Skip links
رسم ثلاثي الأبعاد للخلية الجذعية

الخلايا الجذعية – تطبيقاتها العلاجية، وكيف نحصل عليها؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

على الرغم من العديد من الاكتشافات الطبية، والوصول لعلاج العديد من الأمراض المُستعصية، وآخرها علاجٌ يُحسّن من حياة مرضى نقص المناعة المُكتسب، بالإضافة إلى تحسين حياة مرضى القصور الكبدي، ومرضى السكري، ورغم ذلك يقف كل ذلك التطور والتقدم الطبي عاجزاً أمام علاج العديد من الأمراض، منها: الشلل الحركي، ومرضى الأورام الذين يضطرون في كثيرٍ من الأحيان إلى الخضوع لعمليات استئصال أعضاء مهمة دون وجود آليةٍ طبية تساعدهم على تعويض وظائف هذه الأعضاء.

الأمر الذي ينتهي بتراجع نوعية حياة هؤلاء المرضى، وقائمة الأمراض تطول لتلك التي تنتهي بفقدٍ وظيفي وعضوي دائم دون وجود تعويضٍ وظيفي يمتلك نفس كفاءة العضو المفقود. في مواجهة هذه الأمراض تتجه الأنظار داخل وخارج الوسط الطبي إلى نمطٍ علاجي لا يزال في بداياته، لكن يحمل في طياته الأمل والعلاج الشافي للعديد من الأمراض المُستعصية، والتي لا يمكن علاجها إلا عبر هذا النمط ألا وهو العلاج بالاعتماد على الخلايا الجذعية (Stem cell therapy).

ورغم أن العلاج بالاعتماد على الخلايا الجذعية لا يزال في بداياته، ورغم وجود العديد من الصعوبات أمام الاعتماد على الخلايا الجذعية، إلا أنها تعدُ بالوصول للشفاء الكامل، وتعويض الفقد العضوي للجسم بشكلٍ سليمٍ وعملي.

ما هي الخلايا الجذعية؟

هي نوعٌ خاصٌّ من الخلايا التي لها خاصيتان مهمتان:

1- القدرة على إنتاج المزيد من الخلايا الجذعية، أي القدرة على التجديد الذاتي لها.

2- يمكن أيضاً للخلايا الجذعية أن تُنتج خلايا أخرى تقوم بوظائف مختلفة في عملية تُعرف باسم التمايز.

توجد الخلايا الجذعية في جميع أنسجة الجسم تقريبًا، وهي ضروريةٌ لصيانة الأنسجة، وكذلك للإصلاح بعد الإصابة. تختلف بقدرتها، وذلك حسب توضّعها ومكان نشأتها، فمثلاً: الخلايا الجذعية الكبدية قادرة على التمايز لتعطي خلايا كبدية ناضجة سليمة، ولذلك يعتبر الكبد من الأعضاء القادرة على التجدُّد والاستشفاء الذاتي حتى عند فقدان أكثر من نصف كتلته نتيجة إصابةٍ رضّية أو ورميةٍ معينة.

كذلك توجد خلايا جذعية مختلفة تتمايز لتعطي خلايا ناضجة لمختلف أنسجة الجسم، ويوجد خلايا جذعية تستطيع التمايز إلى نمطٍ نسيجي وحيد أو إلى عددٍ قليلٍ من الأنماط النسيجية الناضجة، وعندها تسمّى هذه الخلايا بالخلايا الجذعية قليلة أو محدودة القدرات، كما هو الحال في الخلايا الجذعية الكبدية.

ويوجد خلايا جذعية قادرة على التمايز إلى العديد من الأنماط الخلوية المختلفة، والتي يُطلق عليها اسم الخلايا الجذعية عديدة القدرات، والتي نشاهدها في الخلايا الجذعية الدموية المسؤولة عن تكوّن الكريات الدموية بأنواعها. بشكلٍ طبيعي، تتناقص أعداد الخلايا الجذعية في جسم الإنسان البالغ مقارنةً مع عددها عند الطفل، ومقارنةً بعددها عند الجنين، والذي يمتلك خلايا جذعية تتمايز إلى ثلاث طبقات من الخلايا المُنتشة، والتي تتمايز بدورها إلى خلايا ناضجة، كالخلايا العضلية، والعظمية، والعصبية.

والتناقص الحاصل في عدد الخلايا الجذعية يحدث بشكلٍ خاص على حساب الخلايا الجذعية عديدة وواسعة القدرات، لتصبح الخلايا الجذعية المتبقية نوعيةً ومتخصصةً بتجديد أنسجةٍ معينةٍ دون غيرها. الاكتشافات الطبية ودراسة خصائص الخلايا الجذعية دفعت الأوساط الطبية لاستكشاف آفاق الطب التجديدي، والذي يعتمد على تحقيق الاستفادة القصوى من الخلايا الجذعية لتجديد الأعضاء التي لا يمكن في الحالات الطبيعية تجديدها. [1] [2]

العلاج بالاعتماد على الخلايا الجذعية

العلاج بالخلايا الجذعية هو نهجٌ علاجيٌّ جديد يستخدم الخصائص الفريدة للخلايا الجذعية، بما في ذلك التجديد الذاتي والتمايز، لتجديد الخلايا والأنسجة التالفة في جسم الإنسان أو استبدال هذه الخلايا بخلايا جديدة وصحية تعمل بكامل طاقتها عن طريق توصيل خلايا خارجية. يمكن أن تكون الخلايا الجذعية للعلاج المُعتمد على الخلايا من مصدرين:

مصدر ذاتي، والمعروف أيضًا باسم العلاج الذاتي، وهو نهجٌ يستخدم خلايا المريض نفسه.

