الشيخوخة – تصنيفها، وما هي علاماتها؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
يتعرَّض الإنسان في حياته لآلاف التجارب والاختبارات الفريدة التي تُكسبه العديد من الخبرات، وتطوّر مهاراته، إلا أنه من الطبيعي أيضاً أن تنخفض قدراته، وأن يعاني من عدة اضطراباتٍ جسديةٍ وذهنيةٍ مختلفة، ورغم وجود عدد طرقٍ قادرةٍ على إبطاء هذه العلامات، إلا أنها نتيجةٌ طبيعيةٌ ومتوقّعة الحدوث عند كل البشر، وهذه العلامات تُلخّص ما يعرف بالشيخوخة.
لا يمكن تحديد جميع علامات الشيخوخة، ولا يعاني الجميع من الشيخوخة بشكل متساوٍ، البعض يعاني من علامات التقدُّم في السن في أعمار شابة جداً، بينما البعض الآخر لا يعاني من أعراض الشيخوخة إلا في أعمار متأخرة لدرجة أن البعض يعتقد أن أعمارهم لا تناسبهم.
بالطبع علامات التقدُّم بالسن تتأثر بشكلٍ مباشرٍ بنمط الحياة، وتجنُّب العوامل التي تسرّع تشكُّل عوامل الشيخوخة، لكن السؤال يبقى “متى تبدأ علامات الشيخوخة بالظهور؟”، للإجابة على هذا السؤال يجب أولاً تحديد عوامل الشيخوخة، ومعرفة كيفية تشكّلها، والفرضيات التي تفسّر حدوثها.
ما هو المقصود بالشيخوخة؟
الشيخوخة (Aging) هي عمليةٌ تدريجيةٌ ومستمرّةٌ من التغيُّر الطبيعي الذي يبدأ في مرحلة البلوغ المبكر. خلال أوائل منتصف العمر، تبدأ قدرات العديد من وظائف الجسم في الانخفاض تدريجيًا، ولا يصبح الناس كبار السن في أي عمرٍ محدّد.
بشكلٍ عام، تمّ تحديد سن 65 عاما كبدايةٍ للشيخوخة، لكن السبب وراء اختيار هذا العمر لا يتعلق بالتفسير العلمي إنما يتعلق بالعوامل الاجتماعية، منذ سنواتٍ عديدة، تمّ اختيار سن 65 عامًا كسنٍّ للتقاعد في ألمانياً، وهي أول دولة تضع برنامجًا للتقاعد.
في عام 1965، تمّ تحديد سن 65 عامًا في الولايات المتحدة باعتباره السن المناسب للحصول على تأمين الرعاية الطبية، وهذا العمر قريبٌ من سن التقاعد الفعلي لمعظم الناس في المجتمعات المتقدمة اقتصادياً، أي أنه يمكن القول بأن هذا العمر ليس دقيقاً على الإطلاق من الناحية العملية والطبية لوصف العمر المناسب للشيخوخة. [1]
تصنيف الشيخوخة أو التقدُّم في السن
1- العمر الزمني
يعتمد فقط على مرور الوقت، وهو عمر الشخص بالسنوات، والعمر الزمني له أهمية محدودة من حيث الصحة. ومع ذلك، فإن احتمالية الإصابة بمشكلةٍ صحيةٍ تزداد مع تقدُّم الأشخاص في السن، وهو عاملٌ موجّهٌ للتنبُّؤ بالإصابة بالعديد من الأمراض، والتي تشيع عادةً ضمن فئةٍ عمريةٍ معينة كمرضى ارتفاع التوتر الشرياني الذين غالباً ما تكون أعمارهم أكبر من 50 عاماً.
2- العمر البيولوجي
يشير العمر البيولوجي إلى التغيُّرات التي تحدث في الجسم، والتي تحدث عادةً مع تقدُّم الأشخاص في العمر، ونظرًا لأن هذه التغييرات تؤثر على بعض الأشخاص بشكلٍ أسرع من غيرهم، فإن بعض الأشخاص يكونون أكبر سنًا بيولوجيًا عند عمر 65 عامًا، والبعض الآخر لا تظهر عليهم علامات الشيخوخة البيولوجية إلا بعد مرور عقدٍ أو أكثر عن عمر 65 عاماً. ومع ذلك، فإن المظهر الخارجي للبعض قد يعطي ملامح أصغر سناً من أعمارهم الفعلية.
3- العمر النفسي
يعتمد العمر النفسي على كيفية تصرفات الناس وشعورهم، على سبيل المثال: يُعتبر الشخص البالغ من العمر 80 عامًا، والذي يعمل، ويخطّط، ويتطلع إلى الأحداث المستقبلية، ويشارك في العديد من الأنشطة أصغر سنًا من الناحية النفسية مقارنةً بالأشخاص الذين لا يشاركون بالفعاليات الاجتماعية، ولا يخطّطون للمستقبل.
علامات الشيخوخة
كما ذكرنا سابقاً، فإن علامات الشيخوخة غير ثابتة، إلا أنه يمكن الجزم بأن العلامات التالية هي علامات يلاحظها جميع الأشخاص خلال حياتهم:
1- تغيرات في الجلد والطبقة الدهنية وظهور التجاعيد
وذلك يكون واضحاً عند كبار السن (أكبر من 60 عاماً)، حيث يلاحظ جفاف الجلد، وغياب مرونته، وسهولة حدوث الجروح، وتمزُّق الجلد، تُعزى التغيرات الجلدية إلى عددٍ من العوامل، كالتعرُّض المديد لأشعة الشمس، والرضوض المتكررة، وعدم الاعتناء بنظافة الجلد.
