تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تعدُّ متلازمة بيكا (Pica) أو شهوة الغرائب اضطراباً شائعاً عند الأطفال الصغار، حيث يقوم الطفل بتناول المواد غير الغذائية بشكلٍ منتظمٍ ومتكرر، وليس بدافع الفضول والاستكشاف فقط، ويُصاب بها حوالي ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنة وست سنوات (على الرغم من عدم تشخيصه قبل سن الثانية)، وعادةً يكون الاضطراب مؤقتاً، ولكن في بعض الحالات قد يُسبّب مضاعفاتٍ خطيرة، مثل: انسداد الأمعاء، والتسمُّم بالرصاص، والاختناق.

ولا توجد طريقة مؤكدة للوقاية من حدوث اضطراب بيكا عند الطفل، ولكن يمكن تقليل نسبة حدوثه باتباع نظام غذائيّ متوازنٍ، والحصول على قدرٍ كافٍ من الفيتامينات والمعادن، إضافةً إلى الاستشارة النفسية، وتقديم الدعم المعنوي والعاطفي للطفل والوالدين. ^[1]

ما هي متلازمة بيكا عند الأطفال؟

اضطرابٌ غذائيٌّ يحدث فيه رغبةٌ قويةٌ بشكلٍ قهري عند الطفل لتناول مواد غير صالحة للأكل، مثل: الورق، الشعر، الطين، طلاء الجدران، ويحدث عند الأطفال الذين يعانون من نقص العناصر الغذائية، كالحديد، والزنك، أو عند المصابين بالاضطرابات العقلية والسلوكية، واعتماداً على طبيعة المادة المُتناولة، فقد يحدث عند الطفل انسداد في الأمعاء، أو آثارٌ جانبية سامّة، أو مشاكل صحية أخرى، ويوجد أنواعٌ متعددةٌ من اضطراب بيكا، وهي:

Geophagia -1: يأكل فيها الطفل المواد من الأرض، وهي الطين، والتراب، والرمل، والأوساخ.

Pagophagia -2: في هذا النوع يميل الطفل إلى تناول الثلج، والجليد، والمشروبات المثلجة بشكلٍ قهري، وهذا يُشاهد عادةً في فقر الدم بعوز الحديد.

Amylophagia -3: في هذه الحالة يرغب الطفل بتناول النشويات غير المطبوخة (الرز، والمعكرونة، ونشاء الذرة). ^{[1] [2]}

ما هي أسباب الإصابة بمتلازمة بيكا عند الأطفال؟

1- الإعاقات الذهنية، والاضطرابات النمائية: مثل: طيف التوحُّد، أو التخلف العقلي.

2- المشاكل النفسية والسلوكية: مثل: الفِصام، واضطراب الوسواس القهري.

3- سوء التغذية الشديد: فقد تساعد المواد غير الغذائية على الشعور بالشبع والامتلاء.

4- المستويات المنخفضة بشدة من الحديد أو الزنك في الجسم.

5- تعرُّض الطفل للإهمال وسوء المعاملة الشديد. ^[2]

ما هي أعراض الإصابة بمتلازمة بيكا عند الأطفال؟

يحدث عند الطفل المصاب باضطراب بيكا ميلٌ إلى تناول مواد لا تُعتبر طعاماً تقليدياً مثل: الورق، التراب، الطين، الطباشير، أعقاب السجائر، الأحجار، الألعاب، الأربطة المطاطية، القماش، الخيوط، الصوف، الصمغ، الشعر، طلاء الجدران. وتبعاً للمواد التي يتناولها الطفل، وما تحويه من مكونات سامّة وبكتريا، فقد يحدث لديه العديد من الأعراض، ومنها: ^[3]

1- غثيان وإقياء.

2- ألمٌ وتقلصاتٌ في البطن

3- إمساكٌ أو إسهال.

4- تعبٌ وإرهاق.

5- اضطراباتٌ سلوكية وتأخُّر دراسي.

6- كما قد يحدث سوء تغذية.

ما هي مضاعفات الإصابة بمتلازمة بيكا عند الأطفال؟

1- انسداد الأمعاء: يمكن للمواد غير الغذائية التي يتناولها الطفل أن تتراكم في الأمعاء مؤديةً إلى انسدادها، وهذا ما يُسبّب ألماً في البطن مع إقياء وإمساك، وقد تتطور الإصابة ليحدث نقص في تروية الأمعاء، ومن ثم تنخرُّها وتموُّتها.

2- القرحة المعدية: قد يحدث أذيّة في مخاطية المعدة مما يُسبّب قرحةً معديةً تتظاهر على شكل ألمٍ في البطن مع خروج دمٍ في البراز أو إقياءٍ مُدمّى، وفي الحالات المُتقدمة قد يحدث انثقاب.

