Skip links
طفل يجلس على كرسي متحرك وبجانبه طبيب يفحص قدميه

شلل الأطفال – أسبابه، أعراضه وأنواعه

الرئيسية » المقالات » الطب » طب الأطفال » شلل الأطفال – أسبابه، أعراضه وأنواعه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ شلل الأطفال (Ppoliomyelitis) مرضاً شديد العدوى، ويتواجد منذ آلاف السنين، وتمّ ذكره في اللوحات والمنحوتات المصرية القديمة، حيث صورت أطفالاً بأطراف مشوّهة وضامرة، وغير قادرةٍ على حمل الوزن دون استخدام عصا المشي، وتمّ وصف شلل الأطفال لأول مرة من قبل طبيب في عام 1789.

تمّت تسميته رسمياً بالمرض في عام 1840، ولعدة قرون كان شلل الأطفال مرضاً مخيفاً، فقد أدى إلى وفاة الآلاف من الأشخاص، وانتهى الأمر بالعديد من الذين نجوا إلى الإصابة بالشلل أو الحاجة إلى رئةٍ حديدية (هي نوع من آلات التنفس القديمة).

وفي الخمسينيات من القرن العشرين، ابتكر الدكتور جوناس سالك (Jonas Salk) أول لقاح للوقاية من الإصابة بشلل الأطفال، وفي ذلك الوقت كان المرض يصيب بالشلل أو يقتل أكثر من نصف مليون شخص كل عام في جميع أنحاء العالم، وبمجرد طرح اللقاح انخفضت هذه الأرقام بسرعة، وفي عام 2020 لم تسجل أي إصابة في الولايات المتحدة بشلل الأطفال، ولم يعد المرض ينتشر بشكلٍ نشطٍ في معظم أنحاء العالم. [1]

ما هو شلل الأطفال؟

مرضٌ فيروسيٌّ حادٌّ معدٍ يصيب الجهاز العصبي، يسبّبه فيروس شلل الأطفال أو الفيروس السنجابي (Poliovirus)، وهو فيروسٌ معويّ ينتمي إلى عائلة الفيروسات البيكورناوية أو بيكورنافيروس (Picornaviridae)، والبشر هم المضيف الوحيد المعروف لهذا الفيروس.

ويعرف المرض أيضاً باسم التهاب سنجابية النخاع بسبب ميل الفيروس لمهاجمة خلايا معينة في النخاع الشوكي وجذع الدماغ، ويمكن أن يصاب به أي شخص لم يتلق اللقاح مهما كان عمره، ولكن الأطفال بعمرٍ أقل من 5 سنوات هم الأكثر عرضةً للخطر.

يبدأ المرض عادةً بأعراض عامة، مثل: الحمّى، والصداع، والغثيان، والتعب، والإرهاق، والآلام، والتشنجات العضلية، وأحياناً يتبعها أعراض أكثر خطورة، وتكون دائمة، مثل: شلل العضلات في واحد، أو أكثر من الأطراف، أو الحلق، أو الصدر، وبالنسبة للأطفال الذين يصابون بالعدوى، فلا يوجد علاج لهم.

وحوالي 5 إلى 10 بالمئة من الأطفال المصابين لا تظهر عليهم سوى الأعراض العامة، وأكثر من 90 بالمئة منهم لا تظهر عليهم أي علامات للمرض على الإطلاق، ويحدث الشلل المرتبط بالتهاب سنجابية النخاع عند أقل من 1 بالمئة من الأشخاص المصابين.

وهناك ثلاثة أنماط مصلية معروفة لفيروس شلل الأطفال، وهي: PV1، وPV2، وPV3، والنمط المصلي الأكثر انتشاراً هو PV1، وقد تمّ القضاء على كل من (PV2) و(PV3). [2] [3]

ما هي أنواع شلل الأطفال؟

يمكن أن يؤثر مرض شلل الأطفال على الجسم بشكلٍ مختلف بين طفلٍ وآخر اعتماداً على المكان الذي يتكاثر فيه الفيروس ويهاجمه، وتشمل الأنواع ما يلي: [2] [3]

1- التهاب سنجابية النخاع المُجهض (Abortive poliomyelitis)

هو الشكل الأخف، ويسبّب أعراضاً تتشابه مع نزلة البرد أو الأنفلونزا، وأعراض معوية، ويستمر لبضعة أيام فقط، ولا يسبّب تأثيراً على الدماغ أو أي مشاكل طويلة الأمد.

