نظام التحكُّم المُوزّع DCS – مكوناته، ما هي تطبيقاته وفوائده؟
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
في العصر الحالي الذي يتميز بالأتمتة، تعدُّ الدقة والكفاءة من الأمور الأساسية في العمليات الصناعية، وبدون أنظمة التحكم الفعّالة، قد تتحول العمليات إلى فوضى كبيرة، ولكن كيف يمكن تحقيق التحكم اللازم لضمان العمليات الصناعية ذات النطاق الواسع؟
يُعتبر نظام التحكُّم الموزّع (Distributed Control System) أو اختصاراً (DCS) مكونًا أساسيًا في الصناعات واسعة النطاق، ويلعب دوراً أساسياً في إدارة ومراقبة العمليات الصناعية المعقدة، ولتأمين الإدارة التي تتطلبها الأتمتة الصناعية الحديثة تمّ إدخال نظام التحكم الموزع. ستجيب هذه المقالة على السؤال “ما هي أنظمة التحكُّم الموزّعة؟” وتفحص عن قرب عمليات أنظمة التحكم الموزعة، ومكوناتها، وتطبيقاتها.
ما هو نظام التحكُّم الموزّع؟
هو نظام تحكّمٍ متكاملٍ يدير العمليات المعقدة داخل الصناعات ذات النطاق الواسع، وعلى عكس أنظمة التحكم التقليدية، التي تعتمد غالبًا على مُتحكّمٍ واحد، يقوم نظام التحكم الموزع (DCS) بتوزيع مهام التحكم لعدة أنظمة فرعية مختلفة، مما يؤمن نهجاً تحكمياً لا مركزياً بشكلٍ أكبر، أي أن كل جزءٍ من العملية الصناعية يمكن أن يعمل بشكلٍ شبه مستقل، لكن يتمّ الإشراف عليه بواسطة نظامٍ إشرافي واحد، مما يضمن الانسجام والتزامن في مجال العملية الصناعية بشكلٍ كامل.
في نظام التحكم المركزي (Centralized control system)، تتمُّ عملية اتخاذ القرار وأولويات التحكم في وحدةٍ مركزيةٍ واحدة، بينما يعمل نظام التحكم الموزع على إزالة مركزية هذه الوظيفة، حيث تدير متحكماتٌ متعددة مهامها الخاصة في مناطق مختلفة، ولكنها مترابطة للسماح بالعمليات المتكاملة وعمليات صنع القرار.
تمّ تصميم نظام التحكم الموزع للتعامل مع العمليات واسعة النطاق المنتشرة على مناطق جغرافية كبيرة، وهو يؤمن غرفة تحكّمٍ مركزية، حيث يمكن للمشغّلين مراقبة جميع جوانب عملية التصنيع والتحكم فيها. يتمتع النظام بمرونةٍ عالية وقابليةٍ للتطوير، مما يسمح بالتوسُّع والتعديل بسهولة لتلبية احتياجات الإنتاج المتغيرة. [1]
مكونات أنظمة التحكم الموزعة؟
يتكون من عدة مكوناتٍ رئيسية (مخدم التحكم Server، متحكمات، وحدات دخل وخرج I/O modules، شبكات اتصال، شاشات مراقبة وإدخال HMI)، يلعب كل منها دوراً أساسياً في التشغيل الكامل للنظام التحكمي. تعُتبر المتحكمات قلب نظام التحكم الموزع، وهي المسؤولة عن تنفيذ خوارزميات التحكم، وإدارة، وحدات الدخل والخرج. وحدات الدخل والخرج هي الواجهة بين المتحكمات والأجهزة في موقع العمل في المصنع، مثل: الحسّاسات، والمحركات.
