Skip links
رجل بالغ يضع أصابع يده على فمه

التأتأة عند البالغين – أنواعها، دلالاتها وكيف يتمُّ علاجها؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

عادةً ما تُعتبر التأتأة أو التلعثُم وصعوبات النطق البسيطة من الاضطرابات والمشاكل التي لا تحظى بالاهتمام الطبي الكامل، وخاصةً من قبل المريض، وبالفعل فإن بعض أشكال التلعثُم، والذي يُعرف أيضاً بالتأتأة (Stammering or Stuttering) قد يكون سليماً، ولا يحتاج متابعةً طبيةً مهمّة، خاصةً عند الأطفال ضمن الأعمار تحت سن الدخول إلى المدرسة.

فهو غالباً ما يتحسّن عفوياً مع التطوُّر الروحي الاجتماعي عند الطفل، إلا أن ظهوره بشكلٍ مفاجئ أو ظهور الحديث دون وجود أي شكلٍ من أشكال اضطرابات النُّطق في السّابق قد يحمل دلالاتٍ طبيةٍ ذات أهميّةٍ خاصةٍ تتطلّب المزيد من الاستقصاءات الطبية لنفيها، خاصةً في أعمار البالغين المتوسطة.

ما هي التأتأة أو التلعثُم؟

هي أحد اضطرابات الكلام أو اللفظ، ويصف الحالة التي لا يستطيع فيها الشخص إتمام لفظ الكلمة بشكلٍ صحيحٍ أو تكرار نطق أحرف وكلماتٍ معينة أثناء الكلام، أي أن كلام المريض يفتقد للطلاقة، وهو عرضٌ قد يكون مَرَضياً، وقد يكون سليماً. وهو في معظم الحالات عَرَضٌ سليمٌ يعاني منه معظم البشر أثناء الطفولة، ومن الممكن ملاحظة هذا العَرَض عند البالغين أيضاً، والذي قد يرتبط ببعض الانفعالات والحالات النفسية، إلا أنه قد يوجّه إلى حالاتٍ طبيةٍ مهمّةٍ شديدة.

الطلاقة هي مَعلَمٌ تنمويٌّ هامٌّ ضروريٌّ للتطور المعرفي النموذجي لدى البشر. خلال سنوات ما قبل المدرسة، غالبًا ما يعاني الأطفال الذين يتعلمون التحدُّث ويواجهون تحدّياتٍ لإتقان العمليات العصبية العضلية المُعقّدة الضرورية للتحدث بطلاقة، وبالتالي فإن بعض حالات عدم الطلاقة، التي تسمّى عادةً “حالات عدم الطلاقة الأخرى”.

يُنظر إليها عادةً على أنها اختلافاتٌ تنمويةٌ طبيعية من المتوقّع أن تتضاءل مع نموّ قدرات الطفل في تطور الكلام، ومن الجدير بالذكر أنه من المهمّ التمييز بين هذه الاختلافات وحالات عدم الطلاقة اللفظية الأخرى والشبيهة بالتأتأة، التي تشير إلى اضطراب الطلاقة المرضي الذي يظهر في مرحلة الطفولة.

يمكن للتلعثُم تبعاً للحالة أن يختلف من تلعثُمٍ خفيفٍ إلى مُعنّدٍ يدوم لفتراتٍ طويلةٍ ومستمرةٍ دون انقطاع، ويُذكر أنه في بعض حالاته قد يكون مرتبطاً بالعوامل الوراثية دون أن يترافق بأذياتٍ أخرى مُرافقة، والبعض الآخر قد يكون مُترافقاً بإصاباتٍ دماغيةٍ مهمّة، ويمكن التمييز بين العوامل المُسبّبة عبر التفريق بين أشكاله. [1] [3]

أنواع التأتأة أو التلعثُم

يمكن أن تحدث لأي شخص، ولكن الذكور هم أكثر عرضةً للإصابة بها بأربعة أضعاف، ويمكن أن يؤثر العمر على نوع التأتأة التي يمكن ملاحظتها، ومنها: [1] [3]

1- التأتأة التنموية  (Developmental stuttering) 

هي دائمًا مُشاهدةٌ عند الأطفال، يمكن أن تبدأ في سن الثانية أو متأخرًا في سن السابعة، ويبلغ متوسط العمر الذي تبدأ فيه حوالي 3 سنوات، ويبدأ 95 بالمئة من الأطفال قبل سن الرابعة.

2- التأتأة المستمرة (Persistent stuttering)    

تبدأ خلال مرحلة الطفولة، وترافقه طوال حياته.

3- التأتأة المُكتسَبة (Acquired stuttering)     

يمكن أن تؤثر على الأشخاص في أي عمر، ومن المرجَّح أن يحدث ذلك مع الإصابات أو الحالات التي تُلحق الضرر بمناطق من الدماغ.

