Skip links
الكرة الأرضية ويظهر حولها مجموعة من الأقمار الصناعية التابعة لشركة سبيس إكس التي تتواصل مع بعضها البعض بخطوط بيضاء لتظهر مثل شبكة العنكبوت حولها

ستارلينك، شبكة اتصالات عبر الفضاء

الرئيسية » المقالات » الفضاء » ستارلينك، شبكة اتصالات عبر الفضاء

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

لطالما اعتبر تطور الأنترنت وشبكات الاتصالات من أكثر المجالات التي استطاعت البشرية إحداث التطور فيها مع الزمن إلا أنه مع ذلك يبقى إلى يومنا هذا أكثر سكان الأرض ليسوا على اتصال دائم بالأنترنت، وذلك بشكل رئيسي في دول العالم الثالث، مما جعل الحاجة إلى شبكة اتصالات بين الشعوب بغضّ النظر عن الحدود حاجةً لا مفرّ منها.

أول شبكة اتصال فضائي متاحة للجميع

في عام 2015 أعلن أيلون مسك المدير التنفيذي لشركة سبيس إكس (Space X)، والتي تُعنى بالرحلات الفضائية بأن شركته تعمل على إنشاء شبكة اتصال بالأنترنت ذات سرعات فائقة، وبأسعار منخفضة، ومتاحة لجميع أفراد العالم على سطح الأرض. وحينها اعتبرت الفكرة متفائلة بعض الشيء، فلم يكن ممكناً بكل بساطة تحقيق هذا الهدف دون جعل كلفة هذا المشروع مرتفعةً وغير مناسبة للمُستخدِم العادي.

إلا أنه باستغلال ما استطاعت شركة سبيس إكس الوصول إليه من إنتاج صواريخ فضائية خاصة، وانخفاض تكلفة إطلاق أقمار صناعية حول الأرض جعل من هذا المشروع الذي أعلن عن اسمه فيما بعد ب Starlink مشروعاً ممكناً حتى على المدى القريب، وذلك من خلال الاعتماد على شبكة ضخمة من الأقمار الصناعية تربط رقمياً جميع سكان الأرض مع بعضهم البعض.

ما الذي يُميّز ستارلينك؟

لا تُعتبر فكرة الاعتماد على الأقمار الصناعية لنقل البيانات فكرةً جديدةً على الإطلاق، فأحد أكثر الأمثلة شيوعاً هي أجهزة التلفزة والبث الحيّ حيث تعتمد على أجهزة استقبال أرضي تتلقى البيانات من أقمار صناعية تدور حول الأرض، وحتى في مجال التواصل فإن الاتصال عبر الأقمار الصناعية يستخدم بشكل أساسي في المجال العسكري، لكن ما جعل ستار لينك مميزاً هو هدفها بالوصول إلى أكبر سرعة ممكنة لنقل البيانات، وبأقلّ تكلفة ممكنة بحيث يمكن للجميع الحصول عليها.

وذلك يعني أنه يجب على الأقمار الصناعية التابعة لستارلينك أن تدور ضمن مدارات أقرب ما يمكن إلى الأرض (لتقليل زمن التأخير Latency) بالإضافة إلى أنه يجب على أجهزة اللواقط أن تكون قادرةً على استقبال البيانات بالإضافة إرسالها، ذلك كله أدى في المحصلة إلى تحدّين رئيسيين:

التحدي الأول:

الحاجة إلى عدد كبير جداً من الأقمار الصناعية لتتمكن من تغطية كامل سطح الأرض، فلا يمكن للأقمار الصناعية التي تدور في مدارات قريبة من الأرض إلا أن تغطي سطحاً صغيراً نسبياً من سطح الأرض مقارنةً بالأقمار الصناعية الخاصة بالبثّ التلفزيوني، والتي تدور ضمن مدارات أوسع، وتغطي مساحةً كبيرةً من سطح الأرض.

التحدي الثاني:

هو تصميم هذه اللواقط كي تكون صغيرةً صالحةً لأن توضع في المنازل مع الاحتفاظ بقدرتها على أن تكون مركز إرسال بيانات، ودون أن تصبح تكلفة اللاقط الواحد كبيرةً جداً، فيفقد المشروع هدفه الرئيسي.

