الأدوية البيولوجية – آلية عملها، استخداماتها وآثارها الجانبية
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
عندما نُصاب بمرضٍ معيّن، فإننا نلجأ بصورةٍ طبيعيةٍ لزيارة الطبيب الذي يقوم بوصف العلاج المناسب للحالة المرضية، ويُعتبر علم الصيدلة علماً قديماً جداً، إلا أنه كان يعتمد على العلاجات الطبيعية المتوافرة في البيئة المحيطة من أعشاب، ونباتات، وأحياناً سموم تُنتجها بعض الحيوانات.
ويُعتبر العصر الإسلامي ذو دورٍ فعّالٍ في علم الدواء بصورةٍ واضحة، ووضع أسسه إلى أن بدأ علم الدواء الحديث في القرن التاسع عشر. للأدوية التقليدية ذات الأسس الطبيعية والكيميائية أهمية كبيرة، لكن الأدوية البيولوجية تُعتبر ثورةً كبيرةً في علم الأمراض والعلاج.
ما هي الأدوية البيولوجية؟
هي أدوية تُستخدم فيها المادة الحية لعلاج الأمراض، وقد تشمل بروتيناتٍ من النواة، أو من الخلية، أو حتى قد تضمُّ مادةً حيةً معدلةً وراثياً، وتكون هذه المادة إما مأخوذة من خلايا بشرية أو من بعض الجراثيم والفيروسات، وتُعتبر الأدوية البيولوجية أشبه بسلاحٍ موجّه، أي أنها تستهدف خليةً بعينها أو آليةً إمراضيةً محددة، مما يعطيها ميزاتٍ عديدة على رأسها الاستجابة السريعة الفعّالة، وكذلك التقليل من الآثار الجانبية للعلاج.
يُعتبر الأنسولين نمطاً مهماً من هذه الأدوية، بالإضافة لبعض أنواع اللقاحات الحية، إلا أن سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين شهدت أهمّ خطوةٍ في الأدوية البيولوجية، حيث ظهر الأنترفيرون، وكذلك الأدوية المضادة للأجسام الضدية، مثل: الريتوكسيماب، والأدوية البيولوجية المضادة للخلايا، مثل: السكلوفوسفمايد، حيث غيرت هذه الأدوية الخطوط العلاجية للأمراض المناعية، وكذلك لعلاج السرطان من حيث نسب البقيا والشفاء. [1]
ما الفرق بين الدواء التقليدي والدواء البيولوجي؟
1- آلية العمل والتأثير: حيث تقوم الأدوية البيولوجية بتنشيط أو تثبيط خلايا محدّدةٍ جداً في الجهاز المناعي لجسم الإنسان، بل وأحياناً قد تنشط بروتيناً معيناً ضمن الخلية على عكس الأدوية التقليدية التي تؤثر على كامل الجسم أو حيث توجد المُستقبلات العمومية.
2- الفرق من حيث الحجم والتركيب الذري الجزيئي.
3- الأدوية البيولوجية أكثر فعاليةً وأسرع تأثيراً من الأدوية التقليدية.
4- الأدوية البيولوجية أكثر كلفة، وكذلك تصنيعها أعقد وأصعب من الأدوية التقليدية.
5- باعتبار الأدوية البيولوجية تُصنّع من خلايا وبروتينات حية، فهذا يجعلها أكثر عرضةً للتلوث، كما إنها بحاجة إلى شروطٍ للتخزين والتبريد.
6- أغلب الأدوية البيولوجية على شكل حقن إما وريدي أو تحت الجلد على عكس الأدوية التقليدية التي تعطى فموياً، وكذلك عن طريق الحقن. [2]
آلية عمل الأدوية البيولوجية
كما أسلفنا أن الأدوية البيولوجية حديثة الاستخدام، ومع ذلك أصبحت واسعة الانتشار في المجال الطبي، خاصةً في مجال الأمراض المناعية والأورام، حيث إنها تحسّن نمط الحياة عند المرضى بصورةٍ واضحة، وكذلك هي ذات آثار جانبية تُعتبر مقبولةً نسبياً مقارنةً بغيرها، ولكن كيف تعمل هذه الأدوية؟ يمكن تلخيص آلية العمل والأنماط وفق ما يلي: [3]
● آلية هدفية موجهة بصورة دقيقة، حيث تتفاعل الأدوية البيولوجية مع جزيئاتٍ معينة بدقةٍ في الخلية.
● تعديل الاستجابة المناعية.
● تقوم الأدوية البيولوجية بإيقاف رسائل خلوية محددة، مما يمنع نموَّ الأورام.
وتتضمن أنماط عمل الأدوية البيولوجية ما يلي:
● الأجسام المضادة وحيدة النسيلة: وهي بروتينات خلوية تشكل روابط مع مستقبلاتٍ بروتينية أخرى ضمن الخلية لتنشيط أو تثبيط حدثية مناعية على مستوى الخلية، بل على مستوى النواة أحياناً.
● السيتوكينات: ذات التأثير الأساسي على خلايا الجهاز المناعي المختلفة.
● عوامل النمو: هي أشبه بهرموناتٍ تؤثر على نمو الخلايا.