تربط شبكات الاتصال جميع مكونات نظام التحكم الموزع، مما يسمح بالتنسيق وتبادل البيانات، وتؤمن شاشات المراقبة والإدخال HMI للمُشغّلين واجهةً مرئيةً سهلة الاستخدام لمراقبة النظام والتحكم فيه، بينما يقوم خادم التحكم بإدارة التشغيل الكلي لنظام التحكم الموزع. [1]
كيف يعمل نظام التحكم الموزّع؟
يعمل من خلال مراقبة حالة المصنع بشكلٍ مستمر عن طريق وحدات الدخل والخرج، والتي تجمع البيانات من الحساسات وترسلها إلى المُتحكّمات. تُعالج المُتحكّمات هذه البيانات باستخدام خوارزميات التحكم، وتولّد إشارات التحكم، والتي يتمّ إرسالها إلى المحركات من خلال وحدات الدخل والخرج.
ثم تقوم المحركات بناءً على إشارات التحكم هذه بضبط تشغيل المصنع، مما يضمن تشغيل المصنع بالطريقة والبيانات المرغوبة، ويؤمن هذا التوزيع المرونة، وإمكانية استخدام مُتحكّماتٍ احتياطية، بحيث إذا تعطّل أحدها يمكن لمتحكمٍّ آخر أن يتولى وظيفته، مما يقلّل من زمن التوقف والخسائر المحتملة بسبب زمن التوقف الطويل. [1]
تطبيقات نظام التحكّم الموزّع في عمليات التصنيع
يستخدم نظام التحكُّم الموزّع على نطاقٍ واسعٍ في مختلف قطاعات عمليات التصنيع، مثل: الصناعات الكيميائية، والنفط، والغاز، والأسمنت، وتوليد الطاقة، والأغذية، والمشروبات، والصناعات الدوائية، وغيرها. ويستخدم للتحكم في العمليات المعقّدة التي تتطلب مستوى عاليًا من الدقة والموثوقية، مثل: التفاعلات الكيميائية، والمعالجة الحرارية، والخلط والمزج، وغيرها.
على سبيل المثال: يستخدم نظام التحكم الموزع في الصناعات الكيميائية للتحكم في التفاعلات الكيميائية في المصنع، مما يضمن حدوث التفاعلات عند درجة الحرارة والضغط والتركيز المناسب، وفي صناعة الأغذية والمشروبات، يستخدم نظام التحكم الموزع للتحكم في عمليات الخلط والمزج، مما يضمن أن المنتج النهائي يُلبّي معايير الجودة المطلوبة، وفي صناعة المستحضرات الصيدلانية، يستخدم نظام التحكم الموزع للتحكم في عملية تصنيع الأدوية، مما يضمن إنتاج أدوية فعّالة بطريقة آمنة.
في قطاع النفط والغاز، تلعب أنظمة التحكم الموزع دورًا حيويًا في المراقبة والتحكم عن بعد في عمليات الحفر، وعمليات تركيب الأنابيب وماكينات التكرير. تسمح أنظمة التحكم الموزع بإجراء تعديلاتٍ آنية، وتحسّن استخدام الموارد وتضمن السلامة، مثلاً: يمكن للحفارات البحرية المجهّزة بأنظمة التحكم الموزع الاستجابة تلقائيًا لظروف الطقس المتغيرة، مما يعزّز الكفاءة التشغيلية وسلامة الطاقم التشغيلي.
في قطاع توليد الطاقة الكهربائية، تعتمد محطات الطاقة الكهربائية بشكلٍ كبير على أنظمة التحكم الموزّع لإنتاج الطاقة بكفاءة، وتدير هذه الأنظمة العمليات الحرجة، مثل: التحكم في التوربينات، وإدارة الوقود، والتحكم في الانبعاثات ونواتج الاحتراق.
