الطفل المغرور – كيف تعرف أن طفلك مغرور؟ وكيف تتعامل معه؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
تعتبر الطفولة مرحلةً هامةً في حياة الإنسان، حيث تتشكل خلالها شخصية الطفل، ويتعلم الكثير من الخبرات والمهارات التي تؤثر على تطوره، وواحدة من السمات التي يمكن أن تظهر لدى الأطفال في هذه المرحلة هي الغرور، والتي يمكن أن تؤثر على سلوكهم، وعلاقاتهم مع الآخرين.
من هو الطفل المغرور؟
يمكننا تعريف الطفل المغرور أنه طفلٌ يتمتع بثقةٍ زائدةٍ في ذاته، ويعتقد أنه فريدٌ وأفضل من الآخرين، ويتجلى الغرور لدى الطفل في سلوكيات، مثل: التفاخر، والاعتقاد بأنه الأفضل في كل شيء، وعدم التقدير لمشاعر واحتياجات الآخرين. [1]
كيف يمكن التمييز بين الطفل الواثق بنفسه والطفل المغرور؟
إن التمييز بين الطفل الواثق بنفسه والطفل المغرور قد يكون تحدياً، حيث أنهما يتشابهان في العديد من الجوانب ،ومع ذلك هناك بعض العلامات التي تساعد في التمييز بينهما: [1]
1- الاحترام والاهتمام بالآخرين
الطفل الواثق بنفسه يُظهر احتراماً واهتماماً حقيقياً بمشاعر الآخرين وحقوقهم، بينما الطفل المغرور قد يكون غير مهتمٍّ بمشاعر الآخرين، ويعتبر نفسه الأهمّ دائماً.
2- التعاون والتواضع
الطفل الواثق بنفسه يكون عادةً مستعداً للتعاون والعمل الجماعي، ويُظهر تواضعاً في قبول أفكار وآراء الآخرين. أما الطفل المغرور، فقد يظهر سلوكاً متسلطاً، ويكون غير مستعد للتعاون أو قبول وجهات نظر الآخرين.
3- الاتزان في التفاخر
الطفل الواثق بنفسه قد يشعر بالفخر بمهاراته وإنجازاته، ولكنه يعبر عنها بتواضع، ودون تفاخرٍ. زائد أما الطفل المغرور، يتفاخر بشكلٍ مُبالغٍ فيه بقدراته، ويتجاهل أو يستخف بإنجازات الآخرين.
4- القدرة على التعامل مع الفشل
الطفل الواثق بنفسه قد يواجه الفشل بشكلٍ إيجابي، فيستخدمه كفرصةٍ للتعلم والتطور. أما الطفل المغرور، يتعامل بشكلٍ سلبي مع الفشل، وينكره أو يلقي اللوم على الآخرين.
ما الذي قد يوصل الطفل لمرحلة الغرور؟
هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى تطور الطفل إلى مرحلة الغرور، ومن هذه العوامل: [2]
1- أسلوب التربية
إذا تعرض الطفل لأسلوبٍ معينٍ من أساليب التربية، الذي يتجلى في الإفراط الزائد في التمجيد أو إعطاء الطفل كل ما يرغب فيه دون تعليمه قيم الاحترام والتواضع، فقد يتطور إلى مرحلة الغرور.
2- المديح المُبالغ فيه
إذا تعود الطفل على تلقي مديحٍ مستمر دون توازن، فقد يؤدي ذلك إلى خللٍ في تربيته، ويتسبّب في ظهور الغرور لديه.
3- التأثر بالبيئة المحيطة
يمكن أن يتأثر الطفل بالعوامل الخارجية، مثل: الوسائط الاجتماعية والثقافية، حيث تشجعه بعض البيئات على التفاخر، والتغطية على النقائص، والتميُّز على حساب الآخرين.
4- النمو العقلي والاجتماعي
في مراحل تطور الطفل قد يعاني الطفل من حالةٍ تسمح له بالتفكير بشكلٍ محدود، ورؤية ضيقة للعالم، مما يجعله يركز بشكلٍ أكبر على الذات، ويغفل عن احترام الآخرين.
5- الإشادة الزائدة بالنجاحات
إذا تمّ تعزيز النجاحات والإنجازات بشكلٍ مفرط دون توجيه الاهتمام إلى العمل الجماعي والتعاون، فقد يؤدي ذلك إلى نمو الغرور في شخصية الطفل.
كيفية تعزيز الثقة الإيجابية لدى الطفل دون أن يصبح مغروراً
إن تعزيز الثقة الإيجابية لدى الطفل دون أن يصبح مغروراً تعدُّ عمليةً حساسةً تتطلب توازناً وتوجيهاً صحيحاً، ومن الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها: [2]
1- التشجيع والإيجابية
تعني القيام بتشجيع الطفل على جهوده وإنجازاته الصغيرة، وإعطائه محفّزاتٍ إيجابيةٍ بشكلٍ غير مبالغٍ فيه عندما يتمكن من إنجاز مهمة أو تطوير مهارة جديدة، وهذا يساعد الطفل على بناء ثقةٍ إيجابيةٍ في نفسه دون الشعور بالغرور.