● العوامل الإنزيمية: والتي تتحكم في الإشارات الخلوية والنووية، أي على مستوى نواة الخلية.
ما هي الاستخدامات السريرية للأدوية البيولوجية؟
تستخدم الأدوية البيولوجية لعلاج حالاتٍ طبية متنوعة، ومختلفة الشدة والآلية، من أهمّها: [4]
1- الأورام، مثل: سرطان الثدي، وسرطان القولون باستخدام العلاج الخلوي الموجه.
2- الأمراض الجلدية، مثل: الصداف، فهي تبطئ سير المرض، وتخفف الأعراض بصورةٍ قوية.
3- الأمراض المناعة الذاتية، مثل: الذئبة الحمامية الجلدية، وأدواء الأمعاء الالتهابية.
4- الأمراض العصبية، مثل: التصلب اللويحي.
5- الأمراض الفيروسية، مثل: علاج الإيدز.
6- العلاج الجيني الوراثي.
ما هي الآثار الجانبية للأدوية البيولوجية؟
– زيادة احتمالية العدوى والإنتان.
– ردُّ فعل الجسم في مكان الحقن، مثل: الألم، والحكة.
– المتلازمة الشبيهة بالإنفلونزا.
– أعراض عامة تشمل: تعب عام، وحرارة في فترةٍ صغيرةٍ بعد الحقن.
– الغثيان.
– الصداع.
تُعتبر هذه الآثار الجانبية خفيفةً ومحدودة، ولكن هناك بعض الآثار الأشد خطورة، ولكنها نادرة، وتشمل:
– الحساسية على الدواء البيولوجي، وتشمل انخفاض ضغط الدم، والطفح الجلدي.
– صعوبة تنفس.
– الإصابة بإنتاناتٍ خطيرة أو إعادة تفعيل السل الكامن.
– الإصابة بالأورام.
– الإصابة العصبية المزيلة للنخاعين. [5]
كيف يتمُّ تجهيز المريض قبل العلاج البيولوجي؟
قبل البدء بالعلاج علينا نقوم بما يلي: [6]
1- تقييم حالة المريض الصحية العامة، ونفي وجود أي التهابٍ فعّالٍ أو أذيةٍ قلبية كامنة، وتأكيد التشخيص تماماً.
2- معرفة وجود أي أدويةٍ مستخدمةٍ حالياً أو سابقاً.
3- معرفة وجود أي حساسيةٍ عند المريض.
4- شرح كامل للمريض حول العلاج، والآثار الجانبية، والنتيجة المتوقّعة.
5- تأكيد ضرورة المتابعة والالتزام بالتعليمات الصحية.
وقبل البدء بالعلاج البيولوجي هناك مجموعة تحاليل مخبرية ضرورية، وتضم:
1- صورة دم كاملة.
2- وظائف الكبد والكلية.
3- الفحص الفيروسي: التهاب الكبد B وفيروس عوز المناعة المُكتسب.
4- نفي وجود سلٍّ فعّالٍ أو كامن.
ما هي التحديات التي نواجهها في البلدان العربية أمام استخدام الأدوية البيولوجية؟
بالرغم من فعالية هذه الأدوية ومستقبلها في علاج الأمراض المُستعصية، إلا ان بلادنا العربية ما زالت تعاني من شحٍّ في استخدامها لعدة عوامل تشمل: [7]
– التكلفة المادية: حيث تُعتبر هذه الأدوية غالية الثمن بالنسبة للمرضى دون وجود تأمينٍ صحي شامل.
– انخفاض القدرة على توفير شروط التصنيع والتخزين المناسبة لعدم توفر البنية التحتية المطلوبة.
– نقص البحث العلمي والكادر المؤهل.
– الآثار الجانبية أكثر حدوثاً بسبب عدم المراقبة الحثيثة للمريض، وتراجع الوعي الصحي. إلا أن هناك دول عربية عديدة بدأت بخطواتٍ فعلية وفعّالة في مجال العلاج البيولوجي، وأهمّها السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر، وقطر.
المراجع البحثية
1- What are biologic drugs and how do they work?. (n.d.). Drugs.com. Retrieved September 25, 2024
2- Professional, C. C. M. (2024, September 9). Biologics (Biologic Medicine). Cleveland Clinic. Retrieved September 25, 2024
3- Institute for Quality and Efficiency in Health Care (IQWiG). (2023, February 8). In brief: Biologics and biosimilars. InformedHealth.org – NCBI Bookshelf. Retrieved September 25, 2024
4- Research, C. F. B. E. A. (2018, February 6). What are “Biologics” Questions and answers. U.S. Food And Drug Administration. Retrieved September 25, 2024
5- World Health Organization: WHO. (2020, February 18). Biologicals. Retrieved September 25, 2024
6- PharmD, O. O. (2022, July 26). Biologics: Definition, Side effects, Uses & Drug list. MedicineNet. Retrieved September 25, 2024
7- Alzahrani, R., & Harris, E. (2020). Biopharmaceutical Revolution in Saudi Arabia: progress and development. Journal of Pharmaceutical Innovation, 16(1), 110–123. Retrieved September 25, 2024