تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يشير مصطلح النسخ ثلاثي الأبعاد (3D Scanning) إلى عملية تصوير جسمٍ مادي لتمثيل شكله وأبعاده بدقةٍ في بيئةٍ رقمية، ويمكن أن يكون هذا الجسم أيَّ كائنٍ، أو شخصٍ، أو أي شيء في البيئة المحيطة. يلتقط جهاز النسخ ثلاثي الأبعاد ارتفاع الجسم، وعرضه، وعمقه مثلما تلتقط الكاميرا صورةً مسطحةً ثنائية الأبعاد، وبعض الأجهزة تلتقط الألوان.

وغالبًا ما تُنتج عملية النسخ ثلاثي الأبعاد نقاطاً كثيرةً، وهي بياناتٌ تصف شكل الجسم الحقيقي، ويمكن للمُصنّعين استخدام نقاط البيانات الناتجة عن النسخ ثلاثي البعد في الهندسة العكسية، وفي تحليل الأبعاد، وفي العديد من التطبيقات.

يمكن إجراء عملية النسخ ثلاثي الأبعاد بطريقةٍ تلامسيةٍ أو بطريقةٍ غير تلامسية للحصول على المقاسات والشكل، ويتمُّ جمع المعلومات في ملف بياناتٍ نقطية (سحابة نقطية أو تمثيل شبكي) في نظام إحداثياتٍ عالمي ثلاثي المحاور.

يمكن بعد ذلك معالجة هذه البيانات في عددٍ لا يحصى من البرامج للحصول على ملفات المخرجات المرغوبة كنماذج الرسم باستخدام الحاسب CAD، أو نماذج المُضلعات المتعددة (Polygonal models)، أو(Mesh) نماذج الهندسة العكسية. ^[1]

ما هي مجالات تطبيقات النسخ ثلاثي الأبعاد؟

بدأت الصناعات حديثاً التحول إلى العمل الرقمي، وحالياً تتمُّ جميع مهامّ التصميم الهندسية تقريبًا بهذه الطريقة، ولهذا السبب أصبح النسخ ثلاثي الأبعاد أمراً حيوياً في العديد من الصناعات لأنه يسمح للأجسام المادية بالدخول إلى العالم الرقمي بدرجةٍ عاليةٍ من الدقة، وتتعدد تطبيقات المسح ثلاثي الأبعاد، مثل: ^[1]

1- مجال التصنيع

يُمكّن النسخ ثلاثي الأبعاد المهندسين من نسخ المنتجات الحالية ضوئيًا :

1- إجراءات الهندسة العكسية لتصنيع قطع تبديلٍ للقطع التي لا يوجد لها نموذجٌ رقمي CAD.

2- القيام بإنشاء شبكة Mesh للحصول على نموذجٍ يُستخدم في الطباعة ثلاثية الأبعاد انطلاقاً من جسمٍ موجودٍ دون قضاء الوقت في رسم نموذجٍ من البداية.

3- إجراء فحوصٍ مُفصّلةٍ لمراقبة الجودة على الأجزاء المُصنّعة، والقيام بتحسيناتٍ على المنتج.

2- العمارة وهندسة الإنشاءات

تستخدم شركات البناء (Architectural Engineering and Construction) المُتقدّمة تقنية النسخ ثلاثي الأبعاد لالتقاط الوضع الحالي لهيكل البناء (كما هو مبني) قبل إعادة بنائه، وإنشاء تقديرات المشروع دون إجراء زيارة للموقع، ويمكن خلال البناء والعمل مشاركة تحديثات المشروع الذي يتمُّ تنفيذه مع العميل بإجراء نسخٍ للمراحل المُنجزة، كما يمكن إجراء عمليات الفحص الهيكلية عن بعد، وإنشاء نموذجٍ رقمي لما يتمُّ بناءه.