3- التسمُّم بالرصاص: في حال كانت المواد التي يتناولها الطفل تحتوي على كمياتٍ من الرصاص مثل: طلاء الجدران سوف يتراكم مع الوقت خلال أشهر أو سنوات في الجسم، مما يُسبّب تأثيراتٍ سُمّية على أجهزة الجسم المختلفة، فيُسبّب اضطراباتٍ هضمية كالغثيان، والإقياء، واضطراباتٍ عصبية مثل: الصداع، نقص التركيز، ضعف في الذاكرة قصيرة الأمد، إحساسٌ بالخدر والتنميل، أذيّةٌ كلوية، ارتفاع الضغط الشرياني، إعتام عدسة العين، واضطراباتٌ سلوكيةٌ شديدةٌ عند الطفل.

4- اضطراب شوارد الدم، وفي حالاتٍ نادرةٍ قد يؤدي إلى حدوث نوبٍ اختلاجية.

5- قد يحدث تكسُّرٌ في الأسنان بسبب مضغ المواد الصلبة غير الغذائية.

6- الإنتانات بسبب الجراثيم والطفيليات التي تدخل الجسم مع المواد التي يتمُّ ابتلاعها. ^{[1] [4]}

ما هي أسباب متلازمة بيكا عند الأطفال المصابين بالتوحُّد؟

1- ردود الفعل الحسّية (التعزيز التلقائي): يُعتبر السبب الأكثر شيوعاً حيث يرغب الطفل في تناول المواد غير الغذائية للشعور بالمتعة، وهذا النوع من التحفيز يشابه سلوكيات اضطراب التوحُّد الأخرى كالدوران أو النظر إلى الأضواء.

2- عدم القدرة على التمييز بين المواد الطعامية، والمواد غير الغذائية، فيأكلونها لاعتقادهم بأنها صالحة للأكل.

3- نقص المُغذّيات: وهذا يشمل نقص مستويات الحديد أو الزنك في الجسم. ^[5]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بمتلازمة بيكا عند الأطفال؟

1- اعتماداً على عدة معايير

1- الإصرار على تناول مواد غير غذائية لمدة شهرٍ واحدٍ على الأقل.

2- أن يكون تناول هذه المواد ليس جزءاً من الثقافة أو العادات الاجتماعية لمنطقةٍ ما، فعلى سبيل المثال: بعض الثقافات تعتبر تناول الطين أحد العلاجات الطبية.

3- تبايُن المواد التي يأكلها الطفل حسب العمر والتوافر، فقد تشمل التراب، الرماد، الصوف، الطباشير.

4- يجب أن يكون تناول هذه المواد لا يتوافق مع عمر الطفل ونموه، فالأطفال بعمر أقل من سنتين يميلون إلى وضع الأشياء في أفواههم من أجل الاستكشاف، وهذا يُعتبر جزءاً من التطور الطبيعي للطفل، لذلك لا يُشخّص اضطراب بيكا قبل عمر السنتين.

5- الأطفال المصابون باضطراب بيكا يتناولون المواد الغذائية عموماً، ولا يشعرون بالنفور منها.

6- أن يكون عند الطفل عوامل خطر للإصابة، مثل: الاضطرابات الذهنية.

2- إجراء التحاليل المخبرية والشعاعية

1- التحاليل الدموية: للبحث عن علامات سوء التغذية، مثل: فقر الدم أو الاضطرابات المرافقة، مثل: التسمُّم بالرصاص، أو الإنتانات.

2- التصوير الشعاعي: مثل: الأشعة السينية، وإيكو البطن للبحث عن علامات انسداد الأمعاء.

3- فحص البراز: للبحث عن عدوى طفيلية مرافقة.

4- كما يتمُّ إجراء تقييمٍ نفسي للطفل، وذلك لتحديد مستوى تطور الطفل العقلي، والفكري، والإدراكي، وللبحث عن وجود اضطراباتٍ نفسيةٍ وسلوكيةٍ مرافقة تساهم في هذا الاضطراب، مثل: الوسواس القهري، واضطراب طيف التوحُّد. ^{[3] [6]}

كيف يتمُّ علاج الإصابة بمتلازمة بيكا عند الأطفال؟

1- اتباع نظامٍ غذائيّ صحي ومتوازن مع إعطاء المُكمّلات الغذائية الحاوية على الزنك أو الحديد، وذلك حسب نوع العوز الموجود عند الطفل.

2- تقديم المشورة النفسية، والدعم المعنوي، والعاطفي للطفل، والأبوين.

3- إعطاء الصادّات الحيوية أو الأدوية المضادة للطفيليات في حال وجود إنتانات جرثومية أو طفيلية مرافقة. 

4- علاج المضاعفات كالانسداد المعوي، والذي يحتاج إلى التداخل الجراحي.

5- إزالة المواد غير الغذائية المُفضّلة عند الطفل من المنزل، وإبعاد أي مواد خطيرة كالمواد الكيماوية من أمامه.

 6- المراقبة اللصيقة للطفل ومنعه من تناول مواد غير غذائية، وتدربيه على التمييز بين المواد الطعامية والمواد غير الصالحة للأكل.

 7- اعتماد نظام المكافأة والثناء لتعزيز السلوكيات المرغوبة، مثل: إعطاء الطفل لعبة أو القيام بنزهة عند تناول أطعمة صحية.

8- بعض الأطفال يحتاجون إلى علاجٍ معرفي سلوكي. ^{[2] [3] [6]}