تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعتبر الحَوَل (Strabismus) من العيوب البصرية الواسعة الانتشار عند الأطفال، والاسم مُشتقٌّ من كلمةٍ يونانية، وتعني (العيون التي تنظر بشكلٍ غير مباشر)، وتُسمّى العيون المصابة بالحَوَل العيون الحولاء، أو العيون المتقاطعة، أو العيون الجدارية،

وفي الحالة الطبيعية يتمُّ تثبيت كلتا العينين بالتساوي أثناء التركيز على جسمٍ ما مع وضع الرأس في الموضع الطبيعي الأساسي، أما في حالة الحَوَل، فتنحرف إحدى العينين أو كلاهما إلى الداخل، أو الخارج، أو الأعلى، أو الأسفل، ويبدو أنها في حالة عدم محاذاةٍ نحو اتجاه الجسم الذي يتمُّ التركيز عليه.

ويمكن أن يكون بسبب خطأٍ انكساري أو تشوُّهاتٍ في اندماج العينين أو تشوُّهاتٍ عصبية عضلية في حركات العين، وفي حال تمَّ تشخيص الحَوَل، وعلاجه باكراً، فالنتائج تكون جيدة، ويتمُّ العلاج عادةً عن طريق تصحيح الأخطاء الانكسارية، وتمارين تقويم البصر، والرقعة الانسدادية، والأدوية الموضعية، والعلاج الجراحي. ^[1]

كيف يتمُّ علاج الحَوَل عند الأطفال؟

1- النظارات أو العدسات الطبية

في بعض الأحيان يمكن علاج الحَوَل باستخدام النظارات، وذلك في حال وجود عيوب انكسارٍ غير مُصحّحةٍ عند الطفل، ففي حال كانت رؤية الطفل ضبابيةً بسبب قصر النظر أو طول النظر، فقد يضطر إلى بذل جهدٍ ليرى بوضوح، وهذا الإجهاد يمكن أن يجعل العينين تنحرفان عن بعضهما، ويمكن للنظارات تصحيح الحَوَل لدى هؤلاء الأطفال.

2- العدسات المنشورية (Prism lenses)

عبارةٌ عن نوعٍ خاصٍّ من العدسات تكون سماكتها في جانبٍ واحد أكثر من الجانب الآخر، حيث يغير المنشور من اتجاه الضوء الذي يدخل إلى العين، ويُقلّل مقدار الدوران الذي يجب أن تقوم به العين لرؤية الأشياء.

3- تمارين تقوية العين

حيث يتمُّ تطبيق برنامجٍ منظّمٍ من الأنشطة البصرية لتحسين التنسيق بين العينين، وتعزيز الاتصال بين العين والدماغ، ويمكن أن يتمّ العلاج في عيادة طبيب، وكذلك في المنزل، ومن هذه التمارين ما يلي:

تمرين الضغط بقلم الرصاص (Pencil Push Ups)

هو أحد أنواع تمارين العين التي يمكن استخدامها للمساعدة في علاج أنواعٍ معينة من الحَوَل، حيث يمكن أن تساعد في تدريب العينين على التركيز على نقطةٍ واحدة أو جسمٍ قريب، ويتمُّ عن طريق حمل قلم رصاصٍ على مسافة ذراعٍ بعيداً عن الوجه مع جعل الجزء العلوي من قلم الرصاص على مستوى العين.

ثم تتحرك الذراع نحو الوجه مع تركيز العينين على الجزء العلوي من قلم الرصاص، مع محاولة الاحتفاظ بقلم الرصاص كصورةٍ واحدة، وفي حال أصبح قلم الرصاص صورتين، يتمّ التوقف والتركيز حتى يصبح صورةً واحدة، وينبغي إجراء ذلك لمدة 30 ثانية و3 مرات في اليوم.

سلسلة بروك (The Brock String)

يمكن أن تساعد العينين على العمل معاً، والتنسيق عند النظر إلى جسمٍ قريب، وعادةً ما تكون عبارةً عن خيطٍ أبيض فيه ثلاث خرزاتٍ ملونة باللون الأحمر، والأصفر، والأخضر، وتكون المسافات بينها متساوية، ويعمل تمرين الخيط من خلال تثبيت أحد طرفي الخيط على جسمٍ ثابت، وإمساك الطرف الآخر من الخيط بالقرب من الأنف، ومن ثم ينظر الطفل إلى الخرزة الأقرب له، وسيرى الطفل خيطين على شكل حرف X.

