تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يُعتبر الانغلاف السبب الأشيع لانسداد الأمعاء عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر إلى 3 سنوات، وحوالي 80 إلى 90 بالمئة من الحالات تحدث بعمرٍ أقلَّ من سنتين، ويكون معدّل الإصابة عند الذكور أعلى من الإناث، وبشكلٍ خاص بعد عمر 4 سنوات. في بعض الحالات قد تعود الأمعاء إلى وضعها الطبيعي دون علاج.

ولكن في حال لم يحدث ذلك فإن أجزاء الأمعاء التي تعرَّضت للانغلاف تصبح معرَّضةً للانسداد، والتموُّت، والانثقاب، كما قد يحدث التهاب صفاق مرافق قد يتسبّب ذلك بوفاة الطفل في حال عدم التداخل العلاجي المناسب. ^[1]

ما هو انغلاف الأمعاء عند الأطفال؟

انغلاف الأمعاء (Intussusception) هو حالةٌ خطيرةٌ مهددةٌ للحياة تحدث عندما تنزلق قطعة من الأمعاء لتدخل في القطعة التي تليها، وهذا ما يعرّض القطعة التي انزلقت إلى الانسداد مما يمنع مرور المواد الغذائية من خلالها، كما أنها تتعرّض لانقطاع التروية الدموية، والذي يتظاهر بدايةً باحتقانٍ ووذمةٍ في القطعة الداخلة.

ومن ثم مع تقدّم الإصابة يحدث نخرٌ وتموُّت لها، وتصبح معرَّضةً للانثقاب، وانثقاب الأمعاء بدوره يسمح بمرور الجراثيم إلى تجويف البطن، ويؤدي إلى حدوث التهاب الصفاق (غشاء يُبطّن تجويف البطن يتكون من وريقتين حشوية وجدارية). ^{[1] [2]}

ما هي أعراض انغلاف الأمعاء عند الأطفال؟

يتظاهر انغلاف الأمعاء عند الطفل بنوباتٍ من الألم البطني والإقياء عند طفل يبدو سليماً ظاهرياً، حيث يحدث ألمٌ شديدٌ مفاجئٌ مترافقٌ مع بكاءٍ بصوتٍ عالٍ، ويقوم الطفل بسحب فخذيه باتجاه البطن، وتترافق النوبة مع شحوبٍ، وتعرقٍ بارد، ومن ثم يبدأ حدوث الإقياءات عند الطفل، وتستمر النوبة من 15 إلى 20 دقيقة، ثم يعود الطفل طبيعياً لمدةٍ قصيرة، ومن ثم تبدأ نوبةٌ جديدة.

وعندما تنقطع التروية عن الأمعاء يصبح الألم مستمراً، ويصبح الطفل إما شديد الهياج أو خاملاً، وقد يكون البراز في البداية طبيعياً ثم يصبح مُدمّى حيث يظهر بلون أحمر ثم يصبح مخاطي مدمى وهذا ما يُسمّى بعلامة هلام الكرز، وعادةً تحدث في المراحل المتقدمة من الإصابة. ^{[1] [2]}

ما هي أسباب انغلاف الأمعاء عند الأطفال ؟

معظم حالات انغلاف الأمعاء عند الأطفال تكون مجهولة السبب، وفي 25 بالمئة فقط من الحالات يمكن تحديد سببٍ كامن، وتشمل بعض الأسباب المحتملة لحدوث الانغلاف: ^{[1] [3]}

1- بعض الدراسات ترجّح أن سبب الانغلاف قد يعود إلى ضخامة الأنسجة اللمفاوية الموجودة في لويحات باير في الأمعاء بعد إنتانٍ تنفسي (فيروسي أو جرثومي)، والتي قد تكون نقطةً رئيسيةً لبدء الانغلاف.

2- كما قد أوجدت بعض الدراسات وجود علاقةٍ بين الإنتان المعوي بفيروس الروتا (Rotavirus) وبين حدوث الانغلاف.

3- قد يترافق انغلاف الأمعاء مع وجود رتج ميكل عند الطفل، وهو عبارةٌ عن جيبٍ صغيرٍ (كيس) يتواجد عند الطفل منذ الولادة (خلقي) يتوضَّع في القسم البعيد من الأمعاء الدقيقة، ويمكن أن يتعرَّض للانغلاف أو الانسداد.

4- يمكن أن تؤهب البوليبات المعوية لحدوث الانغلاف عند الطفل، وهي عبارةٌ عن نتوءاتٍ صغيرةٍ في جدار الأمعاء.

5- كما أن إصابة الطفل باللمفوما (سرطان الغدد اللمفاوية) ومختلف أنواع الأورام الأخرى يمكن أن يؤهّب لحدوث الانغلاف لديه.

