أنواع لغة الجسد – رحلة اكتشاف هذه اللغة الصامتة
قائمة المحتويات
لغة الجسد هي أكثر من مُجرد لغة صامتة مرافقة لكلماتنا المسموعة، فهي أداة قوية غالبًا ما توفر لنا دون وعي نظرة مُعمّقة لأفكارنا ومشاعرنا الحقيقية. سنُلقي في هذه المقالة نظرة مُفصلة على أنواع لغة الجسد المختلفة، ومعانيها، وكيف يمكن تفسيرها في الثقافات المُختلفة.
ما هي لغة الجسد؟
تُشير هذه اللُغة إلى جميع الإشارات غير اللفظية التي نستخدمها في التواصل مع الآخرين. بالإضافة للإيماءات وتعبيرات الوجه، تشمل أيضًا طريقة التواصل البصري، والمسافة التي نتركها مع الآخرين وحتى طريقة الوقوف واللمس. هذا الشكل من التواصل اللاواعي غالبا ما يكون أكثر حقيقة وصدق من التعبير اللفظي، لأنه غالبا ما ينتقل دون وعي.
ما هي أنواع لغة الجسد؟
1- تعابير الوجه
تعكِس تعابير الوجه الحالة الحقيقية للمشاعر والحالة المزاجية، حيثُ يمكن أن تشير الابتسامة إلى الدفء والانفتاح للحديث، على العكس فإن الحواجب المعقودة أو النظرة المُتعالية يُمكن أن تُعبر عن الشك أو عدم الرضا. في الأمثلة التالية سيتم توضيح معاني أنواع مختلفة لتعابير الوجه:
– السعادة والمرح: ابتسامة، وعيون متألقة.
– المُفاجأة: عيون مفتوحة على مصراعيها، وفم مفتوح قليلاً.
– الغضب: شفاه مذمومة، وجبين مُنعقد.
2- الإيماءات
تُشير الإيماءات إلى حركات اليدين والذراعين أثناء الحديث أو دونه، ويمكن استخدامها لدعم أو التأكيد على العبارات اللفظية التي نتفوه بها، ويمُكن استخدام هذه الحركات بشكل عفوي أو واعٍ للتأكيد على مشاعرنا الداخلية أو لدعم تصور أعمق للفكرة عند الطرف المقابل. ومن بعض الأمثلة على الإيماءات:
– الإيماءات الإيجابية:
إبهام مرفوع: يعبر عن القبول أو التشجيع.
التلويح باليد: يستخدم للتحية أو الوداع.
إشارة OK عن طريق عمل دائرة بالإبهام والسبابة: تُعبر عن الموافقة أو الرضا.
– الإيماءات السلبية:
إبهام للأسفل: يدل على الرفض أو عدم الرضا.
ضرب الجبهة باليد: يعبر عن الشعور بالحرج أو الإحباط.
إشارة اليد للتوقف (كف مفتوح للأمام): طلب التوقف أو إنهاء شيء ما.
3- وضعية الجسد
يُمكن أن تقول الطريقة التي نُحرك بها أجسادنا الكثير عن مشاعرنا وثقتنا بأنفُسنا. في حين تُشير الوضعية المفتوحة والجسد المستقيم إلى الاستعداد والثقة بالنفس، فإن الوضعيات المُنغلقة أو المنحنية غالبًا ما تشير إلى انعدام الأمان أو عدم الاهتمام وأيضاً إلى عدم الثقة بالنفس. ومن الأمثلة على أنواع لغة الجسد من خلال الوضعيات المختلفة له:
– وضعية منفتحة: الوقوف أو الجلوس بكتفين مشدودين للأعلى وصدر مفتوح يشير إلى الثقة بالنفس والانفتاح. غالبًا ما يُستخدم هذا في تقديم انطباع إيجابي عن النفس.
– وضعية مغلقة: الأذرع المتشابكة أو الانحناء للأمام يمكن أن تشير إلى الانطواء، أو الدفاعية، أو التردد. وقد تدلّ هذه الوضعية على مستوى منخفض من الثقة بالنفس.
