Published in: طب الأطفال

الشفة المشقوقة والحنك المشقوق عند الأطفال

Author د. نور شرابه

Published on: 21 يونيو، 2023

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ شقوق الشفة وشراع الحنك أكثر التشوُّهات الخلقية شيوعاً عند الأطفال، حيث تحصل إصابة طفل من أصل كل 700 طفل حديث الولادة. يمكن أن تكون الشفة المشقوقة معزولةً أو مترافقةً مع شقّ شراع الحنك. تُسبّب هذه التشوُّهات صعوبةً في تغذية الطفل ومشاكل في التنفس وتطور الأسنان والفكين لديه، ولاحقاً تؤثر على ثقته بنفسه وتقديره لذاته، لذلك ينبغي علاجها بشكل باكر لتأمين تطور جسدي ونفسي طبيعي للطفل. ^[1]

ما هي الشفة المشقوقة؟

الشفة المشقوقة (Cleft Lip) تُسمّى أيضاً الشفة الأرنبية هي أحد أشيع العيوب الخلقية التي تصيب الأطفال، وهي عبارةٌ عن شقِّ في الشفة العليا ناتجٌ عن عدم التحام الشفة بشكل طبيعي خلال الحياة الجنينية. في الحالة الطبيعية تتشكل الشفة بين الأسبوعين الرابع والسابع للحمل، فأثناء تطور الجنين تنمو أنسجة الجسم والخلايا الخاصة بها من كل جانب من الرأس باتجاه مركز الوجه، وتتحد معاً لتشكيل الوجه، ويشكل هذا الالتحام بين الأنسجة ملامح الوجه، مثل: الشفاه، والفم.

تحدث الشفة المشقوقة إذا لم يلتحم النسيج الذي تتكون منه الشفة قبل الولادة بشكل تام، وقد يكون الشقُّ صغيرٌ يقتصر على الشفة العليا أو كبيرٌ يمر عبر الشفة وصولاً إلى الأنف، ويمكن أن يكون الشقّ على أحد جانبي الشفة أو كليهما، ونادراً ما يكون في المنتصف، ويمكن أن تترافق الشفة المشقوقة مع الحنك المشقوق. ^[2]

ما هو الحنك المشقوق؟

الحنك المشقوق (Cleft Palate) هو عيبٌ خلقي يحدث فيه تشكُّل فتحاتٍ أو شقوق في شراع الحنك (سقف الفم) مما يؤدي إلى تشكل ممر غير طبيعي باتجاه الأنف، ويحدث الحنك المشقوق إذا لم تلتحم الأنسجة التي يتكون منها سقف الفم معاً بشكل تام بين الأسبوع السادس والتاسع من الحياة الجنينية. قد يكون الشقُّ في القسم الأمامي، أو الخلفي من الحنك، أو في كليهما. ^[2]

ما هي أسباب الإصابة بشقّ الشفة وشراع الحنك عند الأطفال؟

لا تزال الأسباب غير واضحة بشكل كافٍ، ولكن تُسهم العوامل التالية في زيادة معدل الإصابة، وهي: ^{[2] [4]}

1- العوامل الوراثية والاستعداد الجيني عند الطفل.

2- تدخين الأم خلال الحمل حيث وجد أن النساء المدخنات أكثر عرضةً لإنجاب طفل مصاب بشقّ الشفة وشراع الحنك مقارنةً بالنساء غير المدخنات.

3- تناول الأم الكحول أو المخدرات خلال الحمل.

4- وجود بدانةٍ عند الأم خلال الحمل أو في حال إصابتها بالداء السكري.

5- نقص حمض الفوليك عند الأم خلال الحمل أو تناولها بعض أنواع الأدوية كمضادات الصرع، مثل: توبيرامات (Topiramate) خلال الأشهر الأولى من الحمل.

6- قد يكون شقّ الشفة وشراع الحنك جزء من بعض المتلازمات، مثل: متلازمة دي جورج (DiGeorge)، أو بيير روبين (Pierre Robin).

ما هي مضاعفات الإصابة بشقّ الشفة وشراع الحنك عند الأطفال؟

بالإضافة إلى المضاعفات التجميلية فإن المولودين بشقٍّ في الشفة وشراع الحنك معرضون للعديد من المشاكل الصحية، مثل:

1- صعوبات التغذية

أكثر ما تحدث صعوبات التغذية مع شقّ الشفة المُترافق مع الحنك المشقوق، ونادراً ما تحدث في حال شقّ الشفة المعزول، حيث يحدث صعوبة في حركات المصّ عند الطفل، وبالتالي صعوبة في الرضاعة.