الأقمار الصناعية لستارلينك

الاعتماد على الأقمار الصناعية في مجال الاتصالات ليس بالأمر الجديد لتحقيق الهدف المرجو لتغطية كامل سطح الأرض من خلال شبكة من الأقمار الصناعية المتصلة مع بعضها البعض الأمر الذي يحتاج لعدد كبير من هذه الأقمار، والذي قد يفوق 12 ألف قمراً صناعياً يدور بسرعة تفوق 25000 كيلومتر بالساعة. عدا عن المشاكل التقنية التي قد تواجه أي من هذه الأقمار، فإن الخطر التي قد تشكله هذه الأقمار بعد انتهاء عملها من زيادة حوادث التصادم، وتشكيل الحطام الفضائي يجعل من التخلص السليم لهذه الأقمار بعد الانتهاء من عملها أمراً لابدَّ من الأخذ به.

لذلك فقد تمَّ تزويد هذه الأقمار بمجموعة من أجهزة الدفع التي تعمل على تجنب حوادث التصادم، وتتكفل بإرسال القمر الصناعي إلى الفضاء البعيد بعد انتهاء عمره الافتراضي. حالياً وحسب آخر ما صدر من شركة سبيس أكس إلى يومنا هذا، فإن عدد الأقمار المطلقة والموضوعة ضمن الخدمة قد وصل إلى ما يقارب 4000 قمر صناعي مع تقديرات بإطلاق حوالي 12 ألف قمر كمحصلة أولية قابلة للزيادة. [1]

ما هو Dishy McFlatface؟

جهاز استقبال للإنترنت الفضائي على شكل مربع مسطح أبيض اللون مثبت على قاعدة معدنية قصيرة لها أربعة أرجل ويتصل بكبل

أحد أهم الأجزاء الضرورية للحصول على خدمات ستارلينك، والذي يتألف من طبق لاقط مسطح (الذي أتى منه تسمية الطريقة) يتلقى ويرسل بيانات من وإلى الأقمار الصناعية الخاصة بـ ستارلينك، ويعمل على الاتصال بأقرب قمر صناعي بدون أن يتحرك الطبق بحد ذاته. ذلك لأنه يعتمد على مجموعة من اللواقط الصغيرة جداً، والتي تعمل على تركيز الأمواج التي تتلقاها وترسلها باتجاه نقطة صغيرة جداً في الفضاء حيث يوجد القمر الصناعي الأقرب بالنسبة لهذا القمر، وذلك بدون الاعتماد على محركات ميكانيكية، والتي تكون عرضةً للأعطال المتكررة.

كما أن هذه الأطباق تتميز بأن مجال الأمواج التي تعمل ضمنها مجال ضيق جداً (10.7-12.7جيجا هرتز و 37.5-42.5 جيجا هرتز)، مما يضمن عدم تشويش البيانات بسبب الأمواج الأخرى المحيطة من أعمدة التغطية الخلوية ومحطات التلفزة وغيرها من الأمواج التي قد تؤثر على حركة البيانات بين الطبق والأقمار الصناعية. بالطبع التقنيات المعقدة الموجودة داخل الطبق رفعت تكلفته نسبياً لكن مع انتشار الأطباق من المتوقع انخفاض تكلفة هذه الأطباق.[2]

ما هو التأثير الذي قد تحمله ستارلينك؟

إن الهدف الذي تسعى ستارلينك للوصول إليه ليس بالأمر السهل على الإطلاق فالسرعات المُفترض الوصول إليها عبر خدمة ستارلينك تفوق معظم تقنيات الاتصال الموجودة حالياً. وبمقارنة سريعة فإن زمن التأخير في أفضل خطوط نقل البيانات في العالم في يومنا هذا تصل إلى ما يقارب 60 ميلي/ثانية أما زمن التأخير الذي يفترض ستارلينك الوصول إليه يصل إلى ما يقارب 50 ميلي/ثانية فقط أي أسرع من أفضل خطوط الاتصال الموجودة حالياً.

أضف على ذلك أن ستارلينك تهدف إلى إتاحة خدماتها بهذه السرعات للجميع، حيث إن السرعات المرتفعة عادةً ما تكون حكراً على الشركات الضخمة فقط أو في المجال العسكري خاصة. وأخيراً فإن نجاح ستارلينك يعني في المحصلة تأمين واردٍ ماديّ إضافيّ لشركة Space X مما يساهم في تطوير أبحاث الشركة في مجال تأمين رحلات مدنية للمريخ والفضاء، مما قد يجعلها شركةً منافسةً لناسا في علوم الفضاء والرحلات خارج الأرضية.

المراجع البحثية

1- Pultarova, T., & Howell, E. (2022, April 14). Starlink Satellites: Everything you need to know about the controversial internet megaconstellation. Space.com. Retrieved April 26, 2023

2- Starlink. (2022, April). Retrieved April 26, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.