الشفق القطبي – كيف يتشكل؟ ألوانه الساحرة وكيفية رؤيته
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
كيف يتشكل الشفق القطبي؟
الشمس هي السبب الأساسي لتشكل الشفق القطبي (Aurora)، وقد يكون ذلك مثيراً للاستغراب، فكيف للشمس التي تبعد 150 مليون كيلومتر عن الأرض أن تكون هي السبب بتشكل ظاهرةٍ أرضيةٍ بحتة. لفهم ذلك علينا أن نعرف أنه في كل لحظة، تقذف الشمس جسيماتٍ مشحونةً من الهالة الشمسية، أو الغلاف الجوي العلوي للشمس.
تؤدي هذه الجسيمات إلى تشكيل ما يسمّى بالرياح الشمسية (Solar wind)، هذه الرياح الشمسية عندما تصطدم بالغلاف الجوي للأرض المليء بالغازات المتنوعة، يتولد عنها ما يسمّى الشفق القطبي (Aurora). علماً أن انبعاثات الشمس تمر بدورة نشاطٍ مدتها 11 عامًا تقريبًا، وفي بعض الأحيان يكون هنالك فترة هدوء، ولكن في أحيانٍ أخرى، هناك عواصف هائلة تقصف الأرض بكمياتٍ هائلةٍ من الطاقة، ويؤدي ذلك إلى شفقٍ قطبي بأقصى لمعانٍ ووضوح.
ومن حسن حظ صيادي الشفق القطبي أننا نقترب حاليًا من الحدّ الأقصى للطاقة الشمسية، والذي من المتوقع أن يصل إلى ذروته بين أوائل عام 2024 وأواخر عام 2025، ولا يستطيع العلماء تحديد متى سيحدث الحدّ الأقصى للطاقة الشمسية بالضبط، ولكننا نعلم أنه سيكون ضمن هذا الهامش الزمني.
ما هي أنواع الشفق القطبي؟
للشفق القطبي في كوكبنا نوعان، وهما: الشفق القطبي الشمالي أو ما يدعى أحياناً بالأضواء الشمالية، والنوع الثاني يدعى الشفق القطبي الجنوبي أو الشفق الأسترالي (Aurora australis)، ويحدث في نصف الكرة الجنوبي. [1]
ما الذي يسبّب ألوان الشفق ولماذا تختلف؟
يتكون غلافنا الجوي من العديد من المواد الكيميائية بما في ذلك النيتروجين، والأوكسجين، والأرغون، والنيون، وغيرهم من الغازات النبيلة، وثاني أكسيد الكربون، وبخار الماء، وغيرها الكثير من الغازات والعناصر بكمياتٍ متفاوتة لكل منها، وكلها موجودةٌ بمستوياتٍ مختلفة في الغلاف الجوي.
كل هذا التنوع من الغازات والعناصر في الغلاف الجوي للأرض يعطي ألوانًا مختلفة عندما تتفاعل معه الرياح الشمسية، لكن الألوان الأشهر هو اللون الأخضر الفلوريسنت والأصفر للشفق (الأكثر شيوعًا)، وهذا المزيج من الألوان يعود إلى غاز الأكسجين الشائع في الغلاف الجوي.
بينما يسبّب غاز النيتروجين ألوانًا زرقاء، أو حمراء، وأحيانًا وردية، بينما يعطي غاز النيون اللون البرتقالي، وتتميز معظم الأضواء الشمالية باللون الأخضر، لكن في بعض الأحيان يظهر معه لمحة من اللون الوردي، وقد تحتوي أيضًا على ألوان حمراء وبنفسجية، وقد تظهر باللون الأبيض أحياناً.
وغالبًا ما يظهر الشفق القطبي على شكل ستائر من الأضواء، ولكنها يمكن أيضًا أن تكون على شكل أقواس أو حلزونات، حيث تتبع هذه الأقواس خطوط الحقل المغناطيسي الأرضي الذي يكون بأشدّ قوته في منطقة القطبين الأرضيين.
ما علاقة الشفق القطبي بطبقات الغلاف الجوي للأرض؟
من المعروف للجميع أن الغلاف الجوي ليس كتلةً واحدةً متجانسةً تمتدُّ من الأرض للفضاء، إنما يتكون من عدة طبقات فوق بعضها البعض، وتختلف عن بعضها في التركيب، والكثافة، والسماكة، وغيرها من الخواص، فنحن نعيش في طبقةٍ تسمّى التروبوسفير (Troposphere)، وهي أبعد طبقة عن الشمس.
