أطفال متلازمة داون – أبرز سماتهم، وما هو مستقبلهم؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
يشعر الأهل دائماً بالقلق على مستقبل أطفالهم، خاصةً عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين يعانون من ظروفٍ صحيةٍ خاصة، مثل: متلازمة داون، هذا الخوف يتضاعف نظراً للتحدّيات التي قد تواجه الطفل في مراحل حياته المختلفة، لذلك تبقى توقُّعات الأهل حيال هذا الموضوع غامضةً وغير واضحةٍ تماماً، فما هو مستقبل أطفال داون؟
ما هي متلازمة داون؟
متلازمة داون هي حالةٌ جينية تحدث نتيجة خطأ في انقسام الخلايا يؤدي إلى وجود كروموسوم 21 إضافي، وهو ما يُعرف بـ (Trisomy 21)، ولا يوجد سببٌ واضحٌ لحدوث هذا الخطأ، لكن يزداد خطر الإصابة بمتلازمة داون مع تقدُّم عمر الأم، ويؤدي هذا التغيُّر الجيني إلى تأخيرٍ في النمو الجسدي والعقلي، ويترافق مع سماتٍ مميزةٍ في المظهر، وكذلك تحدّيات صحيةٍ واجتماعية.
أبرز سمات المُصابين بمتلازمة داون
1- مظهر الوجه
وجهٌ مسطّحٌ نسبياً، ميل العيون للأعلى، رقبة قصيرة
2- القدرات العقلية
تأخّرٌ في النمو العقلي والإدراكي، حيث يعاني الأطفال من درجاتٍ متفاوتةٍ في القدرات الذهنية.
3- الصحة
قد تكون هناك مشاكل صحية مصاحبة لهذه المتلازمة، مثل: عيوب القلب الخلقية، وصعوباتٌ في السمع والبصر، واضطراباتٌ في الجهاز الهضمي.
هل يجب على الأهل الشعور بالإحباط حين يرزقون بطفلٍ يعاني من متلازمة داون؟
إن شعور الأهل بالإحباط أو القلق عندما يرزقون بطفلٍ يعاني من متلازمة داون نابعٌ من مخاوفهم حول المستقبل والتحديّات التي قد يواجهها طفلهم، هذه المشاعر طبيعية، لكن من المهمّ إدراك أن الحياة مع متلازمة داون لا تعني بالضرورة حياةً “غير طبيعية”، بل إن الأطفال الذين يعانون من متلازمة داون يمكنهم أن يعيشوا حياةً مليئةً بالفرح، الإنجازات، والعلاقات الاجتماعية الصحية إذا حصلوا على الدعم المناسب.
ما هو مستقبل أطفال داون على الصعيد المهني والتعليمي؟
إن مستقبل أطفال متلازمة داون على الصعيد المهني والتعليمي يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على مدى الدعم الذي يتلقونه في مراحلهم التعليمية المبكرة، ودعم الأهل لهم خلال هذه المرحلة، وكذلك الفرص المهنية المُتاحة لهم في المجتمع، فمع التقدُّم في الرعاية الصحية والتعليمية أصبح بإمكان الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون تحقيق نجاحاتٍ في هذين المجالين كالتالي:
1- الصعيد التعليمي
التعليم والتدخُّل المبكر
ويعني التدخُّل المبكر والالتحاق ببرامج تعليمية متخصّصة يمكن أن تساعد الأطفال المصابين بمتلازمة داون على تطوير مهاراتٍ معرفية، واجتماعية، وحركية بشكلٍ أفضل، هذه البرامج توفر دعماً كبيراً في سنوات الطفولة المبكرة، مما يُسهم في تحسين مستوى التعلم لدى هؤلاء الأطفال.
المدارس العادية والمُدمَجة
ففي العديد من الدول تتوفر خيارات للتعليم في مدارس مُدمَجة، حيث يتشارك الأطفال من ذوي متلازمة داون الفصول مع أقرانهم مع توفر دعمٍ إضافي لهم من معلمين متخصصين، هذه التجربة تساعد الأطفال على تنمية مهاراتهم الأكاديمية والاجتماعية. وفي حالاتٍ أخرى قد يلتحق الأطفال بمدارس خاصة تقدم برامج تعليمية مصممةٌ خصيصاً لتلبية احتياجاتهم.
التعليم المهني والتدريب العملي
في مراحل التعليم الثانوي قد تُتاح للطلاب فرص للالتحاق ببرامج تعليمٍ مهني تساعدهم على تطوير مهاراتٍ عملية تُناسب متطلّبات سوق العمل، هذه البرامج تركّز على تطوير المهارات الحياتية والمهنية التي تمكنهم من الاستقلال والمشاركة في سوق العمل مستقبلاً.
2- الصعيد المهني
التوظيف والدعم في بيئة العمل
يمكن للأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون أن يشاركوا في سوق العمل مع التدريب والدعم المناسب، هناك عدد من البرامج التي تركز على تأهيلهم للحصول على وظائف في مجالاتٍ متعددة، فبعض الشركات توفر بيئة عملٍ مدعومةٍ تتيح للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أداء مهام وظيفية مناسبة لقدراتهم مع توفر الإشراف والدعم اللازمين.
