Skip links
ولد صغير يرتدي كنزة رمادية ويتمدد في السرير ويقوم بوضع يد على جبينه

داء ويلسون عند الأطفال

الرئيسية » المقالات » الطب » أمراض » داء ويلسون عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ داء ويلسون (Wilson Disease) أو التنكُّس الكبدي العدسي من الأمراضِ الوراثية النادرة، حيث يُصيب طفلاً واحداً من أصل كل 30 إلى 40 ألف ولادةٍ حيّة في جميعِ أنحاء العالم، ويُصيب الذكور والإناث بشكل متساوٍ، ويُؤثر على جميعِ الأجناسِ والمجموعات العرقية، ويزداد تواتر حدوثه في المجموعات السّكانية التي يكثر فيها زواج الأقارب. وقد تمّ تشخيص إصابة أكثر من 2000 حالةٍ بهذا الاضطراب في الولاياتِ المتحدة الأمريكية، وفيه يتراكمُ النحاس بشكلٍ غير طبيعي في الكبد، والدّماغ، ومختلف الأعضاء الحيوية.

وعلى الرُّغم من أن داء ويلسون يمكن أن يبدأ في التّأثير على وظائفِ الكبد في وقتٍ مبكر من عمر ست سنوات، فإنّ مُعظم الأعراضِ السريرية بما في ذلك اليرقان، والوذمات، وتطاول مدّة النّزف، والتّعب، ولا تظهر عادةً حتى سن المراهقة أو أوائل العشرينات، ويتمّ تشخيص معظم المصابين بداء ويلسون بين عمر 5 و35 عاماً، وفي بعض الحالات قد يكشف فحص الدم في مرحلة الطفولة عن علامات أذيّة الكبد دون وجود أعراضٍ سريريةٍ واضحة لداء ويلسون، مما يؤدي إلى تشخيص الإصابة قبل ظهور الأعراض. [1]

ما هو دور النّحاس في الجسم؟

النحاس معدنٌ نادرٌ موجودٌ في جميعِ أنحاءِ الجسم، فهو يساعد على تكوين كريات الدم الحمراء، ويحافظ على صحة الخلايا العصبيّة وجهاز المناعة، كما أنه يُساعد على تكوين الكولاجين، وهو جزءٌ أساسيٌّ من العظام والأنسجة الضّامة، وقد يعملُ أيضاً كمُضادٍ للأكسدة، مما يُقلّل من الجذور الحرّة التي يمكن أن تُلحق الضرر بالخلايا.

ويُساعد على امتصاصِ الحديد، وإنتاج الطاقة، ويحتاج الجسم إليه بكمياتٍ قليلةٍ، ويحصل مُعظم الأطفال على كميةٍ من النحاس من الطّعام أكثر بكثيرٍ مما يحتاجون إليه، ومع ذلك فإن مُعظمهم قادرون أيضاً على التخلص من النحاس الزائد في الحالة الطبيعية.

ويقوم بروتين (ATP7B) بنقل النّحاس، ويتكون من ستّ مجالات ربطٍ معدنيّة، وثمانية مجالاتٍ غشائية، والتي تُشكّل مساماً لنقل النحاس المعتمد على ATP عبر الأغشية، ولهذا البروتين وظيفتان محددتان في خلايا الكبد:

1- يقوم بتزويد شبكة جهاز جولجي بالنحاس لدمجه في السيرولوبلازمين (Ceruloplasmin)، وهو بروتين نقل النّحاس الرّئيسي الذي يُفرز في مجرى الدم.

