الأملغم السنّي – التركيب، المخاطر المُحتمَلة له
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
الأملغم السنّي هو من أكثر المواد الترميمية استخداماً في طب الأسنان، استخدم لأكثر من 165 عامًا، وحتى الآن لا يوجد بديلٌ اقتصاديٌّ كافٍ له، ورغم تراجع استخدامه على مستوى العالم، حيث انتشرت حشوات الكموزيت بشكلٍ كبير، إلا أن تكلفته المنخفضة، وقدرته على التحمُّل خاصةً في المناطق ذات قوى العض والمضغ العالية أو التآكل، مثل: الأسنان الخلفية (الأضراس)، وسهولة التعامل معه جعلت العديد من أطباء الأسنان يستمرُّون في استخدامه كخيارٍ أولٍ لترميم الأسنان الخلفية.
التركيب والمكونات
يتكون الأملغم السنّي بشكلٍ رئيسي من مسحوق (بودرة) مؤلفة من النحاس، الفضة، والقصدير، ولكنه قد يحتوي أيضًا على الزنك، الإنديوم، الذهب، البلاتين، والبلاديوم، بالإضافة إلى الزئبق السائل. تُعرف عملية مزج الزئبق السائل (حوالي 42 إلى 50 بالمئة بالوزن) مع المعادن الأخرى لتشكيل مادةٍ تتصلّب بعد الترسيب بالـ (الأملغمة).
تواصل الأملغمة فعاليتها (التفاعلات بين الزئبق وأسطح المسحوق) على مدى أسبوعٍ بعد التطبيق، ولكن بحلول الوقت الذي يغادر فيه المريض العيادة تكون المادة قاسية، وتبدأ في التصلُّب. هناك عدة أنواع من المساحيق المعدنية المُستخدمة في تفاعل الأملغمة، لكن المساحيق ذات المحتوى العالي من النحاس تكون أقل عرضةً للتآكل الغلفاني، وتتمتع بقوةٍ أعلى بشكلٍ عام، حيث يُقلّل النحاس من الهشاشة.
يمكن لحشوات الأملغم السنّي أن تطلق كمياتٍ صغيرةٍ من الزئبق على شكل بخار عند وضع حشوة أملغم جديدة أو إزالة حشوةٍ قديمة، قد يواجه المرضى ومقدمو الرعاية الصحية زيادةً مؤقتةً في التعرُّض لبخار الزئبق. [1] [2]
المخاطر المُحتمَلة لحشوات الأملغم السنّي على الصحة
1- التعرّض للزئبق: يحدث تعرّض المرضى الرئيسي للزئبق من حشوات الأملغم أثناء وضع أو إزالة الحشوات. لذلك تكون إزالة حشوات الأملغم أكثر ضررًا من تركها في مكانها، إلا إذا كانت الحشوة تالفة أو يوجد ردُّ فعل تحسُّسي لأحد مكوناته. الأعراض المُحتملة لارتفاع مستويات الزئبق في الجسم قد تشمل:
– اضطرابات المزاج، مثل: القلق، الاكتئاب، التهيُّج.
– مشاكل أو اضطرابات في النوم.
– الشعور بالتعب.
– مشاكل أو اضطرابات في الذاكرة.
– الارتعاش (الاهتزاز).
– صعوبات في التنسيق.
– تغييرات بصرية.
– تغييرات في السمع.
لم يتمّ إثبات وجود علاقةٍ مباشرةٍ بين الزئبق الناتج عن حشوات الأملغم، والأضرار الصحية المُحتمَلة، ويمكن أن يكون هناك تأثيراتٌ تراكميةٌ من التعرُّض للزئبق من مصادر أخرى، مثل: البيئة أو النظام الغذائي.
2- التفاعلات التحسُّسية: يمكن أن تسبُّب المعادن في الأملغم التهابات جلدية تحسُّسية بين الأفراد الذين لديهم حساسية، كما يمكن أن تسبُّب تفاعلات التهابية في اللثة وقروح مؤلمة في الفم. نادراً ما تقتصر هذه الالتهابات على الفم، ويمكن أن تظهر كطفحٍ جلدي على الوجه أو أجزاء أخرى من الجسم.
3- بعض الأمراض المرتبطة: هناك ادعاءات بأن الأملغم قد يكون له علاقة بالعديد من الأمراض، والاضطرابات العصبية والنفسية، مثل: باركنسون، والزهايمر، والاكتئاب، والقلق. ومع ذلك، لم تقدم التحقيقات العلمية دلائل قاطعة تربط الأملغم بهذه الأمراض.