3- الرعاية الصحية

يسمح النسخ ثلاثي الأبعاد بابتكار منتجاتٍ تناسب جسم الإنسان وبدقةٍ عالية، وتستخدم في نسخ وتصنيع التعويضات السنية، مثل: التيجان، والجسور، وفي تصنيع الأطراف الصناعية الخاصة ذات الفعالية والوزن الخفيف، وفي نسخ وتصنيع أقنعة الوجه المُخصّصة للأشخاص الذين يعانون من إصابات الحروق، وفي تصنيع الكراسي المتحركة، كما تسمح عمليات مسح الجسم ثلاثية الأبعاد للأخصائيين في الرعاية الصحية بمراقبة التغييرات في قياسات الجسم بمرور الوقت، وأيضاً جمع بيانات المريض بدقةٍ قبل العملية وبعدها.

4- الترفيه

تستخدم في الأفلام، وألعاب الفيديو، وبيئات الواقع الافتراضي، وغالبًا ما يستخدم النسخ ثلاثي الأبعاد لإنشاء رسوماتٍ أكثر واقعية، وشخصياتٍ رقمية تشبه الحقيقية بشكلٍ كبير.

ما هي طرق النسخ للحصول على البيانات ثلاثية الأبعاد؟

تعتمد تقنيات المسح ثلاثي الأبعاد على مبادئ فيزيائية مختلفة، ويمكن تصنيفها إلى الفئات التالية: ^[2]

1- تثليث الليزر (Laser triangulation)

يطلق شعاع الليزر على سطح، ويُقاس تشوُّه شعاع الليزر.

2- الضوء المنتظم (Structured light)

يُقاس تشوه شبكةٍ ضوئيةٍ عند إسقاطها على سطحٍ لإجراء مسحٍ ثلاثي الأبعاد لشكل السطح.

3- القياس التصويري (Photogrammetry)

يُطلق عليه أيضاً المسح ثلاثي الأبعاد من الصور الفوتوغرافية، وتعيد هذه التقنية بناء جسمٍ ثلاثي الأبعاد من لقطاتٍ ثنائية الأبعاد (صور) باستخدام الحاسب وخوارزميات الهندسة الحسابية.

4- تقنية المسح ثلاثي الأبعاد القائمة على التلامس (Contact-based 3D scanning technology)

تعتمد على أخذ عيناتٍ من عدة نقاط على سطحٍ ما، ويتمُّ قياسها بواسطة مجسٍّ ميكانيكي، أو بصري Optical، أو فيزيائي حراري، أو صوتي.

5- نبضة الليزر (Laser pulse)

بناءً على (Time of Flight (ToF)) زمن الانطلاق والعودة لشعاع الليزر، ويتمُّ إسقاط شعاع الليزر على سطح، ويعاد جمعه بواسطة حساسٍ يعطي زمن انتقال الليزر بين انبعاثه واستقباله المعلومات الهندسية للسطح إلى الماسح الضوئي ثلاثي الأبعاد.

يطلق على السطح الملون الممسوح اسم Texture، ويمكن لبعض الماسحات الضوئية ثلاثية الأبعاد جمع بيانات الشكل واللون في نفس الوقت. يتوافق المسح الضوئي ثلاثي الأبعاد مع برنامج التصميم بمساعدة الحاسوب (CAD)، وأيضًا مع تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

يمكن أن يعطي المسح ثلاثي الأبعاد الكثير من المعلومات حول تصميم جسمٍ ما في عمليةٍ تُسمّى الهندسة العكسية، وتعدُّ الماسحات الضوئية ثلاثية الأبعاد أدوات قوية للمحترفين في العديد من الصناعات، مثل: السيارات، والفضاء، وطب الأسنان، والمجوهرات، وكذلك في المزيد من التطبيقات الفنية، مثل: ألعاب الفيديو، وأفلام الرسوم المتحركة.

خلاصة

سدَّ النسخ ثلاثي الأبعاد الفجوة بين العالمين المادي والرقمي بسرعة، وهذا الأمر أنتج نماذج رقميةً عالية الدقة لأجسام العالم الحقيقي، وقد أصبح النسخ ثلاثي الأبعاد أمراً بالغ الأهمية في التصنيع، ويستخدم في مراحل متعددة من خلال تصنيع المنتج.