تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

سلوكيات الأطفال مجالٌ مهمٌّ يستحقُّ الاهتمام، فهو يتعلق بفهم وتحليل السلوكيات التي يُظهرها الأطفال في مختلف الأعمار، والمراحل التطورية، فسلوك الأطفال مرآةٌ لشخصياتهم يعبرون بها عن احتياجاتهم، وتفاعلاتهم مع العالم الخارجي. ^[1]

وتتنوع سلوكيات الأطفال بشكلٍ كبير، فهي قد تشمل السلوكيات الإيجابية، مثل: الاحترام، والانضباط، والتعاون، وقد تشمل أيضًا السلوكيات السلبية، مثل: العناد، والعدوانية، والتمرُّد. إن فهم أسباب هذه السلوكيات، وكيفية التعامل معها له أهمية كبيرة لتطوير تربيةٍ صحية، وتعزيز تنمية الطفل بشكلٍ كامل.

ما أسباب الكذب عند الأطفال؟

هناك عدة أسباب مُحتملة، فقد تشمل بعض الأسباب التالية: ^[2]

1- الخوف من العقاب

يمكن أن يكذب الأطفال لتجنُّب العقاب أو العواقب السلبية التي قد تواجههم عند الاعتراف بالحقيقة، وقد يخشى الأطفال من غضب، أو خيبة أمل الوالدين، أو المعلمين إذا علموا بالحقيقة.

2- الرغبة في الانتباه

قد يشعر الأطفال بأن الكذب يجلب لهم المزيد من الاهتمام والرعاية.

3- الخجل أو الضغط الاجتماعي

في بعض الحالات، يمكن أن يكذب الأطفال لتجنُّب الإحراج أو لأنهم يشعرون بالضغط للإجابة بطريقةٍ معينة.

4- الخيال والتخيُّل

من الممكن أن يكون لدى الأطفال خيالاً قوياً، وقدرةً على إبداع قصصٍ وأحداثٍ غير حقيقية، وهذا الخيال يدفعهم للكذب بطرقٍ مبتكرة.

5- نموذج السلوك

يمكن أن يكون سلوك الكذب مُستوحىً من البيئة المحيطة بالطفل، فإذا لاحظ الطفل أن الآخرين يكذبون لتحقيق مكاسب خاصة لهم، أو لتجنُّبهم العقاب، فقد يقلدونهم ويتبعون نمطهم.

ما هو تأثير الكذب عند الطفل على علاقته مع أهله؟

1- فقدان الثقة

عندما يكتشف الأهل أن الطفل يكذب بانتظام، فقد يتأثرون بشكلٍ سلبي، ويفقدون الثقة في صدقه مما يؤدي إلى نقص الثقة بين الطفل والأهل، والتأثير على العلاقة بينهم.

2- العواقب الاجتماعية

سلوك الكذب قد يؤثر على العلاقات الاجتماعية للطفل، فقد يجد صعوبةً في بناء الصداقات، والحفاظ عليها، وإذا كانوا يكذبون بانتظام، فقد يتمّ استبعادهم من المجموعات أو رفضهم من قبل الأقران.

3- التأثير على التنمية العاطفية

سلوك الكذب قد يؤثر على تنمية الطفل العاطفية، فقد يشعر بالذنب، والضغينة، والعجز عن التعبير عن مشاعره بصدق، أو يعاني من القلق والتوتر بسبب الخوف من الكشف عن الحقيقة.

4- التأثير على القيم والأخلاق

سلوك الكذب يمكن أن يؤثر على تطور القيم والأخلاق لدى الطفل، فقد يتعلم أن الكذب هو وسيلةٌ لتجنُّب العقاب أو الحصول على مكاسب قصيرة الأجل، وهذا يمكن أن يؤثر سلبًا على تطوره الأخلاقي، وقدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة.

5- التأثير على الثقة بالنفس

سلوك الكذب قد يؤثر على ثقة الطفل بنفسه، فقد يشعر بالرهبة، والشك في قدرته على التصرف بصدق، ويشكُّ في قدرته على التعامل مع العواقب الناجمة عن سلوكه. ^[3]

كيف يتعامل الأهل مع سلوك الكذب عند أطفالهم؟

تعامل الأهل مع سلوك الكذب لدى الأطفال يتطلب حساسيةً، وتوجيهاً صحيحاً، وحكيماً، وفيما يلي بعض النصائح التي يمكن أن تساعد الأهل في التعامل مع هذا السلوك: ^[4]

1- الحفاظ على الهدوء

قد يكون من الصعب على الأهل التحكُّم في غضبهم أو إحباطهم عند اكتشاف سلوك الكذب لدى الطفل، ومع ذلك يجب الحفاظ على هدوئهم، وعدم الانفعال بشكلٍ غير ملائم. والتصرف بطريقةٍ هادئةٍ ومتزنة يساعد على فهم الأسباب المُحتملة، والتعامل معها بشكلٍ فعّال.

2- التواصل الفعّال

يجب أن يتمّ تعزيز التواصل الصحي والمفتوح بين الأهل والطفل، فيجب أن يشعر الطفل بأنه يستطيع التحدث بصدقٍ دون خوف من العقاب، ومن المفيد للغاية استخدام الأسئلة المفتوحة، والاستماع الفعّال لفهم الأفكار والمشاعر التي تدفع الطفل للكذب.

3- تحليل الأسباب

ينبغي على الأهل فهم الأسباب المُحتملة وراء سلوك الكذب لدى الطفل، فمن المُحتمل أن يكون هناك خوفٌ، أو ضغطٌ اجتماعيّ، أو رغبةٌ في جذب الانتباه، ومن خلال التحليل العميق يمكن للأهل تحديد المشكلة الأساسية، والعمل على حلّها بشكلٍ مناسب.

4- تعزيز الصدق

يجب أن يتمّ تعزيز القيمة الإيجابية للصدق، والشفافية لدى الطفل، وذلك من خلال تشجيعه على التعبير عن مشاعره واحتياجاته بصدق دون خوفٍ من العقاب، وأيضًا تقديم الثناء والتقدير عندما يتصرَّف بصدق.

5- النموذج الحسن

يُعتبر الأهل نموذجًا هامًا للأطفال، لذلك يجب أن يكونوا صادقين وملتزمين بالقيم التي يرغبون في تعليمها لأطفالهم، وذلك من خلال رؤية الأطفال أهلهم يعبّرون عن الحقيقة، ويتعاملون بصدقٍ مع الآخرين.