2- يُسهّل إفراز النّحاس الزّائد من القنواتِ الصّفراوية. [2] [3]

ما هو داء ويلسون عند الأطفال؟

اضطرابٌ وراثيّ جسدي مُتنحٍ نادر في استقلابِ النحاس، تحدث فيه طفرةٌ في جين (ATP7B)، مما يؤدي إلى تَخليق بروتينٍ غير طبيعي، ويتميّز بانخفاضِ إفراز النّحاس في الصّفراء، وخللٍ في دمجِ النّحاس مع السيرولوبلازمين، ونتيجةً لذلك يبدأ النحاس بالتراكم في الكبد بعد الولادة مباشرةً، ويؤدّي في النهاية إلى إتلاف هذا العضو، وعندما لا يتمكّن الكبد من الاحتفاظ بالنحاس الزائد ينتقلُ المعدن إلى مجرى الدم، ومن ثم إلى أعضاءِ الجسم الأُخرى، وقد يؤدي إلى أذيّة الدماغ، وكُريات الدم الحمراء، والجهازِ العصبيّ المركزي، والكلى، والعين.

إذا تُرك داء ويلسون دون علاج، فيُمكن أن يُؤدي إلى الوفاة، ولكن في حال التشخيص الباكر والعلاج، فيمكن إيقاف تطورِ المُضاعفات طويلة الأمد، والتي قد تُهدّد الحياة، ويهدفُ العلاجُ إلى إزالة الحملِ الزائد للنحاس في الجسم، ثم الحفاظ على مستويات النحاس الطبيعية. [3] [4]

ما هي أسبابُ داء ويلسون عندَ الأطفال؟

داء ويلسون هو حالةٌ وراثية، ويظهر عندما يتلقّى الطفل نُسختين من الجين المعيب (واحدةٌ من الأب، وأُخرى من الأم)، وفي حال كان كلا الوالدين حاملاً طفرةً جينيةً لداء ويلسون، فإن أطفالهم يرثون المرض وفق ما يلي: [4] [5]

1- يُوجد احتمال بنسبة 25 بالمئة أن يصاب الطفل بهذا الاضطراب.

2- هناك احتمال بنسبة 50 بالمئة أن يحصل الأطفالُ على جينٍ واحدٍ معيبٍ من أحد الوالدين، وهذا يعني أن الطّفل لن تظهر عليه أعراض الاضطراب، ولكنه سيكون حاملاً للمرض.

3- احتمال بنسبة 25 بالمئة أن يحصل الأطفال على كلا الجينين الطبيعيين، واحد من كل والد، ولن يتأثّر هؤلاء بالمرض.

4- أمّا إذا كان أحدُ الوالدين فقط يحمل الطفرة، فلن يصاب الأبناء بداء ويلسون، ولكن قد يحملون الطفرة الجينية، والتي يمكنهم نقلها إلى أطفالهم لاحقاً.

وبعض حالات داء ويلسون ليست وراثية، وفي هذه الحالات يكون سبب الخلل الجيني غير معروف، وعاملُ الخطرِ الوحيدُ المعروف لداء ويلسون هو التاريخ العائلي للمرض.

ما هي أعراضُ داء ويلسون عند الأطفال؟

تَبدأ أعراضُ داءِ ويلسون عادةً في مرحلة الطفولة أو المُراهقة، ولكن تمّ تشخيصُ بعضِ الحالاتِ عند الأفراد الذين تزيدُ أعمارهم عن 60 عاماً، وإحدى العلامات المميزة لداء ويلسون هي حلقة كايسر فلايشر (Kayser Fleischerring)، وهي حلقة بُنيّة صدئة حول قرنية العين، ولا يُمكن رؤيتها إلّا من خلال فحص العين، ولا ترتبطُ بأية مشاكل بصرية، وتختلف الأعراض الأخرى اعتماداً على ما إذا كان الضرر يحدثُ في الكبدِ، أو الدم، أو الجهاز العصبي المركزي، أو الجهاز البولي، أو الجهاز العضلي الهيكلي، وتشمل: [4] [6]

1- أعراض زيادة النُّحاس في الكبد

غالباً ما يحدث عند الأطفال المُصابين بداء ويلسون أعراض التهاب الكبد، ويمكن أن يعانوا من انخفاضٍ مفاجئ في وظائف الكبد (قصور الكبد الحاد)، وتشمل الأعراض:

1- اليرقان، وهو تغيّر لون الجلد، والأغشيةِ المُخاطية، والعينين إلى اللون الأصفر.

