Skip links
معادلة النظرية النسبية E=mc2

نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين

الرئيسية » المقالات » الفيزياء » نظرية النسبية الخاصة لآينشتاين

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كيف كانت الفيزياء قبل النسبية؟

قبل آينشتاين (Einstein) كان علماء الفيزياء في معظمهم يفهمون الكون من خلال ثلاثة قوانين للحركة، وهي قوانين نيوتن (Newton) الثلاثة التي صاغها عام 1686م، وهذه القوانين الثلاثة هي:

1- الأول

تظل الأجسام المتحركة أو الساكنة في نفس الحالة ما لم تُفرَض عليها قوةً خارجية تغير حالتها، ويُعرف هذا أيضًا بمفهوم القصور الذاتي أو العطالة (Inertia).

2- الثاني

القوة المؤثرة على جسمٍ ما تساوي كتلة الجسم مضروبةً في تسارعه. بمعنى آخر، يمكن حساب مقدار القوة اللازمة لتحريك الأجسام ذات الكتل والمتحركة بسرعاتٍ مختلفة.

3- الثالث

 لكل فعلٍ ردُّ فعلٍ مساوٍ له في المقدار، ومعاكسٍ له في الاتجاه.

أثبتت قوانين نيوتن صلاحيتها في كل تطبيقات الفيزياء تقريبًا، حيث شكلوا الأساس لفهمنا للميكانيكا، والحرارة، والجاذبية، ولكن بعض الأشياء لا يمكن تفسيرها من خلال أعمال نيوتن، مثال ذلك: تفسير سلوك الضوء. لإدخال السلوك الغريب للضوء في إطار فيزياء نيوتن قام العديد من علماء الفيزياء في القرن التاسع عشر، بافتراض أن الضوء يجب أن ينتقل عبر وسطِ ما أطلقوا عليه اسم الأثير (Ether) مثلما ينقل الوتر اهتزاز الصوت ينقل الأثير الضوء.

ما هو الأثير؟

في عام 1887 قام الفيزيائي ألبرت ميكلسون (Michelson)، والكيميائي إدوارد مورلي (Morley) بحساب كيف أثرت حركة الأرض عبر الأثير على سرعة الضوء محاولين إثبات وجود الأثير، إلا أن العكس هو الذي حصل، حيث وجدا بشكلٍ غير متوقَّعٍ أن سرعة الضوء هو نفسه بغضِّ النظر عن حركة الأرض.

أي أن سرعة الضوء لم تتغير على الرغم من حركة الأرض عبر الأثير، بالتالي لو كان هنالك أثيرٌ لتغيرت سرعة الضوء، فتجربة ميكلسون مورلي أثبت أن الأثير غير موجود بالأصل، وهذا يعني أنه لا يمكن تفسير خواص الضوء بالميكانيكا الكلاسيكية، فالفيزياء بحاجة إلى نموذجٍ جديد.

كيف توصَّل آينشتاين إلى النسبية الخاصة؟

وفقًا لآينشتاين، في كتابة ملاحظاته عن السيرة الذاتية (Autobiographical Notes) الصادر عام 1949 يقول آينشتاين فيه: “بدأت بالتشكيك في سلوك الضوء عندما كان عمري 16 عامًا فقط”، وكتب أيضاً: “عندما كنت مراهقًا حيث تخيلت أني أطارد شعاعًا من الضوء).

بدايةً تأمل آينشتاين حول نظرية النسبية الخاصة (Einstein’s Theory of Special Relativity) كانت على شكل شخصٍ يقف بجوار مسار قطارٍ يمرُّ بسرعة الضوء، ويراقب هذا الشخص عاصفةً رعديةً مع شخصٍ آخر داخل القطار، فإذا ضربت صاعقةٌ شجرتين وراء بعضهما على جانب سكة القطار في نفس الوقت، فإن الشخص الذي بجانب المسار سيرى ضرباتٍ متزامنة أي تحدث بنفس اللحظة، بينما سيرى الشخص الموجود في القطار الصاعقة التي تضرب الشجرة الأولى أمام القطار أولاً، ثم الصاعقة للشجرة الثانية التي تليها.

