Skip links
مجموعة من الخطوط الشبكية المنحنية نحو الأسفل والتي تشكل حفرة

نظرية الأوتار الفائقة

الرئيسية » المقالات » الفيزياء » نظرية الأوتار الفائقة

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

كيف بدأت نظرية الأوتار؟

في عام 1905 م قام آينشتاين بتوحيد المكان والزمان في بناءٍ رياضيٍّ واحد سُمّي الزمكان (Space-time)، وذلك مع نظريته في النسبية الخاصة (Special theory of relativity)، موضحًا أن الحركة عبر الفضاء تؤثر على الزمن. وفي عام 1915، قام آينشتاين بتوحيد المكان والزمان في نسيجٍ واحدٍ سمّاه نسيج الزمكان، وذلك من خلال نظريته النسبية العامة (General theory of relativity) موضحاً أن الانحناء في نسيج الزمكان هو المسؤول عن قوة الجاذبية.

وكانت هذه إنجازاتٌ هائلة، وثورةٌ علميةٌ كبيرة في فيزياء التوحيد، ولكن آينشتاين لم يكتف عند هذا الحدّ، بل كان يحلم بتوحيدٍ أعظم من ذلك بكثير، حيث تصور إطاراً رياضياً فيزيائياً واحداً من شأنه أن يأخذ في الاعتبار المكان والزمان، وجميع قوى الطبيعة، وهو ما أسماه النظرية الموحدة (Unified theory). طوال العقود الثلاثة الأخيرة من حياته سعى آينشتاين بلا هوادةٍ إلى تحقيق هذا الحلم، وعلى الرغم من انتشار شائعاتٍ من وقتٍ لآخر عن نجاحه، إلا أن التدقيق الدقيق كان دائمًا يحطم مثل هذه الآمال لدرجة أن معظم معاصري آينشتاين اعتبر أن البحث عن نظريةٍ موحدةٍ هو مسعىً ميؤوسٌ منه، ومضيعةٌ للوقت.

في المقابل، كان الاهتمام الأساسي لعلماء الفيزياء النظرية منذ عشرينيات القرن العشرين هو ميكانيكا الكم (Quantum mechanics)، وهو الإطار الناشئ لوصف العمليات الذرية ودون الذرية. ساهم غابرييل فينيزيانو (Gabriele Veneziano)، وهو عالم فيزياء نظرية يعمل في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (CERN)، في تحقيق إنجازٍ كبيرٍ في عام 1968 عندما كان أدرك أن صيغة عمرها 200 عام، وهي دالة أويلر بيتا (The Euler beta function) كانت قادرةً على تفسير الكثير من البيانات الموجودة على سطح الأرض.

وبعد بضع سنوات، قام ثلاثة فيزيائيون، وهم ليونارد سسكيند (Leonard Susskind) من جامعة ستانفورد، وهولجر نيلسن (Holger Nielsen) من معهد نيلز بور، ويويشيرو نامبو (Yoichiro Nambu) من جامعة شيكاغو، بتضخيم رؤية فينيزيانو بشكلٍ كبيرٍ من خلال إظهار أن الرياضيات التي يقوم عليها هذا البناء تصف حركةً اهتزازيةً لما يشبه الأوتار الصغيرة من الطاقة، فكانت هذه هي بواكير نظرية الأوتار الفائقة (اختصاراً يذكر اسم نظرية الأوتار).

ما هي نظرية الأوتار؟

نظرية الأوتار الفائقة (Superstring theory) (String theory) هي نظريةٌ في فيزياء الجسيمات (Particle physics) تحاول دمج ميكانيكا الكم مع نظرية النسبية العامة (General relativity) لألبرت آينشتاين، وتقدم نمذجةً رياضيةً متقدمةً في علم الجسيمات دون الذرية (Subatomic particles).

حيث تعتبرها مثل كياناتٍ صغيرةٍ أحادية البعد تشبه الوتر (Stringlike) بدلاً من النهج الأكثر تقليديةً الذي يتمُّ من خلاله نمذجتها كجسيماتٍ نقطيةٍ ذات بعدٍ صفري، وتتصور النظرية أن هذا الوتر يخضع لنمطٍ معينٍ من الاهتزاز بحيث كل نمط اهتزاز يعطي جسيماً له خصائص محددة، مثل: الكتلة، والشحنة.

ما هي القوى الفيزياء الأربع التي كان لنظرية الأوتار القدرة على دمجها؟

1- الجاذبية.

2- الكهرومغناطيسية.

3- القوى القوية.

4- القوى الضعيفة.

في إطارٍ واحد، فهي النظرية الوحيدة التي وحّدت القوى الأربعة بينما عجزت باقي النظريات عن ذلك. [1]

كم عدد الأبعاد الموجودة في نظرية الأوتار؟

الأبعاد (Dimensions) في الفيزياء الحديثة هي الجوانب المختلفة لما نعتبره حقيقةً فيزيائيةً أو رياضية، فنحن ندرك على الفور الأبعاد الثلاثة المكانية التي تحيط بنا، وتلك التي تحدّد طول، وعرض، وعمق المحاور X، وY، وZ، على التوالي، والبعد الرابع هو الزمان أو T.

