Skip links
الصيغة الكيميائية لهرمون الميلاتونين

الميلاتونين – آثاره، فوائده وما هي مصادر الحصول عليه؟

الرئيسية » الطب » هرمونات » الميلاتونين – آثاره، فوائده وما هي مصادر الحصول عليه؟

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تختلف العادات اليومية للإنسان من شخصٍ لآخر، حتى في عادات النوم واليقظة نجد اختلافاً واسعاً، ورغم أن النوم أثناء الليل هو النمط الحياتي المُحبّذ إلا أن الكثير من الأشخاص اعتادوا النوم المتأخر أو النوم صباحاً، فمن هو المسؤول عن هذا الاعتياد؟ تخضع الساعة البيولوجية (دورة النوم واليقظة) عند الإنسان للعديد من المؤثرات التي تساهم في تنظيمها، فالجهاز العصبي والعين يرسلان معلوماتٍ إلى الوطاء لتحفيز النوم أثناء الليل.

إلا أن الرابط الأكبر بين جميع هذه المعلومات، والذي يعدُّ المسؤول الرئيسي عن تنظيم النوم هو هرمون الميلاتونين (Melatonin)، والذي يفرز من قبل الغدة الصنوبرية (Pineal gland) في الدماغ. أصبح لهرمون الميلاتونين استخدامات كثيرة في القطاع الطبي، فاستخدامه تعدى المساعدة على النوم ليشمل استخداماتٍ مختلفة في قطاع الطب النفسي والسلوكي، حيث أصبح الميلاتونين الدوائي من الأدوية المنتشرة ذات الفعالية الجيدة، والتأثيرات الجانبية المقبولة.

تأثيرات الميلاتونين

يفرز الميلاتونين من الغدة الصنوبرية، ويحدث استجابةً جهازيةً على مستوياتٍ مختلفة، ينظم الميلاتونين الساعة البيولوجية، مثل: دورة النوم والاستيقاظ، أو نمط الإفراز من الغدد الصم العصبية، بالإضافة إلى تنظيم درجة حرارة الجسم من خلال عمله على مستقبلات MT1 وMT2. يؤدي تناول الميلاتونين إلى التعب، والنعاس، وتقليل زمن النوم، وترتبط الساعة البيولوجية غير المضبوطة بشكلٍ جيدٍ باضطرابات النوم وضعف الصحة.

على سبيل المثال: الأطفال الذين يعانون من مشاكل نمو جسدية وعصبية متعددة تكون لديهم الساعة البيولوجية غير مضبوطة. غالبًا ما تظهر الصعوبات النفسية والصحية مشاكل أو نقص في إفراز الميلاتونين خاصةً عند الأطفال. عندما يتمُّ استعادة تنظيم دورات الساعة البيولوجية، من الممكن ملاحظة تحسن السلوك، والمزاج، والتطور، والوظيفة الفكرية، والصحة، وحتى التحكم في نوبات الصرع.

وتجدر الإشارة إلى أنه وفقًا للعديد من الدراسات، فإن الساعة البيولوجية مهمة للنمو العصبي النموذجي (الطبيعي)، وغيابها يمنع تكوين الخلايا العصبية. يشارك الميلاتونين أيضًا في نمو الجنين المبكر، مع تأثيراتٍ مباشرة على تطور المشيمة، والدبقية، والخلايا العصبية، ويمكن أن يلعب دورًا جينيًا في تزامن الساعة البيولوجية للجنين مع الساعة البيولوجية للأم، وتنظيم النمو العصبي وفقاً لهذه الساعة.

حديثاً تمّ إثبات عدة أدوار مهمة أخرى غير مرتبطة بالساعة البيولوجية، فقد تمّ إثبات دور الميلاتونين في ضبط الضغط الدموي، وتنظيم الجهاز المناعي، والحماية من العوامل المؤكسدة الضارة، الأمر الذي يجعل الميلاتونين عاملاً مساعداً في الحماية من تشكل القرحات الهضمية، كما أنه يزيد من المفرزات المعوية، والتي تحمي الأمعاء (خاصةً الإثني عشري) من التأثيرات الضارة للحموض المعدية. [1]

التأثيرات المرضية للميلاتونين

خضع الميلاتونين للعديد من الدراسات الطبية، حديثاً أثبت أن له عدة أدوار في إمراضية، وعلاج العديد من الأورام القلبية الوعائية بفضل خصائصه المضادة للأكسدة، وثبت أن للميلاتونين دوراً سرطانياً في العديد من الأورام (سرطان الثدي والمبيض)، لأن الخصائص المضادة لميلاتونين تمثل محرضات تنشُّؤ ورمية.

يمكن للميلاتونين أن يساهم في تطور ارتفاع التوتر الشرياني، حيث إن انخفاض مستوى الميلاتونين يلاحظ عند مرضى ارتفاع التوتر الشرياني، كما يتعلق بالاضطرابات النفسية، فقد تمّ وصف اضطرابات إفراز الغدة الصنوبرية في الطب النفسي للأطفال والبالغين، مع ملاحظة انخفاض إفراز الميلاتونين الليلي بشكلٍ ملحوظٍ في معظم الدراسات في اضطراب الاكتئاب الشديد، أو الاضطراب ثنائي القطب، أو الفصام، أو اضطراب طيف التوحد.