2- التهاب سنجابية النخاع غير الشللي (Non paralytic poliomyelitis)

يشبه هذا النوع شلل الأطفال المجهض، لكن أعراضه تكون أكثر شدةً، وقد تستمر لفترةٍ أطول، ويكون الطفل معرضاً لخطر الإصابة بالتهاب السحايا العقيم، وهي حالةٌ خطيرة تستدعي البقاء في المستشفى.

3- التهاب سنجابية النخاع الشللي (Paralytic poliomyelitis)

هو أشدُّ أنواع شلل الأطفال خطورةً، ويحدث عندما يهاجم الفيروس الدماغ والنخاع الشوكي، ويمكن أن يسبّب ضعفاً دائماً، أو شللاً في الساق، أو الذراعين، أو عضلات التنفس، والتحدث، والبلع، ويتمُّ تسميته تبعاً لأجزاء الجسم المصابة، فيطلق عليه اسم شلل الأطفال الشوكي (Spinal polio) عندما يصيب الحبل الشوكي، وشلل الأطفال البصلي (Bulbar polio) عندما يصيب جذع الدماغ، ويمكن أن يظهر شلل الأطفال الشوكي، والشلل البصلي معاً، ويسمّى شلل الأطفال البصلي الشوكي (Bulbospinal polio).

4- التهاب الدماغ السنجابي (Polioencephalitis)

يعتبر نادر الحدوث، وغالباً ما يصيب الرضع، ويسبّب التهاب المادة الرمادية في الدماغ.

5- متلازمة ما بعد شلل الأطفال

في بعض الأحيان، تعود أعراض شلل الأطفال، مثل: ضعف الساق، والذراع بعد سنوات من الإصابة الأولية، وهذا ما يسمّى متلازمة ما بعد شلل الأطفال (Post polio syndrome)، ويمكن أن يحدث ذلك لأي شخص أصيب بشلل الأطفال في الماضي، حتى لو شفي تماماً.

ما هي عوامل خطر الإصابة بشلل الأطفال؟

يكون الشخص الذي لم يتلق اللقاح سابقاً أو ليس لديه سوابق للإصابة بالمرض عرضةً للإصابة بفيروس شلل الأطفال بأي عمر، ولا يقتصر حدوث المرض على الأطفال فقط، ويزداد احتمال الإصابة في حال: [3] [4]

1- العيش في منطقة لم يتمّ القضاء على شلل الأطفال فيها أو السفر إليها.

2- النساء الحوامل.

3- السكن في منطقة تعاني من سوء الصرف الصحي أو السفر إليها.

4- الأطفال بعمر أقل من خمس سنوات.

5- كبار السن.

6- الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي، مثل: المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV).

7- الاتصال بشخص تمّ تطعيمه مؤخراً بلقاح شلل الأطفال الفموي.

كيف تنتقل الإصابة بشلل الأطفال؟

فيروس شلل الأطفال معدٍ للغاية، وينتشر عن طريق الاتصال الشخصي، ويعيش في حلق وأمعاء الشخص المصاب، ويسبّب تلوث الطعام والماء في ظروفٍ غير صحية، ويمكن للأشخاص المصابين أن ينشروا الفيروس قبل أسبوع تقريباً من ظهور أي أعراض، ولعدة أسابيع بعدها.

كما يمكن للأشخاص المصابين الذين ليس لديهم أي أعراض نقل مرض شلل الأطفال إلى الآخرين، ويدخل الجسم بالطريق الفموي البرازي، وهو الأكثر شيوعاً أو عن الطريق التنفسي، وذلك من خلال: [5]

1- ملامسة براز شخصٍ مصاب بالعدوى، ثم وضع اليد في الفم.

2- القطيرات التي تنطلق في الهواء عندما يسعل أو يعطس الشخص المصاب.

3- تناول الطعام، أو الماء الملوث بالبراز، أو القطيرات التنفسية للمصاب.

4- وضع الطفل لأشياء ملوثة في فمه، مثل: الألعاب الملوثة بالبراز.

ما هي الآلية الفيزيولوجية للإصابة بشلل الأطفال؟

فيروس شلل الأطفال هو فيروسٌ غير مغلف ومقاوم للأحماض، ويمكن أن تتحمل القفيصة البروتينية للفيروس درجة حموضة المعدة المنخفضة، مما يسمح له بالوصول إلى الأمعاء الدقيقة، ويبدأ بالتكاثر في العقد الليمفاوية الموضعية، ولويحات باير (Peyer’s patches) في الأمعاء والمساريقا (طية مزدوجة من الأغشية التي تصل الأمعاء بجدار البطن، وتبقيها في مكانها).