– وضعية مستقيمة: الجلوس أو الوقوف بشكل مستقيم يدل على الاحترام، التركيز، والاستعداد للتفاعل، وتعطي هذه الوضعية انطباع جيد أمام الأشخاص المقابلين وخاصة في نطاق العمل.
– وضعية مائلة للخلف: الميل للوراء أثناء الجلوس يمكن أن يعبر عن الراحة أو اللامبالاة، ولكن قد يُفهم أيضًا كعدم اهتمام في سياق معين.
– التحرك أو التململ: قد يشير إلى التوتر أو القلق، ولكنه أحيانًا يكون مجرد تعبير عن الملل أو عدم الراحة.
4- التواصل البصري
يعتبر التواصل البصري مِن الجوانب الأساسية للتواصل غير اللفظي. فهو يعُبر عن مستوى الاهتمام واللهفة والاتصال العاطفي في كثير من الأحيان. ومع ذلك، فإن كثرة أو قلة التواصل البصري قد يؤدي أيضًا إلى إرسال إشارات غير سارّة. ومن الأمثلة على ذلك:
التواصل البصري المتواصل: يشير التواصل البصري غير المتقطع للشخص المتكلم إلى الاهتمام بحديثه والاحترام، ولكن هذا لا يشمل التحديق أو نظرة التحدي عند وقوع خلافات أو مشاكل بين طرفين.
النظرة المُتجنِبة: تُشير النظرات المتقطعة للشخص المتكلم إلى الخجل أو عدم الاهتمام وحتى عدم الثقة بالنفس. لذلك تذكر بأنه واحدة من أهم علامات الاهتمام بحديث الشخص المتكلم أمامك هي النظر إليه دون انقطاع، وهي دليل واضح أيضاً على مستوى عالي من الثقة بالنفس.
5- السلوك المكاني أو المساحة الشخصية
يُقصد بالسلوك المكاني الموقع التي يضع الشخص نفسه به أو المسافة التي يَحتفظ بها مع الآخرين أثناء تفاعُله معهم، وتختلف هذه المسافة حسب طبيعة العلاقة والموقف ويمكن أن تُقدم أدلة مهمة حول الارتياح والتقرب العاطفي أو عدم الارتياح ومستوى الثقة بالنفس. ومن الأمثلة على المساحة الشخصية ضمن أنواع لغة الجسد:
– المساحة العامة: (أكثر من 3 أمتار) تُستخدم في الأماكن العامة أو مع مجموعة كبيرة من الناس.
– المساحة الاجتماعية: (1.5 – 3 أمتار) تُستخدم مع الغرباء أو في بيئات العمل الرسمية.
– المساحة الشخصية: (50 سم – 1.5 متر) تُستخدم مع الأصدقاء والمحادثات الاجتماعية، وهو الحيز الأكثر شيوعًا للتفاعل اليومي.
– المساحة الحميمة: (0 – 50 سم تقريبًا) تُستخدم مع الأشخاص المقربين جدًا، مثل العائلة والشريك. الدخول في هذه المساحة بدون إذن يمكن أن يسبب انزعاجاً.
6- اللمس
يُشير اللمس باليدين إلى قوة عاطفية وتواصلية قوية. ويمكن من خلالها التعبير عن الراحة أو المودة أو حتى الهيمنة على الطرف المقابل وذلك اعتمادًا على الموقف، وفي الأمثلة التالية سيتم توضيح أنواع اللمس المختلفة في لغة الجسد:
– التعاطف والطمأنينة: لمسة على الكتف أو اليد يمكن أن تعبر عن الدعم أو المواساة.
– الحب والعاطفة: يمكن أن يشير العناق أو الإمساك باليد إلى الشعور بالقرب والمودة.
– القوة أو السيطرة: أحيانًا تُستخدم اللمسة لإظهار الهيمنة، مثل التربيت بقوة على الكتف.
– الثقة والانفتاح: المصافحة الحارة هي مثال شائع على ذلك، حيثُ تعبر عن الاحترام والانفتاح للتواصل.