4- لم يُعثر على ارتباط بين الأملغم السنّي ومتلازمة التعب المزمن، أمراض الكلى، التوحُّد، الخصوبة، العيوب الخلقية أو أمراض القلب. [3] [4]
آلية تأثير الزئبق على الجسم
1- الاستنشاق
استنشاق أبخرة الزئبق هو الشكل الأكثر خطراً، يتمُّ امتصاص جزءٍ كبيرٍ من الزئبق المُستنشَق عن طريق الرئتين، ويتوزّع في جميع أنحاء الجسم، ويصل إلى جميع الأعضاء، يمكن أن تشمل أعراض التعرُّض للزئبق الارتجاف، التهيُّج، والاضطرابات الإدراكية.
2- الابتلاع
ابتلاع الزئبق المعدني أو قطع صغيرة من الأملغم أقل ضررًا، حيث يتمُّ امتصاص كميةٍ قليلةٍ فقط في مجرى الدم. مع ذلك، يمكن أن يُسبّب مشاكل في الجهاز الهضمي.
3- التلامس مع الجلد
يتمّ امتصاص كمية قليلة جدًا من الزئبق عبر الجلد.
ثأثير المعادن الأخرى الموجودة في حشوات الأملغم
1- الفضة
بشكلٍ عام آمنة، ولكن في تركيزاتٍ عاليةٍ جدًا، يمكن أن تُسبّب تهيُّجًا في الأنسجة الموضعية.
2- النحاس
عنصرٌ غذائيٌّ أساسي، لكن التعرُّض المفرط يمكن أن يؤدي إلى تلف الكبد والكلى.
3- القصدير
استنشاق غبار القصدير يمكن أن يُسبّب مشاكل في الرئة، وابتلاعه يمكن أن يُسبّب الغثيان والإسهال.
4- الزنك
عنصرٌ غذائيٌّ أساسي، لكن الجرعات العالية يمكن أن تُسبّب مشاكل في الهضم ونقص في المعادن الأخرى، مثل: النحاس، والحديد. [3]
من هم الأشخاص الأكثر تأثُّراً من أبخرة الزئبق؟
هناك بعض الفئات من الناس تُصنّف بأنها عالية الخطورة للتأثيرات الصحية المُحتملة الناتجة عن التعرُّض لأبخرة الزئبق من حشوات الأملغم، وتشمل:
1- النساء الحوامل أو اللاتي يُخطّطن للحمل
وضع حشواتٍ أملغم جديدة للأم الحامل قد يؤدي إلى ارتفاعاتٍ مؤقتةٍ في التعرُّض للزئبق للأم والجنين، وأظهرت بعض الدراسات وجود علاقةٍ بين عدد حشوات الأملغم في الأم، ومستويات الزئبق في دم الحبل السري. ومع ذلك لم تحدّد النتائج أي ارتباطاتٍ مؤكدةٍ بالتأثيرات الصحية الضارة.
2- الأمهات المُرضعات
كمية الزئبق في حليب الأم عادةً ما تكون منخفضةً جدًا، حيث أبلغت بعض الدراسات عن علاقةٍ بين عدد حشوات الأملغم في الأم، وكمية الزئبق في حليب الثدي. الدراسات المحدودة التي أُجريت لتقييم الضرر المُحتمل للأطفال الرضع نتيجة التعرُّض للزئبق من حشواته أثناء الرضاعة لم تجد أي ارتباطاتٍ مؤكدة بتأثيراتٍ صحيةٍ ضارة.
3- الأطفال خاصةً دون سن الست سنوات
الجهاز العصبي المتطور للأطفال قد يكون حساساً بشكلٍ خاص للتعرُّض لبخار الزئبق، والدراسات السريرية على الأطفال الذين تبلغ أعمارهم ست سنوات فما فوق لم تجد علاقةً مؤكّدةً بين استخدام الأملغم السنّي، والتأثيرات الصحية الضارة.
4- الأشخاص الذين لديهم حساسية للزئبق أو المكونات الأخرى للأملغم السني
مثل: الفضة، النحاس، القصدير أو الزنك، حيث تنشأ لديهم ردود فعلٍ تحسُّسيةٍ وتقرُّحاتٍ فموية.
