رهاب البدايات – أشكاله، أعراضه وكيفية التعامل معه
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
ما هو رهاب البدايات؟
هو نوعٌ من الاضطرابات التي تنشأ عند الفرد نتيجة مشاعر متنوعة من القلق والخوف، والتي يبدأ ظهورها تماشياً مع بداية مشروعٍ جديدٍ شخصي أم مهني، أو بداية عملٍ جديد، أو الزواج، أو الانتقال للعيش بمدينةٍ أخرى، وتشمل هذه الاضطرابات مجموعةً من المشاعر السلبية، كالتوتُّر، والتردُّد، والاكتئاب. [1]
أشكال رهاب البدايات
1- التفكير في الأسوأ دائماً
قد يعاني الشخص من التفكير الدائم في سيناريوهاتٍ سلبية، ويربط البدايات الجديدة بأمور سيئة، وأحداث غير مفائلةٍ أبداً تدعو صاحب العلاقة للتراجع والخوف من اتخاذ أي خطوةٍ جديدة، مما يؤدي للوقوع بالأخطاء، والتعرُّض للإحراج والفشل.
2- التأجيل والمُماطلة
خوف الشخص من خوض تجارب جديدة قد يؤدي إلى تأجيل أمور كثيرة مهمّة أو التأخير المستمر في حسم بعض الأمور، مما يخلق مللاً وخوفاً مفرطاً من أصغر وأدق التفاصيل، وقد يفضّل الشخص البقاء في منطقة الراحة بدلاً من مواجهة تحدّياتٍ جديدة.
3- القلق والارتباك الدائم
في بعض الأوقات يواجه الفرد الذي يعاني من رهاب البدايات صعوبةً في الثبات على قرار أو الشروع في خطوةٍ جديدةٍ للأمام، وذلك بسبب الخوف من النتائج غير المُرضية أو الفشل.
ما هي أسباب رهاب البدايات؟
رهاب البدايات ليس حدثاً مفاجئاً، بل غالباً ما يكون نتيجة عوامل نفسية، وضغوطاتٍ اجتماعيةٍ تتداخل مع بعضها لتشكل هذا النوع من الرّهاب، ومن أهمّ أسبابه: [2]
1- الخوف من الفشل
وهو أحد أهمّ أسباب رهاب البدايات، فالكثير من الأشخاص يشعرون بالقلق حيال عدم النجاح في البدايات الجديدة، خاصةً إذا كان التحدّي كبيراً، ويتطلب بذل جهدٍ كبير، وتترتّب عليه عواقب كبيرة.
2- الخوف من المستقبل
لا يمكن لأي شخصٍ عندما يبدأ عملاً جديداً أن يتنبّأ بنجاحه أو فشله، لأن ذلك يحتاج دراسةً تحليليةً دقيقةً بشأن بعض المؤشرات التي من الممكن أن تكون إيجابيةً أو سلبية، وهذا يخلق شعوراً بعدم الأمان، ويعزّز من الإحباط الأمر الذي يجنّبه خوض تجربةٍ جديدة.
3- تجارب سلبية سابقة
قد تلعب التجارب في حياة الإنسان دوراً مُحفّزاً للاستمرارية أو الوقوف في منتصف الطّريق، وعدم الاستمرار، خاصةً إذا كانت التجارب فاشلةً وسلبية.
4- الضغط الاجتماعي والتوقُّعات تجاه ذلك
إن الضغوط الاجتماعية تعدُّ عاملاً مهماً آخر في تشكل الرّهاب، أحياناً قد يكون لدى الفرد توقُّعاتٍ تجعله يشعر بأن البداية يجب أن تكون مثاليةً ودون أخطاء، ويمكن أن يخلق هذا الضغط خوفاً كبيراً من الوقوع في الفشل الأمر الذي يحطم أي طموح، ويجعله مستحيل الحدوث، وقد يشعر البعض الآخر أن عليهم التكيُّف مع معايير وشروط اجتماعية محددة لا تناسبهم الأمر الذي يعوق تقدَّمهم أو تخطيطهم لحدثٍ لاحق.
5- فقدان الثقة بالنفس
وهي أحد الأسباب المهمّة التي تؤدي إلى الإصابة بهذا الرهاب، فإذا كان الفرد يفتقر لحب نفسه، وتقبُّلها كما هي، ولديه نقصٌ كبيرٌ في مقدار الثقة بالنفس، فإنه حتماً سيعاني من خوف البداية، لأنه يرى نفسه ضعيفاً غير قادرٍ على تحمُّل المسؤولية، مما سيجعله متردّداً غير قادرٍ على حسم قراراته.
6- التعوُّد على الراحة
من الطبيعي جداً أن يشعر الإنسان بالراحة في المكان الذي يعرفه، ويتأقلم معه، فبقاء الإنسان ضمن منطقة الأمان يعدُّ عاملاً ومسبباً قوياً للرهاب، لأن ذلك يجعل من الفرد كائناً هشاً ضعيفاً غير قادرٍ على حماية نفسه، والسبب أنه بقي معزولاً عن كل التحدّيات الخارجية، بالتالي لم يخضع لأيٍّ من التجارب القاسية، ولم يتعرّض مُسبقاً لروتينٍ جديد.
