Published in: الصحة النفسية

اضطراب الاكتناز

Author أ. بتول ندة

Published on: 11 نوفمبر، 2023

أ. بتول ندة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو اضطراب الاكتناز؟

هو شعور الفرد بالانزعاج والضّيق لمجرد التفكير في التّخلص من الممتلكات الشّخصية التي جار عليها الزّمن، وأصبحت قديمةً لا تجدي نفعاً، وذلك بسبب اعتقاده أنه ما يزال بحاجتها، ولا يستطيع التّخلي عنها لأي سببٍ كان، فيقوم الشخص بتخزين كل الأغراض القديمة، والاحتفاظ بها للأبد رغم أنه لا قيمة فعلية لها. تتراوح خطورة الإصابة به حسب درجات من الخفيفة إلى المتوسطة إلى الشديدة، وبهذه الحالة يصعب إقناع الشخص بأنه يعاني من هذا الاضطراب، فقد لا ينظر المصاب لهذه العادة أنها مشكلة، وتحتاج للتغيير. ^[1]

ما هي أسباب اضطراب الاكتناز؟

1- مشاعر الصعوبة في التّعامل مع الشّخص

يرتبط هذا الاضطراب بالأحاسيس المؤلمة، والتجارب الصّادمة التي تعرض لها الفرد خلال حياته، وربما يجد صعوبة في الاعتراف بها ومواجهتها، أو السيطرة عليها، لذلك من الممكن أن يساعد التخزين هؤلاء الأشخاص على تجاوز صدمات القلق، والإحباط، والخوف، وبالتالي يوجد ارتباطٌ ما بين الاكتناز، والتّحكم في النفس، وضبط الانفعالات.

2- الوصول إلى الكمالية والقلق

في حال الاحتفاظ بالأشياء والحرص الشّديد عليها خوفاً من الخطأ بشأنها، وهذا ما سيؤدي بالضبط للوصول إلى شعور الفرد بالكمال، كما قد يجد صعوبةً في اتخاذ القرارات، والتخطيط للمستقبل، أو التفكير الزائد بكيفية الحفاظ عليها، والقيام بالمهمات على أكمل وجه من ترتيب، وتنظيف، وتجميع.

على سبيل المثال : قد يواجه الفرد صعوبةً في فرز الأشياء تبعاً للحجم، والشّكل، وتجميعها في أنواعٍ مختلفة، وفي حين تنتاب الفرد مشاعر الحزن عند التّفكير للحظة بما يجب عليه التّخلص منه، لذلك من الأفضل عدم المحاولة، وخوض هذه التّجربة.

3- التاريخ العائلي

في الأغلب أن الذين يقومون بسلوك الاكتناز لديهم من يشاركهم إياه من أفراد العائلة، مثال: أحد الوالدين، أو الأعمام، أو الأخوات، وحتى الخالات، وتشير بعض الدراسات أن الجينات تلعب دوراً في ذلك، ولكن الروابط العائلية معقدة جداً، فمن الطبيعي إذا نشأ الفرد في أسرةٍ يوجد لديها أفراد مصابون بهذا الاضطراب أن يتعلم هذه السلوكيات، ويقوم بها.

هل يمكن للفرد التأقلم مع المصابين باضطراب الاكتناز؟

إذا عاش الفرد مع شخصٍ يخزّن الأشياء، فإنه سوف يرى ذلك مرضاً وهوساً، وسيؤدي إلى حدوث الفوضى في المنزل، لذلك من الصّعب إجراء تغييرٍ فكري وجذري كامل، ويتطلب ذلك نقاشاً، وطلب المساعدة من المختصين.

4- تجارب مرحلة الطفولة

في حين يرى بعض العلماء أن الاكتناز مرتبطٌ بأحداث وتجارب مرحلة الطفولة سواءً في فقدان الأشياء، أو الحرمان، والمعاناة من انعدامها، وعدم اهتمام أحد لمشاعر الطفل.

ما هي تجارب مرحلة الطفولة؟

1- عدم توافر المال، والعيش في حالة فقرٍ في بدايات الطفولة والنمو.

2- أخذ ممتلكات الطّفل، ورميها من قبل أحد أفراد عائلته.

3- التّعب، وسوء المعاملة، والإهمال العاطفي.

على سبيل المثال: إذا لم تتمّ تلبية احتياجات الطّفل الأساسية أو لم تتمّ معاملته بمحبة، ومودة، واهتمام، وعطف، فكل هذه الأسباب قد تخلق طفلاً غير سوي، وأكثر ارتباطاً بالأغراض الشّخصية، وغير قادرٍ على التّخلي عنها أبداً.

5- الصدمات وتجارب الحياة

في بعض الأحيان يتمُّ ربط الاكتناز ببعض تجارب الحياة المؤلمة.

ما هي أنواع الصدمات التي تؤدي إلى اضطراب الاكتناز؟

1- التّعرض للعنصرية، والأذى، والتّنمُّر الجسدي.

2- الانفصال عن شريك الحياة.

3- التّعرض لمشكلاتٍ صحيّة.

4- موت شخصٍ عزيز.

5- الشّعور بالوحدة والاكتئاب.