البعد الأول

هو الذي يمنحه الطول (المعروف أيضًا باسم المحور X)، والوصف الجيد لجسمٍ أحادي البعد هو الخط المستقيم، الذي يوجد فقط من حيث الطول، وليس له أي صفاتٍ أخرى يمكن تمييزها.

البعد الثاني

هو المحور Y أو الارتفاع، وستحصل على كائنٍ يصبح شكلاً ثنائي الأبعاد، مثل: المربع.

البعد الثالث

هو العمق (المحور Z)، ويعطي جميع الكائنات إحساسًا بالحجم، والفراغ، وخير مثالٍ على ذلك هو المكعب.

البعد الرابع

هو الزمن، الذي يحكم خصائص جميع المواد المعروفة في أي نقطةٍ معينة إلى جانب الأبعاد الثلاثة الأخرى، فإن معرفة موقع الجسم في الزمن أمرٌ ضروريٌّ لرسم موقعه في الكون.

بينما تنبأت نظرية الأوتار بعشرة أبعادٍ زمانيةٍ إجمالية، ولحسن الحظ ليست هناك مشكلةٌ في الانتقال من العشرة أبعاد إلى الأربعة، فستةٌ من الأبعاد التي تنبأت بها نظرية الأوتار يمكن تغليفها في شكلٍ صغيرٍ مدمج. وفقًا لنظرية الأوتار الفائقة، فإن البعدين الخامس والسادس هما المكان الذي تنشأ فيه فكرة العوالم الممكنة، فإذا تمكنا من رؤية البعد الخامس، فسنرى عالمًا مختلفًا قليلاً عن عالمنا، بينما في السادس سنرى مستوىً من الأكوان المُحتملة، والتي تبدأ بنفس الشروط الأولية، مثل: الانفجار العظيم في كوننا.

من الناحية النظرية، إذا تمكنا من إتقان البعدين الخامس والسادس، فيمكننا السفر عبر الزمن أو الذهاب إلى مستقبلٍ مختلف. في البعد السابع، يمكنك الوصول إلى العوالم المُحتملة التي تبدأ بشروطٍ أوليةٍ مختلفة على عكس ما هو مفروضٌ في الخامس والسادس، ويمنحنا البعد الثامن مرةً أخرى مستوىً من تواريخ الكون المُحتملة هذه، والتي يبدأ كل منها بشروطٍ أوليةٍ مختلفة، ولكن يتفرع منه أكوانٌ لانهائية. في البعد التاسع، يمكننا مقارنة جميع تواريخ الكون المُحتملة. في البعد العاشر والأخير، نصل إلى النقطة التي يتمُّ فيها تغطية كل ما هو ممكن، ويمكن تصوره لكل تلك الأكوان والاحتمالات. [2]

كيف تطورت نظرية الأوتار؟

على مدى عقودٍ واصل عددٌ قليلٌ من العلماء متابعة خمس نسخٍ مختلفة من نظرية الأوتار، وبمرور الوقت بدأ الباحثون في العثور على روابط غير متوقعة بين الأفكار الخمس، والتي جمعها العالم إدوارد ويتن (Edward Witten)، وعرضها في مؤتمر نظرية الأوتار عام 1995 في جامعة جنوب كاليفورنيا. اعتبر ويتن بأن كل نظريات الأوتار الخمس تمثل تقريبًا لنظرية أكثر جوهرية ذات إحدى عشر بعدًا، وكانت تلك بداية لنظرية الأوتار العرضية أو نظرية إم (M-theory).

وأحد النجاحات النظرية المبكرة كان قدرة الفيزيائيين على وصف بعض خواص الثقب الأسود من خلال نظرية الأوتار في ورقةٍ بحثيةٍ نشرت عام 1996 في مجلة Physics Letters، كما استخدم ذلك ستيفن هوكينج (Stephen Hawking) في مقاله الذي نُشر عام 2020 في مجلة الفيزياء (Journal Physics).

ما هي ثغرات نظرية الأوتار؟

من أكثر المشاكل التي تعاني منها نظرية الأوتار هي: [3]

1- تُنتِج عددًا لانهائياً من الحلول، وبالتالي عدداً لانهائياً من الأكوان بسبب الأبعاد الستة الإضافية.

2- ليس من الواضح ما إذا كانت نظرية الأوتار يمكن أن تكون متوافقةً مع فهمنا الحديث للكون المتوسّع المليء بالطاقة المظلمة.

3- الضعف في الجانب التجريبي لإثبات كل ما تفرضه نظرية الأوتار.

المراجع البحثية

1-Greene, B. (2023, August 18). string theory. Encyclopedia Britannica. Retrieved October 9, 2023

2- Williams, M. (2014, December 11). A universe of 10 dimensions. Phys.org. Retrieved October 9, 2023

3- What is string theory? (18, May, 2023). Retrieved October 9, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.