ما هي أعراض رهاب البدايات؟
رهاب البدايات لا يظهر فقط كأحداثٍ وأفكار سلبية أو قلقٍ عقلي، بل يرافقه مجموعة من الأعراض الجسمية والنفسية التي من الممكن أن تؤثر بشكلٍ كبيرٍ على حياة الفرد اليومية، ومن أبرزها: [3]
1- الأعراض النفسية
القلق المستمر
يعدُّ أحد أهمّ الأعراض النفسية الأكثر شيوعاً، فالشخص المصاب برهاب البدايات من الممكن أن يواجه حالةً من القلق المتزايد حول ما إذا كان سيفشل، أو سينجح، أو إذا كانت قراراته صحيحة، فالقلق قد يكون مصحوباً بأفكار غير منطقيةٍ ومتسارعة.
الأفكار السلبية
يتعرّض الأفراد الذين يعانون من الرّهاب إلى التفكير المتشائم دوماً وبشكلٍ مستمر، لأنهم يظنون أن البداية ستكون صعبةً جداً أو أنهم غير مؤهّلين للتعامل مع التحدّيات، وبالأخص إذا كانت جديدةً من نوعها.
2- الأعراض الجسمية
وهي متنوعة:
زيادةٌ في ضربات القلب
فهذه الاستجابة عند الإنسان تبدو طبيعيةً نظراً لأنها جزءٌ من ردود الفعل التلقائية، لكنها تشير إلى مدى تأثير الرهاب النفسي على الجسم، بالتالي ازدياد في ضربات القلب.
التّعرُّق الزائد
في حالات الخوف الشديدة قد يعاني الفرد من التعرُّق المفرط حتى ولو لم يكن هناك نشاطٌ بدنيّ، وقد يكون ذلك مصحوباً بعمليات تفكيرٍ سريعة تتطلب اتخاذ قراراتٍ جريئة.
الشعور بالإغماء والدوّار في بعض الأوقات
بعض الأشخاص المصابون برهاب البدايات يعانون من دوارٍ خفيفٍ أو حالاتٍ من الإغماء بسبب حجم التوتر الذي يصيب الفرد، وذلك يحدث عند التفكير في مواجهةٍ جديدةٍ أو عند التعرُّض لموقفٍ يصعب الخروج منه إلى منطقة الراحة التي كان بها مُسبقاً.
كيف يتمُّ التعامل مع رهاب البدايات؟
رهاب البدايات رغم تأثيره الكبير، إلا أنه يمكن التّغلب عليه باستخدام مجموعةٍ من الاستراتيجيات النفسية، وبعض الأساليب العملية: [4]
1- ممارسة تمرين التفكير الإيجابي
يمكن القيام به من خلال التّخيُّل والتّعبير الإيجابي، حيث يكتب الشخص، ويسجل أفكاره وما يودُّ أن يحققه، ويضع هدفه بشكلٍ واضح، ويتحدّى الأفكار السلبية بقوة.
2- التركيز على الفرصة لا المخاوف
يجب أن يضع الفرد مخاوفه وأخطاءه السابقة وراء ظهره، وألا يلتفت لها أبداً مهما حصل كي لا يثبط ذلك من عزيمته، فكل بدايةٍ هي فرصةٌ جديدةٌ للتطوُّر الشخصي والمهني، لذلك يجب التفكير في الإمكانيات لا في المخاوف المقترحة، وذلك بالشكل الذي يساعده على تغيير التّصور العام تجاه فكرة البدايات.
3- العلاج المعرفي السلوكي
يساعد هذا العلاج على معرفة الأفكار السلبية وتحديدها، ومن ثم العمل على تغييرها من خلال تقنياتٍ عملية، وبمساعدة أخصائي نفسي، وقد تكون الفضفضة جزءاً من هذه التقنيات، حيث يتمُّ استخدامها لتخفيف آثار الضغط الداخلي والمكبوت لدى الفرد، إضافةً أنه يتعلم كيفية التعامل مع المواقف الصعبة، وتجاوزها دون أن تترك آثار عميقة جارحة في ذهن أي فرد، والعمل على تحويلها لأفكار واقعية، واستخراج منفعةٍ ذاتية مما حصل معه، ولو كانت نصيحةً أو درساً بسيطاً.
4- التوجُّه المهني أو الفردي
الحصول على دعمٍ اجتماعي أو توجيه من أخصائي يمكن أن يساعد بشكلٍ كبيرٍ في الحدّ والتّغلُّب على الرهاب، فمن الممكن أن يلجأ الفرد إلى شخصٍ آخر مرَّ بذات التجربة للحصول منه على الدعم والمشورة.
5- الاعتراف بالأخطاء واعتبارها تجارب عابرة
الأشخاص الذين يتبنّون عقلية النجاح لا يركزون على مقدار أغلاطهم بقدر ما يركزون على حجم الفوائد التي تعلموها وأصبحت درساً لا ينسى، فالتغيير في معتقدات الشخص يساعد على تقليل الخوف، ويعزّز من رغبته في المحاولة مجدّداً دون مللٍ أو تعب.
6- إتمام كل خطوةٍ بشكلٍ تدريجي
مع كل خطوةٍ بسيطةٍ يتمُّ إنجازها يصبح لدى الفرد عزيمةً ومهارةً لتجربة أشياء أكبر وأكثر مسؤولية، فمع الوقت سيشعر الفرد أنه قادرٌ على مواجهة التحدّيات مهما بلغت صعوبتها، مما يحفّز على الإنجاز دون توقُّف.
المراجع البحثية
1- Fritscher, L. (2024, January 22). Coping with the fear of new things. Verywell Mind. Retrieved November 20, 2024
2- Specific phobias – Symptoms and causes. (n.d.). Mayo Clinic. Retrieved November 20, 2024
3- Avoidant/Restrictive Food intake Disorder (ARFID) (for parents). (n.d.). Retrieved November 20, 2024
4- Healthdirect Australia. (n.d.). Facing and overcoming fears. Retrieved November 20, 2024