2- الميلُ للنزيف، وزيادةُ حدوث الكدمات.

3- الغثيان، والإقياء، وقد تكون الإقياءاتُ مدماةً.

4- التعب، ونقصُ الشهيةِ.

5- يُصبحُ لون البراز فاتحاً، ولونُ البول غامقاً.

بعضُ الأطفالِ المصابين بداء ويلسون لا تظهر عليهم الأعراض إلا إذا أصيبوا بمرض الكبد المُزمن، ومُضاعفات تليّف الكبد، وقد تشمل هذه الأعراض:

1- الوهن والضّعف.

2- فقدانُ الوزنِ بشكلٍ غير مُتوقَّع.

3- الانتفاخُ الناتج عن تراكمِ السوائل في البطنِ (الاستسقاء).

4- تورّم في السّاقين، أو الكاحلين، أو القدمين (وذمة).

5- حكّة في الجلد.

6- اليَرقان الشّديد.

2- الأعراض النفسية لزيادة النحاس في الدماغ

1- الاكتئاب أو القلق.

2- الارتباك أو الهذيان.

3- التغيرات العاطفية، وتقلّبات المزاج.

4- السلوك العدواني أو غيره من السلوكيات غير المناسبة.

3- الأعراض الجسدية لزيادة النحاس في الدّماغ

1- صعوبةٌ في التحدث والبلع.

2- رعشةٌ في الذراعين أو اليدين.

3- قساوة العضلات (الصّمل العضلي).

4- صعوبةٌ في المشي (ترنُّح)، أو مشاكل أخرى في التوازن والتنسيق الجسدي.

ما هي مُضاعفات داء ويلسون عندَ الأطفال؟

1- المُضاعفات الكبدية

يحدث تلف خلايا الكبد بسبب الإجهاد التأكسدي الثانوي لتراكم النّحاس الزائد داخل الليزوزومات، ويختلف معدّل تطور أذية الكبد عند المصابين بداء ويلسون، وقد يحدث قصورٌ كبدي حاد أو تليّف كبد.

قصور الكبد الحاد

فيه يتوقّف الكبد عن العمل بسرعة دون سابق إنذار، ويُعاني حوالي 5 بالمئة من المصابين بداء ويلسون من قصور الكبد الحاد، وقد يتطلب إجراء عملية زرع كبد.

تليُّف الكبد

هو حالةٌ مرضيّة تحلُّ فيها الأنسجة الندبية محلَّ أنسجة الكبد السليمة، وتمنع الكبد من العملِ بشكلٍ طبيعي، وتجعلُ الكبد قاسياً، وتمنع تدفُّق الدم عبره جزئياً، ومع تفاقم تليّف الكبد يبدأ الكبد بالقصور، وحوالي 35 إلى 45 من المصابين بداء ويلسون يحدث لديهم تليّف كبد، وتشمل مضاعفاته: الاستسقاء، وذمة الأطراف السفلية، ضخامة الطحال، المتلازمة الكبدية الكلوية، نزيف الدوالي المريئية المعدية، وفي الحالات الشديدة اعتلال الدماغ الكبدي.

2- المضاعفات العصبية

1- يُمكن أن يؤدي داء ويلسون إلى تلف مناطق مُختلفة من الدماغ، بما في ذلك النّوى القاعدية والمخيخ، وقد تظهر المضاعفات العصبية على شكل باركنسونية كاذبة (عبارة عن مجموعةٍ من الأعراض العصبية والنفسية، لا علاقة لها بمرض باركنسون، ولكن تتشابه مع أعراضه السريرية)، أو تصلّب كاذب (أي تحدث أعراضٌ تُشبه أعراض مرض التّصلب المتعدد).

