الترجمة – أهمُّ الأخطاء وطرق تجنُّبها
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
تتطلب الترجمة معرفةً عميقةً باللغة، ودقةً فكرية، ومهارةً وخبرةً واسعة في المجال المختار، سواءً كان طبياً، أو سياسياً، أو اقتصادياً، أو غير ذلك. والترجمة الاحترافية أكثر من مجرد تغيير الكلمات من اللغة الأصلية إلى اللغة المُستهدفة، حيث يحتاج المترجمون إلى معرفة كل شيءٍ يتعلق باللغتين بدءاً من المصطلحات، والقواعد، وبناء الجمل والتعبيرات، وانتهاءً بالثقافة المحلية التي تستخدم فيها الصيغ المحددة لكل لغة.
إن الترجمة الجيدة لموقعٍ ما أو تطبيق ويب لشركةٍ خاصة هي بمثابة دفعة كبيرة للأعمال التجارية العالمية عموماً، وتحقق نتائجها المنشودة، وبذات الوقت، يعدُّ وجود بعض الأخطاء في الترجمة أمراً مألوفاً، ولكن الترجمة الضعيفة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على العمل، وأحياناً يمكن أن تكون الترجمة الخاطئة مضحكة، وقد تجعل العلامة التجارية تنتشر على نطاقٍ واسعٍ بغير قصد.
بعض أخطاء الترجمة
1- الأخطاء النحوية
كل لغةٍ لها قواعد نحوية وطريقة تركيبٍ مختلفةٍ للجمل، وتعدُّ القواعد النحوية، وبناء الجمل وصياغتها من العوامل المهمة الواجب مراعاتها عند ترجمة النصوص، لذلك يجب أن يكون المترجم ملماً بشكلٍ جيد بقواعد اللغتين المصدر والهدف. وأثناء الترجمة عليه أن يتذكر الفوارق والاختلافات بين اللغتين، ففي بعض الأحيان يمكن للاختلافات بين اللغات أن تغير الطريقة التي يتمُّ من خلالها بناء الجملة والقواعد، إن مراعاة القواعد الأساسية يساعد على إنتاج ترجمة صحيحة نحوياً، وسهلة الفهم.
على سبيل المثال: تتحدث كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة اللغة الإنكليزية، ولكن هناك اختلافات متعددة في القواعد النحوية، وبناء الجملة، والتهجئة، والمصطلحات، وحتى بالمفردات.
2- الترجمة الخاطئة
يمكن أن يحدث سوء التفسير عندما يُسيء المترجم فهم معنى كلمة ما أو عبارة في النص المصدر بسبب قلة خبرته أو عدم تحريه، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ترجمةٍ مختلفةٍ تماماً عن المعنى المقصود، ولتجنُّب هذا الخطأ، يجب على المترجم دائما الاستفسار عن أي نصٍّ غامض أو غير واضحٍ للبيان قبل البدء بالترجمة. كما يجب مراعاة الاختلافات المحلية أثناء الترجمة، فمثلاً: قول كلمة “ترام” بدلاً من كلمة “قطار” بالترجمة هو خطأ إذا لم يكن لدى البلد المُستهدف خدمة ترام.
3- الترجمة الركيكة
قد يواجه بعض المترجمين عديمي الخبرة صعوبةً في الحفاظ على نبرة صوتٍ متسقة، والاستخدام غير الصحيح للنبرة، وللغة العامية، والتعبير الخاطئ للكلمات يمكن أن يؤدي إلى أخطاء في الترجمة، فإذا كان النص المصدر عبارة عن ورقة أكاديمية رسمية على سبيل المثال، فيجب أن تكون لهجة الكلمات في الترجمة احترافيةً ورسمية.
4- الاختلافات الثقافية
لا يمكن تفسير اللغة أو ترجمتها بدقة دون سياقها الخاص في جميع أنحاء العالم، فلكل لغةٍ تفسير فريد وفقاً لطريقة تفكير شعبها، وتاريخها المحلي، وأسلوب معيشتها، وموقعها الجغرافي، لذلك يجب أن يكون المترجم على درايةٍ بالاختلافات الثقافية عند ترجمة النصوص، فما هو مقبول أو مناسب في ثقافةٍ ما قد لا يكون كذلك في ثقافةٍ أخرى، فاستخدام أسلوب الفكاهة أو السخرية مثلاً قد لا يكون مناسباً في بعض الثقافات.
5- توطين اللغة وضعف المعرفة اللغوية
إن عدم مراعاة الاختلافات اللغوية يمكن أن يؤدي إلى استخدام المترجمين كلماتٍ خاطئة وغير صحيحة، مما يسبّب حدوث أخطاء متعددة تشوّه المعنى، وتقلل من جودة القطعة المترجمة، فبعض الكلمات ليس لها ما يعادلها في اللغة الأخرى، وكذلك ما يتعلق بنبرة الصوت، وعلامات الترقيم، وأسلوب البرمجة النصية، لذلك يجب أن يكون المترجم بارعاً في اللغة التي يترجم منها وإليها لضمان مستوى ترجمة جيد ودقيق يوصل الرسالة المقصودة.