وبعد التكاثر قد يتمّ إفراز الفيروس في البراز، مما يساهم في نقل المرض، أو يصل إلى مجرى الدم، وينتقل إلى خلايا أخرى في الجسم، مثل: خلايا الجهاز الشبكي البطاني، وعند بعض الأطفال تتوقف الإصابة عند هذا الحدّ، وتسبّب أعراضاً تشبه الأنفلونزا، ويتعافى المرضى خلال ثلاثة إلى أربعة أيام دون الإصابة بالشلل.

ولكن في بعض الحالات يبدأ الفيروس بالهجوم على الجهاز العصبي المركزي، وعلى الرغم من أن الآلية الدقيقة ليست مفهومةً تماماً إلا أن الفرضية الأكثر دعماً هي النقل المحوري الرجعي (Retrograde axonal transport)، والذي بموجبه يدخل الفيروس إلى المحور العصبي للخلية العصبية الحركية، وينتقل إلى جسم الخلية، حيث يتكاثر، ويؤدي إلى التهاب وتدمير الخلايا العصبية الحركية في القرن الأمامي للنخاع الشوكي وجذع الدماغ.

ويتمُّ تثبيط النبضات الحركية التي تتحرك عادةً على طول الألياف العصبية من الحبل الشوكي إلى العضلات، ونتيجةً لذلك تصبح العضلات غير قادرة على الانقباض، مما يؤدي إلى حدوث الشلل الرخو (Flaccid paralysis)، ويعتمد مدى الشلل على مكان إصابة الفيروس، وعدد الخلايا العصبية التي يخربها، ويمكن للخلايا التي لم تتعرض لإصابةٍ خطيرة أن تستعيد جزءاً من وظيفتها الطبيعية.

وبمقدار الخلايا العصبية التي تتعافى يمكن توقع استعادة وظيفة العضلات المقابلة، ولكن الخلايا التي تمّ تدميرها بشكلٍ كامل لا يمكن استبدالها لأن الخلايا العصبية غير قابلةٍ للتجدد، وفي هذه الحالة يكون الشلل كاملاً ودائماً، ويصاحبه ضمورٌ تدريجيٌّ للعضلات غير المستخدمة.

ويبدو أن هناك فروقاً فردية في درجة القابلية الطبيعية للإصابة بالمرض، ويكتسب العديد من الأشخاص أجساماً مضادة لفيروس شلل الأطفال في دمائهم دون أن تظهر عليهم أي أعراض للعدوى، ويُعتقد عموماً أن الإصابة بالمرض تُكسب الشخص مناعةً دائمة.

ولكن نظراً لوجود ثلاثة أنماط مصلية مختلفة لفيروس شلل الأطفال، فمن الممكن أن تحدث هجمات ثانية، فالأطفال الذين يتعافون من العدوى الناجمة عن أحد الأنماط المصلية لفيروس شلل الأطفال يكون لديهم مناعة دائمة ضدَّ الإصابة مرةً أخرى بهذا النمط المصلي، ولكن ليس ضدَّ العدوى عن طريق الأنواع الأخرى.

لهذا السبب، فإن لقاحات شلل الأطفال ثلاثية التكافؤ، أي أنها مصممةٌ لتوليد أجسام مضادة لجميع الأنماط المصلية الثلاثة لفيروس شلل الأطفال. ومن بين ما يصل إلى ربع المصابين السابقين بشلل الأطفال الذين استقرت حالتهم لسنوات أو حتى عقود، يحدث لديهم متلازمة ما بعد شلل الأطفال.

والتي تتظاهر بزيادة الضعف، أو ضمور العضلات، أو غيرها من الحالات التي تشمل مجموعات العضلات المصابة أصلاً أو مجموعة مختلفة من العضلات، وسبب المتلازمة غير معروفٍ بشكلٍ واضح، ولكنها قد تنشأ عندما تبدأ الفروع العصبية التي نمت بواسطة الألياف العصبية، والتي نجت من العدوى الأصلية في التدهور عندما يصبح المصاب السابق في منتصف العمر، ولا يوجد علاج لها. [2] [6]

ما هي أعراض شلل الأطفال؟

يمكن أن تسبّب عدوى فيروس شلل الأطفال أعراضاً بدرجاتٍ متفاوتة من الشدة، وتختلف من طفلٍ لآخر، وفي أغلب الحالات ليس لديهم أي أعراض على الإطلاق (أي تكون الإصابة لا عرضية)، ومعظم الحالات العرضية تكون من الشكل المجهض، وتشمل الأعراض ما يلي: [2] [3] [7]

1- التهاب سنجابية النخاع المجهض

تبدأ أعراضه بعد ثلاثة إلى سبعة أيام من الإصابة بالعدوى، وتتشابه مع أعراض العديد من الأمراض الأخرى، وتكون دورة المرض ذات شدةٍ خفيفةٍ وقصيرة المدة، وتترافق مع واحد أو أكثر مما يلي: الحمى، وتصل درجة الحرارة إلى 103 درجة فهرنهايت أو 39.4 درجة مئوية، والصداع الخفيف.