دلالات ظهور التأتأة بشكلٍ مفاجئٍ عند البالغين

عادةً ما تكون الرأرأة الملاحظة عند البالغين هي استمرار التأتأة المُلاحظة عندهم في مرحلة الطفولة الباكرة، ولذا فإنها لا تحمل أهميةً كبيرةً من الناحية الطبّية، إلا أن التأتأة حديثة العهد المُلاحظة عند البالغ بشكلٍ مفاجئٍ دون وجود سوابق تلعثُم عند نفس الشخص تستوجب إجراء المزيد من الفحوصات الطبية.

يمكن أن يكون سبب التأتأة المفاجئة لدى البالغين نتيجةً لسكتةٍ دماغية (Stroke) أو إصابة دماغية رضّية (Traumatic brain injury) أو اضطراباتٍ دماغيةٍ أخرى، ويمكن أيضًا أن يكون سببه فقدان القدرة على الكلام (Aphasia)، وهو اضطرابٌ في الدماغ يعاني فيه الشخص من صعوبة التحدُّث وفهم اللغة المنطوقة.

في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي التغييرات في الأدوية خاصةً تلك المُستخدمة لعلاج القلق والاكتئاب أو الحالات العصبية إلى التأتأة، لذلك فإنه من الضروري السؤال عن الأدوية النفسية التي يستخدمها المريض لنفي الأسباب الدوائية للتأتأة. [2]

ميزات التأتأة العصبية

تشمل الأسباب العصبية الأخرى المُحتملة للتأتأة كلاً من التصلُّب المتعدّد، وداء باركنسون، والصرع، يُذكر أن التأتأة المُلاحظة في الإصابات العصبية تتميز بعدة ميزات وخواص منها: [3]

1- تكرار الأصوات والمقاطع نفسها.

2- انقطاع الكلام، والذي يمكن أن يظهر في أي مكانٍ في الكلام، على الرغم من أنه أقل شيوعًا من التأتأة التنموية.

3- غياب آثار التكيُّف والتحسُّن التلقائي.

4- التلعثُم ثابتٌ في المهام المختلفة، مثل: المحادثة، والقراءة، والتكرار.

5- علامات اضطرابات النطق الأخرى، مثل: عسر التلفظ مع التأتأة.

6- تُعتبر السلوكيات الثانوية، مثل: الرمش، وتكشير الوجه نادرة، وفي حالة حدوثها، فإنها لا تميل إلى أن تكون مرتبطةً بفترات التأتأة النشطة.

7- قد تزعج التأتأة المريض، لكن الكلام المطوّل أو المتكرّر لا يسبّب القلق عادة.

يُذكر أن بعضاً من هذه الصفات قد نلاحظها عند مرضى التأتأة والتلعثُم نفسيُّ المنشأ الأمر الذي يجعل التمييز صعباً بين النمطين (نفسي المنشأ وعصبي المنشأ)، لذلك فإن التلعثُم نفسي المنشأ عند البالغين يجب أن يحظى بالمزيد من الفحص والتقييم لنفي الأسباب العصبية الكامنة.

كيفية التدبير والتعامل مع حالات التأتأة والتلعثُم عند البالغين

عادةً في الحالات الشائعة لا يتطلب التدبير أكثر من طمأنة المريض أن حالته طبيعية، خاصةً في حالة وجود اضطرابٍ لفظي مشابه عند أقارب المريض (عامل موجّه للتلعثُم الوراثي)، إلا أنه في بعض الحالات، وخاصةً في حال وجود بعض العوامل المُنذِرة (ترافق التلعثُم مع أعراض جهازية وعصبية أخرى، وقصة سابقة لإصابةٍ دماغيةٍ حديثة) عندها يجب مراجعة مراكز العناية المختصة لإجراء المزيد من الفحوص الطبية، وفي حالة إثبات وجود آفةٍ عصبيةٍ مُرافقةٍ مُثبتة، فيجب تدبيرها بشكلٍ مناسب.

بشكلٍ عام يتمُّ البدء في علاجات النطق والسلوك في وقتٍ مبكّرٍ عند الأطفال للاستفادة من مرونة الجهاز العصبي، وتهدف هذه العلاجات إلى تسهيل التغييرات التعويضية التي يمكن أن تؤدي إلى الطلاقة الطبيعية. قد يساعد التدخُّل المبكّر في منع تطوُّر المهارات الاجتماعية الضعيفة والتصورات السلبية للتواصل التي غالبًا ما يتمُّ ملاحظتها لدى الأفراد الذين يعانون من التأتأة الطويلة الأمد.

بالنسبة للمرضى الذين يعانون في التأتأة بشكلٍ مستمر، تشمل الأهداف العلاجية عادةً إدارة السلوكيات الثانوية، وتعزيز قبول التأتأة كجزءٍ طبيعيٍّ من هوية الفرد، واستعادة الشعور بالسيطرة على الكلام. [3]

المراجع البحثية

1- Stuttering. (2024, May 1). Cleveland Clinic. Retrieved October 25, 2024

2- Andrew. (2024, April 17). Sudden stuttering in elderly adults. Griswold. Retrieved October 25, 2024

3- Hussain, S. a. S., & Lui, F. (2024, April 17). Stuttering (Stammering). StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved October 25, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.