Skip links
طفل يرتدي كنزة صفراء يقف في وسط المتجر وهو يصرخ ويشير بإصبعه للأمام

الطفل المُتطلِّب – صفاته، تأثيره على الأسرة وكيف تتعامل معه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يواجه الأهل والمعلمون تحدياتٍ متعددةً في تربية الأطفال، وخاصةً عندما يتعلق الأمر بالطفل المُتطلِّب الذي يتميز بحاجته المستمرة للاهتمام والرعاية، مما قد يُسبّب ضغوطاً إضافيةً على المحيطين به، ورغم أن جميع الأطفال يحتاجون إلى دعمٍ وتوجيه، إلا أن الطفل المُتطلّب يُظهر احتياجاتٍ أكثر إلحاحاً.

صفات الطفل المُتطلّب

1- الحاجة المُستمرّة للانتباه

الطفل المُتطلّب غالباً ما يسعى إلى جذب انتباه الأهل أو المعلمين بشكلٍ متكرر، ولا يرضى بأن يكون بمفرده لفتراتٍ طويلة.

2- الصعوبة في التكيُّف مع التغيير

يجد صعوبةً في الانتقال من نشاطٍ إلى آخر أو التعامل مع أي تغييرٍ في روتينه اليومي.

3- ردود فعله عاطفية وقوية

يُظهر الطفل المُتطلّب مشاعر قوية، مثل: الغضب، أو الحزن الشديد عند عدم تحقيق مطالبه بشكلٍ فوري.

4- التعلُّق المُفرط

قد يكون شديد التعلُّق بالأهل أو بالأشخاص المقرَّبين منه، ويشعر بعدم الأمان إذا ابتعد عنهم.

5- البحث المستمر عن الاهتمام

يحتاج باستمرارٍ إلى تأكيداتٍ من الآخرين بأنه يقوم بالأمور بطريقةٍ صحيحةٍ أو بأنه مقبول ومحبوب.

6- قلة الصبر

يعاني من صعوبةٍ في الانتظار أو تأجيل رغباته، ويُظهر توتراً أو قلقاً إذا لم تُنفّذ احتياجاته على الفور.

7- عدم تقبُّل الرفض

أي أنه يجد صعوبةً في تقبل كلمة “لا”، ويُظهر سلوكياتٍ سلبية، مثل: البكاء أو الغضب عندما يُرفض طلبه.

8- حبُّ السيطرة

يسعى إلى التحكُّم في المواقف أو فرض آرائه على من حوله، ويصعب عليه التعامل مع السلطة أو القواعد التي يضعها الآخرون. [1]

ما هي أسباب السلوك المُتطلّب عند الطفل؟

الأسباب قد تكون متعددةً ومتنوعةً بين عوامل بيولوجية، نفسية، وبيئية، ومن أبرزها: [1]

1- العوامل البيولوجية

بعض الأطفال يولدون بميولٍ مزاجيةٍ تجعلهم أكثر حساسيةً واحتياجاً للانتباه، كما يمكن أن تؤدي بعض الاضطرابات الصحية، مثل: اضطراب فرط الحركة، ونقص الانتباه (ADHD) إلى سلوكٍ مُتطلّبٍ عند الطفل.

2- العوامل النفسية

الطفل الذي يعاني من القلق أو انعدام الأمان قد يلجأ إلى السلوك المتُطلّب كوسيلةٍ للشعور بالأمان والراحة، كما أن بعض الأطفال يفتقرون إلى الثقة بالنفس، مما يجعلهم يسعون للحصول على دعمٍ مستمر واهتمامٍ من الآخرين، وغير ذلك من العوامل النفسية التي تؤدي لتولُّد السلوك المُتطلّب لدى الأطفال، كالخوف من الانفصال عن الأهل، وغيرها.

3- العوامل البيئية والتربوية

أبرزها الدلال الزائد، فعندما يحصل الطفل على كل ما يريده بسرعةٍ ودون حدود يمكن أن يصبح مُتطلّباً لأنه لم يتعلم كيفية التعامل مع الرفض أو تأجيل الرغبات، كما أن غياب القواعد الواضحة، والتوجيه الحازم في التربية قد يؤدي إلى خلق سلوكٍ مُتطلّب، حيث يشعر الطفل بعدم وجود قيودٍ على ما يمكنه طلبه، بالإضافة إلى عامل الانتباه الانتقائي أي إذا حصل الطفل على انتباه الأهل فقط عندما يُظهر سلوكاً مزعجاً أو مُتطلّباً قد يتعلم أن هذا السلوك هو الطريقة الوحيدة للحصول على الاهتمام.