7- المظهر الخارجي
على الرغم من أنها ليست حركة إلا أن طريقة ارتداء الشخص لملابسه والطريقة التي يُقدم بها نفسه للأشخاص تُعد تعبيرا غير لفظياً وقوياً عن الشخصية والمزاج وحتى المكانة الاجتماعية للشخص. على سبيل المثال:
– الملابس الرسمية: غالبا ما تدلّ على الجدية والكفاءة والمركز الاجتماعي الجيد بالإضافة لمستوى جيد من الثقة بالنفس.
– الملابس العادية والغير مرتبة: قد توحي بالاسترخاء وسهولة التواصل وعدم جدية المواقف.
لكن يجب الانتباه أن هذا لا يشمل الحالة المادية الصعبة للشخص والتي يكون فيها مُجبراً على عدم الاهتمام بالمظهر. وإنما يشمل الحالات التي يمكن التحكم بها مثل الذهاب لمقابلة عمل والاستخفاف بارتداء ملابس غير مرتبة فهذا يدل على عدم الجدية.
الفرق في أنواع لغة الجسد بين الرجل والمرأة
هناك تفاوتات عامة في لغة الجسد بين الرجل والمرأة تأتي من تأثيرات التنشئة الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية، ورغم أن هذه الفروقات ليست قواعد ثابتة، فإنها تُظهر معاني يمكن ملاحظتها في أنماط التعبير غير اللفظي وفيما يلي نظرة مفصلة على بعض هذه الاختلافات:
1- التعابير الوجهية
النساء: تستخدم النساء تعابير وجه أكثر تفصيلاً وعاطفية. فقد تُظهر المرأة مجموعة واسعة من المشاعر من خلال ابتساماتها، وعبوسها، وتغيّرات دقيقة في حركات الحواجب والعينين. هذا التنوّع يَعكِس حقيقة المشاعر والانفعالات الداخلية للمرأة بشكل أدق.
الرجال: غالبًا ما تكون تعابير الوجه لدى الرجال أقل تنوعًا وأكثر تحفظًا، حيث يميل الرجال إلى إبراز تعبيرات محايدة أو ثابتة بحيث تُظهر الثقة بالنفس والسيطرة، وهذا نتيجة للضغوط الاجتماعية التي تُحفزهم على كتمان بعض المشاعر والظهور بمظهر صلب كالرجال.
2- الإيماءات وحركات اليد
النساء: تستخدم النساء إيماءات ناعمة أثناء الحديث، وهي غالبًا ما تُستخَدم لتأكيد الأفكار أو لإظهار التعاطف والدفء. هذه الحركات تُكمّل التواصل اللفظي وتضيف بعدًا عاطفيًا إلى رسالتها.
الرجال: يُفضّل الرجال الإيماءات الأكثر مباشرةً ووضوحًا، هذه الحركات يمكن أن تُعبّر عن الحزم، السيطرة، أو حتى رغبة في فرض حضورهم في النقاش.
3- وضعيات الجسد والمساحة الشخصية
النساء: غالبًا ما تتبنى النساء وضعيات جسدية تعكس الانفتاح المعتدل مع الحرص على عدم احتلال مساحة كبيرة يجعلها تظهر بمظهر ذكوري مُسيطر.
الرجال: يميل الرجال إلى استخدام وضعيات جسدية مفتوحة تُعبّر عن الثقة والقوة، مثل جلوسهم أو وقوفهم بطريقة تُظهرهم بحجم أكبر من خلال تباعد الأرجل والظهر المستقيم. هذا يستخدم غالبًا كوسيلة للتأكيد على حضورهم وسيطرتهم.
4- الاتصال البصري
النساء: تميل النساء إلى الحفاظ على اتصال بصري مستمر ودافئ خلال التفاعلات، وهو أمر يُظهر الاهتمام والارتباط العاطفي أثناء التواصل.
الرجال: يستخدم الرجال الاتصال البصري بأسلوب مباشر وغير عاطفي، مما قد يُعبّر عن الحزم والرغبة في فرض السيطرة.
