تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

الكلى والجهاز المفرغ من أهمّ الأجهزة التي يمتلكها الجسم البشري، فهو يتولى مهمة طرح السوائل والفضلات السامة من الجسم على هيئة بولة وحمض البول، كما أن للكلية بشكلٍ خاص عدة أدوار مهمة أخرى، مثل: تحريض تكوين الكريات الحمراء عبر إفرازه للإرثيوبيوتين، وتنظيم الضغط الدموي، والحفاظ على شوارد الجسم ضمن المستويات الطبيعية، هذه الوظائف ضرورية لاستمرار حياة الإنسان.

والاضطرابات التي تصيب الكلى هي اضطرابات خطيرة، ويجب تدبيرها بأفضل شكلٍ ممكن، إلا أن تدهور الوظيفة الكلوية لا تظهر إلا بعد حدوث أذية غير عكوسة للكلية، والتي تظهر على شكل القصور الكلوي المزمن أو الإصابات الكلوية المتقدمة. في الإصابات الكلوية الشديدة يحدث انخفاض شديد في قدرة الكلية على تصفية الدم من الفضلات.

بالإضافة إلى اختلال التوازن الشاردي الدموي، وضياع كمياتٍ كبيرةٍ من البروتينات والسكريات، هذه الاختلاطات يمكن أن تصبح مميتةً إن تمّ إهمالها، لذا فإن التدبير يجب أن يضمن وظيفة تصفية الدم مع الحفاظ على التوازن الشاردي دون ضياع أي مكونات مهمة من الدم، في معظم الحالات لا يمكن علاج الكلية المصابة، وتحقيق الشفاء من القصور الكلوي المزمن (الكلية من الأعضاء النبيلة، والتي لا يمكن علاج الأذيات غير العكوسة فيها عكس الكبد).

بعض التدابير قد تبطئ أو توقف تدهور الوظيفة الكلوية، لكن الوظيفة التي تُفقد يجب تعويضها بوسائل خارجية، من أشيع الوسائل المعيضة عن الكلية الطبيعة هي إجراء غسيل الكلى (Hemodialysis)، والتي تعدُّ من أشيع الأسباب للزيارة الدورية للمشفى حول العالم.

ما هو المقصود بغسيل الكلى؟

هو مصطلح يصف العملية التي يحدث فيها تصفية وتنقية الدم من السموم عبر جهاز يتألف من مجموعة فلاتر تصفية خاصة لتنقية الدم، وهي شكل من أشكال العلاجات البديلة للكلية ((Renal replacement therapy RRT) التي تستخدم بشكلٍ خاص عند مرضى القصور الكلوي المزمن ((Chronic kidney disease CKD)، ومرض الكلى في المرحلة النهائية (ESRD)، يتمّ تقدير الوظيفة الكلوية عادةً عبر معدل الرشح الكبي GFR، والذي ينخفض بشكلٍ واضح عند مرضى القصور الكلوي ليشير لضرورة البدء بإجراء غسيل الكلى عند المريض. ^[1]

آلية غسيل الكلى؟

أثناء غسيل الكلى يمر الدم عبر مرشح يسمّى جهاز غسيل الكلى، خارج الجسم، يُطلق على جهاز غسيل الكلى أحيانًا اسم “الكلية الاصطناعية” (Artificial kidney). في بداية علاج غسيل الكلى تقوم ممرضة أو فني غسيل الكلى بوضع إبر في الأوردة، وفتح خطوط وريدية ضمن الذراع، وفي بعض الحالات يحتاج بعض المرضى اللجوء للمسكنات والمخدرات في حالة تسبّب عملية فتح الخطوط للألم عند المريض.

يتمّ ربط كل إبرةٍ بأنبوبٍ ناعم متصل بجهاز غسيل الكلى، وتقوم آلة غسيل الكلى بضخ الدم من خلال الفلتر، وتعيده إلى الجسم، وأثناء هذه العملية، يقوم جهاز غسيل الكلى بفحص ضغط الدم، والتحكم في مدى سرعة الجريان الدموي عبر الفلاتر الموجودة ضمن الكلية الصناعية.

يدخل الدم من أحد طرفي المرشح، ويمر عبر العديد من الأنابيب الرفيعة جدًا، وأثناء مرور الدم عبر هذه الأنابيب، يمر محلول غسيل الكلى في الاتجاه المعاكس على السطح الخارجي للألياف، وتنتقل النفايات من الدم إلى محلول غسيل الكلى، ويبقى الدم المصفّى ضمن أنابيب التصفية ثم يعود إلى الجسم.

