Skip links
نهر الدانوب في ألمانيا

الأسر النهري – ما هو، وكيف ينشأً؟

الرئيسية » الجغرافيا » الأسر النهري – ما هو، وكيف ينشأً؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما المقصود بالأسر النهري؟

إن كل نهرٍ يسعى للوصول إلى مقطعٍ اتزانه يوسّع شبكته بتوسيع حوضه عن طريق حت الجوانب التراجعي وحت النهر الصاعد نحو المنبع، وتوسيع الحوض في منطقة المنابع، أي في منطقة حوض التجمع يؤدي إلى تراجع منطقة تقسيم المياه نحو الخلف، وازدياد مساحة حوض النهر.

هذا في حالة عدم وجود حوضٍ نهري مجاور في الطرف المعاكس يقوم بنفس العمل. أما إذا وجد مثل هذا الحوض، فإن صراعاً سيقوم بين النهرين يعرف باسم (الصراع حول خط تقسيم المياه)، فذلك يؤدي إلى حدوث الأسر النهري، فحوادث الأسر النهري هي العوامل الهامة التي تطور الشبكات النهرية، وتغير في أشكالها ومساحاتها. [1]

كيف ينشأ حادث النهر الأسري؟

لنشوء حادث الأسر النهري يجب أن يوجد:

نهر آسر وآخر مأسور، وهذا يعني تجاور حوضين، أو نهرين مختلفين في القوة، أو الغزارة، أو شدة الحت، أو بنية الصخور، أو الارتفاع عن سطح الأرض، أو غير ذلك من العوامل التي تؤدي إلى تراجع منطقة المنابع، أو تراجع جوانب الوادي في وادي بشكلٍ أسرع من الوادي المجاور، وبالتالي انتقال خط تقسيم المياه مبتعداً عن مجرى النهر القوي نحو مجرى الضعيف الواقع على مستوى أعلى.

وقد يتمُّ هذا التراجع بواسطة أحد الروافد الجانبية لنهرٍ رئيسي، وذلك بدفع رأسه (عند المنبع) نحو خط تقسيم المياه الذي يخترقه، ويصل إلى مجرى النهر الضعيف، ففي اللحظة التي يتلقى فيها رأس النهر النشيط مع النهر المجاور الواقع على مستوى أعلى تبدأ هنا عملية الأسر النهري، فيسمى الأول بالنهر الآسر، والثاني بالنهر المأسور.

وهنا تنصب مياه النهر المأسور في مجرى النهر الآسر لكون مستواه أخفض، وهكذا يأخذ نشاط النهر المأسور بالتجدد ابتداءً من نقطة الأسر التي يشكل فيها التحام النهرين عند زاوية تعرف باسم (زاوية كوع الأسر)، وهنا نلاحظ أن الحت الرأسي يزداد اعتباراً من كوع الأسر باتجاه منابع النهر المأسور، فيتعمق المجرى، ويشكل عند الكوع شلالات. [2]

ما هي التطورات المورفولوجية التي يتعرض لها النهر المأسور؟

يتعرض شكل الوادي المورفولوجي للنهر المأسور من جراء عملية الأسر لتطورات عدة قبل كوع الأسر وبعده، فقبل كوع الأسر النهري (أي مجراه الأعلى) نجد النهر يعمق مجراه في توضعاته السابقة، مما يؤدي إلى نشوء مصطبةٍ نهريةٍ على طرفيه. أما بعده، فنجد أن الوادي سيصبح ميتاً لا تصله مياه المجرى الأعلى التي كانت تملؤه سابقاً.

ولكن من وجهة نظرٍ أخرى نجد أن حادث الأسر النهري يؤدي إلى ازدياد نشاط النهر الآسر بارتفاع غزارة مياهه وقوتها بالصبيب الجديد القادم من النهر المأسور، مما يساعد على سرعة تعمق مجرى النهر، وحتى لواديه أيضاً. ومن أفضل أمثلة الأسر النهري، نهري الدانوب والراين في جنوب غرب ألمانيا، ونهري الموزيل والموز في فرنسا. [1]

ما هو مفهوم تطور التضاريس النهرية ومراحل الدورة الجيومورفولوجية؟

يمكن تلخيص أهداف الأعمال الجيومورفولوجية (الحت، والترسيب، والنقل) بسعيها لإزالة الأشكال المختلفة من الشذوذ التضريسي على سطح الأرض، ذلك الشذوذ المتمثل بفروع الارتفاعات بين الجبال، والهضاب، ومرتفعات اليابسة، والأعماق، والأحواض البحرية والمحيطية، والوصول إلى مرحلة التوازن بخفض المرتفعات، وملء المنخفضات، وتسوية سطح الأرض.