4- العوامل العائلية

التوترات العائلية، مثل: الطلاق، المشكلات الاقتصادية، أو غياب أحد الأبوين قد تجعل الطفل أكثر حساسيةً، واحتياجاً للاهتمام، والرعاية المستمرة، كما أنه في بعض الأحيان قد يكون السلوك المُتطلّب ناتجاً عن شعور الطفل بنقصٍ في الاهتمام العاطفي، مما يدفعه لمحاولة الحصول على هذا الاهتمام بهذه الطريقة.

5- النماذج الاجتماعية

أحياناً قد يتعلم الطفل السلوك المُتطلّب من أقرانه أو من شخصياتٍ تلفزيونيةٍ يراها تقوم بهذا السلوك، وتحصل على الاهتمام أو على ما تريده.

ما هو تأثير الطفل المُتطلّب على الأسرة؟

إن وجود طفلٍ مُتطلّبٍ في الأسرة يمكن أن يؤثر بشكلٍ كبيرٍ على الجوّ العائلي، وعلى أفراد العائلة بكاملها. من هذه التأثيرات: [1]

1- الإجهاد النفسي والعاطفي للوالدين

التعامل مع طفلٍ مُتطلّبٍ يستدعي تعباً مستمراً ورعايةً مكثّفة، مما يؤدي إلى إجهادٍ نفسي وعاطفي كبير، حيث قد يشعر الوالدان بالإرهاق نتيجة محاولاتهم المستمرة لتلبية احتياجات الطفل، مما يؤدي إلى شعورهم بالإحباط أو العجز، كما أن هذا النوع من السلوك يخلق ضغطاً نفسياً دائماً، حيث يشعر الوالدان بأنهم بحاجة إلى الاستجابة السريعة والمتواصلة لمطالب الطفل.

2- التأثير على العلاقة بين الوالدين

قد يؤدي التركيز الزائد على الطفل المُتطلّب إلى إهمال العلاقة بين الوالدين، مما قد يخلق توتراً أو مشاكل في التواصل بينهما.

3- التأثير على الأخوة

الأخوة الآخرون قد يشعرون بأنهم مهملون أو غير محظوظين إذا كان الطفل المُتطلّب يحصل على الجزء الأكبر من الاهتمام، وهذا ما يتسبّب في مشاعر الغيرة أو الإحباط لدى الأخوة، كما يمكن أن يجد الأخوة الأكبر سناً أنفسهم مجبرين على تولي مسؤولياتٍ إضافية أو مساعدة الأهل في التعامل مع الطفل المُتطلّب، مما يزيد من الضغوط عليهم.

4- الإرهاق البدني

بالإضافة إلى الضغط النفسي هناك أيضاً الإرهاق البدني نتيجة الحاجة إلى تلبية طلبات الطفل باستمرار سواءً من خلال الرعاية اليومية أو التعامل مع نوبات الغضب، والاحتياجات العاطفية المتكررة.

5- التأثير على الأنشطة الاجتماعية

قد تجد الأسرة صعوبةً في الانخراط بالأنشطة الاجتماعية أو الترفيهية بسبب صعوبة التعامل مع الطفل المُتطلّب في الأماكن العامة أو أثناء التجمُّعات، فيتجنَّب الأهل الأنشطة الاجتماعية لتفادي الإحراج أو التوتر الناتج عن سلوكيات طفلهم.

6- الضغط العاطفي على الطفل نفسه

رغم أن الطفل يحصل على الانتباه المطلوب إلا أن استمرار هذا السلوك قد يؤدي إلى تفاقم القلق والتوتر لدى الطفل، حيث يشعر بضغطٍ مستمرٍّ للحصول على المزيد من الرعاية أو الاهتمام.

7- التأثير على تنمية مهارات الطفل

يمكن أن يؤثر السلوك المتطلب سلباً في قدرة الطفل على تعلم الاستقلالية، وتطوير مهاراته، وحل المشكلات بنفسه، مما قد يبطئ من نموّه العاطفي والاجتماعي.