6- قد يترافق انغلاف الأمعاء مع إصابة الطفل بفرفرية هينوخ شونلاين.

7- قد يحدث الانغلاف بعد العمليات الجراحية على البطن بسبب تشكُّل الالتصاقات.

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بانغلاف الأمعاء عند الأطفال؟

1- القصة المرضية والأعراض السريرية (الألم النوبي مع البكاء الشديد، الإقياء).

2- الفحص السريري

الذي يبيُّن في البداية البطن ليّناً مع وجود فراغٍ في الحفرة الحرقفية اليمنى، ووجود كتلة (عبارة عن مُركّب الانغلاف) أعلى وأيمن السرة بسبب اندفاع مُركّب الانغلاف نحو الخط المتوسط للبطن وباتجاه الأعلى، في حال حدوث انسداد في الأمعاء يصبح البطن متمدداً وقاسياً، أما في حال وجود انثقاب يصبح البطن لماعاً ومؤلماً بالفحص.

وعند إجراء مسٍّ شرجي في حال وجود انغلاف أمعاء يتمُّ ملاحظة مخاطٍ مُدمّىً على قفاز الطبيب الفاحص (علامة هلام الكرز)، كما يكون المستقيم فارغاً في حال الانسداد المعوي المرافق.

3- إجراء تصوير بالأمواج فوق الصوتية (الإيكو)

يُعتبر هذا الإجراء ذو حساسيةٍ ونوعيةٍ عالية في حال تمَّ إجراؤه بأيدٍ خبيرة، ويمكن استخدامه لتأكيد تشخيص انغلاف الأمعاء عند الطفل، ولكن لا يمكن الاعتماد عليه لنفي التشخيص.

4- إجراء صورةٍ شعاعيةٍ بسيطة للبطن

بوضعية الوقوف حيث تبيُّن غياب الغازات في الحفرة الحُرْقفية اليمنى، في حال وجود انسدادٍ معوي يمكن رؤية سوياتٍ سائلةٍ غازية.

5- استخدام الحقنة الشرجية بالباريوم للتشخيص والعلاج

حيث يتمُّ حقن سائلٍ في المستقيم يحتوي على الباريوم (مادة ظليلة على الأشعة)، ومن ثم يتمُّ إجراء صورة بالأشعة السينية مما يعطي صورةً واضحةً نسبياً للكولونات، كما يمكن أثناء إجرائها حقن هواءٍ داخل المستقيم، والهواء بدوره يؤدي إلى تمدُّد الكولونات، ويسهم في تحسين مظهرها على الصورة الشعاعية. ^[4]

كيف يتمُّ علاج انغلاف الأمعاء عند الأطفال؟

يتمُّ قبول الطفل ضمن المستشفى، وذلك لأن انغلاف الأمعاء يُعتبر حالةً إسعافيةً تستوجب التداخل العلاجي السريع لمنع حدوث التجفاف، وتموُّت الأمعاء والتهاب الصفاق، حيث يتمُّ تعويض السوائل وإصلاح الشوارد، ونقل البلازما، وإعطاء الصادّات الحيوية، وذلك تبعاً لحالة كل طفل، وتتضمن الخيارات العلاجية المُتاحة لإصلاح الانغلاف: ^{[5] [6]}

1- الحقنة الشرجية بالباريوم

 هي وسيلةٌ تشخيصيةٌ وعلاجيةٌ في وقتٍ واحد، ومن شروط إجرائها:

– غياب علامات انسداد أو انثقاب الأمعاء.

– عدم وجود علامات التهاب الصفاق.

– ويجب ألا يكون الانغلاف ناكساً أيضاً.

– كما يجب أن تكون العلامات الحيوية للطفل مستقرةً، ولا توجد عليه علامات الصدمة.

– كما ينبغي وجود طبيب جراحة أطفال عند إجرائها لأنها تحمل خطراً ضئيلاً لحدوث انثقاب الأمعاء.

2- العلاج الجراحي

يتمُّ القيام بالعمل الجراحي عندما لا يمكن إجراء الحقنة الشرجية بالباريوم أو عند فشل العلاج بها، ويتمُّ عن طريق إجراء شقٍّ معترضٍ في الجهة اليمنى من البطن إلى الأعلى قليلاً من السرّة، وفي حال غياب علامات تموُّت الأمعاء يتمُّ ردُّ الانغلاف بمناورةٍ خاصة.

أما في حال وجود تنخُّرٍ وتموُّت في جزءٍ من الأمعاء يتمُّ استئصاله، وفي حال وجود ورمٍ أو رتج ميكل مرافقٍ للانغلاف يتمُّ استئصاله أثناء الجراحة.