بالإضافة إلى صورةٍ واحدةٍ للخرزة إذا كان لديه رؤية بدون حول، أما الذي يعاني من الحول، فيرى صورتين للخرزة، وفي هذه الحالة يجب تحريك الخرزة إلى الخلف حتى تكون هناك صورة واحدة فقط، والهدف من التمرين هو التمكن من تحريك الخرزة بالقرب من العين دون أن تنقسم صورة الخرزة إلى صورتين.

بطاقات البرميل (Barrel Cards)

يمكن استخدامها للمساعدة في علاج أنواعٍ معينةٍ من الحَوَل، حيث يمكن أن تساعد في تدريب العينين على التقارب أو التركيز على نفس الشيء معاً، وهي عبارةٌ عن بطاقة مرسوم على أحد جوانبها ثلاثة أشكال (براميل) باللون الأحمر مختلفة الأحجام، بينما على الجانب الآخر من البطاقة يكون هناك ثلاثة براميل، ولكن باللون الأخضر، ويتمُّ رفع البطاقة إلى الأنف بحيث يكون البرميل الأكبر بعيداً، ويتمُّ تركيز العينين على البرميل الأبعد حتى تتقارب الألوان، ويتضاعف البرميلان المتبقيان، وينبغي بعد ذلك تكرار ذلك مع البرميل الأوسط، والبرميل الأقرب إلى العين.

4- الترقيع أو قطرات العين (Patching or eye drops)

في بعض الأحيان قد يوصي طبيب العيون برقعةٍ أو قطراتٍ لتقوية عين الطفل الأضعف، وهذا يمكن أن يسهل على الطفل إبقاء عينيه مستقيمتين.

5- حقن البوتوكس (Botox injections)

يتمُّ في بعض البلدان تقديم حقن البوتوكس توكسين البوتولينوم أ (Botulinum toxin A) كأحد الخيارات المُستخدمة لعلاج الأطفال المصابين بالحول، وذلك إما كعلاجٍ بديل عن جراحة عضلات العين أو في حال فشل الجراحة، وبالنسبة للمراهقين، والأطفال الأكبر سناً يمكن تقديم هذا الإجراء في العيادة، أما بالنسبة للأطفال الصغار يتمُّ إجراء العملية في غرفة العمليات مع تخديرٍ بسيط، ولكن دون الحاجة إلى إجراء جراحةٍ عضلية.

6- العلاج الجراحي

غالباً ما يتمّ إجراء الجراحة لتصحيح محاذاة عيون الطفل، بينما يكون الطفل نائماً تماماً تحت التخدير العام، حيث يقوم طبيب العيون بعمل قطعٍ صغير في الأنسجة التي تغطي العين للعثور على عضلات العين داخل مقبس العين، ويمكن للجراح إضعاف العضلات لجعلها تسحب بشكلٍ أقل، أو يمكن شدُّ العضلات لجعلها تسحب بقوةٍ أكبر ، وقد يلزم القيام بذلك في إحدى العينين أو كلتيهما ، وقد يحتاج بعض الأطفال إلى عمليةٍ جراحيةٍ ثانية لمحاذاة أعينهم.

وبعد الجراحة، يمكن لمعظم الأطفال العودة إلى روتين حياتهم اليومي في حوالي 2 إلى 3 أيام، وعادةً ما تكون جراحة الحَوَل طريقةً آمنةً وفعالةً لعلاج اختلال العين، ولكن كما هو الحال مع أي عمليةٍ جراحيةٍ هناك خطورةٌ تتعلق بجراحة الحَوَل، ورغم كونها نادرة، ولكن يمكن أن تكون خطيرة. ^{[2] [3] [4]}

ما هي مضاعفات العمل الجراحي على الحَوَل عند الأطفال؟

1- انثقاب الصلبة

يحدث بسبب مرور إبرة الخياطة عبر الصلبة من ممرٍّ عميقٍ غير مقصود، وقد تحدث الثقوب عندما يتمُّ وضع الغرز في الصلبة الطبيعية الرقيقة مباشرةً خلف موضع إدخال العضلة، وكذلك أثناء تشريح الوتر العضلي وعزله وإخراجه، ويختلف معدل حدوث انثقاب الصلبة بشكلٍ كبير، حيث تتراوح التقديرات الحالية من 0.3 إلى 7.8 بالمئة.

