Skip links
امرأة مسنة ممددة على سرير في المستشفى تضع يديها على رأسها وجهاز التنفس موضوع على أنفها

التسمُّم بالأوكسجين – أسبابه، تأثيره على الجسم وعلاجه

الرئيسية » المقالات » الطب » التسمُّم بالأوكسجين – أسبابه، تأثيره على الجسم وعلاجه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

اكتشف وجود غاز الأوكسجين في الغلاف الجوي منذ حوالي خمس مليارات عام بنسبةٍ منخفضةٍ تسمح لبعض الكائنات الدقيقة بالحياة، وبدأت هذه النسبة تزداد إلى يومنا هذا لتسمح لجميع الكائنات الحية، كالحيوانات، والإنسان بالاستفادة منه، ولم تكن سلبيات هذا الغاز معروفةً بعد.

في عام 1878 قام الطبيب باول برت Paul Bert باكتشاف أول تأثيرٍ ضارٍّ للأوكسجين على جسمٍ طائر، والذي تظاهر باختلاجاتٍ مُعممّة أي اضطراباتٍ عصبية، وبعدها بدأت التجارب فيما يخص التأثيرات الضارة لغاز الأوكسجين على الفئران التي ظهر لديها تأثيرات رئوية مهددة للحياة.

عرف أخيراً التسمُّم بالأوكسجين (Oxygen Toxicity) بأنه زيادة نسبة الأوكسجين في الدم نتيجة التعرض لإجراءاتٍ طبيةٍ معينة أو تأثيراتٍ محيطيةٍ مختلفة، وهي حالةٌ خطيرة تؤثر على عدة أعضاء نبيلة، مثل: الرئة، والدماغ في الجسم، وقد تؤدي إلى الوفاة. [1]

ما هي أسباب التسمُّم بالأوكسجين؟

توجد حالتان للتسمُّم بالأوكسجين، فهي تظهر لدى الأشخاص المعرضين لتركيز عالٍ من الأوكسجين خلال فترةٍ قصيرة، وهي حالةٌ حادة، وتدعى بالتسمُّم، وأيضاً الأشخاص المتعرضون لنسبةٍ متوسطةٍ من الأوكسجين خلال فترةٍ طويلة، وهي الحالة المزمنة، وتدعى بالانسمام، كمصطلحٍ طبي، وقد تظهر لدى رواد الفضاء أو الغواصين في حال لم يتمّ ضبط الأوكسجين المعطى لهم بشكلٍ مدروس.

وتشاهد هذه الحالة في المستشفيات في وحدات العناية المركزة، حيث يحتاج بعض المرضى إلى تزويدهم بالأوكسجين بنسبة مئةٍ بالمئة أو يتمُّ وصلهم على المنفسة لفترةٍ طويلة، وذلك لمساعدتهم على القيام بالتبادلات الغازية والتنفس، ويرجح السبب الأهم إلى ضعف المراقبة من قبل الكادر الطبي أو نوعية استقلاب جسم المريض، حيث تقوم أجسام بعض الأشخاص باستقلاب الأوكسجين بشكلٍ سريعٍ وعالٍ، فيزيد تأثير الخلايا به. [1] [2]

ما هي الآلية الإمراضية المقترحة للتسمُّم بالأوكسجين؟

تلعب الجذور الحرة الناتجة عن جزيئات الأوكسجين دوراً في الإصابة، فهي عبارة عن ذراتٍ وجزيئاتٍ تدخل في حلقة التفاعلات الكيميائية الحيوية في الجسم، كما يقوم الأوكسجين بتعزيز الاستقلاب داخل خلايا الجسم، فينتج عن ذلك إنتاج كمياتٍ من إنزيمٍ مثبط للجملة العصبية المركزية يدعى إنزيم نازع كربوكسيل حمض الغلوتاميك (Glutamic acid decarboxylase) الذي يقلل من مادة GABA التي تعمل على تثبيط الجهاز العصبي المركزي، وبالتالي عند تثبيط هذه المادة يزداد تفعيل خلايا الدماغ، وتظهر التأثيرات العصبية للتسمُّم بالأوكسجين. [1] [5]

ما هي التشاخيص التفريقية للتسمُّم بالأوكسجين؟

إن التشاخيص التفريقية هي الحالات المرضية التي يفكر بها الطبيب عند رؤية المريض، وأخذ قصته السريرية، والقيام بالفحوص اللازمة، وفي حالة التسمُّم بالأوكسجين يجب أن يتبادر إلى ذهن الطبيب حوالي عشرة تشاخيص تفريقية، وهي الحالات التي يتمُّ فيها تخدير المريض بغاز ثنائي أوكسيد الكربون CO2 أو التسمُّم بأحادي أوكسيد الكربون CO كما في الحروق، وحالات فرط التهوية (Hyperventilation)، والآفات التي تؤثر على الأوعية الدماغية.

