الاستفزاز – تأثيره وكيفية التعامل مع الشخص المُستفِز؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
مفهوم الاستفزاز في علم النفس
هو مفهومٌ مهمٌّ في علم النفس يرتبط بكيفية تفاعل الأفراد مع المواقف والظروف المحيطة بهم، ويمكن تعريفه على أنه حالة من الانفعال، أو التوتر الناتج عن تأثيراتٍ خارجية، أو داخلية على الفرد. هذه التأثيرات قد تكون ناتجةً عن تعبيرات بالسلوك، أو الكلمات، أو حتى الأفعال من قبل أشخاص آخرين، مما يؤدي إلى استجابةٍ فوريةٍ أو مدروسةٍ من الفرد المُستفَز.
ينقسم الاستفزاز لفئتين رئيسيتين: الفوري والمدروس، حيث يُعتبر الاستفزاز الفوري ردّ فعلٍ سريعٍ يحدث فور تعرُّض الشخص لمُثيرٍ ما، مثل: الإهانات أو الهجمات اللفظية. أما الاستفزاز المدروس، فيتعلق بالقرارات المُتعمَّدة التي يتخذها الفرد، حيث يتمّ تقييم المعلومات ببطء قبل اتخاذ ردّ فعل، وهذا النوع يمكن أن يكون له تأثيراتٍ طويلة الأمد على علاقات الأفراد ببعضهم وسلوكياتهم.
بعض الأفراد يمكن أن يُظهروا سلوكياتٍ عدوانية إذا تعرّضوا للاستفزاز، بينما قد يقوم آخرون بالتعامل مع المواقف بشكلٍ أكثر هدوءًا وتروٍ، لذا من المهمّ دراسة كيف يؤثر في أنماط السلوكيات المختلفة، وكيف يتمكن الأفراد من التعامل مع التحدّيات التي يواجهونها.
كيف يؤثر الاستفزاز على الشخص؟
عند التعرّض للاستفزاز يمكن أن تظهر مجموعةٌ من العواطف، مثل: الغضب، الكراهية، والازدراء، مما يُسهم في توجيه السلوك بطرقٍ قد تكون غير مرغوبة، على سبيل المثال: قد يؤدي إلى اتخاذ قراراتٍ غير عقلانية، مثل: الردّ بالشتم أو حتى تصرفاتٍ عدوانية، كالضرب. في بعض الحالات يمكن أن يتجلى تأثير الاستفزاز في سلوكياتٍ أكثر تعقيداً، مثل: الإيذاء الذاتي أو العنف تجاه أشخاص آخرين ليس لهم أية علاقة.
يجب الانتباه بأن الإحساس الذي تولّده هذه العواطف السلبية يمكن أن تؤثر على القدرة على التفكير، واتخاذ قراراتٍ مستنيرة، ويمكن أن يتمّ استغلال هذه المشاعر من أشخاص لديهم أهداف معينة لدفع الشخص المُستفَز لارتكاب خطواتٍ معينة تعود بالمنفعة عليهم، لذا من المهمّ إدراك هذه الديناميكيات النفسية والسلوكية من أجل توجيه ردود الأفعال بشكلٍ بنّاء، وتحسين جودة الحياة الشخصية. [1]
كيف تتعامل مع الشخص المُستفِز؟
إن التعامل مع هذا النوع من الشخصيات يستدعي هدوء ومهاراتٍ عاليةٍ جداً من التركيز، وضبط الانفعال في المواقف الصعبة، وهنالك بعض الطرق التي يتمُّ استخدامها للتعامل مع الشخص المُستفِز، ومنها ما يلي:
1- الحفاظ على هدوء الأعصاب
إن أول خطوة لتعامل الفرد مع الشخص المُستفِز هي عدم الردّ عليه بنفس الطريقة، وألا يسمح له بأن يؤثر على مزاجه أو جعله بحالةٍ من الانفعال والغضب، فالحل المثيل هنا أن يأخذ نفساً عميقاً، ويمنح نفسه بعض لحظات التأمل والتفكير العميق قبل الرد.
