Published in: الهندسة المدنية

زحف وسيلان البيتون

Author م. لين رحمون

Published on: 28 يناير، 2024

م. لين رحمون

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو زحف وسيلان البيتون؟

من أحد أنواع التشوُّه التي يتعرض لها البيتون، والأكثر انتشاراً أو ملاحظةً هو زحف وسيلان البيتون، حيث يندرج مفهوم سيلان البيتون على أنه يحدث تشوُّهٌ مستمرٌّ للهيكل الخرساني تحت تأثير حملٍ ثابتٍ وطويل الأمد باستمرار، حيث ينعكس تأثيره على سلامة الهياكل ومتانتها.

وقد أثبتت الدراسات التي أجريت حول سيلان وتشوُّه البيتون أنه يستمرُّ لسنوات، وتكون أقصى قيمها في الأشهر الأولى، ومع التقدُّم في عمر البيتون، فإن هذا التشوُّه يتخامد، وعادةً يحدث التشوُّه الناتج عن سيلان البيتون دوماً في اتجاه القوة المُطبقة، وهذا ما يجعله تشوُّهاً خطياً، وليس حجمياً، كما هو الحال في تقلص البيتون، وتنتج مشكلة زحف وسيلان الخرسانة بتأثير القوى الضاغطة أو الشادّة، أو من خلال ضغوط الانحناء والانعطاف. ^{[1] [2]}

ما هي العوامل المؤثرة على زحف وسيلان البيتون؟

1- قوة الضغط والإجهادات المُطبقة

حيث بيّنت الدراسات أنه مع زيادة الضغط المُطبق يزداد ميل البيتون للزحف والسيلان بشكلٍ أكبر، حيث تمّ أخذ عينتان من البيتون من الجبلة نفسها، وهذا ما يؤكد من تشابهها بمكونات العينات ومتانتها، وطُبّق على كل عينة إجهادٌ مختلف، حيث طُبّق على العينة الأولى إجهاد ما يقارب 100 كيلو جرام على السنتيمتر مربع، بينما العينة الثانية طُبّق عليها إجهاد 200 كيلو جرام على السنتيمتر مربع، فلوحظ عندها أن العينتين حصل في كلٍّ منهما تشوُّهٌ، وقد سلكا نفس السلوك من حيث الاتجاه والزمن، ولكن يكون تشوُّه العينة المُعرّضة لإجهاد 200 أكبر من تشوُّه العينة الثانية.

ولكن كان التشوّه في الاتجاه نفسه في الزيادة مقارنةً مع اتجاه الزمن، وعند إسقاط هذا الكلام على المخططات البيانية التي تربط الزمن بالتشوُّه، يُلاحظ أن الخطين البيانيين متشابهان، ولكن الخط البياني للعينة المُعرّضة للإجهاد الأكبر أعلى من الخط البياني للعينة الثانية.

2- نسبة الماء إلى الأسمنت

يتعلق سيلان وزحف البيتون بنسبة الماء إلى الأسمنت، حيث تؤثر كمية الماء المستخدم ضمن الخلطة على حجم الفراغات الموجودة ضمن الهيكل الخرساني، وتلعب قابلية تشغيل البيتون وطبيعة الخلطة دوراً، فكلما كانت بنية الخلطة البيتونية ضعيفةً ورديئةً أثّر ذلك على زحف وسيلان البيتون مع زيادة نسبة الماء إلى الأسمنت.

3- عمر الخرسانة تحت تأثير الحمل

أشارت الدراسات التجريبية التي أجريت على عدة عيناتٍ بيتونيةٍ أنه كلما زاد عمر البيتون وتقدّم كان الزحف والسيلان أقل، وفي حال تمّ وضع هذه العينات البيتونية للتصلب مع مراعاة الشروط النظامية من حيث درجة الحرارة والرطوبة، فيُلاحظ أن عينة البيتون التي عمرها شهر عند استخراجها، وتعريضها للاختبار، وقياس الزحف.

يكون الزحف عندها أعلى من العينة التي عمرها سنة، وذلك يُفسَّر من خلال أن العينة ذات عمر الشهر لم تتصلب بشكلٍ كافٍ وكامل، وبالتالي نسبة المواد الهلامية غير المتبلورة عالية، بينما العينة ذات عمر السنة تكون المواد الهلامية تصلبت وتبلورت بشكلٍ كبير، وهذا ينعكس على متانة البيتون التي تكون زادت مع عملية تصلُّبه المستمرة، وهذا ما يجعل التشوُّه يقلُّ وينخفض.

4- رطوبة الأسمنت

كلما زادت رطوبة الأسمنت في البيتون زاد التشوُّه، وظهرت آثار زحف وسيلان البيتون.