5- الأشخاص الذين يعانون من اضطراباتٍ عصبيةٍ أو مشاكل في وظائف الكلى
أظهرت الدراسات أن الزئبق يتموضَع في أنسجةٍ معينةٍ في الجسم بما في ذلك الدماغ والكلى. لذلك توصي الوكالة الأمريكية للأغذية والأدوية (FDA) بتجنُّب حشواته إذا كان ذلك ممكنًا عند هذه الفئات، ومناقشة الخيارات العلاجية الأخرى المتاحة مع الطبيب بعد تعريفه بالتاريخ الصحي للمريض. [4]
المخاطر الصحية للعاملين في مجال طب الأسنان
العاملون في مجال طب الأسنان أكثر تعرضًا لأبخرة الزئبق من عامة الناس، خاصةً أثناء وضع وإزالة حشواته، لذلك يجب اتخاذ تدابير السلامة المناسبة، مثل: استخدام الماصّة، والمُعدّات الواقية، ضروريٌّ لتقليل التعرُّض لأبخرة الزئبق. على الرغم من أن مستوى الزئبق في دم أطباء الأسنان أعلى من باقي السكان، إلا أن صحتهم العامة جيدة، ومتوسط أعمارهم طبيعي، ولا يبدو أن هناك ارتباطًا وثيقاً بين التعرُّض للزئبق، وصحة العاملين في مجال طب الأسنان. [3]
الخلاصة النهائية والتوصيات
– الرأي العام حول الأملغم كمادة حشوٍ نهائيةٍ صالحةٍ لا يزال إيجابيًا.
– المواد البديلة للحشو هي المركبات الراتنجية التي تبدو أكثر جاذبيةً من الناحية الجمالية، لكنها ليست قوية، ومقاومة للإجهاد مثله.
– يبقى الأملغم السنّي مادة حشوٍ فعّالة، قوية، دائمة، ورخيصة نسبيًا، ومقاومة للتسوُّس الثانوي بفضل نشاطها المضاد للبكتيريا، وتظل أطول عمراً من المواد البديلة في العديد من الحالات.
– الأشخاص الذين لديهم العديد من حشوات الأملغم السنّي قد يكون لديهم مستويات زئبقٍ أعلى قليلاً في دمهم أو بولهم، لكنها عادةً تبقى عند مستوى يُعتبر آمنًا. لم تُظهر الدراسات على الأشخاص الذين لديهم حشوات الأملغم دليلًا قاطعًا على أن الأملغم السنّي يُسبّب تأثيراتٍ صحيةٍ ضارة على السكان بشكلٍ عام.
– الحشوات السليمة لا يجب إزالتها لأي شخص، بما في ذلك الأشخاص الأكثر عرضةً للخطر، مثل: النساء الحوامل أو الأمهات المرضعات والأطفال، وذلك بهدف الوقاية من أي مرضٍ أو حالةٍ صحيةٍ مرافقة، إلا إذا كانت ضروريةً طبيًا وفقًا لتقدير مُختصّ الرعاية الصحية.
– استخدام الأملغم المُغلّف بشكل كبسولاتٍ يُقلّل من التعرُّض لأبخرة الزئبق.
– يجب معايرة أجهزة خلط الأملغم.
– يجب استخدام الحاجز المطاطي، والماصّة عالية السحب أثناء تطبيق الحشوة
– يجب التخلص من نفايات الأملغم عبر أوعيةٍ خاصة.
– من المهمّ مراقبة مستويات الزئبق في العيادات السنّية بسبب التأثيرات المُحتملة مع تقليل عدد حشوات الأملغم المُستخدمة.
المجموعات الصحية التي توافق على سلامة الأملغم:
– الجمعية الأمريكية لأبحاث الأسنان.
– الجمعية الأمريكية لطب الأسنان (ADA).
– مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
– اتحاد المُستهلكين (مجلة تقارير المستهلك).
– مجلس طب الأسنان في كاليفورنيا.
– الخدمات الصحية العامة الأمريكية.
– إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). – منظمة الصحة العالمية (WHO). [3] [5]
المراجع البحثية
1- Bharti، R.، Wadhwani، K.، Tikku، A.، & Chandra، A. (2010). Dental amalgam: An update. Journal of Conservative Dentistry، 13(4)، 204. Retrieved October 26، 2024
2- Amalgam. (n.d.). American Dental Association. Retrieved October 26، 2024
3- Dental Amalgams: 4. What health effects could be linked to the form of mercury contained in dental amalgams? (n.d.). Retrieved October 26، 2024
4- Information for Patients About Dental Amalgam Fillings. Retrieved October 26، 2024
5- Dental Amalgam. scienceDirect. Retrieved October 26، 2024