2- الابتعاد عن الصراع المباشر
الشخص المُستفِز قد يحاول جذب الطرف الآخر للنقاش الحاد أو الصراع، لذلك يجب تجنُّب الرد على الاستفزازات بعنفٍ أو شتمٍ لفظي، حيث يمكن استخدام الردّ اللطيف لتجنُّب التورط في جدالٍ عقيم.
3- استخدام لغة الجسد بشكلٍ هادئ
المحافظة على وضعٍ جسدي غير عدائي أو متسلّط، وتجنّب الإيماءات التي قد تفسر على أنها تهديديةً أو استفزازية، والبقاء على تواصلٍ بصري محترم لا تبدي أي رغبةٍ بالخصام، بل تدلّ على أن الشخص في موقفٍ محايد.
4- الردُّ بصوتٍ مهني ونبرةٍ هادئة
إذا كان ولا بدّ من الردّ، فيجب استخدام أسلوبٍ مهذبٍ وهادئٍ مع تجنُّب الغضب والاستفزاز، ويمكن أن يقول الفرد شيئاً، على سبيل المثال: (أفهم وجهة نظرك)، ولكن دعونا نحل هذا الموضوع بشكلٍ إيجابي ومُرضٍ للطرفين.
5- وضع حدودٍ واضحة
من المهمّ أن يكون الفرد صريحاً في رسم حدوده، على سبيل المثال: يمكن قول (لا أسمح لأحد أن يتحدث إليّ بهذه الطريقة أو لن أردّ على أي نوعٍ من هذه المواقف السخيفة).
6- اختيار الوقت المناسب للردّ
إذا شعر الفرد بأن الاستفزاز متكرر ومستمر لابدّ عندها تحديد وقتٍ لفتح نقاشٍ مع الشخص المُستفِز بشكلٍ هادئ، وذلك بعيداً عن المواقف المشحونة بالعواطف، حيث يجب التّحدث عن التصرفات والأفعال غير المقبولة، وبشكلٍ محترم ،وبالتالي توضيح كيف يمكن تحسين التفاعل في العلاقة. [2]
كيف نحدّد الشّخص المُستفِز في حياتنا؟
الشخص المُستفِز في الواقع هو الشخص الذي يميل إلى إثارة مشاعر الغضب أو الإحباط لدى الآخرين بشكلٍ متكرر، ويمكن تحديد هذا النوع من خلال عدة تصرفاتٍ وسلوكياتٍ يتصفون بها، وهي:
1- الأفعال السلبية المتكرّرة
المُستفِز قد يتعامل مع الآخرين بطريقةٍ غير لائقة، وبشكلٍ دائم، كإبداء التعليقات الجارحة أو توجيه نقدٍ مبالغٍ فيه.
2- التحدّي المُتكرّر
يستمتع هذا الشخص بإهانة الآخرين، ويحب التنافس معهم بشكلٍ مستمر سواءً في النقاشات اليومية أو في العمل، وإنجاز بعض المهمّات.
3- عدم احترام الحدود
يتجاهل الشخص المُستفِز تماماً حدود الآخرين، مما يجعلهم في وضعٍ من انعدام الراحة.
4- المبالغة في ردود الفعل
قد يبدي الطرف المُستفِز ردود فعلٍ مبالغٍ فيها تجاه مواقف صغيرة وغير مهمة، مما يؤدي إلى حدوث توترٍ في العلاقات.
5- المُماطلة أو التأجيل المُتعمّد
قد يتعمد المُستفِز خلق تأخيرٍ في بعض الأمور كي لا ينجزها أو يتهرّب من تحمُّل مسؤوليتها، بالتالي يخلق ذلك صعوبةً في التعاون مع المحيطين.
المراجع البحثية
1- Why Some People React Aggressively without Provocation While Others Don’t. (2006, October 9). Retrieved November 9, 2024
2- Blueroomcare. (2021, December 18). Provoked!?! — What to do?. Mental Health Blog — Blueroomcare. Retrieved November 9, 2024