تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تساهم الأعشاب الطبية بمساعدة القطاع الصحي في تخفيف الآلام، وتحسين جودة الحياة لدى بعض المرضى، لذا سنذكر في هذا المقال بعض الأعشاب المفيدة لصحة جهاز الهضم، وطرائق تحضيرها واستطباباتها الشائعة. ينفصل طب الأعشاب عن الطب الدوائي والجراحي، وهو علمٌ بحدّ ذاته، كما تكثر فيه الشائعات حول استعمال الأعشاب، وقد تؤدي بعضها إلى مضاعفاتٍ ومخاطر تهدد حياة المريض في حال سوء الاستخدام.

ما هي الأعشاب المفيدة لصحة جهاز الهضم؟

اكتشفت فوائد هذه الأعشاب في علاج أمراض وتخفيف أعراض الجهاز الهضمي منذ القدم على يد الحكماء عن طريق التجربة والصدفة، وأثبت العلماء بعدها صحة هذه التجارب عن طريق الدراسات العلمية والأبحاث الطبية، لذا سنذكر أهمّ الأعشاب الطبية، وأنواعها، ونرتبها حسب الشيوع والتأثير الأقوى: ^{[1] [2] [4] [5]}

1- البابونج (Chamomile)

يعدُّ من النباتات الزهرية ذات الرائحة الزكية، ويكثر على سفوح الجبال، ويعدُّ مغلي البابونج المجفف من أكثر المشروبات استهلاكاً حول العالم لما له من فوائد في تخفيف التوتر والقلق، وبالتالي يسهم في إزالة أعراض الجهاز الهضمي الناجمة عن التوتر، مثل: التشنجات، والالتهابات، وله استعمال واسع في الصناعات الدوائية، وذلك بفضل آلية عمل البابونج والمواد المستخلصة منه على الجهاز العصبي المركزي بتفعيله لمستقبلات الناقل العصبي GABA، والذي يلعب دور مثبطٍ ومخففٍ لإحساس الألم الصادر من الأحشاء.

2- المليسة (Melissa)

تساعد هذه العشبة التي تنتسب لعائلة النعناع على تخفيف التشنجات القولونية، وطرد الغازات، وتخفيف الشعور بالغثيان، وتخفيف الآلام، ويمكن غليها بشكلٍ منفرد أو خليط، على سبيل المثال: مع الروزماري Rosemary لتعزيز فائدتها في تهدئة الأعراض، والمزاج، وعلاج عسر الهضم خاصةً عند شرب مغلي الخليط السابق.

3- الشمرة (Fennel)

تعود أصول الشمرة إلى طب شرق الأوسط، والمناطق حول البحر المتوسط، والطب الهندي التقليدي، إذ كان يستخدم لحالات تطبُّل البطن، والحرقة الناتجة عن الارتجاع المعدي المريئي أو زيادة حموضة المعدة، والإمساك المزمن، كما ذكرت فائدته في تحسين الشهية لدى الأطفال دون أي تأثيراتٍ جانبية، لكن لا ينصح باستخدامه لدى النساء الحوامل.

4- جذور نبات الجنجر (Ginger Root)

أثبتت الدراسات فائدة نبات الجنجر في تخفيف الغثيان والإقياء عن طريق تثبيط المادة الفعالة المسماة (Gingerols) للعوامل المحرضة للإقياء المتمثلة بالبروستاغلاندينات (Prostaglandins)، لذا ينصح بتناوله قبل السفر، وركوب وسائل النقل أو السفر البحري، وذلك للأشخاص الذين يعانون من دوار البحر، والنساء الحوامل الذين يصابون بالإقياء الصباحي المتكرر في الثلث الأول من الحمل، كما له فوائد مضادة للجراثيم والالتهابات، ويلعب دوراً وقائياً من القرحات الهضمية المعدية والعفجية، ويمكن تناوله طازجاً أو شرب العصير المصنوع منه منزلياً، كما يمكن تجفيفه وغليه في فصل الشتاء أو طحنه، وتناوله على شكل مسحوق.

