Skip links

التوتُّر السطحي – أهميتهُ في التطبيقات الصناعية والطبّية

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعريف التوتر السطحي

هوَ ميل المواد السائلة إلى الانكماش في أقلِّ مساحةٍ ممكنةٍ للسطح، وتنتجُ هذهِ الظاهرة عن عدم توازن قوى التجاذُب بين الجزيئات نتيجةً للشحنات المُتعاكسة الإشارة لجزيئات السائل، حيثُ تنجذبُ جزيئات السائل لبعضها البعض، إذ يتمُّ مُشاركة قوى التجاذُب بينَ الجزيئات في السائل معَ جميع الجزيئات المُجاورة، عدا تلك الموجودة على السطح، والتي لا تمتلكُ جزيئاتٍ مُجاورةٍ لها بالأعلى، وبالتالي فهي تنجذب بقوةٍ أكبر معَ تلكَ المُرتبطة بها مباشرةً (بجوارها وتحتها، ولكن ليس فوقها)، كما في الشكل: [1]

وبسبب التوتر السطحي، تطفو الأجسام الصغيرة على سطح السائل، طالما أنَّ الجسم لا يَستطيع اختراق الطبقة العليا من جزيئات الماء وفصلها، فعندما يكون جسم ما على سطح السائل، فإنَّ السطح نتيجةً للتوتر سوفَ يتصرف مثل الغشاء المرن. ويمكنُ النظر للتوتر السطحي على أنَّه طاقةٌ كامنة، وذلكَ باعتبار أنَّ زيادة السطح تحتاجُ لصرف عمل، ويُختزن هذا العمل في السطح على شكل طاقةٍ سطحية تسبّب هذا الغشاء المرن.

ويُمكن تعريف التوتر السطحي بأنَّه القوة في واحدة الطول التي يؤثِّر بها السطح على حافته، ويكون اتجاه هذهِ القوة مماساً للسطح عندَ حافته، ويُعطى التوتر السطحي للسوائل بالعلاقة التالية:

حيثُ يُشير الرمز Y للتوتر السطحي، وF للقوة المُطبقة خارجياً بشكلٍ موازٍ لسطح السائل، و  للطول على خط المماس للقوى، ويُقاس التوتر السطحي بالجملة الدولية بوحدة N / m أي بالنيوتن مقسوماً على المتر. [2] [3]

قوى التماسُك وقوى الالتصاق

تُسمّى قوى التجاذُب المؤثِّرة بينَ الجزيئات من نفس النوع بقوى التماسُك، بينما تُسمّى قوى التجاذُب المؤثِّرة بينَ الجزيئات من أنواعٍ مختلفةٍ بقوى الالتصاق. يُحدّد درجة الترطيب Wettability بالتوازن بينَ تماسك السائل والتصاقهُ بمادة الوعاء وزاوية تلامسه، فعندما تكون قوى التماسُك أكبر من قوى الالتصاق يكون السائل مُحدّباً، كما هوَ الحال معَ الزئبق ضمنَ وعاءٍ زجاجي.

من ناحيةٍ أخرى، عندما تكون قوى الالتصاق أكبر من قوى التماسُك تكون درجة الترطيب مرتفعة، ويكون السائل مقعّراً عند جدار الوعاء، كما هوَ الحال الماء ضمنَ الكوب. يُمكنُ رؤية تأثيرات قوة الالتصاق والتماسك من خلال أنبوبٍ ذي قطرٍ صغيرٍ جداً (أنبوب شعري) تمَّ وضعهُ ضمنَ سائل، وتكون قوى الالتصاق أقوى من قوى التماسُك عندَ وضع الأنبوب ضمنَ الماء.

نتيجةً لذلك، تنجذبُ جزيئات الماء إلى الزجاج أكثر من جذبها لبعضها البعض، ونتيجةً للتوتر السطحي العالي للماء، يرتفعُ سطح الماء عندَ جانبي الوعاء ويبلِّل السطح الزجاجي، وعندَ استبدال الماء بالزئبق ثمَّ أدخال الأنبوب، فيمكننا ملاحظة كيف ينحني ويتقوَّس سطح الزئبق. وذلكَ لأنَّ قوة التماسك أكبر من قوة التلاصق في هذهِ الحالة، تنجذبُ جزيئات الزئبق إلى بعضها البعض بقوةٍ أكبر مما تنجذبُ إلى جزيئات السطح الزجاجي. [4]

تطبيقات التوتر السطحي

تتجلَّى ظاهرة التوتر السطحي في العديدِ منَ الظواهر الطبيعية والتطبيقات الصناعية، والتي سنذكرُ أهمها: [5]

1- المشي على الماء

يُمكنُ للحشرات الصغيرة، كالذباب، واليرقات المشي على سطح الماء، كما ويُمكن لبيض البعوض أن يطفو على سطح الماء أيضاً، وذلكَ لأنَّ وزنها لا يكفي لاختراق الغشاء الناتج عن التوتر السطحي.