كما يبذل الطفل جهداً كبيراً أثناء الإرضاع، ولكن لا يحصل إلا على كمياتٍ قليلة من الغذاء سواءً من حليب الثدي أو الحليب الصناعي، وبالتالي لا يزيد وزنه بشكل طبيعي، كما قد يدخل الحليب إلى الأنف عبر سقف الحنك المشقوق مما يُسبّب خروج الحليب من أنف الطفل الرضيع.

2- إنتانات الأذن المتكررة وضعف السمع

يكون الأطفال الذين يعانون من الحنك المشقوق أكثر عرضةً للإصابة بالتهابات الأذن، حيث تلعب عضلات الحنك دوراً مهماً في تصريف السوائل من الأذن الوسطى، ولكن عند وجود شقٍّ في شراع الحنك فلن يتمَّ تصريف السائل بشكل طبيعي، ويصبح الطفل أكثر عرضةً للعدوى ولضعف السمع المؤقت.

3- تشوُّه تجميلي في الوجه

مع تطور الطفل يحدث نمو غير طبيعي في الوجه مما يُسبّب عدم تناسقٍ في ملامح الوجه.

4- نمو غير طبيعي في الفكين

مما يُسبّب صعوبةً في مضغ الطعام، كما يحدث اضطرابٌ في بزوغ الأسنان وعدم انتظامها، وقد يحتاج الطفل إلى تقويم الفك والأسنان.

5- صعوبة في التنفس عن طريق الأنف

حيث قد يترافق انشقاق الشفة وشراع الحنك مع تشوه في الحاجز الأنفي مما يؤثر على عملية التنفس.

6- اضطرابات نفسية، واجتماعية، وضعف الثقة بالنفس.

7- كما قد يحدث صعوبة في النطق والكلام بدرجاتٍ متفاوتةٍ

عند الأطفال المصابين بشقّ الشفة وشراع الحنك، وأيضاً قد يترافق شقّ الشفة، وشراع الحنك مع خروج الهواء من الأنف أثناء الكلام مما يُسبّب خنةً في الصوت. ^[3]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بشقّ الشفة وشراع الحنك عند الأطفال؟

1- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو) خلال الحمل: حيث يمكن من خلاله كشف وجود شقٍّ في الشفة، وذلك عندما يتم إجراؤه بين الأسبوع 18 إلى 21 من الحمل، ولكن لا تكون جميع الحالات مرئيةً على الإيكو، أما شقّ شراع الحنك المعزول، فقد يكون من الصعب تشخيصه خلال الحمل.

2- في بعض الحالات عند الشك بوجود متلازماتٍ وراثيةٍ عند الجنين يتمُّ اللجوء إلى بزل السائل الأمنيوسي خلال الحمل (يتمُّ أخذ عينةٍ من السائل الأمنيوسي المحيط بالجنين ثم فحصها).

3- إذا لم يتمّ تشخيص الإصابة خلال الحمل، فيمكن للفحص السريري للطفل خلال أول 72 ساعة بعد الولادة أن يكشف إصابته بشقّ الشفة وشراع الحنك. ^{[4] [5]}

كيف يتمُّ علاج الإصابة بشقّ الشفة وشراع الحنك عند الأطفال؟

يعتمد العلاج على حجم الشقّ وعمر الطفل والمضاعفات الصحية المرافقة، حيث يتمُّ إجراء عملٍ جراحيّ ضمن المستشفى وتحت التخدير العام، وتشمل خطوات العلاج:

1- علاج شقّ الشفة: يتمُّ إجراء عملٍ جراحي على شقّ الشفة عندما يكون عمر الطفل بين 3 إلى 6 أشهر، وقد يحتاج الرضيع إلى نوعٍ خاص من حلمة زجاجة الرضاعة (الببرونة) ريثما يتمُّ إجراء الجراحة.

2- علاج شقّ الحنك: يتمُّ إجراء عملٍ جراحيّ على شقّ شراع الحنك بين عمر 6 إلى 12 شهر، ويؤدي العلاج الباكر إلى تخفيف إنتانات الأذن المتكررة، وبعض الأطفال قد يحتاجون إلى تركيب أنابيب خاصة توضع في غشاء الطبل تساهم في تصريف السائل من الأذن.

3- قد يحتاج بعض الأطفال إلى عمليات جراحيةٍ إضافية، مثل:

– عمليات تجميلية لتحسين مظهر الشفة والأنف.

– عمليات جراحية تساعد على تحسين النطق والتنفس.

– عمليات جراحية تصحيحية للفكين لإعادة تقويم الأسنان وتصحيح عدم انتظام عظم الفك.

4- يجب مراقبة السمع بشكل منتظم عند الأطفال المصابين بشقّ الشفة وشراع الحنك.

5- كما يحتاج بعض الأطفال إلى أخصائي نطق لاحقاً للمساعدة في تحسين النطق والكلام. ^{[4] [5]}