6- الترجمة الناقصة أو السياق المفقود
تعني الترجمة الناقصة حذف كلمات أو عبارات معينة، وقد يكون ذلك لتبسيط الترجمة. قد ينجح هذا الأسلوب في بعض اللغات إذا كان الجمهور يفضل الرسائل القصيرة والدقيقة، ولكن في أغلب الأحيان يؤدي ذلك إلى فقدان جزءٍ من معنى النص المترجم، لذلك يجب على المترجم تجنُّب حذف بعض الكلمات والعبارات عند ترجمة النصوص لأن الترجمة غير الكاملة قد لا تنقل المعنى المقصود بدقة، وبالتالي على المترجم مراجعة الترجمة للتأكد من أنها تتضمن جميع المعلومات الضرورية.
هناك مشكلة أخرى للترجمة، وهي الافتقار إلى السياق، حيث يعتمد بعض المترجمون وأدوات الترجمة الآلية على الترجمة الحرفية كلمة بكلمة، ولكن هذا يمكن أن يكون خطأ لأن معنى الكلمات أو العبارات يختلف حسب الموقف أو ترتيب الكلمات في الجملة، لذلك على المترجم معرفة السياق الدقيق لتوضيح المعاني المختلفة، وتجنُّب المزيد من الأخطاء.
7- الترجمة الزائدة
ويحدث هذا عند إضافة أي معلومة لم تكن موجودةً في المستند المصدر، ويعدُّ هذا أقل شيوعاً، لكنه قد يسبّب مشكلاتٍ إذا كان النص المصدر حساساً أو إذا كان المؤلف لا يرغب بتحريف أقواله.
8- ترجمة المصطلحات
غالباً ما يتمّ استخدام العبارات الاصطلاحية في اللغات، وقد يكون من الصعب ترجمتها بدقة، لذلك يجب على المترجم البحث عنها في اللغتين المصدر والهدف للتأكد من معنى المصطلح قبل ترجمته وتفسيره. كما يتوجب عليه فهم المصطلحات الخاصة، والمصطلحات الداخلية، والاختصارات الخاصة بالصناعة للشركة التي يترجم عنها. إن الإفراط في استخدام المصطلحات يؤدي إلى الأخطاء في الترجمة عموماً، وقد تكون ترجمة المصطلحات التقنية صعبةً خاصةً إذا لم يكن المترجم على درايةٍ بالموضوع، لذلك يجب عليه البحث في المصطلحات والمفاهيم الفنية باللغتين المصدر والهدف أو التعاون مع خبيرٍ في هذا المجال لضمان دقة الترجمة.
9- الترجمة الآلية
رغم تحسُّن تكنولوجيا الترجمة، وبالرغم من أن الترجمة الآلية حققت تقدماً مذهلاً في معالجة اللغة المصدر إلا أنها لا تزال غير دقيقة، وما يزال هناك ترجمة سيئة، وأخطاء حتى مع أحدث الابتكارات في مجال الذكاء الصناعي، حيث لا تستطيع الترجمة الآلية دائماً التقاط الفروق الدقيقة في اللغة أو السياق، لذلك يفضل الاستعانة بمترجمٍ بشري لمراجعة النص المترجم آلياً وتدقيقه.
10- أخطاء في النص المصدر
إذا كانت جودة النص المصدر رديئة، فستكون جودة الترجمة منخفضة، لذلك يجب تدقيق جميع المصادر، واستبدال أي كلمات، أو عبارات مربكة، أو صعبة بصياغة أبسط للجمهور المستهدف.
11- ترجمة اللغة العامية
تعدُّ ترجمة اللغات العامية واللهجات المحلية صعبةً بشكلٍ عام، حيث يحتاج المترجم المحترف إلى معرفة اللغة المحلية لإنشاء نصٍّ بديلٍ جيد وذي معنى صحيح.
12- الترجمة الحرفية
الترجمة الحرفية هي واحدةٌ من أخطاء الترجمة الأكثر شيوعاً، وتتضمن الترجمة الحرفية ترجمة كل كلمة على حدا دون النظر في السياق والمعنى مع التغاضي عن الاختلافات النحوية، والهيكلية، والثقافية. تشوه الترجمة الحرفية معنى المحتوى، وغالباً ما تكون غير منطقية على الإطلاق.
13- إهمال وحدات القياس
وهذا شائع، فوحدات القياس تشمل تنسيق التاريخ، والوقت، والوزن، والعملة، والمسافة، وغير ذلك، فمثلاً: في بلاد العرب يستخدمون الأميال لقياس المسافة بينما يستخدم الأوربيون الكيلومترات، لذلك يجب على المترجم المتقن للغتين إجراء التحويلات اللازمة في وحدات القياس حتى يعطي نصاً محلياً مفهوماً باللغة المستهدفة.