وهي حيث تتشكل السحب لأن هذا الجزء من الغلاف الجوي يحتوي على معظم الماء. مع الارتفاع للأعلى ينخفض ضغط الهواء، وتصبح درجات الحرارة أكثر برودة، وتنخفض بشكلٍ كبير عندما نرتفع إلى حوالي 10 كيلومتر، لنصل إلى طبقةٍ تسمّى الستراتوسفير (Stratosphere).
حيث يتواجد غاز الأوزون الذي يمتص الطاقة فوق البنفسجية من الشمس ويحولها إلى حرارة، ويعلوها طبقة تسمّى الميزوسفير (Mesosphere)، وهي الطبقة التي تحترق معظم النيازك في الغلاف الجوي الرقيق قبل أن تتمكن من الوصول إلى الأرض.
الطبقة التالية هي طبقة الغلاف الحراري، وهي طبقة بعيدة جداً عن الأرض، وكثافة الهواء فيها ضعيفة جداً، لكن بالمقابل هذه الطبقة تشكل المكان الذي تحدث فيه ظاهرة الشفق القطبي، حيث تحدث على ارتفاع يتراوح بين 480 – 960 كيلومتر تقريبًا فوقنا. [2]
هل من الأسهل رؤية الأضواء الشمالية أم الأضواء الجنوبية؟
أحد الاختلافات الرئيسية بين الشفق القطبي والشفق الأسترالي يتركز حول مكان حدوث كل حالة نادرة. تتدفق الأضواء الشمالية عبر السماء في أماكن نائية قريبةٍ من القطب الشمالي، وخاصةً تلك القريبة من الدائرة القطبية الشمالية، وبعيدًا عن المدن (حيث يمنع التلوث الضوئي الرؤية) بما في ذلك ألاسكا، وكندا، وغرينلاند، والدول الإسكندنافية، مثل: فنلندا، وجرينلاند، وأيسلندا، والسويد، والنرويج، التي تتصدر القائمة.
في حين أن الأضواء الجنوبية جيدة، مثل: الأضواء الشمالية، إلا أن الشفق الأسترالي يحدث في أماكن يصعب الوصول إليها بالقرب من القطب الجنوبي، بما في ذلك القارة القطبية الجنوبية، وداون أندر في أستراليا، وتسمانيا، وهي ولاية على شكل جزيرة في أستراليا جنوب البر الرئيسي، ونيوزيلندا، وعلى الرغم من روعة منظر الشفق الأسترالي إلا أن ظروف المشاهدة ليست سهلة أو ميسره، لذلك غالباً ما يتمّ رصد الأضواء الشمالية أكثر من الجنوبية. [3]
هل يمكنك رؤية الشفق القطبي على الكواكب الأخرى؟
كثيرًا ما يُطرح سؤال “هل الأرض هي الكوكب الوحيد الذي يحتوي على الشفق القطبي؟” نحن لسنا الكوكب الوحيد الذي يرى الشفق القطبي، فقد لوحظت عروض جوية مماثلة على جميع الكواكب التي تيسر رصدها في المجموعة الشمسية باستثناء عطارد بسبب قربه الشديد من الشمس.
يحدث الشفق القطبي في الكواكب بسبب وجود مجالٍ مغناطيسي قوي، والتفاعل بين الجسيمات المشحونة مغناطيسيًا الموجودة على الرياح الشمسية، والجزيئات الغازية في الغلاف الجوي للكواكب، ومن أشهر الكواكب التي رصد فيها الشفق القطبي: الزهرة، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس، ونبتون.
وبما أن الحقول المغناطيسية، وشدة الرياح الشمسية، والظروف الجوية تختلف بين هذه الكواكب، لذلك يتمتع بعضها بشفقٍ أقوى من غيرها. إن الشفق القطبي لكوكب المشتري لافت للنظر بشكلٍ خاص، وهو أكبر بكثير، وأكثر كثافةً ووضوحاً ولمعاناً من الشفق القطبي الموجود على كوكب الأرض، وذلك لأن الحقل المغناطيسي لكوكب المشتري أقوى بـ 20 ألف مرة من الحقل المغناطيسي للأرض، وهذه الميزة أعطت كوكب المشتري شفقاً قطبياً يشبه التاج اللماع عند منقطة القطبين. [4]
المراجع البحثية
1- Waldek, S., & Dobrijevic, D. (2024, February 9). Northern lights (aurora borealis): What they are & how to see them. Space.com. Retrieved May 8, 2024
2- Radical. (2023, December 21). Why are there different Northern Lights colours?. Aurora Nights. Retrieved May 8, 2024
3- Gollin, R. (2023, November 10). Southern Lights vs. Northern Lights: What’s the Difference?. Days to Come. Retrieved May 8, 2024
4- Aurorazone. (2024, April 18). Can you see the Northern Lights on other planets?. Aurora Zone. Retrieved May 8, 2024