تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تمثل كل دورةٍ طمثيةٍ (Menstrual Cycle) تفاعلاً معقداً بين الوطاء، والغدة النخامية، والمبيض، وبطانة الرحم، والمسؤول عن هذا التفاعل عدة هرمونات، حيث يفرز الوطاء GNRH الهرمون المحرر لموجهات القند المسؤول عن تحرير الهرمون المنبه للجريب FSH، والهرمون الملوتن LH من النخامى التي تؤدي إلى نضج الجريبات والإباضة، وتبدُّل مستويات الأستروجين والبروجسترون، وبالتالي إحداث التغيرات على مستوى بطانة الرحم.

ما هي الدورة الطمثية؟

هي مجموعةٌ من تغيرات الدورية الشهرية في جسم المرأة لتحضيرها للحمل، وتشمل هذه التغيرات المبيض، وتؤدي إلى حدوث الإباضة، وتشمل بطانة الرحم، وتجعلها ملائمةً للتعشيش، وتمتدُّ كل دورةٍ طمثيةٍ من اليوم الأول للطمث وحتى قبل بدء الطمث التالي، حيث تستمر وسطياً 28 يوماً، لكنها تختلف بين النساء، وقد تختلف عند نفس السيدة من شهرٍ إلى آخر، ويُعتبر استمرارها من 21 إلى 35 يوماً أمراً طبيعياً. ^[1]

ما هي أطوار الدورة الطمثية؟

1- الطور الجريبي (Follicular Phase)

يبدأ الطور الجريبي من اليوم الأول للطمث، ويستمر حتى الإباضة، وفي بداية هذا الطور يرتفع الهرمون المنبه الجريبي FSH الذي يحرّض نمو مجموعةٍ من الجريبات في المبيض، لكن غالباً يتمُّ تطور جريبٍ واحدٍ بشكلٍ أسرع من باقي الجريبات يدعى الجريب المسيطر الذي يفرز كمياتٍ متزايدةٍ من الأستروجين.

ومع تزايد كميات الأستروجين يتناقص إفراز الهرمون المنبه للجريب FSH، ومع قرب نهاية الطور الجريبي تؤدي الكميات المتزايدة من الأستروجين إلى إطلاق دفعةٍ من الهرمون الملوتن LH من الغدة النخامية الذي يؤدي إلى حدوث الإباضة، ويبلغ الطول الوسطي للطور الجريبي 14-15 يوماً، ويُعتبر الاختلاف في مدة هذا الطور هو سبب معظم التغيرات في طول الدورة الطمثية.

2- الإباضة (Ovulation)

تحدث الإباضة تقريباً في اليوم 14 من الدورة الطمثية التي مدتها 28 يوماً، حيث تؤدي كميات الأستروجين المتزايدة إلى تشكيل دفقاتٍ من الهرمون الملوتن LH، وتحدث عدة تغيراتٍ قبل بلوغ ذروة الإباضة، حيث ينحل جدار الجريب المسيطر بسبب أنزيماتٍ حالّةٍ للبروتين ثم يحدث التمزُّق على سطح المبيض، وتنطرح البويضة ضمن جوف البريتوات، وتدعى هذه العملية بالإباضة ثم تنتقل البويضة إلى أنبوب فالوب، وتبقى حيةً لمدة 12 إلى 24 ساعة إذا لم يتمّ إلقاحها خلال هذه الفترة يتمّ امتصاصها من قبل الجسم.

3- الطور اللوتيني (Luteal Phase)

هو النصف الثاني من الدورة الطمثية يستمر وسطياً 14 يوماً، ويبدأ بعد الإباضة، وينتهي مع أول يومٍ في الطمث التالي بعد الإباضة تخضع الخلايا الصندوقية في الجريب المتمزق إلى عملية اللوتنة التي تشكل مع الأنسجة الضامة ما يعرف بالجسم الأصفر الذي يفرز كمياتٍ هامةٍ من البروجسترون مع كميةٍ قليلةٍ من الأستروجين. ^{[2] [3]}

ما هي التغيرات التي تحدث في بطانة الرحم خلال الدورة الطمثية؟

تستجيب بطانة الرحم لتغيرات الهرمونات المفرزة من المبيض خلال الدورة الطمثية، وهذه التغيرات تنتهي إما بحدوث الطمث أو بجعل البطانة جاهزةً للتعشيش في حال حدوث الحمل، وتقسم بطانة الرحم إلى: ^[4]

● القسم الوظيفي أو الساقط الوظيفي هو الثلثين السطحيين من البطانة، والذي يخضع لتغيراتٍ دورية أثناء الدورة الطمثية، وينسلخ عند الطمث.

