Skip links
امرأة مبتسمة تجلس على الأريكة وتشير بيدها وبجانبها فتاة صغيرة مبتسمة تشير بيدها

التقليد لدى الأطفال – أهميته ودور الأهل في توجيهه

الرئيسية » علم النفس » التقليد لدى الأطفال – أهميته ودور الأهل في توجيهه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

التقليد هو عملية محاكاة سلوك أو أفعال الآخرين، ويعتبر طريقةً مهمةً يستخدمها الأطفال لتعلم وفهم العالم من حولهم من خلال الملاحظة، أي أن يقوم الأطفال بتقليد سلوكيات وأنماط الحديث، والتفاعل الاجتماعي للأشخاص المحيطين بهم سواءً أكانوا بالغين أو أقران، على سبيل المثال: يمكن للطفل تقليد أفراد عائلته في طريقة تحية الضيوف أو استخدام الكلمات المتداولة بينهم، كما يمكن للأطفال أن يقلدوا أقرانهم في الألعاب والأنشطة، وأن يتعلموا منهم كيفية تنفيذ مهام معينة.

ما أهمية التقليد في تطوير الأطفال؟

يلعب التقليد دوراً مهماً في تطوير الأطفال، وله العديد من الآثار الإيجابية على نموهم وتنميتهم، وسنقدم بعض الفوائد المهمة التي يقدمها التقليد: [1]

1- تعلم المهارات الاجتماعية

يتعلم الأطفال المهارات الاجتماعية من خلال تقليد سلوك الآخرين، فعندما يقلدون الأشخاص المهذبين يتعلمون كيفية التعامل مع الآخرين بلطفٍ واحترام، وكيفية التفاعل الاجتماعي الإيجابي.

2- تطوير اللغة والتواصل

يقوم الأطفال بتقليد الكلام والتعبيرات من خلال المحاكاة للأشخاص الذين يتحدثون معهم، فيتعلمون المفردات الجديدة، وكيفية استخدامها في الجمل، والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم الباطنة.

3- تعزيز الإبداع والخيال

يمكن للأطفال أن يطوروا إبداعهم وخيالهم من خلال التقليد لأفكار وأدوار الشخصيات الأخرى، حيث يمكنهم أن يتخيلوا أنهم أبطال قصص أو شخصيات خيالية، ويستكشفوا عوالم جديدة.

4- تطوير المهارات الحركية

من خلال التقليد لحركات الآخرين يمكن للأطفال تحسين مهاراتهم الحركية الدقيقة، على سبيل المثال: يمكن للطفل تقليد حركات الرسم، أو الرقص، أو الألعاب الرياضية، وهذا يعزز تطور مهاراتهم الحركية والحسية.

5- بناء الهوية الشخصية

التقليد يساعد الأطفال في بناء هويتهم الشخصية وتطويرها، حيث يمكنهم اختيار الجوانب التي يرغبون في تقليدها من النماذج الإيجابية، وبذلك يكتسبون سماتٍ وقيم تعزز هوية وشخصيتهم.

6- نقل المعرفة والثقافة

يتمّ من خلال التقليد نقل المعرفة والثقافة من جيلٍ إلى آخر، فالأطفال يقلدون تقاليد العائلة، والمجتمع، والثقافة التي ينتمون إليها، وهذا يساعدهم في فهم هويتهم الثقافية، وتعزيز الانتماء إلى مجتمعهم.

ما هو تأثير التقليد السلبي؟

على الرغم من أن التقليد له العديد من الفوائد، إلا أنه يمكن أيضاً أن يكون له تأثيرٌ سلبي على تطور الأطفال، ومن تأثيراته السلبية: [2]

1- تقليد السلوك غير الملائم

عندما يقلد الأطفال سلوكاً غير ملائم أو عدواني من الأشخاص المحيطين بهم، فإنهم قد يتبنون هذا السلوك، ويتعلموا منه سلوكيات العنف أو الانفعالات الغاضبة، ويظهرونها في تفاعلاتهم مع الآخرين، أو قد يتعلم الأطفال الكذب، أو السرقة، أو التنمُّر، إذا كانوا يشاهدون أو يقلدون أشخاصاً يمارسون هذه السلوكيات.

2- فقدان الهوية الشخصية

إذا قلد الأطفال الآخرين بشكلٍ مفرط، ولم يتمكنوا من تطوير هويتهم الشخصية الفريدة الخاصة بهم، فقد يشعروا بالضياع والتشوش، لذلك يجب أن يتمكن الأطفال من التفرقة بين التقليد، والتعبير عن ذواتهم الحقيقية.

3- العزلة الاجتماعية

قد ينتج عن التقليد السلبي اتباع سلوكياتٍ غير مقبولةٍ اجتماعياً، وقد يؤدي ذلك إلى عزلة الطفل، وصعوبة التواصل مع الآخرين، حيث يتمّ استبعادهم من المجموعات أو تعرضهم للتنمُّر بسبب سلوكهم السلبي.