5- جذور نبات الجنطيان (Gentian Roots)

يساعد تناول جذور نبات الجنطيان على إفراز حمض كلور الماء من المعدة، وتحسين الامتصاص والهضم المعوي، وبالتالي يقي من نقص المواد المغذية، مثل: الفيتامينات الأساسية، والأمراض الناتجة عن نقص كل فيتامين، كما تستعمل في الأمراض الهضمية التي تسبّبها الديدان، وبعض أنواع الطفيليات والجراثيم، إذ تسهم في القضاء عليها بزيادة إفراز الحمض، وخصائصها المضادة للعوامل الممرضة.

6- الكركم (Turmeric)

يعرف الكركم بلونه الأصفر المميز، وخصائصه المضادة للالتهاب (Anti-inflammatory)، مما يفسر استعماله لدى المرضى المصابين بالتهاب المعدة، والأمعاء أو التهاب القولون، والقرحة المعدية بفضل تثبيطه لجرثومة الهيليكوباكتر (Helicobacter) المتهمة بإحداث القرحة المعدية، إضافةً إلى أن الكركم يعزز إفراز الصفراء من الكبد إلى العفج، وبالتالي يساعد على هضم وامتصاص الدسم، مما يفسر استخدامه لدى مرضى كسل الأمعاء.

ما هي استطبابات الأعشاب المفيدة للجهاز الهضمي؟

تستخدم الأعشاب المفيدة للجهاز الهضمي في مجالاتٍ كثيرة منها: التغذية، والصحة النفسية، وتخفيف الأعراض الهضمية، وغيرها، ومن أهمّ الاستطبابات المشتركة بين هذه الأعشاب هي تخفيف حالات التوتر، والقلق، وتصحيح اضطرابات النوم، إذ تعمل على تخفيف نشاط واستثارة الجهاز العصبي المركزي، كما لها عدة استخدامات في زيادة التركيز، والكفاءة العلمية لدى الكبار والصغار.

أما الاستطبابات الهضمية، فتشمل حالات الانزعاج الهضمي الناتجة عن الإفراط في تناول الطعام أو تناوله بسرعة، وتخفيف أعراض القولون العصبي، مثل: تطبُّل البطن، والتشنجات، ولا سيما بعد تناول العوامل المحرضة للحالة، مثل: الأطعمة الدسمة، أو الغنية بالتوابل، أو شرب الكافيين، كالقهوة والمشروبات الغازية.

كما تعمل الأعشاب المفيدة للجهاز الهضمي على تخفيف الغثيان والإقياء اللذان يعدان من أشيع الأعراض الهضمية التي تراجع الصيدليات والعيادات، كما لها أهمية في تحسين الشهية، وبالتالي يسهم في كسب الوزن لدى الأشخاص النحيفين، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

تعدُّ الأعشاب المذكورة سابقاً آمنةً لصحة المريض، وتشمل التأثيرات الجانبية التحسس، وهو ردّ فعلٍ مناعي تحسسي تجاه عاملٍ مؤرجٍ محدد، وهي حالة غير خطيرة، إذ يكمن علاجها بإيقاف تناول العشبة، وأخذ مضادات التحسس في الحالات المتوسطة والشديدة تتطلب دخول المشفى بنسبةٍ قليلة. ^{[3] [5]}

ما أهمُّ النصائح الموجهة للأشخاص الذين يفضلون الأعشاب المفيدة للجهاز الهضمي؟

إن اختيار التداوي بالأعشاب يكون للحالات الهضمية المزمنة وليس الحادة، لذلك عند ظهور أعراض حادة، مثل: الألم الشديد المفاجئ في البطن، أو ظهور دمٍ مع الإقياء، أو البراز (نزف هضمي علوي أو سفلي) يجب التوجه فوراً للطبيب أو أقرب مشفى، وتجنب فكرة تناول الأعشاب لأن تأثيرها الإيجابي يظهر على المدى البعيد، ففي حال كان الاستطباب مناسباً ينصح بشرب المغلي من العشبة أو أخذها طازجة بشكلٍ دوري، ومراقبة تحسن الأعراض.

أما بالنسبة للأطفال والنساء الحوامل، يجب استشارة الطبيب قبل تناول الأعشاب، لأنها من الممكن أن تؤثر سلباً على هذه الفئة من المرضى. في النهاية إن الأعشاب المفيدة للجهاز الهضمي ليست بديلاً عن المعالجة الدوائية، لكنها قد تغنينا عن المسكنات ومضادات التشنج الدوائية التي تحمل تأثيراتٍ سلبية.