تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

أهمية الصحة النفسية للمرأة الحامل

المرأة الحامل تحتاج الكثير من الأمور التي توفر لها راحةً وأماناً واطمئناناً لنفسها ولجنينها، وللصحة النفسية تأثيرٌ كبيرٌ جداً على نواحي الصحة الجسدية والمزاجية للحامل، ففترة الحمل مرحلة تشمل تغيراتٍ هرمونية كثيرة منها ما يمكن السيطرة عليه، ومنها ما لا يمكن السيطرة عليه، حيث تمر الحامل بتقلباتٍ عاطفية نتيجة التفكير المستمر في صحة الجنين، والاستعداد لقدومه، وكيف ستكون الولادة، وإلى متى سيستمر الألم، إضافةً إلى ما تعانيه من تعب وألم جسدي أثناء الحمل والولادة.

الاهتمام بالصحة النفسية لا يقل أهميةً أبداً عن العناية بالصحة الجسدية، فبعض الأزواج لا يقدرون أهمية ذلك نتيجة اعتقادهم الذاتي أن مهمتهم هي فقط الإشراف على نواحي الطعام والأدوية للزوجة، وينسون تماماً أن المرأة بحاجة لعناية تخص جانب الدعم النفسي، وأحاسيس الحب، والحضن الدافئ، والعطاء، لأن ذلك يجعلها أقوى، وظروفها النفسية أفضل.

وفي هذا المجال نستطيع القول إن الصحة النفسية المتوازنة تسهم في تحسين صحة الطفل والأم، وتقلل من أخطار الولادة المبكرة أو من مضاعفات الحمل، بالتالي سيكون لدى الأم الحامل دافعاً أقوى للتعامل مع جميع تحديات الحمل، والمخاطرة، ولديها استعدادٌ تامٌّ للدخول في مرحلة الأمومة. ^[1]

ما هي العوامل المؤثرة على الصحة النفسية للحامل؟

يوجد الكثير من الأمور التي تؤثر على نفسية الحامل منها البيولوجية، والعاطفية، إلى الاجتماعية، والصحية، ومن أبرزها: ^[2]

1- التغيرات الهرمونية والجسمية

أثناء فترة الحمل يتعرض جسم الأنثى لتغيراتٍ هرمونية تؤثر على المزاج، وتجعله في تقلبٍ دائمٍ من الغضب، إلى الفرح، إلى الحزن، وهكذا تستمر الدوامة، وبالأخص إن مستويات الهرمونات، كالأستروجين والبروجستيرون تتغير بشكلٍ كبير، مما سيؤدي لمشاعر مختلفة ومتغيرة من القلق، والإحباط، والسعادة، وغير ذلك من زيادة وزن الجسم إلى ظهور الكلف في الوجه أو أماكن معينة من الجسد، مما يؤدي إلى تدهور الصحة أكثر فأكثر.

2- الأحاسيس المختلطة والمتعلقة بفترات الحمل وبعدها من توتر وخوف

إن الحمل يعتبر تجربةً جديدةً في حياة المرأة، فالكثير من الهموم والأعباء ستفكر بها، وبجنينها أيضاً من آلام الولادة إلى أخطار التخدير، والحياة المستقبلية، والمسؤوليات الجديدة كل ذلك سيرفع من معدلات التوتر لديها.

3- الضغوط الاقتصادية والبيئية المحيطة

تلعب هذه التراكمات تأثيراً كبيراً على صحة الحامل، على سبيل المثال: الضغوط المالية، وغلاء المعيشة، وبالتالي مستلزمات رعاية الطفل من طعام، وشراب، وملبس إلى تعليم وغيرها.

4- نقص في الدعم والوحدة الاجتماعية

في حال غياب الحب والدعم من العائلة تجاه الأنثى، حتى لو كانت متزوجة، ويهتمّ بها زوجها، فهي قطعاً تحتاج لأحد آخر بجانبها يساعدها في أمور الولادة والتجهيزات، ويعطيها نصائح عن كيفية العناية بالطفل وطعامه ونظافته، خصوصاً إذا كان أول طفلٍ لها.

5- التاريخ النفسي السابق

في حال كانت المرأة قد عانت من اضطراباتٍ نفسية سابقة، كالاكتئاب الحاد، أو القلق، أو تعرضت لصدمة قبل الحمل، فمن المحتمل أثناء الحمل أن تكون هذه الأمور مضاعفةً لديها، ويجب في هذه الحالة متابعة جميع الجوانب الصحية لديها، والاهتمام بالحصول على دعمٍ مناسب من المختصين.