4- قمع التنوع والابتكار

عندما يتمُّ التقليد بشكلٍ أعمى، فإن ذلك سيؤدي إلى قمع التنوع والابتكار، فإذا كان الأفراد يقتصرون على تقليد الآخرين دون أن يكون لديهم الحرية في التعبير عن أنفسهم أو تطوير أفكارهم الخاصة، فإن هذا سيقيد الابتكار، ويمنع ظهور أفكارٍ جديدة ومبتكرة.

ما دور الأهل في توجيه التقليد لدى الأطفال؟

إن دور الأهل في توجيه التقليد لدى الأطفال له أهمية كبيرة، ومن أبرز أدوار الأهل في توجيه التقليد: [3]

1- توفير نماذج إيجابية

يجب على الأهل أن يكونوا نماذج إيجابية لأطفالهم في سلوكهم وأفعالهم اليومية، فالأطفال يتعلمون من خلال الملاحظة والتقليد، لذلك يجب أن يكون السلوك الذي يقدمه الأهل ملهماً وصحياً.

2- التواصل والتوجيه

يجب على الأهل التواصل المستمر مع الأطفال، وتوجيههم بشأن السلوك المناسب وغير المناسب، حيث يمكنهم شرح القيم والمبادئ التي يجب أن يتبعها الطفل، وتوضيح العواقب الإيجابية والسلبية للسلوك المختلف عن ذلك.

3- تعزيز القيم والأخلاق

يمكن للأهل تعزيز القيم والأخلاق الإيجابية، مثل: الصدق، الاحترام، التعاطف، الصبر، والمساواة، وذلك من خلال التعليم والتوجيه، ويمكن للأهل أيضاً استخدام القصص والأمثلة الواقعية لتوضيح هذه القيم.

4- توفير بيئةٍ محفّزة

يجب أن تكون البيئة المحيطة بالطفل محفزةً للتقليد الإيجابي، ويمكن للأهل توفير الفرص والأنشطة التي تعزّز التطور الإيجابي للأطفال، على سبيل المثال: يمكن تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطةٍ فنية، ورياضية، واجتماعية تعزز تنمية مهاراتهم، واكتشاف قدراتهم الخاصة.

5- التوجيه في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

في عصر التكنولوجيا يتعرض الأطفال للعديد من وسائل الإعلام والترفيه، ويجب على الأهل توجيه الأطفال في استخدام هذه الوسائل بشكلٍ صحيح، واختيار المحتوى المناسب الذي يعكس القيم والمعايير التي يرغبون في تعزيزها.

6- التعاون مع المدرسة

يجب أن يتمّ التواصل والتعاون مع المدرسة لتعزيز التقليد الإيجابي، والتصدي للتقليد السلبي، كما يمكن توفير جلساتٍ توعوية، وورش عمل لتعزيز الوعي بالتقليد السلبي، وتعزيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال.

7- تعزيز الثقة بالنفس

يجب أن يتمّ تعزيز ثقة الطفل بنفسه، وتشجيعه على التفكير المستقل، واتخاذ القرارات الصحيحة، فعندما يكون الطفل واثقاً من قدراته يصبح أقل عرضةً للتقليد السلبي، وأكثر عرضةً لاتباع سلوكه الخاص.

8- التشجيع على التفكير النقدي

يجب تشجيع الأطفال على التفكير النقدي، وتقييم السلوكيات والأفكار التي يرونها مناسبةً للتقليد أي يجب أن يكون لديهم القدرة على التمييز بين السلوكيات الإيجابية والسلوكيات الضارة أو غير الملائمة. لذا دعونا نعتني بالأطفال، ونقدم لهم الارتجال والتوجيه اللازمين لاستخدام التقليد بحكمة، وفهم لنمنحهم الفرصة لاكتشاف هويتهم، وتطوير مهاراتهم الفردية، وفي الوقت نفسه نحترم التنوع، ونحافظ على قيمنا الشخصية.

في الختام، يمكن القول إن الاهتمام بالتوازن في استخدام التقليد هو مفتاح لتطوير الأطفال، والحفاظ على هويتهم الشخصية، فمن خلال توجيه التقليد بحذر يمكن للأطفال أن يستفيدوا من الخبرات والمعرفة التي يقدمها الآخرون، وفي الوقت نفسه يتمكنون من اتخاذ القرارات الذاتية، واختيار ما يتناسب مع قيمهم وثقافتهم.

المراجع البحثية

1- Christakis, E. (2017). The importance of being little: What young children really need from grownups (Reprint edition). Penguin. Retrieved April 8, 2024

2- Siegel, D. J., & Bryson, T. P. (2012). The Whole-Brain Child: 12 revolutionary strategies to nurture your child’s developing mind (First Edition). Bantam. Retrieved April 8, 2024

3- Galinsky, E. (2010). Mind in the making: The seven essential life skills every child needs (1st ed.). HarperCollins. Retrieved April 8, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.