Skip links

اضطراب النسيان الفِصامي – ماذا يمكن ملاحظته على مرضاه؟

الرئيسية » الصحة النفسية » اضطراب النسيان الفِصامي – ماذا يمكن ملاحظته على مرضاه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تتعدّد الأسباب الممكنة للنسيان منها ما هو طبيعي، كالتقدُّم في السن أو النسيان العفوي، وهنا يكون النسيان تدريجياً، وينسى فيها الشخص المعلومات الأقل أهمية بشكلٍ تدريجي، وبعض الحوادث الخطيرة والمجهدة قد تُسبّب نسياناً مؤقتاً أو دائماً للذاكرة قبل أو أثناء أو بعد الحادث.

كما يحدث عند نسيان الذاكرة بسبب تعرُّض الشخص لحادث سيرٍ أدى إلى غياب المصاب عن الوعي لفترةٍ من الزمن، حيث إن المصاب قد يفقد الذاكرة التي تسبق الحادث أو لا يستطيع تسجيل ذاكرةٍ جديدةٍ بعد الحادث، إلا أنه عادةً ما تكون حالةً مؤقتة، ويستردُّ فيها المصاب هذه الذاكرة بعد فترةٍ من الزمن.

إلا أن شكلاً آخر من أشكال النسيان هو الشكل الذي يرتبط بحوادث إجهادٍ نفسي شديدة، مما يؤدي إلى فقدان ذاكرةٍ للمعلومات المرتبطة بهذا الحدث بشكلٍ خاص مع حفاظ المريض على قدرة طبيعية لتذكر جميع المعلومات الأخرى، وهذا النمط من اضطراب الذاكرة يدعى باضطراب النسيان النفسي (Psychogenic amnesia) أو اضطراب النسيان الفصامي (Dissociative amnesia).

ما هو اضطراب النسيان الفصامي؟

هو عدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية المهمة، حيث إن هذا النسيان لا يمكن تفسيره على أنه نسيانٌ طبيعي، وعادةً ما يكون تذكر مثل هذه المعلومات مؤلمًا أي أن فقدان الذاكرة الانفصامي هو فقدان ذاكرة نفسي المنشأ، إلا أنه فيما بعد تبين أن فقدان الذاكرة النفسي يشكل جزءاً من عدة اضطراباتٍ يعاني منها مرضى الاضطراب الفصامي، والتي تشمل اضطراب النسيان الانفصالي، واضطراب الهوية الفصامية (Dissociative Identity Disorder)، والحالة الانفصالية غير المحددة (Unspecified Dissociative States) اضطراب تبدّد الشخصية (Depersonalization Disorder). [1]

إن هذه الاضطرابات الانفصالية بمجموعها تُعتبر شكلاً من أشكال الدفاع عن النفس التي يقوم بها الجسم للحفاظ على شيءٍ معين، وتفضيله عن أي شيءٍ آخر أو في حالة اضطراب النسيان الانفصالي يقوم بحذف شيء معين مرهق أو مُسبّبٍ للقلق من الذاكرة، وكل ما يتعلق به من معلومات أو أحداثٍ كمحاولةٍ من الدماغ من أجل تخطي هذا الحدث. [2]

تمّ تحديد عدة أنواعٍ مختلفة من فقدان الذاكرة لدى الأشخاص الذين يعانون من فقدان الذاكرة الانفصامي، وتشمل فقدان الذاكرة الموضعي، والمُعمّم، والمستمر، والمنهجي. يحدث فقدان الذاكرة الموضعي عندما لا يستطيع المرضى تذكر فتراتٍ زمنيةٍ معينة أو أحداث، مثل: التجارب في المعركة، أو مواقف التعذيب، ويحدث فقدان الذاكرة المُعمّم عندما لا يتمكن المرضى من تذكر أي شيءٍ في حياتهم، بما في ذلك هويتهم.

يحدث فقدان الذاكرة المستمر عندما لا يكون لدى المرضى أي ذاكرة للأحداث حتى الوقت الحاضر، وهذا يعني أن المرضى يكونون متيقظين ومدركين لما يحيط بهم، ولكنهم غير قادرين على تذكر أي شيء، ويحدث فقدان الذاكرة المنهجي عندما يعاني المرضى من فقدان الذاكرة لفئاتٍ معينةٍ من المعلومات، مثل: الأماكن، أو أشخاص معينين.

ماذا يمكن ملاحظته على مرضى النسيان الفصامي؟

العرَض الواضح الذي يراجع به المريض المراكز الطبية هو بكل تأكيد فقدان الذاكرة، والذي يتميز بكونه فقدان واضح للذاكرة على عكس الفقدان التدريجي، والذي يحدث في الحالات الفيزيولوجية الطبيعية الأخرى، ويشمل فقدان الذاكرة الانفصالي اضطرابًا سائدًا يتمثل في نوبةٍ واحدة أو أكثر من عدم القدرة على تذكر المعلومات الشخصية المهمة، والتي عادةً ما تكون ذات طبيعةٍ مؤلمةٍ أو مرهقة، والتي تكون واسعةً جدًا بحيث لا يمكن تفسيرها بالنسيان العادي.