كيف تتعامل مع الطفل المُتطلّب؟

1- وضع حدودٍ واضحةٍ وثابتة

يحتاج الطفل المُتطلّب إلى فهم الحدود، والتمييز بين ما هو مسموح به، وما هو غير مقبول، أي من المهمّ أن يكون هناك قواعد ثابتة، وتُطبّق باستمرارٍ في المنزل حتى لا يشعر الطفل بالتشوش، فالتنازل أو الاستجابة المتناقضة قد تشجع الطفل على الاستمرار في سلوكه المُتطلّب.

2- تشجيع الاستقلالية وتحمُّل المسؤولية

يجب مساعدة الطفل على بناء ثقته بنفسه من خلال تشجيعه على القيام ببعض المهام البسيطة، مثل: ترتيب ألعابه، فهذا يعلمه الاعتماد على ذاته، ويُقلّل من اعتماده الدائم على الآخرين.

3- تعليم الصبر وتأجيل الرغبات

الأطفال الذين يتطلّبون غالباً ما يواجهون صعوبةً في الانتظار، لذا يمكن تدريب الطفل على الصبر من خلال تعليمه الانتظار لفتراتٍ قصيرةٍ في البداية مع تمديد الوقت تدريجياً، ومكافأته عندما يستطيع الانتظار بهدوء، هذا ما سيعزّز لديه السلوك الإيجابي، ويساعده على التحمُّل والصبر.

4- إظهار الاهتمام في الأوقات المناسبة

أي إذا كان الطفل يستخدم السلوك المُتطلّب للحصول على الانتباه، فمن الأفضل تجاهله في تلك اللحظات حتى لا يُعزّز هذا السلوك، ويجب على الأهل الاهتمام بالطفل بشكلٍ مستمرٍّ على مدار اليوم حتى لا يشعر بحاجةٍ إلى الحنان أو الانتباه في أوقاتٍ غير ملائمة، فيضطر إلى اللجوء إلى هذه السلوكيات والأساليب.

5- التواصل الفعّال والمباشر

التواصل الجيد هو مفتاح فهم احتياجات الطفل، وإدارة توقُّعاته، فيجب التحدُّث مع الطفل بهدوءٍ ووضوحٍ حول ما يمكن أن يطلبه، ومتى يجب عليه الانتظار، فبدلاً من الرفض الحاد يمكن استخدام لغةٍ تشجعه على الصبر، مثل: “يمكننا فعل ذلك لاحقا” أو “دعنا ننتظر قليلا”.

6- التعامل الهادئ مع نوبات الغضب

من المهمّ التعامل مع نوبات الغضب التي قد تنشأ نتيجة السلوك المُتطلّب بهدوءٍ ودون انفعال، فعدم تقديم انتباهٍ كبيرٍ لهذه النوبات يساعد الطفل على فهم أن هذا ليس الأسلوب الأمثل للحصول على ما يريد، كما أن الطفل دائماً ينظر إلى والديه كقدوة، فالهدوء لديهم يساعد الطفل على تعلم كيفية التعامل مع مشاعره بشكلٍ أكثر نضجاً. [2]

في ختام هذا الموضوع، نجد أن التعامل مع الطفل المُتطلّب هو مسؤولية تتطلب التوازن بين الحزم والرعاية، فمن خلال فهم احتياجاته، وتطبيق استراتيجياتٍ مدروسةٍ لتعزيز استقلاليته، يمكن للوالدين مساعدته على تطوير سلوكياته الإيجابية، وتقليل اعتماده المفرط على الآخرين، ومع مرور الوقت، سيبدأ الطفل في اكتساب مهاراتٍ مهمة، مثل: الصبر، وحلّ المشكلات، مما سينعكس بشكلٍ إيجابي على الأسرة بأكملها. المفتاح هنا هو الصبر والثبات مع تقديم الحب والدعم اللذين يحتاج إليهما الطفل لينمو في بيئةٍ متوازنةٍ وآمنة.

المراجع البحثية

1- Kurcinka, M. S. (2006). Raising Your Spirited Child rev ed: A guide for parents whose child is more intense, sensitive, perceptive, persistent, and energetic (Revised edition). William Morrow Paperbacks. Retrieved October 20, 2024

2- Faber, A., & Mazlish, E. (2012). How to talk so kids will listen & listen so kids will talk (Updated edition). Simon and Schuster. Retrieved October 20, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.