5- الإشارات اللاواعية
النساء: تظهر إشارات بسيطة ولاواعية مثل لمس الوجه أو تعديل الشعر في حالات التوتر أو الانجذاب، وهذه الإشارات قد تكون أكثر وضوحًا عند التعبير عن الحالة العاطفية لها.
الرجال: يميل الرجال إلى إخفاء الإشارات اللاواعية بشكل أكبر، فقد يُظهرون تغيرات طفيفة في وضعياتهم مثل التململ أو تعديل وضعية الجلوس عند الشعور بالتوتر، وهي إشارات غالبًا ما تكون أقل وضوحًا مقارنةً بالنساء.
الإشارات الواعية واللاواعية في لغة الجسد.
تنقسم لغة الجسد إلى قسمين مختلفين وهما القسم الواعي والقسم اللاواعي ويجب على الشخص التمييز بينهما حتى تكتمل قراءة الحالة الداخلية للفرد المقابل. في حين أن الإشارات الواعية يتحكم بها الشخص عمداً فإن الإشارات اللاواعية تظهر تلقائيا وتعكس الحالة الحقيقة للشخص. فمثلاً الابتسامة اللاواعية أو العفوية تشير إلى الارتياح والمودة أما الابتسامة الواعية أو المُفتعلة تشير إلى عدم الارتياح والمُجاملة ومحاولة عكس الحالة الداخلية التي يشعُر بها الفرد، حيث تكون الابتسامة العفوية أو اللاواعية أكثر إشراقاً في الوجه وتشمل ابتسامة العينين معها أيضاً.
ومن الأمثلة أيضاً على الإشارات الواعية في أنواع لغة الجسد: الوقوف المستقيم، حركات اليد، الاتصال البصري، العناية بالمظهر، طريقة الجلوس، طريقة المصافحة. وتشمل الإشارات اللاواعية أيضاً: التململ، النظر للساعة أو الهاتف بشكل متكرر عند تحدث شخص ما، تغير في نبرة الصوت، العبوس.
الاختلافات الثقافية في لغة الجسد
تتغير أنواع لغة الجسد بتغير الموقع الجُغرافي ويختلف تفسيرها بشدة بالثقافات المُختلفة، حيث إن العلامة التي تُعتبر إيجابية في ثقافة ما قد يتم فهمَها بشكل خاطئ أو حتى يكون لها تأثير سلبي ومعنى سيئ في ثقافة أخرى. على سبيل المثال، في بعض الثقافات الغربية، يُنظر إلى التواصل البصري المباشر على أنه علامة على الاهتمام بحديث الطرف المقابل والثقة بالنفس والصدق، بينما قد يُنظر إليه في ثقافات أخرى على التحدي وعدم الاحترام. لذلك فإن الفهم العميق لهذه الاختلافات أمر ضروري لتجنب سوء الفهم بين الثقافات.
يتيح لك التعرف على أنواع لغة الجسد منظور أوسع
فهم لغة الجسد ليس مجرد دهاء أو حيلة ذكية لفك شيفرات ورموز التفاعلات الاجتماعية، بل يتيح هذا الفهم طريقة لتعميق التواصل والوعي بالنفس سواء عند الاستعداد لمقابلة عمل أو عند التعامل مع الموظفين خلال موقع إداري فمثلا عند التحدث لاحظت بأن أحد الأشخاص يقوم بإبعاد وجهه واللمس عليه باستمرار فهذا دليل على التوتر وعدم اليقين، وفهمك لهذه الحالة التي يشعر بها هذا الشخص تساعد على تدارك الموقف وتصحيحه أو العودة للإمساك بذمام الأمور مرة ثانية.
فالتعرف على أنواع لغة الجسد يفتح عالماً من التعبير غير اللفظي الذي يتجاوز بكثير الكلمة المنطوقة ويكون أكثر صدقاً منها. وفي عالمنا المتعدد الثقافات، فإن معرفة هذه الإشارات الدقيقة أمر لا يقدر بثمن. فهو لا يوسع فهمنا فحسب، بل يوسع أيضًا قدرتنا على التواصل بشكل أفضل.