14- ترجمة التعبيرات والشعارات الجذابة
قد تحمل اللغة المصدر تعبيراتٍ لا تحمل نفس المعنى في اللغة الأخرى، وبالتالي يتمُّ ترجمتها إلى نصٍّ مختلفٍ تماماً.
15- استخدام لغة قديمة
تتطور اللغات باستمرار مع إضافة كلماتٍ جديدة إلى القاموس بانتظام، ويحتاج محترفو اللغة إلى مواكبة الكلمات الجديدة، واستخدامها في الترجمة.
16- عدم تدقيق الترجمة
وهو أحد أخطاء الترجمة الأكثر شيوعاً، لذلك يجب على المترجم دائماً تدقيق الترجمة للتأكد من أنها دقيقة وصحيحة نحوياً، وسهلة الفهم، وتتضمن كل المعلومات الموجودة في المصدر بلا زيادة ولا نقصان، ويساعد هذا على تجنُّب أي سوء فهم أو ارتباك قد ينجم عن النص المترجم.
طرق لتجنُّب أخطاء الترجمة
وتتمثل إحدى طرق تجنُّب الأخطاء بالتعامل مع وكالة ترجمة ذات خبرة وسمعة جيدة جديرة بالثقة، ومن الضروري أن يتواصل المترجمون مع عملائهم لفهم متطلباتهم، فقد يكون لديهم مصطلحات لغوية محددة يفضل استخدامها. ومن المهمّ أن يعمل المترجم على تحسين مهاراته اللغوية، والاطلاع على كل جديد في مجاله من خلال الحضور، والمشاركة في المنتديات والمجتمعات عبر الأنترنت، ومن أهمّ طرق تفادي أخطاء الترجمة:
1- القيام بالتحرير اللاحق للترجمات الآلية
قد تكون الترجمات الآلية غير دقيقة في بعض الأحيان، لذلك قبل النشر لابدَّ من تعيين محررٍ بشري أو الاستعانة بأحد أعضاء الفريق لإجراء فحص جودة لأي محتوى مترجم آلياً.
2- الانتباه إلى الفروق الدقيقة في اللغة
إن تعلم وفهم الاختلافات النحوية بين اللغات يساعد المترجمين على تجنُّب الأخطاء البسيطة، وتجنُّب الترجمة الحرفية، مما يساعد في الحفاظ على سلامة العمل.
3- القيام بإجراء بحثٍ شامل
إن قراءة الكتب، والاستماع إلى الملفات الصوتية، والاطلاع على كتب القواعد، وحتى مراقبة لغة الجسد تساعد المترجمين على فهم معنى الكلمات والجمل المستخدمة بالطريقة الصحيحة في بلدٍ معين، مما يؤدي إلى تقليل الأخطاء الناجمة عن سوء استخدام الكلمات.
4- التدقيق
قراءة المادة ثم إعادة قراءتها تساعد المترجمين على اكتشاف الأخطاء، وتحديد أي تناقضاتٍ في الترجمة. يجب على المترجمين إضافة ملاحظات ختامية بعد الترجمة لمساعدة القراء على فهم معنى الكلمات أو سبب استخدامها، ويؤدي هذا إلى تحسين الجودة الشاملة.
5- استخدام أدوات ضمان الجودة
يمكن لأدوات الجودة مثل المدقق الإملائي أن يساعد في تحديد الأخطاء بمعدلٍ أسرع بكثير لكل من المحتوى المصدر والمحتوى المترجم، كما تساعد هذه الأدوات المترجمين على تحديد أجزاء الترجمة التي تقل عن مستوى القبول.
بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود فريق من المتخصصين في ضمان الجودة سيساعد في ضمان جودة المواد المترجمة النهائية، كما يمكن للمترجم الاستفادة من استخدام ذاكرة الترجمة التي تخزن الترجمات السابقة، وتقترحها لنصوص مماثلة، ويساعد ذلك في تحسين الاتساق والدقة في الترجمة، بالإضافة لتوفير الوقت والجهد.
أخطاء الترجمة كبيرة، ولكن يمكن تجنُّبها من خلال العمل بالسياق، والمعنى، والنحو، والبنية الأساسية، والاختلافات الثقافية الدقيقة، ويجب على المترجم التواصل مع العملاء، واختيار المهارات اللغوية المناسبة، والتحلي بشفافية العمل حتى يستطيع إعطاء ترجمة دقيقة لمتطلبات الحاجة والتوقعات. [1] [2] [3]
المراجع البحثية
1- Chappell, E. (2023, March 13). 10 common translation mistakesand how to avoid them. Schneiders Sprach Service. Retrieved June 16, 2024
2- Austin, R. (2022, December 22). Top 10 translation errors: How to find and fix them. Retrieved June 16, 2024
3- Grzankowska, M. (2022, December 18). Common translation mistakes. Foreign Tongues. Retrieved June 16, 2024
Comments are closed.