2- كما يُؤثّر داء ويلسون على الجهاز العصبي المركزي، مما يُسبّب اضطراباً في الحركة، والتحكم العصبي العضلي، مثل: نقص أو بطء الحركة، والكنع الرقصي (اضطرابٌ حركيٌّ يحدث فيه حركات لا إرادية)، وخلل التوتر، وتقلصات عضلية لا إرادية متكررة)، والرُّعاش (حركات اهتزازية لا إرادية)، وصعوبة البلع والكلام، واضطرابات المشي، والرنح، وتيبُّس العضلات، ونادراً الصرع.

3- المضاعفات النفسية

تشمل الاكتئاب، والسلوك الشبيه بالفِصام، والضعف الإدراكي، واضطرابات المزاج، والاضطرابات السلوكية، والاندفاع، وعدم التثبيط، وسلوكيات إيذاء النفس، وتُعتبر النوبات الذهانية نادرة، ولكنها ممكنة الحدوث.

4- المضاعفات الدموية

يرتبط النحاس الزائد الذي يتراكم في مجرى الدم بكريات الدم الحمراء، والتي تتحلل قبل الأوان نتيجةً للإجهاد التأكسدي، وتؤدي هذه العملية إلى تطورِ فقر الدم الانحلالي مع اختبار كومبس سلبي، ومن المضاعفات الدموية الأُخرى نقص الصفيحات، مما يؤدي إلى سهولة حدوث الكدمات والنزيف.

5- المضاعفات العضلية الهيكلية

يؤثر مرض الكبد المزمن على كثافة المعادن في العظام، وتشمل أمراض العظام الاستقلابية المرتبطة بمرض ويلسون هشاشة العظام، وتليُّن العظام، والكُساح، مما يزيد من خطر حدوث الكسور التلقائية، وتأخر النمو.

ويحدثُ تخرّب الغضاريفِ، وأمراض المفاصل عندَ 20 إلى 50 بالمئة من المصابين بداء ويلسون في أعمارٍ مبكرة نسبياً، وخاصةً في العمود الفقري، والوركين، والركبتين، والمعصمين، كما قد يحدث التهاب المفاصل المُتعدد، أو التهاب العظم والغضروف، أو تليُّن الغضروف الرضفي، أو تكلُّس الغضروف.

6- المضاعفات الكلوية

تشمل تشكّل الحصيات البولية، والبيلة البروتينية، وضعف الأنابيب الكلوية القريبة أو البعيدة، مما يؤدي إلى بيلة حموض أمينية، وفرط كالسيوم البول، وفرط فوسفات البول، وبيلة سكرية (ظهور الغلوكوز في البول)، وفرط حمض البول في الدم، وفقدان البيكربونات والبوتاسيوم.

ومن المضاعفات النادرة لمرض ويلسون الحماض الأنبوبي الكلوي، حيث يؤدي إلى عيوبٍ في الأنابيب الكلوية القريبة، مما يُسبّب إعاقة امتصاص الشوارد والمواد الأخرى، كما يؤدي إلى الكساح الشديد، وتأخر النمو عند الأطفال. [6] [7]

المراجع البحثية

1- Children’s Hospital of Philadelphia. (2022, May 9). Wilson disease. Children’s Hospital of Philadelphia. Retrieved November 12, 2023

2- Mount Sinai Health System. (n.d). Copper. Mount Sinai Health System. Retrieved November 12, 2023

3- Shribman, S. Poujois, A. Bandmann, O. Czlonkowska ,A. Warner, T, T. (2021, October 1). Journal of Neurology, Neurosurgery & Psychiatry. Wilson’s disease: update on pathogenesis, biomarkers and treatments Retrieved November 12, 2023

4- Children’s Hospital of Pittsburgh. (n.d). Wilson’s disease symptoms & treatment. Children’s Hospital of Pittsburgh. Retrieved November 12, 2023

5- Hatcher, L (Ed). (2021, September). Wilson’s Disease. Cincinnati Childrens. Retrieved November 12, 2023

6- Cleveland Clinic. (2022, October 26). Wilson Disease. Cleveland Clinic. Retrieved November 12, 2023

7- Lopez, M, A. (2022, October 24). Wilson disease complications. Rare Disease Advisor. Retrieved November 12, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.