● الساقط القاعدي، وهو المنطقة الأعمق من البطانة، وهو لا يخضع للتغيرات الشهرية، وهو المسؤول عن تجديد الساقط الوظيفي مع كل دورةٍ طمثية.

بينما تقسم التغيرات الفيزيولوجية الدورية لبطانة الرحم إلى ثلاث مراحل، وهي:

1- الطور التكاثري (Proliferative Phase)   

في بداية هذا الطور تكون البطانة الرحمية رقيقة 1- 2 ميلي متر ثم بسبب إفراز الأستروجين في الجريبات الآخذة بالنمو يحدث تكاثرٌ خلويٌّ في البطانة البشروية، وغدد بطانة الرحم، والنسج الضامة، حيث تشاهد انقسامات خلوية هائلة في هذه الأنسجة، وتحدث زيادة في طول وتحلزن الشرايين.

2- الطور الإفرازي (Secretory Phase)

حدوث الإباضة يُسبّب البروجسترون المفرز من الجسم الأصفر إلى إفراز الخلايا الغدية للغليكوجين، وتصبح الغدد متعرجة، وتمتلأ لمعتها بالمفرزات، وتصبح الشرايين الحلزونية مرئيةً بوضوح، وهذا ما يجعل البطانة جاهزةً لاستقبال البيضة الملقحة، وحدوث التعشيش.

3- الطمث (Menses)

في حال عدم حدوث الإلقاح والتعشيش في بطانة الرحم يحدث تحطُّمٌ للساقط الوظيفي، وينطرح القسم العلوي من البطانة الرحمية، وهذا ما يُدعى الحيض، حيث يحدث نتيجة تراجع الجسم الأصفر، وبالتالي تراجع إنتاج البروجسترون والأستروجين، وهذا ما يؤدي إلى تشنُّج الشرايين الحلزونية، وإقفار البطانة الرحمية، وانطراحها عن طريق المهبل، ويبقى الساقط القاعدي الذي يُعتبر مصدر النمو البطاني في الدورة الطمثية التالية.

ما هي التغيرات التي تحدث في عنق الرحم خلال الدورة الطمثية؟

تحدث في عنق الرحم تبدلاتٌ دوريةٌ شهرية في بداية الدورة الطمثية، حيث تكون فوهة العنق مغلقة ثم تنفتح قليلاً في فترة الإباضة ثم تعود بعد ذلك للإغلاق. يفرز عنق الرحم مخاطاً يصل إلى المهبل، وتختلف كميته، ولونه، ولزوجته حسب توقيت الدورة الطمثية، حيث خلال الطمث تكون مفرزات عنق الرحم زهيدةً جداً، وبعد انتهاء الطمث تزداد كميتها ولزوجتها بشكلٍ تدريجي، ويصبح مخاط عنق الرحم في فترة الإباضة رائقاً وغزيراً، وقابلاً للتمطُّط.

وهذا يساعد في وصول النطاف إلى البويضة، وبعد الإباضة يصبح مخاط عنق الرحم كثيفاً وقليل اللزوجة، وتحدث هذه التغيرات بسبب الهرمونات المفرزة من المبيض، حيث يجعل الأستروجين مفرزات العنق رائقةً وقليلة الكمية، بينما يجعل البروجسترون المفرزات غزيرةً وكثيفة. ^[5]

كيف تتغير صفات الدورة الطمثية مع تقدُّم العمر

في بداية البلوغ تكون الدورة الطمثية غير منتظمةٍ بشدة لمدة 3 سنوات تقريباً بعد أول طمث، حيث قد تكون منتظمةً كل شهر، وقد تحدث كل بضعة أشهر، ويُعتبر هذا الأمر طبيعياً، حيث تكون الدورات الطمثية لا إباضيةً في هذه الفترة ثم تصبح الدورات منتظمةً شهرياً عند أغلب السيدات في فترة النشاط التناسلي، وقد تطرأ عليها تغيرات عابرة بسبب الحالة النفسية، والإجهاد، أو الأدوية ثم تعود لتصبح الدورة الطمثية غير منتظمةٍ في الأربعينيات من عمر السيدة، حيث تحدث كل بضعة أشهر، وقد يكون النزف الطمثي أخفّ أو أغزر من المعتاد. ^[6]