وخلص آينشتاين إلى أن التزامن ليس مطلقًا، أو بمعنى آخر، أن الأحداث المتزامنة كما يراها شخص ما يمكن أن تحدث في أوقاتٍ مختلفةٍ من منظور شخصٍ آخر. لقد أدرك آينشتاين أن سرعة الضوء ليست هي التي تتغير، ولكن الزمن نفسه هو الذي يتغير، ويتحرك الوقت بشكلٍ مختلف بالنسبة للأجسام المتحركة مقارنةً بالأشياء الساكنة، وفي الوقت نفسه، فإن سرعة الضوء، التي يلاحظها أي شخص في أي مكان في الكون، يتحرك أو لا يتحرك، هي نفسها دائمًا. [1]

ما هي ظاهرة تمدُّد (تباطؤ) الزمن؟

لفهم ظاهرة تمدُّد الزمن يمكننا الاستفادة من ظاهرةٍ تُسمّى بمفارقة التوأم. لنفترض أن لدينا توأماً أحمد وعلي، ولنفرض أن عمر كلٍّ منهما الآن 20 سنة، وقام أحمد برحلةٍ على متن مركبةٍ فضائيةٍ تتحرك بسرعةٍ قريبةٍ من سرعة الضوء لمدة عامٍ كاملٍ، وطبعاً عامٌ كاملٌ بتوقيت المركبة التي سافر بها أحمد، وهي في الفضاء بسرعة الضوء.

فبعد عودة أحمد سيكون عمره 21 سنة حيث وجد باستقباله أخاه التوأم علي، ولكنه بعمر 50 سنة تقريباً هذا الخيال من وجهة نظر معادلات آينشتاين في النسبية الخاصة صحيح، حيث سيعاني الزمن من التباطؤ بالنسبة لأحمد، فتمرُّ 30 سنة على أخيه مقابل سنة واحدة مرت على أحمد في المركبة. [2]

ماذا يعني E = mc2؟

توصّل آينشتاين إلى معادلةٍ جديدةٍ لوصف كيفية ارتباط الكتلة بالطاقة كوسيلةٍ لدعم فكرته الجديدة، وللأمانة لم يكن هو الوحيد الذي كان يفكر في هذه العلاقة في ذلك الوقت، فقد أظهر فيزيائيون آخرون، مثل هنري بوانكاريه أيضًا كيف ترتبط الطاقة والكتلة ارتباطًا وثيقًا. بالنسبة لجسمٍ ساكن، أظهر آينشتاين كيف أن كتلته الإجمالية تساوي طاقته مضروبةً في مربع سرعة الضوء أو بعبارةٍ أخرى E = mxc^2.

وبما أن سرعة الضوء ثابتة، فإن الكتلة، والطاقة، وجهان لعملةٍ واحدة، ومن خلال إضافة الطاقة، فإنك تضيف كتلةً أيضًا، وعندما يكتسب الجسم المُتسارع كتلةً أكبر، فإنه يتطلب المزيد من الطاقة للتسارع، مما يجعل دفعه أكثر صعوبةً. قد تبدو النسبية الخاصة غريبةً، ولكن بعد مرور أكثر من قرن على كتابة آينشتاين لاقتراحه، أصبحت واحدةً من أكثر النظريات دعمًا في الفيزياء.