بالإضافة إلى ذلك لا يحدث الاضطراب حصريًا أثناء اضطراب الهوية الانفصامية، أو اضطراب الكرب التالي للصدمة (PTSD)، أو اضطراب الكرب الحاد، أو اضطراب الجسدنة، ولا يرجع إلى تأثيرات فيزيولوجيةٍ مباشرةٍ لمادةٍ ما أو لعاملٍ عصبي أو عام آخر، أو حالة طبية، وتُسبّب الأعراض ضيقاً، أو ضعفًا ملحوظًا سريريًا في المجالات الاجتماعية، أو المهنية، أو غيرها من مجالات الأداء المهمة.

بالإضافة إلى ذلك، إذا كانت الأعراض مرتبطةً بالسفر أو التجوال الحائر، فهذا يعني فقدان الذاكرة التفارقي مع الشرود، وبالإضافة لفقدان الذاكرة تُلاحظ بعض الاضطرابات في الحالة الذهنية: [1]

● المريض متيقظ ومتوجه.

● تجنُّب التواصل البصري.

● النطق بطيء وواضح.

● الانتباه والتركيز محدود.

● مستوى النشاط طبيعي دون فرطٍ فيه.

● قد تتأثر الذاكرة القريبة (قصيرة الأمد) بشكلٍ محدود.

● الذاكرة بعيدة الأمد طبيعية.

● يلاحظ على المريض علامات التوتر.

● المنطق والمحاكمة محدودان، والبصيرة غائبة.

● يوجد احتمال متزايد للتفكير في الانتحار السلبي، بالإضافة إلى التفكير العنيف، وأحيانًا حتى القتل، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الإحباط الشديد الناتج عن الفصام.

عادةً ما تساعد معرفة الأعراض المتعلقة بفقدان الذاكرة على تشخيص فقدان ذاكرةٍ فصامي، وذلك عبر ميزات فقدان الذاكرة عند هؤلاء المرضى، فالميزة الأولى هي اضطرابٌ مفاجئٌ ومثير، حيث لا يكون هناك قدرٌ كبير من الذكريات المتعلقة بالمعلومات الشخصية متاحة للاستدعاء اللفظي الواعي. على الرغم من أن هذا العرض نادر.

غالبًا ما يتواجد المرضى الذين يعانون من هذه المظاهر في قسم الطوارئ أو في أقسام الأعصاب، لأن البداية الحادة لفقدان الذاكرة تتطلب تقييمًا طبيًا فوريًا، ويظهر المرضى في حالةٍ من الارتباك والحيرة، وفي حالة تجوّلٍ بلا هدف، على سبيل المثال: سيدة شابة، اكتشفت أن صديقها متزوج منذ عام واحدٍ ولديه طفلان، فقد تعاملت مع المعلومات عن طريق نسيان هويتها لعدة أسابيع.

والثاني هو العَرَض الأكثر شيوعاً، وهو مريض يعاني من حذف جانبٍ كبيرٍ من التاريخ الشخصي من الذاكرة الواعية، وهؤلاء المرضى عادةً لا يشكون من فقدان الذاكرة، وعادةً ما يتمّ اكتشاف حالتهم بعد الحصول على تاريخ حياةٍ شامل. عادةً ما يكون لفقدان الذاكرة الانفصالي بدايةً ونهايةً واضحة، وهذا يعني أن المريض يدرك الحذف في الذاكرة المستمرة، بدلاً من الفقدان التدريجي للذاكرة العادية.

على سبيل المثال: قد لا يتذكر المرضى سنةً معينةً من الدراسة أو وظيفةٍ معينة، على الرغم من أنهم يتذكرون سنواتٍ أخرى من الدراسة ووظائف أخرى، ويعود ذلك عادةً إلى تجربةٍ مؤلمةٍ خلال تلك الفترة الزمنية، مثل: الاغتصاب، أو الاختطاف، وفي الحالات القصوى، لا يستطيع المرضى تذكر سنوات المراهقة، أو فتراتٍ أخرى من حياتهم. [1]

تدبير فقدان الذاكرة الفِصامي

من المهمّ عند تطبيق تقنيات العلاج النفسي في العلاج، ألا تطغى على المرضى بقوة التدخُّل والسرعة التي من المتوقّع أن يحدث بها الشفاء، كما أن التوقيت أمرٌ بالغ الأهمية. تشفى العديد من حالات فقدان الذاكرة الانفصامية تلقائيًا عندما يتمُّ إخراج الفرد من الموقف المجهد، والعلاج المفضل لفقدان الذاكرة الانفصالي هو العلاج النفسي مع التعزيز عن طريق التنويم المغناطيسي أو المقابلة الميسرة بالأدوية.

غالبًا ما يعاني المرضى الذين يعانون من فقدان الذاكرة الانفصامي من اضطراباتٍ مرضيةٍ مصاحبة، مثل: اضطرابات المزاج، والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة. يجب علاج هذه الاضطرابات بالعوامل الدوائية، وحاليًا يتمُّ استخدام بعض مضادات الصرع الجديدة بالاشتراك مع مثبطات إعادة التقاط السيروتونين الانتقائية SSRI، مثبطات إعادة التقاط السيروتونين والنورابينفرين (SNRI)، ومضادات الذهان غير التقليدية في الحالات الأكثر شدة. [1]

المراجع البحثية

1- Sharon, I., MD. (n.d.). Dissociative disorders: etiology and introduction, dissociative amnesia, dissociative identity disorder. Retrieved January 24, 2024

2- Professional, C. C. M. (n.d.). Dissociative amnesia. Cleveland Clinic. Retrieved January 24, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.