وبالتالي تظهر بعض الأعراض العصبية تشبه التي تظهر في التسمُّم بالأوكسجين أو الإصابة بأي اضطرابٍ يؤدي إلى ظهور الاختلاجات (Seizure Disorders)، وفي بعض الحالات النادرة من التسمُّم الطعامي أو المحيطي، مثل: التسمُّم بالمواد الصناعية، وانخفاض سكر الدم لدى المرضى السكريين (Hypoglycemia)، وبعض الأسباب المؤدية للعدوى والالتهاب. [3]

كيف يؤثر التسمُّم بالأوكسجين على خلايا الجسم؟

يؤثر الأوكسجين في حال التسمُّم على: [1] [4]

1- الجهاز العصبي المركزي

فتظهر على المريض الأعراض التالية:

– خدر في العضلات الصغيرة، مثل: عضلات اليد والوجه.

– شحوب في الوجه.

– يعاني المريض من سلوكٍ عدواني أو حالة فرط نشاط.

– ظهور التشنجات التي تمتدُّ على ثلاث مراحل، وهي الطور التوتري (Tonic phase) التي تستمر لمدة دقيقة، والمرحلة الثانية تدعى الطور الرمعي (Clonic phase)، وتستمر لمدة دقيقتين أو ثلاثة دقائق، أما الطور الأخير ما بعد الحالة الحرجة (Post critical phase).

2- الاضطرابات الرئوية

التي قد يصاب بها المريض المتسمّم بالأوكسجين، فتظهر بعد حوالي عشر ساعات، فهي من الأكثر شيوعاً إلى الأندر:

– التهاب رغامى وقصبات (Tracheobronchitis).  

– المتلازمة الرئوية الحادة ((ARDS) Acute Respiratory Distress syndrome) التي تشير إلى تسرب السوائل إلى نسيج الرئة.

– النزف داخل الأسناخ الرئوية أي تمزق الشعيرات الدموية الرئوية، وتسرب الدم إلى الأسناخ.

– التليف الرئوي الخلالي (Pulmonary interstitial fibrosis)، وهو تخرُّب النسيج الرئوي الطبيعي، واستبداله بنسيجٍ ليفي تندبي.

– سعال شديد غير مسيطر عليه.

– ألم صدري (Chest pain).

– الزلة التنفسية (Dyspnoea).

3- التظاهرات التي تطرأ على الأعضاء والأجهزة الأخرى

تشمل الدم ومكوناته، حيث يلاحظ في حالات التسمُّم بالأوكسجين تشوه بشكل الكريات الحمر، وتترافق الحالة أحياناً مع نقصٍ في عدد هذه الكريات، فتنخفض نسبة الهيماتوكريت، أما الاعتلالات العينية أو البصرية، فقد يعاني الشخص المتعرض للأوكسجين من حسر البصر (Myopia) أو الساد (Cataract)، وهي وجود عتامة في عدسة العين، وعند حديثي الولادة يظهر اعتلال الشبكية (Retinopathy)، وفي بعض الحالات يظهر التهاب الأذن الوسطى (Otitis)، والتنخُّر العظمي (Osteonecrosis).

ما هي علاجات التسمُّم بالأوكسجين؟

إن علاج التسمُّم بالأوكسجين يعتمد بالدرجة الأولى على إيقاف الأوكسجين المعطى، وينصح ألا يتمّ إيقاف المنفسة أو وسيلة الإعطاء الأخرى بشكلٍ مفاجئ لتجنب القصور التنفسي الناتج، أما العلاج الباقي يكون حسب العرض الظاهر، إذ يعطى المريض مضادات اختلاج في حال ظهور اختلاجات رمعية شديدة مع التنويه، وتطمين المرافقين أن حالة التسمُّم بالأوكسجين لا تتحول إلى حالةٍ صرعيةٍ دائمة.

وذكرت بعض المصادر أنه يمكن وصف إنزيمات مضادة للتأكسد، مثل: فوق أكسيد الديسموتاز (Superoxide dismutase)، أو بعض مضادات التأكسد خارجية النمو (Exogenous antioxidant)، وتوصف الفيتامينات المضادة للجذور الحرة كفيتامين C وE، ويجب مراقبة حالة الجهاز العصبي المركزي بالفحص العصبي الدقيق.

ووضع الجهاز التنفسي تجنباً لمخاطر التليف الرئوي بإجراء صورة الصدر البسيطة، واختبارات التنفس، والحرص قدر الإمكان على إبقاء المريض على أقل نسبةٍ من الأوكسجين المعطى إذا كانت حالته حرجة، وتستدعي الأوكسجين، بالإضافة إلى وجوب تنبيه الأهل والمرافقين لاستخدام ضغوطٍ ومستوياتٍ مدروسةٍ من الأوكسجين في المرات القادمة لمنع نكس الحالة. [5] [6]

المراجع البحثية

1- Cooper, J. S., Phuyal, P., & Shah, N. (2023). Oxygen Toxicity. StatPearls Publishing. Retrieved March 26, 2024

2- Understanding oxygen toxicity. (n.d.). Ucsd.edu. Retrieved March 26, 2024

3- The risks and symptoms of oxygen toxicity. (2022, July 10). CalOx. Retrieved March 26, 2024

4- Hochberg, C. H., Semler, M. W., & Brower, R. G. (2021). Oxygen toxicity in critically ill adults. American Journal of Respiratory and Critical Care Medicine, 204(6), 632–641. Retrieved March 26, 2024

5- Understanding oxygen toxicity. (n.d.-b). Spectrumhealthlakeland.org. Retrieved March 26, 2024

6- Oxygen Toxicity. (n.d.). Google.com. Retrieved March 26, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.