5- الرطوبة المحيطة

بزيادة الرطوبة المحيطة بالوسط الذي يقوم فيه، وتطبيق اختبار قياس الزحف، وسيلان البيتون يتناقص الزحف، وذلك يعود نتيجةً لتجارب أجريت لعدة عيناتٍ تمّ تطبيق إجهادٍ ثابتٍ لجميع العينات مع مرور مدةٍ زمنيةٍ تتجاوز السنتين، فيلاحظ أنه مع تبديل نسب الرطوبة النسبية، وزيادتها في كل مرة يحدث النقصان، وانخفاضٌ بالزحف، وسيلان، وهذا يمكن تفسيره نتيجةً لأنه كلما زادت الرطوبة ستقل عملية تبخر الماء، وبالتالي لا توجد إمكانيةٌ لتشكُّل فراغاتٍ تسمح للذرات أن تقترب من بعضها البعض، وهذا ما يفسّر انخفاض ونقصان الزحف.

6- نوع الأسمنت

لنوع الأسمنت تأثيرٌ كبير، وذلك كما يلي:

● في حالة الإضافات يكون الأسمنت الحاوي على إضافة خبث الأفران ذا زحفٍ أكبر مقارنةً مع الأسمنت العادي.

● ومن ناحيةٍ أخرى يتعلق الزحف أيضاً بما يُسمّى عيار الأسمنت، والذي يقصد فيه كمية الأسمنت ضمن المتر المكعب، فكلما زاد عيار الأسمنت يزداد زحف البيتون، وإذا تمّ استخدام أسمنت بعيار 400 كيلو جرام للمتر المكعب الواحد يكون أكبر في حال تمّ استخدام أسمنت بعيار 300 كيلو جرام للمتر المكعب الواحد، وهكذا كلما زدنا عيار الأسمنت يزداد الزحف.

7- حجم العينة

لوحظ أنه في حال زاد حجم العينة الأسطوانية يصبح التسرُّب أصعب، وذلك نظراً لطول المسار الذي يسلكه الماء للخروج، وعلى ذلك كلما زاد حجم العينة ينقص الزحف والسيلان.

8- الحصويات المُستخدمة

عادةً يكون النصيب الأكبر من الزحف من نصيب العجينة الإسمنتية، ولكن عندما يحدث الزحف لابدّ من أن يؤثر على كامل الهيكل الخرساني بشكلٍ كلي، وكل من مكونات الخلطة البيتونية يكون له نصيب. بالنسبة للحصويات المُستخدمة كلما كان الركام المستخدم أكبر، وكان مُعامل مرونة الحصويات عالٍ، ومتانتها، ووزنها الحجمي عالٍ ينخفض الزحف ويقلّ. ^[3]

ما هي تأثيرات الزحف التي تنعكس على الهيكل الخرساني؟

1- في جوائز الخرسانية المسلحة أثناء عملية تصميمها ودراستها يجب الأخذ بعين الاعتبار مشكلة الزحف، لأن آثار الزحف تؤدي لحدوث انحرافٍ مع مرور الوقت.

2- في حال استخدام البيتون مسبق الإجهاد، فإن هذا الاستخدام يخفف من الزحف، والسيلان بشكلٍ كبير.

3- في حالة الأعمدة الخرسانية المسلحة يؤثر الزحف على تغيير مسار نقل الحمولة، حيث يقوم بنقل الحمولة بشكلٍ تدريجي من البيتون إلى حديد التسليح.

4- في حالة الأعمدة التي تتعرّض لأحمالٍ لا مركزية أي لا محورية يقوم الزحف بزيادة الانحراف الذي يمكن أن يؤدي لحدوث الالتواء.

5- في حالة التقاطعات التي تحدث بين الأعمدة والجوائز، سيكون للزحف دورٌ في تقليل الضغوط الداخلية التي تحدث بسبب الأحمال غير المنتظمة، وتخفّف من الإجهاد الذي ينتج عن تقلص وتغيرات الحرارة.

 6- بينما في حالة الكتل البيتونية الضخمة، كالسدود، التي تتعرض لتباين واختلاف درجات الحرارة ما بين سطح المنشأة وداخلها، فيكون الزحف خطيراً جداً وذو تأثيرٍ سلبيٍّ يظهر من خلال حدوث تشقُّقاتٍ داخل البيتون ضمن جسم السد، وعلى ذلك لابدّ من الانتباه لاتخاذ الإجراءات والاحتياطات لضمان عدم حدوث زيادةٍ في درجات الحرارة.

7- تعدُّ تكنولوجيا البناء السريع ظاهرةً حديثةً ومهمّةً جداً، ولكن لابدّ من وجود جانبٍ سلبيٍّ لها، وذلك من خلال أن العناصر الخرسانية تتعرض لأحمالٍ كبيرةٍ في وقتٍ مبكر، وهذا ما يُسبّب تشقُّقاتٍ وانخفاضٍ بمُعامل المرونة في سنٍّ مبكرة، وعلى ذلك يكون للزحف تأثيرٌ كبيرٌ وسلبيّ على السلامة البنيوية، والأثر الاقتصادي للمنشأة. ^[4]