وانخفاض الشهية، والغثيان أو القيء، والتهاب الحلق، والشعور بالضيق، وعدم الراحة، الإسهال أو الإمساك، وألم البطن، ولا يوجد في هذه المرحلة أي علاماتٍ عصبية أو سحائية، ويحدث الشفاء التام خلال 5 إلى 10 أيام.

2- التهاب سنجابية النخاع غير الشللي

تبدأ أعراضه بنفس أعراض النمط المجهض، ولكن يكون الصداع والغثيان والإقياء أسوأ، ويترافق مع ألم أو شعور بوخز دبابيس في عضلات الرقبة، والجذع، والذراعين، والساقين، وتيبُّسٍ في الرقبة، وعلى طول العمود الفقري، وحساسية من الضوء (رهاب الضوء)، وتكون العلامات السحائية، مثل: صلابة النقرة مهمة للتشخيص، وقد يحدث شلل عابر وبسيط، ولفترةٍ قصيرة.

3- التهاب سنجابية النخاع الشللي

تشمل أعراضه كلاً من أعراض النوع غير الشللي والمجهض، بالإضافة إلى ذلك قد يحدث ضعف عام في العضلات وتشنجات عضلية، ويتطور الشلل بشكلٍ تدريجي خلال 2 إلى 3 أيام قبل حدوث الشلل التام، ويكون الشلل غير متناظر، وفي معظم الحالات يصيب عضلات الأطراف، وخاصةً الساقين.

ويصيب العضلات القريبة الكبيرة أكثر من الصغيرة البعيدة، وقد تصاب أحياناً عضلات البطن أو الظهر بالشلل، مما يؤثر على وضعية الجسم، وقد تصبح عضلات الرقبة ضعيفة بحيث لا يمكن رفع الرأس، ويمكن أن تصاب عضلات الوجه بالشلل، مما يؤدي إلى التواء الفم أو تدلي الجفون.

كما قد يسبّب الفيروس أذية القسم العلوي من الحبل الشوكي، مما يؤدي إلى صعوباتٍ في التنفس، وقد يهاجم الفيروس شلل الأطفال جذع الدماغ، مما يؤدي إلى أذية المراكز العصبية التي تتحكم في البلع والتحدث، ويسبّب تجمع الإفرازات في الحلق، وقد تؤدي إلى الاختناق بسبب انسداد مجرى الهواء.

كما قد يحدث هياج وضعف التحكم في المزاج، وحساسية للمس، وإمساك شديد، وتمدّد في البطن، وشلل المثانة، وسيلان اللعاب، وغالبية الأشخاص الذين يصابون بالشلل سوف يستعيدون في نهاية المطاف بعض قوتهم، وسيعود البعض إلى حالته الطبيعية، ويموت حوالي 5 إلى 10 بالمئة من الأشخاص المصابين بالتهاب سنجابية الدماغ الشللي بسبب مضاعفات الجهاز التنفسي.

4- التهاب الدماغ السنجابي

يمكن أن تظهر أعراض التهاب الدماغ السنجابي بمفردها أو مع أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا، وتشمل التعب الشديد، والقلق، وصعوبة في التركيز، والنوبات الاختلاجية.

المراجع البحثية

1- Booth, S. Vanbuskirk, S . (2024, March 22). Polio. WebMD. Retrieved Avril 1, 2024

2- Encyclopædia Britannica. (2024, March 13). Polio. Encyclopædia Britannica. Retrieved Avril 1, 2024

3- Cleveland Clinic. (2022, May 8). Polio. Cleveland Clinic. Retrieved Avril 1, 2024

4- Better Health Channel. (2021, March 26). Polio and the late effects of polio. Retrieved Avril 1, 2024

5- Centers for Disease Control and Prevention. (2022, August 11). What is polio?. Retrieved Avril 1, 2024

6- Physiopedia. (n.d). Poliomyelitis. Retrieved Avril 1, 2024

7- Children’s Hospital of Philadelphia. (2014, August 24). Poliomyelitis (polio) in children. Retrieved Avril 1, 2024

This website uses cookies to improve your web experience.