
تحتلُّ الصدارة في الطاقة لديهم ترددات تزيد عن 30 إكسا هيرتز، تنتج في الغالب عن التفاعلات النووية (مثل: القنابل النووية، ونواتج المفاعلات)، ولكن يمكن أن تأتي أيضاً على شكل انفجاراتٍ قويةٍ للغاية من أشعة غاما، ومن المُحتمل أن تكون ناتجةً عن النجوم المُحتضرة التي تتحول إلى مستعرٍ أعظم.
وأشعة غاما هي النوع الأكثر فتكاً في الطيف الكهرطيسي على الكائنات الحية والحمد لله يمتصُّها الغلاف الجوي للأرض إلى حدٍّ كبير. تستخدم أشعة جاما الاصطناعية أحياناً لتغيير مظهر الأحجار الكريمة، وعمليات التعدين، كما تستخدم مولدات أشعة جاما للبحث في مناجم المعادن، وفي تعقيم المعدات الطبية، أو المواد الغذائية، وقتل خلايا الأورام السرطانية في الطب النووي.
المراجع البحثية
1- Light: Electromagnetic waves, the electromagnetic spectrum and photons. (n.d.). Khan Academy. Retrieved June 10, 2023
2- O’Callaghan, J. (2021, October 29). What is the electromagnetic spectrum? Space.com; Space. Retrieved June 10, 2023
3- Micu, A. (2023, January 9). The different types of electromagnetic radiation: from radio waves to gamma rays, according to experts. ZME Science. Retrieved June 10, 2023
Comments are closed.