حيث تقوم الأنهار بالدور الأكبر في التأثير على التضاريس وتطويرها، وتساهم بنقل حوالي 85-90 بالمئة من مجموع المواد الرسوبية إلى البحار والمحيطات، هنا بدأ مفهوم تطور التضاريس النهرية يتبلور على شكل نظرية منذ نهاية القرن التاسع عشر، فوضع العالم الأمريكي وليام موريس ديفيس أسسها ومنهجها، ودعاها بالدورة الجغرافية، وعرفت أيضاً بأسماء مختلفة، مثل: الدورة الحتية، والدورة الجيومورفولوجية، ودورة التعرية، والدورة المورفولوجية.

فتعرف الدورة الجيومورفولوجية على أنها نظرية تحليلية تطورية لكل شكلٍ من أشكال التضاريس عبر سلسلةٍ من المراحل والتغيرات تبدأ بالنهوض البنائي، وتنتهي بتسوية التضاريس. تقسم الدورة الجيومورفولوجية إلى ثلاثة مراحل رئيسية هي مرحلة الشباب، فالنضج، وأخيراً مرحلة الهرم (الشيخوخة).

1- مرحلة الشباب

تكون الأرض في هذه المرحلة ناهضةً حديثاً ذات سطحٍ منبسطٍ متموج نسبياً يسيطر عليها الأصل البنيوي، وتبدأ مع بداية تشكل الأنهار على هذا السطح الأولي، تبدأ المياه الجارية بحز وحفر أوديتها، ويرافق تعمق الأودية في هذه المرحلة نشاطاً ملحوظاً لأعمال الحت السريع والشديد، كما تكثر الانزلاقات والانهيارات على جوانب الأودية الشديدة الانحدار، وكذلك حوادث الأسر النهري، وبداية الصراع حول خطوط تقسيم المياه رغم احتفاظها بشكلها البنيوي.

 2- مرحلة النضج

ترتبط هذه المرحلة بوصول الأنهار الكبرى إلى مقاطع اتزانها الطولانية، وبزوال الشلالات والبحيرات، وانقطاعات الانحدار من المجرى الطولاني، وما يرافق ذلك من نشاطٍ للحث الجانبي، وتراجع جوانب الأودية، وبدء تشكل المقاطع العرضانية المفتوحة والعريضة، وسعي الأنهار لرسم الأكواع المترنحة في المجاري الدنيا للأنهار الكبرى.

أما الظاهرة الهامة المترافقة لهذه المرحلة، فهي الزوال التام للسطح الأولي ذو المظهر البنيوي، حيث تنعدم المساحات المنبسطة بين الأنهار وأوديتها، وتنقلب مناطق تقسيم المياه إلى خطوط قمم ضيقة أو حادة، وهكذا تصبح التضاريس ذات فروق ارتفاعٍ كبيرةٍ وعرة، فهي مرحلة تظهر فيها أعنف وأقصى فروق تضريسية، وهكذا يمكن القول بأنه إذا كانت مرحلة الشباب ذات تضاريس يغلب عليها النموذج الهضبي أو الانبساط المتموج، فإن مرحلة النضج هي مرحلة التضاريس الجبلية العنيفة، خاصةً إذا كانت الصخور المكونة للمنطقة قاسيةً ومقاومة.

3- مرحلة الهرم

يصل تطور التضاريس إلى هذه المرحلة بتقدم عملية الحت ببطء شديد، وازدياد عملية التراكم، مما يؤدي في النهاية إلى تقليل فروق الارتفاعات التضريسية، وعندما تصل التضاريس أخيراً إلى مرحلة يكون فيها السطح متموجاً ضعيف الانحدارات، ارتفاعه الوسطي عن سطح البحر قليل جداً، فإن الدورة الجيومورفولوجية تكون وصلت إلى نهايتها، وهي تتميز بالإضافة إلى ما تقدم بالأودية العريضة جداً التي تفصل بينها ظهرات ضعيفة الارتفاع.

وبالرغم من الاستواء العام الذي يطبع التضاريس بطابعه، فإن بعض التلال والعلوات القليلة الارتفاع فوق سطح شبه السهل تبقى بارزةً مدةً طويلةً بعد تشكل شبه السهل. هذه التلال هي عبارة عن بقايا صخور قاسية عجز الحت عن إزالتها، أو أنها بقايا وآثار خط تقسيم المياه القديم الذي زال الآن، وانخفض، وتجزأ، وترك لنا مخلفاته على شكل تلالٍ شاهدة. [3]

المراجع البحثية

1- الترسيب النهري. Retrieved August 17, 2024

2- دلول, ع. (2014, May 24). الأسر النهـــــرى. Retrieved August 17, 2024

3- علم المياه .د. جهاد علي الشاعر. (2006). Retrieved August 17, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.