6- المعاناة من فتراتٍ طويلةٍ من التّعب، والتوتر الشديد. ^[2]

ما هي علامات وأعراض اضطراب الاكتناز؟

تبدأ علامات الاكتناز بالظهور في عمرٍ مبكر من مرحلة المراهقة، ومع مرور الوقت تميل هذه الأعراض لأن تصبح أكثر صعوبةً وحدةً، وتعقيداً مع الشخص، ومن هذه الأعراض: ^[3]

1- تراكم المُقتنيات، والفوضى المفرطة، وعدم توافر مساحةٍ كافية للاحتفاظ بها وتخزينها، والصعوبة في مناقشة الفرد حول ذلك.

2- صعوبةٌ في التّخلص من الممتلكات القديمة التّافهة.

3- تراكم الفوضى، وعدم القدرة على التّحرك في المنزل بسبب الأغراض التي لا قيمة لها.

4- المماطلة، وتجاهل التّرتيب، وعدم تنظيم الأشياء، وفرز المفيد عن غير المفيد، والجديد عن القديم الذي لا قيمة له.

5- الشعور بالانزعاج في حال طلب أحد الأشخاص منه التّخلص من هذه الممتلكات.

6- ضغوط في المنزل، وبين أفراد الأسرة بسبب هذه الفوضى، ومن الممكن أن يؤدي إلى الخلاف بين أفراد الأسرة، والذي قد ينتهي بالتّخلص من كل أغراض الشّخص المختزنة، وخلق جوٍّ من التوتر والشّجار بينهم.

ما هي علامات الخطر لاضطراب الاكتناز؟

قد يبدأ اضطراب الاكتناز في الظهور بعمر 11 إلى 15 سنة، وغالباً ما يحدث في مرحلة البلوغ الأكبر، وليس في مرحلة الشباب مباشرةً، وتتضمن عوامل الخطر ما يلي: ^[3]

1- الانتقال الوراثي: في حال كان أحد من أفراد الأسرة يعاني منه، فمن المُحتمل إصابة الأفراد الآخرين به أيضاً.

2- درجة الأنا وحب الذات المرتفعة: حيث يظهر الأشخاص المصابين الكمال في كل شيء، ومن المستحيل التّخلص من أغراضهم الشّخصية، وتفضيلهم الاحتفاظ بها، حتى لو لم تجدِ لهم نفعاً، فهذا شأنٌ خاصٌّ بهم.

3- ظروف الحياة القاسية: قد تؤدي عوامل وأحداث مؤلمة إلى تحفيز سلوك الاكتناز عند الفرد.

ما هي العناصر والأشياء التي يقوم الفرد بتخزينها؟

1- الكتب، والمجلات.

2- الملابس القديمة.

3- البريد غير المرغوب به، والرسائل القديمة التي لا مبرر للحفاظ عليها.

4- الإيصالات، واشتراكات الدفع، والفواتير.

5- القرطاسية، واللوازم المدرسية.

6- الصناديق الخشبية، والأكياس البلاستيكية التي لا تفيد بشيء.

7- حالياً أصبح تخزين الرسائل والمحادثات الإلكترونية هو الأكثر انتشاراً، حيث يقوم الأشخاص بسحبها، وطباعتها، والاحتفاظ بها في مكانٍ سري خوفاً من الحذف. ^[4]

لماذا يُعتبر اضطراب الاكتناز مشكلة؟

1- من الممكن أن تشكل الفوضى خطراً على صحة الشّخص الذي يعيش في المنزل مع الفرد.

2- يجعل عملية التنظيف صعبةً للغاية، مما يؤدي لانتشار الغبار، والحشرات الصغيرة في المنزل.

3- في حال كانت الممتلكات المحفوظة أثريةً، فمن الممكن أن تسقط وتتكسر، ويشكل وجودها في المنزل خطراً على الأشخاص، مثال: السرير الخشبي، الرفوف الخشبية والبلاستيكية، تلفاز قديم لا يعمل، أجهزة كهربائية لم تعد صالحةً للاستعمال.

4- يمكن أن يكون الاكتناز علامة من علامات الإصابة بالزهايمر أو الوسواس القهري. ^[4]

كيف يتمُّ علاج اضطراب الاكتناز؟

يقدم الأخصائي العلاج المعرفي السلوكي، ومن أنواعه العلاج بالتّحدث، وهو نوعٌ من أنواع العلاج النفسي، حيث يمكننا أن نعلم ما هو السّبب وراء سلوك الاكتناز، وكيف نجعل الفرد لا يشعر بالقلق في حال التّخلص من الأشياء، ويقوم أيضاً الأخصائي بتعليمه مهارات التنظيم، والقدرة على اتخاذ القرار.

وذلك باستخدام برنامجٍ إرشادي، ومن هذه النشاطات ما يساعد على إدارة الممتلكات الشّخصية بشكلٍ أفضل، وقد يصف له مقدم الرعاية النّفسية باستشارة طبيبٍ نفسي أدويةً مضادةً للاكتئاب، والتي تكون في الأغلب مثبطات السيروتونين الانتقائية، للمساعدة في علاج الاكتناز، ويمكن لهذه الأدوية أن تساعد في العلاج. ^[5]

هل يمكن الوقاية من الاكتناز؟

لا يوجد حتى الآن طريقة للوقاية من اضطراب الاكتناز، لكن إذا ظهرت الأعراض على الطّفل ما بين عمر 15 و19 يجب مراقبته، ومعرفة أسبابه، وعرضه على مرشدٍ نفسي يساعد في تقييم الأمر أكثر. ^[5]