إن فهم ما سبق ذكره، ومعرفة كيفية التعامل مع هذه الأزمات سيخلق تحفيزاً على اتخاذ خطوات احتياطية لتقليل التوتر والقلق للحامل.

ما هو أثر الصحة النفسية على الجنين؟

كما تحدثنا سابقاً أن الحالة النفسية للأم لها تأثير كبير على صحة الجنين، وفيما يلي بعض الآثار المحتمل حدوثها: ^[3]

1- زيادة في هرمونات التوتر

عندما تشعر الأم بالكآبة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة هرمون الكورتيزول، حيث يمكن لهذه الهرمونات أن تصل إلى الجنين عن طريق المشيمة، مما يؤثر على التطور العصبي والنفسي للجنين.

2- زيادة في خطر الولادة المبكرة

في حال المعاناة من ضغطٍ نفسي أو توتر، فإن ذلك سيزيد من احتمالية قدوم المخاض، مما سيعرض الجنين لمشاكل، كالنوم غير الكافي أو مشاكل في التنفس.

3- نقص الوزن عند الولادة

تشير الدراسات إلى أن الأمهات الذين يعانين من ضغطٍ مستمر وقلقٍ دائم يلدن أطفال بأوزان أقل من الطبيعية، مما يشير إلى وجود خلل.

4- تأثيرات جانبية طويلة الأمد

في بعض الحالات قد يرتبط الاكتئاب والحزن عند الأم أثناء الحمل بمشاكل سلوكية وعاطفية لدى الطفل وبعد الولادة، كفرط النشاط أو صعوبة في التركيز والانتباه.

5- ضعف الجهاز المناعي

لأن التعب والاستنزاف يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي، مما يزيد من خطورة الإصابة بالعدوى، والتي من المحتمل أن تنتقل للجنين.

ومن تلك التحذيرات نستنتج مدى أهمية أن تحافظ الأم على صحة نفسية جيدة خلال فترة الحمل، وذلك يتمّ من خلال ممارسة جلسات يوغا أو الاسترخاء، بالإضافة لممارسة نشاطاتٍ تخفف من آثار التعب والضيق.

ما هي طرق تعزيز الصحة النفسية للحامل؟

إن تعزيز الصحة النفسية للحامل أمر ضروري ومطلوب من أجل سلامتها وسلامة الجنين، وسنذكر بعض الطرائق التي يمكن من خلالها الحفاظ على ذلك: ^[4]

1- تعزيز التواصل مع الآخرين

إن التحدث مع الأهل والأصدقاء يساعد في التخفيف من آثار التعب والإرهاق، فالشعور بالدعم مهمٌّ جداً للصحة النفسية.

2- القيام بممارسة الرياضة ولكن بشكل خفيف

كالمشي أو اليوغا، حيث يساعد ذلك في رفع مستويات الدوبامين والسعادة في الجسم، مما يعطي شعوراً بالراحة، وبالأخص أن المرأة الحامل لديها رغبة في الاحتفاظ برونق جمالها.

3- تقنيات الاسترخاء والتأمل

يتمُّ ذلك من خلال استخدام تقنيات علم النفس، كالتنفس العميق، والتأمل، وتخفيف الضغط النفسي، وقد تكون هذه الوسائل مفيدةً في مواجهة التوتر والتراكمات الذي تعاني منه المرأة الحامل.

4- الزوج وكيفية تقديمه للحب

على الرجل أن يكون مدركاً لحال زوجته الحامل، وما تحتاجه من مشاعر ودلال، فهي في ذات نفسها تعتقد أنه من حقها الحصول على ذلك ومن زوجها على وجه الخصوص، لذلك إذا لم يكن الرجل قادراً على تحمل مسؤولية ذلك، فإنه وفي نظر زوجته لا يستحق الحب ولا التضحية.

5- التحضير للولادة

على الزوجين أن يتوليا مهمة ذلك، وعلى الزوج أن يُشعر زوجته دوماً بالاطمئنان، وأنه بجانبها في كل الأحوال، ومن المهمّ حضور فيديوهاتٍ متعلقة بالولادة، وماذا سيحصل بعدها لأن ذلك سيزيد من الإيجابية والتحمس الشديد لرؤية الطفل.

6- الابتعاد عن المشاكل والمشاجرات لما تسبّبه من جهدٍ وتعب

يجب على الحامل أن تبتعد عن كل النقاشات الحادة التي تسبّب غضباً وتوتراً للأعصاب، ومن الضروري جداً أن تهتمّ بتناول طعامٍ صحي ومغذٍّ لضمان نمو الجنين، وولادته بأفضل حال.