مصادر غيرية، والتي تستخدم خلايا من مُتبرِّعٍ سليمٍ للعلاج القائم على الخلايا الجذعية.  

يشمل الاعتماد على الخلايا الجذعية البشرية متعددة القدرات (HPSCs) والخلايا الجذعية الوسيطة متعددة القدرات (MSCs). أما بالنسبة للتطبيقات المُعتمدة على الخلايا الجذعية، فهي لا تزال قيد الدراسة، وذلك ضمن العديد من الأقسام الطبية: [1] [2]

1- أمراض القلب والأوعية الدموية

لم تُسفر التجارب السريرية بعد عن بياناتٍ تدعم فعالية العلاج، حيث أظهرت العديد من الدراسات نتائج متناقضة، ولا توجد فروقٌ ذات دلالةٍ إحصائية في حجم الاحتشاء، أو وظيفة القلب، أو النتائج السريرية. أظهرت نتائج الدراسات أن الخلايا الجذعية المُشتقّة من مصادر مختلفة لم تُظهر أي آثارٍ علاجية على تحسين انقباض عضلة القلب، أو إعادة تشكيل القلب والأوعية الدموية، أو النتائج السريرية. يمكن تفسير النتائج المُخيّبة للآمال التي تمّ الحصول عليها من التجارب السريرية حتى الآن من خلال حقيقة أن الخلايا المتجددة قد تمارس تأثيراتها العلاجية عبر التعديل المناعي بدلاً من وظيفة التجدّد المرجوة.

2- أمراض الجهاز الهضمي

فيما يتعلق باضطرابات الجهاز الهضمي، يُعدُّ مرض كرون (CD) والتهاب القولون التقرُّحي الشكلين الرئيسيين لمرض التهاب الأمعاء (IBD)، ويمثلان عبئًا كبيرًا على نظام الرعاية الصحية.

– الأول: هو حالةٌ التهابيةٌ مزمنة وغير منضبطة في الغشاء المخاطي للأمعاء، وتتميز بالتهاب الغشاء المخاطي عبر الجدار القطعي، وتغيراتٍ حبيبية.

– الأخير: هو مرض التهاب الأمعاء المزمن الذي يؤثر على القولون والمستقيم، وكلاهما حالاتٌ مُستعصية، ولا يوجد علاج دوائي شافٍ لهما، والتدابير المتوفرة تنتهي غالباً باستئصال القطعة المعوية المصابة.

أجريت العديد من الاختبارات للعلاج بالاعتماد على الخلايا الجذعية عديدة القدرات خاصةً عند المرضى غير المستفيدين على التدبير العرضي، والذين يرفضون إجراء الاستئصال المعوي، والنتائج أبدت علامات تحسُّن وهجوع الأعراض الالتهابية المعوية لدى بعض المرضى دون تحسُّن البعض الآخر، والسبب الرئيسي في ذلك عدم فعالية الخلايا المجدّدة المعوية في تعويض الخلايا المصابة.

3- الأمراض الدموية

لفتراتٍ طويلة تمّ إجراء عمليات زرع الخلايا الجذعية، والمعروفة أيضًا باسم عمليات زرع نخاع العظم. وفي عمليات زرع الخلايا الجذعية المكوّنة للدم، تحلّ الخلايا الجذعية محلّ الخلايا المتضررة بسبب العلاج الكيميائي، أو المرض، أو تكون بمثابة وسيلة لجهاز المناعة لدى المُتبرّع لمحاربة بعض أنواع السرطان والأمراض المرتبطة بالدم. غالبًا ما يتمّ علاج سرطان الدم، وسرطان الغدد الليمفاوية، والورم الأرومي العصبي، والورم النقوي المُتعدّد بهذه الطريقة، وتستخدم عمليات الزرع هذه الخلايا الجذعية البالغة أو دم الحبل السري.

4- تدبير الأورام

لا يزال الاعتماد على الخلايا في ترميم الأذيات الناتجة عن الأورام محطّ جدل، وذلك يعود بسببٍ رئيسي لاحتمال حدوث نكسٍ ورمي ضمن المنطقة المجدّدة، وعدم نجاح الأعضاء المزروعة في كثيرٍ من الأحيان.

كيف يمكن الحصول على الخلايا الجذعية؟

يمكن استخراجها من جسم البالغ، كالحصول عليها من نقي العظم السليم للاستفادة منه في تعويض نقي عظم مصابٍ عند نفس المريض، إلا أن المصدر الأهمّ، والذي يحظى باهتمامٍ خاص هو الحصول على الخلايا الجذعية الموجودة ضمن الحبل السري للطفل عند الولادة، وحفظها للاستفادة منها فيما بعد في حال الحاجة لذلك.

على الرغم من عدم وجود نتائج مشجّعة للخلايا الجذعية حالياً إلا أن التطور في هذا المجال لا يتوقف، والنتائج التي تمكن البحث الطبي الحالي من الوصول إليها الآن كانت في السابق نتائج غير ممكنة، بل وحتى مستحيلة، وعليه فإن المستقبل العلاجي للخلايا الجذعية لا يزال مفتوحاً على مصراعيه.

المراجع البحثية

1 -Hoang، D. M.، Pham، P. T.، Bach، T. Q.، Ngo، A. T. L.، Nguyen، Q. T.، Phan، T. T. K.، Nguyen، G. H.، Le، P. T. T.، Hoang، V. T.، Forsyth، N. R.، Heke، M.، & Nguyen، L. T. (2022). Stem cell-based therapy for human diseases. Signal Transduction and Targeted Therapy، 7(1). Retrieved September 4، 2024

2- Stem cells: What they are and what they do. (2024، March 23). Mayo Clinic. Retrieved September 4، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.