Published in: الفضاء

سحابة أورت

Author د. جاسم الفواز

Published on: 27 مايو، 2023

د. جاسم الفواز

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

منذ آلاف السنين راقب علماء الفلك المذنبات، وهي تسافر بالقرب من الأرض، وتضيء سماء الليل أدت هذه المراقبة إلى تساؤلٍ هام وهو: من أين أتت كل هذه المذنبات؟ الأم التي وَلدت هذه المذنبات هي منطقة في أطراف نظامنا الشمسي تُسمى سحابة أورت (Oort cloud).

ما هي سحابة أورت؟

هي عبارة عن منطقةٍ ممتدة من الأجسام الجليدية الموجودة في أقصى النطاق الخارجي للنظام الشمسي.  سُميت على اسم عالم الفلك جان أورت (Jan Oort) الذي اقترح وجودها عام 1950 ميلادي، وتأخذ شكلاً كروياً يحيط بالنظام الشمسي تقريباً، وتفيد الدراسات أنها أصل معظم المذنبات طويلة الأمد التي تمَّ رصدها. يفترض الفلكيون أنها بقايا قرص المادة الأساسية التي شكلت الشمس والكواكب، لذلك نستطيع القول إن جسيماتها ماهي إلا الفتات الأساسية للكواكب.

تقول بعض النظريات أن المادة الموجودة الآن في سحابة أورت تكونت بالقرب من الشمس في بداية نشأة وخلق النظام الشمسي، وذلك في العصور المبكرة لتشكيل النظام الشمسي. مع نمو الكواكب وعلى وجه الخصوص عندما اندمج المشتري وهاجر إلى موقعه الحالي، يُعتقَد أن تأثيره الثقالي أدى إلى تشتيت العديد من الأجسام الجليدية إلى موقعها الحالي في سحابة أورت. ^[1]

كم يبلغ امتداد سحابة أورت؟

يُعتقد أن سحابة أورت تمتد من 2000 إلى 50000 وحدة فلكية من الشمس، على الرغم من أن بعض التقديرات تضع الحافة الخارجية على مسافة 100000 و200000 وحدة فلكية. وبشكل عام تتكون من منطقتين:

1- سحابة أورت الخارجية الكروية (Spherical outer Oort Cloud)، وتمتدُّ من 20000 إلى 50000 وحدة فلكية.

2- سحابة أورت الداخلية (Disc-shaped inner Oort)، وتكون على شكل قرص يمتدُّ من 2000 إلى 20000 وحدة فلكية.

قد تحتوي سحابة أورت الخارجية على تريليونات الأجسام التي يزيد حجمها عن كيلومتر واحد والمليارات من الأجسام التي يبلغ قطرها 20 كيلومتر، وكتلتها الإجمالية غير معروفة، ولكن بافتراض أن مذنب هالي هو تمثيلٌ نموذجيٌّ لأجسام سحابة أورت الخارجية، فإن كتلة جميع أجسام السحابة مُجتمِعة قد تصل إلى خمس مرات من الأرض.

بناءً على تحليلات المذنبات السابقة، تتكون الغالبية العظمى من أجسام سحابة أورت من مواد مُتطايرة جليدية، مثل: الماء، والميثان، والإيثان، وأول أكسيد الكربون، وسيانيد الهيدروجين، والأمونيا. وتُعرَف محتويات كل من حزام كايبر وسحابة أورت بالأجسام العابرة لنبتون (TNOs)، وذلك لأن الأجسام في كلتا المنطقتين لها مدارات بعيدة عن الشمس عن مدار نبتون. ^[2]

كيف نشأت سحابة أورت؟

 يُعتقَد أنها بقايا القرص الكوكبي الأصلي الذي تشكل حول الشمس منذ حوالي 4.6 مليار سنة.  الفرضية الأكثر قبولاً على نطاق واسع هي أن أجسام سحابة أورت قد اندمجت في البداية بالقرب من الشمس كجزءٍ من نفس العملية التي شكلت الكواكب والكواكب الصغيرة، لكن وجود عمالقة الغاز، مثل: المشتري، وزحل، منع هذه الجسيمات من الاندماج، ودفعهم إلى أخذ شكل إهليلجي طويل للغاية.

تُشير الأبحاث الحديثة التي أجرتها وكالة ناسا إلى أن عدداً كبيراً من أجسام السحابة هي نتاج تبادل المواد بين الشمس والنجوم الشقيقة أثناء تشكلها وانجرافها عن بعضها. ^[3]

ما هي المركبات الفضائية التي ممكن أن تصل لسحابة أورت؟

المركبة فوياجير 1 (Voyager 1)، التي تمَّ إطلاقها منذ أكثر من 40 عام، لا يزال أمامها 300 عام للوصول لحافة سحابة أورت. كما أن هناك أربع مركبات فضائية أخرى ستصل في النهاية إلى السحابة وهي:

1- فوياجير 2 (Voyager 2).

2- نيو هورايزونس (New Horizons).

3- بايونير10 (Pioneer 10).

4- بايونير 11 (Pioneer 11).

ولكن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً جداً ً للوصول لحافتها الداخلية، وسيبدأ التلسكوب الذي يتمُّ بناؤه حالياً في تشيلي، والمُسمَّى مرصد فيرا روبن (Vera Rubin) في البحث عن مذنبات طويلة الأمد قادمة من سحابة أورت عند اكتماله هذه السنة عام 2023.  

بينما يواصل العلماء تجميع هذه القرائن لمعرفة المزيد عنها، وجمع الأدلة على وجودها وسنعرف على وجه اليقين فقط بمجرد أن تغامر إحدى مركباتنا الفضائية في هذه المنطقة غير المعروفة من الفضاء.  إذا تمكنت مركبة (Voyager 1) من البقاء لمدة 300 عام أخرى، فستكون البشرية قد وصلت حقاً إلى حدود جديدة. ^[4]