ويزداد خطر حدوث الانثقاب في حال وجود قصر نظرٍ شديدٍ، أو تندُّباتٍ أو نزيف كبير، وانثقاب الصلبة عادةً لا يخلق مشكلةً أخرى غير ندبة المشيمية والشبكية، ولكن في بعض الحالات يمكن أن يؤدي إلى التهاب باطن المقلة، أو نزيف الجسم الزجاجي، أو انفصال الشبكية.

2- العدوى

 يمكن أن تحدث بعد العملية الجراحية في حال عدم الالتزام التام بقواعد التعقيم أو إذا كان الطفل يعاني من حالةٍ موجودةٍ مسبقاً، مثل: التهاب الجفن، أو تضيُّق مجرى الدمع، وغيرها من الحالات التي قد تزيد من عدد البكتيريا في موقع الجراحة، وتحدث معظم حالات العدوى حول الشقّ الجراحي الأولي في الملتحمة.

وتظهر خلال الأسبوع الأول عادةً، وتتظاهر بألمٍ وتورُّمٍ، وانتفاخٍ مع حدوث إفرازات، وفي حالات نادرة يمكن للعدوى أن تخترق مكاناً أعمق في الحجاج، وتُسبّب تورُّم الجفن، والتهاب النسيج الخلوي الحجاجي، وفي بعض الأحيان يمكن أن يحدث التهاب باطن المقلة إما مع أو بدون ثقب الصلبة، وتشمل الجراثيم الأكثر شيوعاً: المكورات العنقودية المذهبة، والمكورات العقدية المجموعة أ، والمكورات العنقودية سلبية التخثُّر.

3- ردُّ فعلٍ تحسّسي

 يحدث عند الأطفال الذين لديهم حساسية تجاه المواد أو الأدوية المُستخدمة في الفترة المحيطة بالجراحة، ويزداد خطر حدوث ردّ الفعل التحسّسي لدى الأطفال الذين لديهم تاريخ من تفاعلات فرط الحساسية، أو الحساسية الجهازية، أو الربو.

4- الورم الحبيبي القيحي

يشعر الطفل بشكلٍ مستمر بوجود جسمٍ غريبٍ في العين بعد العملية الجراحية، ويُظهر الفحص وجود كتلةٍ موضعيةٍ مرتفعة ومفرطة في موقع الخياطة، ويبلغ قطرها عادةً أقل من 1 سم.

5- تراجع أو تدلّي الجفن

ويمكن أن يحدث هذا لأن مبعدات الجفن (خاصةً في الجفن السفلي) تكون ملتصقةً بالحاجز العضلي، والأنسجة اللفافية حول العضلات المستقيمة العمودية.

6- التغيير في الانكسار

يحدث بعد العملية الجراحية نتيجةً للتغير في القوة التي تضعها العضلة خارج العين على القرنية من خلال ارتباطها بالصلبة، وبمرور الوقت يصل هذا التغيير في القوة إلى توازنٍ جديدٍ مع استعادة شكل انكسار القرنية الأصلي.

7- انزلاق العضلة

يحدث عندما يتمُّ استخدام غرزٍ أقلّ من السماكة المطلوبة لالتقاط كامل الوتر العضلي، مما يؤدي إلى التقاط المحفظة العضلية السطحية فقط، مما يؤثر على حركة العين، وقد تحتاج إلى تداخلٍ جراحيٍّ ثانٍ.

8- تشكل كيسات بشروية مشتملة ضمن الملتحمة

وذلك عندما يتمُّ دخول الخلايا الظهارية للملتحمة إلى طبقةٍ أعمق أثناء الجراحة، ويمكن أن تتكاثر هذه الخلايا بمرور الوقت لتكوين كيسةٍ تحت المُلتحمة بعد أيام إلى سنوات من الجراحة الأصلية، وتتراوح نسبة الإصابة بها من 0.25 إلى 0.4 بالمئة، ويزداد خطر الإصابة بها عندما لا يتمُّ إغلاق جرح المُلتحمة بدقةٍ أثناء الجراحة. ^[5]