هل تؤثر قوانين النسبية على حركتنا في الحياة اليومية؟

بالنسبة لأي شيءٍ يسير بخطواتٍ عادية على وتيرةٍ يومية سواءً كانت قذف الكرات، أو الصواريخ، أو الرصاص، أو النمل، أو الإنسان، فإن قواعد النسبية الخاصة لا تحدث فرقًا كبيرًا، ولكن بالنسبة لأي جسمٍ بسرعاتٍ نسبية سريعة إلى حدٍّ كبير، (وهذا يعني سرعاتٍ تقترب من سرعة الضوء)، فإن النسبية الخاصة لها تأثيرٌ كبيرٌ حقًا، مثل: حركة الفوتون، وحركة النيوترينو (جسيمٌ دون ذريّ يتحرك بسرعة الضوء تقريباً). [3]

لماذا النسبية العامة مهمةٌ لنظام تحديد المواقع GPS؟

لنضع في اعتبارنا للحظة أنه عندما نسافر على متن طائرةٍ تجارية، فإن الطيار وطاقم الطائرة يبحرون إلى وجهتنا بمساعدة بياناتٍ من النظام العالمي للملاحة عبر الأقمار الصناعية (GPS)، ويتكون التكوين الاسمي لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) من شبكةٍ مكونةٍ من 30 قمرًا صناعيًا في مداراتٍ عاليةٍ حول الأرض.

يدور كل قمرٍ صناعيٍّ في كوكبة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على ارتفاع حوالي 20000 كيلومتر من الأرض، وتبلغ سرعته المدارية حوالي 14000 كيلومتر في الساعة، ويتمُّ توزيع مدارات القمر الصناعي بحيث يكون ما لا يقل عن 4 أقمار صناعية مرئية دائمًا من أي نقطةٍ على الأرض في أي لحظةٍ معينة، حيث يحمل كل قمرٍ صناعيٍّ معه ساعةً ذرية (Atomic clock) تدقُّ بدقةٍ تبلغ 1 نانو ثانية (جزء من مليار من الثانية).

يحدّد مستقبل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) الموجود في الطائرة موقعها الحالي ومسارها من خلال مقارنة الإشارات الزمنية التي تتلقاها من أقمار نظام تحديد المواقع (GPS) المرئية حاليًا، والإحداثيات المعروفة لكل قمرٍ صناعي، ويجب أن تكون دقة دقات الساعة الصادرة عن الأقمار الصناعية لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تتراوح بين 20 إلى 30 نانو ثانية.

ومع ذلك، نظرًا لأن الأقمار الصناعية تتحرك باستمرارٍ بالنسبة للمراقبين على الأرض، يجب أن تؤخذ التأثيرات التي تنبأت بها النظريات النسبية الخاصة في الاعتبار، فالنسبية الخاصة تتوقّع أننا يجب أن نرى ساعات الأقمار الصناعية تدقُّ بشكلٍ أبطأ بسبب ظاهرة تباطؤ الزمن، فتنبأت النسبية الخاصة بأن الساعات الذرية الموجودة على متن الأقمار الصناعية يجب أن تتأخر عن الساعات الموجودة على الأرض بنحو 7 ميكرو ثانية يوميًا.

وبالتالي يجب أن تدقَّ ساعات الأقمار الصناعية بشكلٍ أسرع من الساعات المماثلة على الأرض، فالدقة العالية المطلوبة لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) تتطلب دقة نانو ثانية، والتأخر قد يصل إلى 38 ميكرو ثانية، والتي تعادل 38000 نانو ثانية، فإذا لم يتمّ أخذ هذه التأثيرات في الاعتبار بشكلٍ صحيح، فسيكون الإصلاح الملاحي بناءً على كوكبة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) خاطئًا بعد دقيقتين فقط، وستستمر الأخطاء في المواقع العالمية في التراكم بمعدل حوالي 10 كيلومترات كل يوم، وسيكون النظام بأكمله عديم القيمة تمامًا للملاحة في وقتٍ قصيرٍ جدًا. [4]

المراجع البحثية

1- Stein, V. (2021, September 20). Einstein’s theory of special relativity. Space.com; Space. Retrieved September 25, 2023

2- Britannica, T. Editors of Encyclopaedia (2023, August 11). time dilation. Encyclopedia Britannica. Retrieved September 25, 2023

3- What is special relativity? (2020, March 5). ScienceAlert. Retrieved September 25, 2023

4- GPS and Relativity. (n.d.). Retrieved September 25, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.