2- تعويم الإبرة

يُمكنُ جعل إبرةٍ صغيرةٍ موضوعةٍ بعناية تطفو على سطح الماء على الرغمِ من أنَّ كثافتها أكبر عدة مرات من كثافة الماء، وإذا تمَّ تحريك السطح لتفكيك التوتر السطحي، فستغرق الإبرة بسرعة.

3- مواد الخيمة

تكون مواد الخيمة الشائعة مَصنوعةً من موادٍ مقاومةٍ للمطر إلى حدٍّ ما، حيثُ إنَّ التوتر السطحي للماء سوف يسدُّ المسام في المادة المَنسوجة بدقة، لكن إذا لمست مادة الخيمة بإصبعك، فإنك تَكسر التوتر السطحي، وسيتساقط المطر من خلالها.

4- المُطهّرات

مثل: الديتول، عادةً ما تكونُ محاليل ذات توتر سطحي مُنخفض، وهذا يسمحُ لها بالانتشار على جدران خلايا البكتيريا، وبالتالي تَعطيلها.

5- الصابون والمنظفات

تُساعد هذهِ المواد على تنظيف الملابس عن طريق خفض التوتر السطحي للماء، بحيثُ يُمكنها التغلغل بسهولةٍ في المسام والمناطق المُتسخة، إذ أنَّ المياه العادية لا تتمَّكن من إزالة بقع الزيت والشمع السائل منَ الملابس، فللتخلص منَ البقع، علينا استخدام المُنظفات، وعندَ إضافة المنظفات أو الصابون إلى الماء، ينخفضُ ​​التوتر السطحي للماء.

مما يسمحُ لجزيئات الماء بالوصول إلى كلُّ ركنٍ من أركان المنسوجات، وبالتالي القضاء على بقعِ الزيت والشمع السائل، وبما أن َّ التوتر السطحي للزيت أقل منَ التوتر السطحي للماء، فإنَّ الزيت ينتشرُ على سطح الماء، كما ويحتوي معجون الأسنان على كميةٍ من الصابون الذي يُساعد على انتشارهُ بسهولةٍ في الفم، وذلكَ عن طريق تقليل التوتر السطحي.

6- فقاعات الصابون

يُوفِّر التوتر السطحي للماء شدّ الجدار اللازم لتكوين الفقاعات معَ الماء. إنَّ الميل إلى تقليل توتر الجدار إلى الحدّ الأدنى يَجعلُ الفقاعات تتخذُ أشكالاً كروية.

7- قطرات المطر

التوتر السطحي لقطرة المطر

التوتر السطحي هوَ المسؤول عن شكل القطرات السائلة للمطر، فعلى الرغمِ من سهولةِ تشوُّهها، إلا أنَّ قطرات المطر تَميلُ إلى الانجذاب إلى شكلٍ كرويٍ بواسطة قوى التماسُك للطبقة السطحية، كما يظهر في الشكل:

التوتر السطحي وعمل الشعيرات الدموية في الرئتين

يحدثُ تبادل الأوكسجين وغاز ثاني أكسيد الكربون بينَ الهواء المُستنشَق والدم في الجيوب الصغيرة ضمنَ الرئتين، والتي تُدعى بالنخاريب الرئوية، فإذا كانَ للمخاط الذي يُغلِّف النخاريب الرئوية التوتر السطحي نفسهُ لموائع الجسم الأخرى، فلن يكون هناكَ فارقٌ كبيرٌ للضغط بينَ داخل النخاريب الرئوية، وخارجها إلى حدٍّ يكفي لكي تتمدّد وتَمتلئ بالهواء.

غيرَ أنَّ النخاريب الرئوية تفرزُ خافضاً للتوتر السطحي في الغشاء المخاطي كالليستينات، والذي يزدادُ في طور الشهيق، وينخفضُ في طور الزفير، وذلكَ مهما كانت قيمة نصف قطر النخروب، وإنَّ اختفاء هذهِ القدرة الخافضة للتوتر يُحدثُ ضيقاً في التنفُّس يُمكنُ أن يؤدي إلى الموت عند حديثي الولادة. [6]

المراجع البحثية

1- Surface tension and water | U.S. Geological Survey. (2019, October 22). Retrieved November 2, 2024

2- Surface tension. (n.d.). KRÜSS Scientific. Retrieved November 2, 2024

3- Lunn, A. (1919). Some formulas concerning surface tension. Journal of the American Chemical Society, 41(4), 620–621. Retrieved November 2, 2024

4- Contact Angle Measurements and Wettability. (n.d.). Nanoscience Instruments. Retrieved November 2, 2024

5- Gupta, P. (2024, March 5). Application of surface tension. Infinity Learn by Sri Chaitanya. Retrieved November 2, 2024

6- السنة التحضيرية للكليات الطبية. الفيزياء. جامعة دمشق .(2015-2016). د. سهام الطرابيشي, د. بيداء الأشقر, د. مصطفى صائم الدهر. Retrieved November 2, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.