هذه العملية تتمّ داخل أنابيب التصفية الموجودة في جهاز الكلية الصناعية، بالمقارنة بالكلية الطبيعية التي يبلغ حجمها عادةً حجم حبة فاصولياء كبيرة، فإن جهاز الكلية الصناعية جهاز ضخم للغاية يحتاج إلى غرفةٍ كاملة خاصة ٍبه، لذا فإن أجهزة غسيل الكلية عادةً ما تتواجد فقط ضمن المشافي أو مراكز الغسيل الكلوي، ولا يمكن أن تتواجد على شكل أجهزةٍ منزليةٍ صغيرة.

عادةً ما يحتاج مريض غسيل الكلى لزيارة مراكز الغسيل الكلوي ثلاث مرات أسبوعياً، كل جلسة تستمر تقريبا 4 ساعات (يختلف عدد مرات زيارة المريض لمراكز غسيل الكلى ومدة الجلسة الواحدة من مركزٍ لآخر، ومن مريضٍ لآخر) مع توافر بعدد السبل التي لا تسبّب إضاعة وقت المريض، مثل: إجراء عمليات الديال أثناء الليل ضمن مراكز غسيل الكلوي. ^{[1] [2]}

ما هي ميزات الديال الكلوي؟

يُمكّن الديال مرضى القصور الكلوي من الحصول على حياةٍ صحية، والوقاية من تراكم السموم في الدم على الرغم من حالة الفشل الكلوي التي يعاني منها مرضى القصور الكلوي، وهي بذلك تنوب عن الكلية الطبيعية المعطلة عند مرضى القصور الكلوي.

إلا أنه من الضروري معرفة أن الديال الكلوي والكلية الصناعية لا تستطيع أن تنوب عن جميع وظائف الكلية الطبيعية، فللكلية الطبيعية عدة وظائف أخرى، كتنظيم التوازن الشاردي، والحفاظ على توازن الضغط الدموي، وتحريض تكون الكريات الدموية الحمراء، جميع الوظائف السابقة لا تستطيع الكلية الصناعية القيام بها. ^[1]

ما هي الآثار الجانبية للديال الدموي المتكرر؟

الاختلاط الأهمّ والأكثر شيوعاً هو الإنتان مكان المدخل الوريدي الذي يسبّب الألم والتورم، كما يمكن أن يصيب المرضى بالعديد من الأمراض الخمجية نتيجة الزيارة المتكررة للمشافي والمراكز الصحية المختصة بالديال الكلوي التي قد تسبّب الآلام العضلية، والصداع، وغيرها، من الاختلاطات الأخطر لكنها أندر الضياع الدموي نتيجة عطل في الكلية الصنعية أو النزف عبر الخطوط الوريدية المفتوحة، هذا الاختلاط قد ينتج عنه انخفاض بالضغط الدموي، واضطراب وعي المريض. ^[2]

مؤشرات حاجة المريض للجوء للديال الدموي

إصابة المريض بالقصور الكلوي المزمن هو استطباب مطلق للديال، بالإضافة إلى القصور الكلوي توجد مجموعة من الأمراض التي تتطلب الديال الدموي منها: ^[1]

– إصابة الكلى الحادة.

– اعتلال الدماغ اليوريمي.

– التهاب التامور.

– فرط بوتاسيوم الدم الذي يهدد الحياة.

– الحماض الحراري.

– فرط حجم الدم الذي يسبّب مضاعفاتٍ في الأعضاء النهائية مثل: الوذمة الرئوية.

– الفشل في النمو وسوء التغذية.

– الاعتلال العصبي المحيطي.

– أعراض الجهاز الهضمي المستعصية.

– المرضى الذين لا يعانون من أعراض، والذين يبلغ معدل الترشيح الكبيبي لديهم من 5 إلى 9 ميلي لتر / دقيقة / 1.73 متر مربع.

– أي حالة تسمُّم.

بدائل غسيل الكلوي

يسعى الطب الحديث لإيجاد بدائل أفضل من الديال لتحسين حياة المريض، يمكن لمرضى القصور الكلوي اللجوء لزراعة الكلى كوسيلةٍ علاجيةٍ شافية إلا أن هذا الإجراء مكلف مع نسب نجاح متواضعة.

أصبح غسيل الكلى في المنزل علاجاً متّبعاً لدى العديد من المرضى إلا أنها إجراء مكلف، ويتطلب زمناً أكثر من غسيل الكلى في المراكز المتخصصة، ويحتاج متابعةً أكثر وصيانةً أدق للأجهزة المستخدمة، ويبقى للديال الكلوي الفضل الأكبر في تحسين حياة المرضى الذين عادوا إلى حياتهم اليومية بشكلٍ شبه طبيعي بفضل الديال والكلية الصناعية.