الوظائف المُتخصّصة
في بعض الحالات يمكن للأفراد الذين يعانون من متلازمة داون إذا كانوا قد حصلوا على تعليمٍ ودعمٍ كافيين أن يعملوا في وظائف تتطلب مهاراتٍ متخصّصة هذا قد يشمل العمل في الفنون، التكنولوجيا، وحتى الأعمال الحرة، على سبيل المثال: هناك أشخاص من ذوي متلازمة داون يعملون في تصميم المجوهرات، أو كممثلين، أو حتى أصحاب مشاريع صغيرة.
دعم المجتمع
المنظمات المجتمعية والجمعيات الخيرية تلعب دوراً مهمّاً في دعم توظيف الأشخاص ذوي متلازمة داون، هذه المنظمات توفر فرصاً للتدريب المهني، وتساعد في التواصل مع أصحاب العمل، وغير ذلك من الإجراءات المفيدة والهامة.
ما هو مستقبل أطفال داون على الصعيد الاجتماعي وعلى صعيد الاستقلالية؟
مستقبل أطفال متلازمة داون على الصعيد الاجتماعي والاستقلالية يمكن أن يكون إيجابيًا ومليئاً بالفرص، لكن ذلك يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على مدى الدعم والتدريب الذي يتلقونه، وكذلك على مدى إدماجهم في المجتمع، فمن خلال التدخُّل المبكر، والدعم المناسب يمكن لهؤلاء الأطفال تحقيق قدرٍ كبيرٍ من الاستقلالية والتفاعل الاجتماعي، وهنا نظرة عامة على كيفية تحقيق ذلك:
1- الصعيد الاجتماعي
التفاعل الاجتماعي وبناء العلاقات
يمكن للأطفال المصابين بمتلازمة داون تكوين صداقاتٍ قوية وبناء علاقاتٍ اجتماعية من خلال الاندماج في الأنشطة الاجتماعية والمدارس، حيث يمكنهم التعرُّف على أقرانهم، وتطوير مهارات التواصل الاجتماعي بينهم.
الأنشطة الجماعية
المشاركة في الأنشطة الاجتماعية، مثل: الفرق الرياضية، أو الفعاليات المُجتمعية، أو النوادي يمكن أن تعزّز من فرص التفاعل الاجتماعي، وبناء علاقاتٍ دائمةٍ متينة، بالإضافة إلى تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة الترفيهية، مثل: الفنون، والموسيقى التي تعزّز من تفاعله مع الآخرين، وتوفر له فرصا للتعبير عن نفسه.
القبول والانتماء
فمع زيادة الوعي والتثقيف حول متلازمة داون يتزايد قبول المجتمع وحبهم لهم، وبالتأكيد دعم المجتمع والعائلة يمكن أن يساعد في تعزيز شعور الطفل بالانتماء والقبول.
تعليم مهارات التواصل
قد يواجه أطفال متلازمة داون صعوباتٍ في النطق والتواصل، لذا يمكن للعائلة تقديم الدعم من خلال جلسات علاج النطق، وتكرار الكلمات والعبارات، وتشجيع التواصل البصري، واستخدام وسائل التواصل غير اللفظية في حالات النطق الأكثر صعوبة، مثل: لغة الإشارة أو الصور لتسهيل التواصل، فتطوير مهارات التواصل يمكن أن يساعد الطفل في التعامل مع الآخرين بشكلٍ فعّال، مما يُعزّز من قدرته على تكوين علاقاتٍ إيجابية.
2- الصعيد الاستقلالي
تطوير المهارات الحياتية
حيث يجب تدريب الطفل على المهارات الأساسية، مثل: الطهي، وتنظيف المنزل، وإدارة المال، فهذا يساعد في تطوير استقلاليته، ويُعزّز من قدرته على القيام بالأنشطة اليومية بشكلٍ مستقل.
التدريب العملي
وذلك بتوفير الفرص للطفل لممارسة المهارات الحياتية في سياقٍ عملي لتعزيز ثقته بنفسه، وقدرته على الاعتماد على ذاته.
الاستقلالية في العيش
بعض الأشخاص المصابين بمتلازمة داون يمكنهم العيش بشكلٍ مستقل أو شبه مستقل، وقد يتطلّب ذلك دعماً مستمراً من الأسرة، والكثيرون منهم يتمكنون من إدارة حياتهم اليومية بفعالية.
في الختام يمكننا القول: إنه ورغم التحديات التي قد تواجهها العائلات التي لديها طفلٌ مصابٌ بمتلازمة داون، فإن المستقبل يمكن أن يكون مليئاً بالفرص والإيجابيات، فأطفال متلازمة داون بفضل دعم العائلة والمجتمع يمكنهم تحقيق إنجازاتٍ ملحوظة، والاستمتاع بحياةٍ مليئةٍ بالفرح والتفاعل الاجتماعي، فهم لديهم القدرة على إضاءة حياة من حولهم، وتحقيق مستقبلٍ مشرقٍ مليءٍ بالأمل والتفاؤل. [1]
المراجع البحثية
1- Simon, J. A. (n.d.). The down syndrome transition handbook: Charting your child’s course to adulthood. Retrieved September 13, 2024