تضمن أنظمة التحكم الموزّع من خلال المراقبة المستمرة وتحليل البيانات، توليد الطاقة بشكلٍ موثوق مع الامتثال للوائح السلامة البيئية، وتمكّن التعديلات الآنية محطات الطاقة من تلبية المتطلبات الديناميكية للشبكة الكهربائية. [1]
فوائد استخدام نظام التحكم الموزّع في عمليات التصنيع
إن استخدامه في عمليات التصنيع له العديد من الفوائد، مثل: زيادة الكفاءة، وتحسين جودة المنتج، وخفض التكاليف التشغيلية، وتعزيز السلامة والأمان. يسمح نظام التحكم الموزع بأتمتة العمليات المعقدة، مما يقلّل من الحاجة إلى التدخل اليدوي، وبالتالي زيادة الكفاءة، كما يؤمن تحكماً دقيقاً في عملية التصنيع يضمن أن المنتج النهائي يُلبّي معايير الجودة المطلوبة.
كما يقلل استخدام نظام التحكم الموزع من التكاليف التشغيلية من خلال تحسين استخدام الموارد الخام، وتقليل الهدر، كما يزيد السلامة والأمان من خلال تأمين المراقبة الآنية لعملية التصنيع والتحكم الآني فيها، مما يتيح الاستجابة السريعة لأي مشكلة محتملة. يسمح توزيع مهام التحكم هذا بمستوى عالٍ من التكرار والموثوقية، فلا يؤثر فشل مُتحكّمٍ واحد على التشغيل الكلي للنظام، مما يضمن استمرار النظام في العمل بسلاسة. [2]
التحديات التي تواجه استخدام نظام التحكم الموزّع
على الرغم من فوائده العديدة، لكن تنفيذ نظام التحكم الموزّع في معامل التصنيع يمكن أن يكون مهمةً معقدةً وصعب. يتطلب النظام مستوى عاليًا من الخبرة الفنية لتصميمه، وتركيبه، وتنفيذه، وصيانته، كما يتطلب رأس مالٍ استثماري كبير لشراء التجهيزات والبرامج، بالإضافة إلى التكاليف اللاحقة للصيانة والتحديثات.
التحدي الآخر هو دمج نظام التحكم الموزع مع الأنظمة والعمليات الحالية، ويتطلب ذلك تخطيطاً وتنسيقاً دقيقين لضمان توافق نظام التحكم الموزع مع البنية الأساسية الحالية، وقدرته على التحكم بفعالية في عملية التصنيع. بالإضافة إلى ذلك، يجب تكوين نظام التحكم الموزّع وضبطه بحيث يُلبّي الاحتياجات المحدّدة للمصنع، وهي عملية قد تكون معقدة، وتستغرق وقتاً طويلاً. [2]
مستقبل أنظمة التحكم الموزّعة في عمليات التصنيع
مع التطورات في التكنولوجيا التي تؤدي إلى أنظمة أكثر تطورًا وكفاءة، يبدو مستقبل أنظمة التحكم الموزعة في عمليات التصنيع واعداً، ومن المتوقّع أن يؤدي دمج أنظمة التحكم الموزعة مع التقنيات الناشئة، مثل: إنترنت الأشياء (IOT)، والذكاء الاصطناعي (AI)، وتعلم الآلة إلى إحداث ثورة في عمليات التصنيع.
يسمح إنترنت الأشياء بالربط بين جميع الأجهزة في المصنع، مما يتيح تبادل البيانات والتنسيق في الوقت الآني، ويمكن أن يعزّز ذلك من كفاءة وموثوقية أنظمة التحكم الموزعة، مما يتيح تحكمًا أكثر دقة في عملية التصنيع. يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي، وتعلم الآلة لتحليل كمياتٍ هائلة من البيانات التي يمكن أن تولدها أنظمة التحكم الموزعة، مما يوفر مخططات وبيانات يمكن استخدامها لتحسين عملية التصنيع، وتحسين جودة المنتج. [2]
المراجع البحثية
1- Dupree, J. (2023, October 18). What is DCS? A Comprehensive Guide to Distributed Control Systems. Industrial Automation Co. Retrieved September 20, 2024
2- Sapot, B., & Sapot, B. (2024, January 13). DCS – Distributed Control System: manufacturing explained. Mingo Smart Factory. Retrieved September 20, 2024