ورغم أنه يمكن فرضياً إبطاء التغيُّرات التي تصيب الجلد عبر الاعتناء بنظافته، والابتعاد عن التعرُّض الشديد المستمر لأشعة الشمس، إلا أن التغيرات البنيوية والتي تطرأ على طبقات الجلد، وهي فقدان بروتين الكولاجين، وفقدان الطبقات الدهنية المُتوضّعة أسفل الجلد هي المُسبّب الفعلي لظهور علامات الشيخوخة، والذي يحدث بشكلٍ تدريجي عند جميع البشر بدءاً من أعمار صغيرةٍ نسبياً (20 إلى 40) إلا أن آثار هذا الفقدان لا تصبح واضحةً إلا في الأعمار الكبيرة.
2- اضطرابات القدرات السّمعية والبصرية
يعاني معظم كبار السن، من اضطراباتٍ بصريةٍ شائعة ألا وهي صعوبةٌ في رؤية الأجسام القريبة، والتي تُعرف بمدّ البصر الشيخي، وهي ناتجةٌ بشكلٍ رئيسي عن تغيُّراتٍ تنكُّسية تصيب العدسة والأوساط الكاسرة، الأمر الذي يجعل كرة العين غير قادرةٍ على المطابقة، وتضطرب الرؤية للأجسام القريبة، تُشاهد تغيُّرات مشابهة في الأذن الداخلية والأذن الوسطى التي تتسبّب بتدنّي القدرة السمعية تدريجياً، التغيرات التنكُّسية المُشاهدة في أعضاء الحس تظهر بأعمار مختلفة إلا أنها تصبح عرضيةً عند البالغين الأكبر من 50 عاماً.
3- زيادة فرص التعرُّض للإصابة بالكسور
وهي أحد أكثر الإصابات شيوعاً لدى كبار السن، يعاني معظم المُسنّين خلال حياتهم للإصابة بالكسور الضلعية أو الكسور بالأطراف لمرةٍ واحدةٍ على الأقل، السبب المباشر لهذه الكسور هو انخفاض فيتامين D الضروري للتجدُّد العظمي، والذي يرافقه انخفاضٌ بمخازن الكالسيوم ضمن العظام، تبدأ هذه التغيرات عادةً في الأعمار التي تتراوح بين 40-50.
4- ضعف عضلي وفقدان الكتلة العضلية
تصيب معظم العضلات الهيكلية الضمور والضعف، ويلاحظ ذلك بشكلٍ خاص عند الأشخاص الذي لا يمارسون تمارين رياضية بشكلٍ منتظم بحياتهم في السابق، هذه التغيرات تُعزى جزئياً إلى فقدان بروتين الإيلاستين، والكولاجين، وغيرها من البروتينات العضلية المهمّة.
5- الإصابة بالسلس واضطرابات البولية
هذا التغيرات عادةً ما تظهر لدى المسنّين الأكبر سنّاً (الأكبر من 70 عاماً)، وذلك نتيجة طبيعية للضعف العضلي والعصبي الذي يصيب المعصرات البولية، والتي قد تسبّب الاحتباس أو السلس البولي.
6- تغيرات في الحياة الجنسية
ينخفض إفراز الهرمونات الجنسية بالتدريج، وخاصةً لدى الإناث بعد سنّ الإياس الذي يكون عادةً بين 40 و50 عاماً الأمر الذي يسبّب تغيراتٍ واضحةٍ بالرغبة الجنسية وضعفها أو انعدامها، من الجدير بالذكر أن انخفاض إفراز الهرمونات الجنسية عند الرجال والنساء يسبّب تغيراتٍ متنوعةٍ عديدة أكثر من الاضطرابات الجنسية.
عند الإناث يسبّب انخفاض إفراز الأستروجين إلى فقدان بروتينات الكولاجين، وضمور البشرة، وزيادة قابلية الإصابة بالأمراض القلبية والوعائية، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية، كالاكتئاب، لذا فإنه ليس من النادر أن يتمّ وصف الهرمونات الجنسية لمعاكسة هذه التغيرات السابقة المشاهدة عند السيدات بعد سن اليأس.
من التغيرات الأخرى الجديرة بالذكر، تساقط الشعر، فقدان الذاكرة، والضمور في القشرة المخّية خاصةً عند المسنّين الأكبر من 70 عاماً. [2]
هل يمكن تحديد سنٍّ معيّنٍ لبدء حدوث الشيخوخة؟
يمكن الملاحظة مما سبق أنه لا يمكن تحديد سنٍّ معيّنٍ ثابتٍ لبدء حدوث الشيخوخة، ذلك لكون الشيخوخة وعلاماتها تخضع لتأثير العديد من العوامل والمتغيّرات التي قد تسبّب ظهوراً مبكراً أو متأخراً للشيخوخة، إلا أنه يُعتقد أن التغيرات البنيوية تبدأ في الأعمار الصغيرة نسبياً (30 عاماً)، وحتى عند بدء هذه التغيرات يمكن مواجهتها عبر العديد من العلاجات الطبية المتوفرة والتي تشمل: تجنُّب أشعة الشمس، الحصول على القدر الكافي من الفيتامينات، وخاصةً فيتامين D، والمعالجة المعيضة للهرمونات الجنسية وغيرها. [3]
المراجع البحثية
1- Stefanacci، R. G. (2024، April 10). Overview of aging. MSD Manual Consumer Version. Retrieved September 11، 2024
2- Bazemore، N. (2022، August 17). What’s normal aging?. WebMD. Retrieved September 11، 2024
3- The Evolution of aging | Learn Science at Scitable. (n.d.). Retrieved September 11، 2024