2- التعامل مع الأخطاء والفشل
عندما يرتكب الطفل خطأً أو يواجه فشلاً، يجب أن يتمّ التعامل مع الأمر بشكلٍ إيجابي وبنّاء، وذلك عن طريق مساعدته في فهم أن الأخطاء جزءٌ طبيعيّ من عملية التعلم، وأنها توفر فرصاً للوصول إلى ما نطمح إليه.
3- تعزيز التعاون والعمل الجماعي
وذلك بتشجيع الطفل على التعاون مع الآخرين، والمشاركة في الأنشطة الجماعية، مما يساعده على بناء علاقاتٍ إيجابية، واكتساب مهارات التواصل، والعمل الجماعي، الأمر الذي يعزز ثقته بنفسه، وفهمه لأهمية التعاون مع الآخرين.
4- تعزيز التنوع والتجربة
أي القيام بتوفير فرصٍ متنوعة للطفل لاكتشاف مهاراته واهتماماته المختلفة، ودعوته لتجربة أنشطةٍ مختلفة، مثل: الرياضة، والفن، والموسيقى، والقراءة، ذلك يساعده على تطوير مجموعةٍ واسعةٍ من المهارات والاكتشافات الجديدة، مما يؤثر إيجابياً على ثقته بنفسه.
5- القدوة الإيجابية
على الأهل أن يكونوا نموذجاً إيجابياً للطفل، فذلك يلعب دوراً حاسماً في بناء ثقته بنفسه، فالأطفال يعكسون في سلوكهم ما يتعلمونه من أهلهم من تصرفاتٍ وسلوكياتٍ إيجابية كانت أو سلبية.
كيف يتعامل الأهل مع الطفل المغرور؟
1- تعزيز الانتباه إلى إنجازات الآخرين
قد يركز الطفل المغرور فقط على إنجازاته الشخصية، لذلك يجب على الأهل توجيهه للانتباه إلى إنجازات الآخرين، ونشاطاتهم المميزة، وتقديم الفرص له للتعلم من الآخرين، والتعاون معهم، مما يعزز لديه التواضع والاحترام لقدراتهم.
2- تعزيز التعاون والعمل الجماعي
يجب تشجيع الطفل على المشاركة في أنشطةٍ جماعية، مثل: الفرق الرياضية، أو الأندية المدرسية، فمن خلال هذه الأنشطة، يمكن للطفل أن يتعلم أهمية العمل الجماعي، والتعاون في تحقيق الأهداف المشتركة.
3- المشاركة في الأعمال الخيرية والعمل التطوعي
تشجيع الطفل على المشاركة في الأعمال الخيرية والعمل التطوعي يساعده على توسيع آفاقه، وتطوير روح التواضع والاحترام لديه، فعندما يتعامل الطفل مع أشخاص يحتاجون للمساعدة يتعلم قيم التعاون والتواضع، ويدرك أهمية خدمة المجتمع.
4- الثناء على الجوانب الإيجابية الأخرى
ويعني ذلك القيام بتعزيز الجوانب الإيجابية الأخرى في شخصية الطفل إلى جانب تعزيز قيم التواضع والاحترام، فقد يكون لديه مواهب فنية، أو قدرات قيادية، أو صفاتٍ أخرى تستحق الاعتراف بها، وعندما يشعر الطفل بالتقدير والاهتمام بجميع جوانب شخصيته يساعد ذلك في تشكيل نمط سلوكٍ صحي ومتوازن.
5- المناقشة والتواصل
يجب مناقشة قيم التواضع والاحترام مع الطفل بشكلٍ متكرر، واستخدام الأمثلة والقصص لتوضيح أهمية هذه القيم، وتأثيرها الإيجابي على العلاقات الشخصية، والنجاح الشخصي، بالإضافة إلى الاستماع إلى آرائه وتجاربه، والإجابة على أسئلته. [3]
في النهاية يمثل تعزيز قيم التواضع والاحترام في الطفل المغرور تحدياً مهماً في تربيته، لكن من خلال توفير الإرشاد الصحيح والقدوة الحسنة يمكننا مساعدة الطفل على بناء شخصية متوازنة ومتفهمة للآخرين، فعندما يفهم الطفل قيم التواضع والاحترام سيتمتع بالقدرة على بناء علاقاتٍ صحية ومثمرة، وسيتألق في مجالاته المختلفة، لذا دعونا نعمل معاً لتشجيع الأطفال على أن يكونوا أشخاصاً متواضعين ومحترمين، لأنهم الركيزة الأساسية لبناء مجتمعٍ أفضل.
المراجع البحثية
1- the Me, Me, Me Epidemic. McCready , A. (n.d). Retrieved May 21, 2024
2- the Entitlement trap. Eyre, R.L (n.d). Retrieved May 21, 2024
3- the price of privilege. Levine, M. (N.d). Retrieved May 21, 2024