يمكن للميلاتونين أن يؤثر في اضطراب طيف التوحد (ASD)، والخلل في نظام السيروتونين، واضطرابات النوم والاستيقاظ، حيث تشير لدى الأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد إلى تغيرٍ في إفراز الميلاتونين في مرض التوحد. اضطرابات النوم (في الغالب زيادة كمون النوم، وانخفاض النوم التام، والاستيقاظ الليلي مع الأرق) لوحظ في 50-80 بالمئة من الأفراد المصابين بالتوحد.

من المحتمل للميلاتونين أن يكون عاملاً مهما عند مرضى الفصام (Schizophrenia)، حيث إن معظم المرضى يلاحظ لديهم انخفاضاً شديداً في نسبة الميلاتونين، ومن المعتقد أن أحد مستقبلات الميلاتونين لها علاقة مباشرة بالأعراض النفسية للفصام. [1] [2]

فوائد الميلاتونين في حماية الدماغ

تشكل الإعاقات العصبية والنفسية العصبية الناجمة عن إصابات الدماغ مصدر قلقٍ كبيرٍ للصحة العامة. وبالتالي، فإن تقليل العجز بعد السكتة الدماغية يعدُّ مشكلةً رئيسية. في الواقع، تناول الميلاتونين بعد السكتة الدماغية أعطى نتائج تجريبية مهمة في الحيوانات، يمكن رؤية مثل هذا التأثير الوقائي في كل من المادة الرمادية والبيضاء، ويقلل الميلاتونين أيضًا من الاستجابة الالتهابية، وتشكل الوذمة الدماغية، ونفاذية حاجز الدم في الدماغ.

يساعد الميلاتونين إلى تحسين بقاء الخلايا العصبية، وتعزيز تكوين الخلايا العصبية، حتى عند استخدامه بعد يوم واحد من السكتة الدماغية. بالإضافة إلى ذلك، لوحظ على المرضى تحسناً سلوكياً وحركياً بعد تناول الميلاتونين. في الواقع، تشير النتائج إلى أن بقاء الخلية كان مرتبطًا بتحسّنٍ طويل الأمد في العجز الحركي والتنسيقي، بالإضافة إلى تخفيف فرط النشاط والقلق.

يشير نشاط الميلاتونين الوقائي العصبي في التجارب الحيوانية للسكتة الدماغية، فضلاً عن افتقاره إلى سمّيةٍ خطيرة، إلى أنه يمكن استخدام الميلاتونين لعلاج السكتة الدماغية البشرية في المستقبل. [1]

استطبابات ومصادر الميلاتونين

تبين مما سبق أن للميلاتونين فوائد طبية متعددة، ويمكن أن يلعب دوراً مهماً في العديد من الأمراض النفسية كالاكتئاب، والوسواس القهري، والأمراض الهضمية كالوقاية من القرحات الهضمية، والأمراض الوعائية كارتفاع التوتر الشرياني، وهذه التأثيرات المهمة الطبية جعلت الميلاتونين من الأدوية، والمواد الطبية واسعة الانتشار والاستخدام.

يزداد إفراز الميلاتونين طبيعياً أثناء الليل، وخاصةً عند الأشخاص الذين يمتلكون ساعةً بيولوجيةً منتظمة وساعات نومٍ كافية في الليل، لذا فإن الوسيلة الأفضل للحصول على الميلاتونين هي عبر النوم المنتظم. المصادر الدوائية للميلاتونين متوفرة وشائعة، ولا توجد أعراض جانبية ذات أهمية عند تعاطي الميلاتونين دوائياً، وذلك لأنه غير سام نسبيًا.

على الرغم من أنه تمّ الإبلاغ عن بعض الآثار الضارة الخفيفة عند تناول جرعاتٍ أعلى وأصناف ذات زمن تأثيرٍ طويل، بما في ذلك النعاس والتخدير أثناء النهار، والغثيان، والصداع، لكن لا يوجد دليل يشير إلى أن المرضى يتطور لديهم تحمل للميلاتونين. ومع ذلك، تمّ الإبلاغ عن ضعف تحمل الجلوكوز في بعض الحالات. [2]

المراجع البحثية

1- Tordjman، S.، Chokron، S.، Delorme، R.، Charrier، A.، Bellissant، E.، Jaafari، N.، & Fougerou، C. (2017). Melatonin: Pharmacology، functions and therapeutic benefits. Current Neuropharmacology، 15(3)، 434–443. Retrieved August 20، 2024

2- Savage، R. A.، Zafar، N.، Yohannan، S.، & Miller، J. M. (2024، February 9). Melatonin. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved August 20، 2024

This website uses cookies to improve your web experience.