حشو الأقنية الجذرية – المواد المُستخدمة وتقنيات تطبيقها
تدقيق لغوي: أ. موانا دبس
قائمة المحتويات
إن حشو القنوات الجذرية الذي يُشار إليه عادةً باسم (Obturation)، هو خطوةٌ حاسمة في علاج قناة الجذر بنجاح. تتضمن الأهداف الرئيسية لهذه العملية:
1- خلق ختمٍ ذروي: لمنع تسرُّب الملوثات، مثل: اللعاب، والبكتيريا، وسوائل الأنسجة المحيطة.
2- ملء القناة الجذرية بدون فراغات: لضمان احتجاز أي ميكروباتٍ مُتبقّية داخل القناة.
ترتبط القدرة على سدّ قناة الجذر بشكلٍ جيدٍ ارتباطًا وثيقاً بمرحلة التحضير الميكانيكي والكيميائي، والتشكيل للأقنية الجذرية. تعدُّ القنوات الجذرية هياكل ثلاثية الأبعاد ذات تشريحٍ معقّدٍ وفريدٍ من نوعه، ولا يوجد اثنان متشابهان. إن تحقيق ختمٍ ثلاثي الأبعاد مع ختمٍ تاجي وجانبي وذروي كامل هو أمرٌ ضروريٌّ لنجاح المعالجة اللبّية على المدى الطويل.
توجد العديد من المواد والتقنيات المُستخدمة في عملية الحشو، ومعظم التقنيات تعتمد على استخدام مادة الحشوة الأساسية (الكوتابيركا) والأسمنتات الحاشية (السيلر) لضمان اكتمال العملية. استخدام التصوير بالأشعة الصغيرة (micro-CT) أحدث ثورةً في دقة التشخيص وعملية الحشو. [1]
متى يمكن حشو الأقنية الجذرية؟
يتمُّ عند توفر الشروط المثالية، والتي تشمل:
– عدم وجود ألمٍ أو تورُّم.
– الحصول على قناةٍ جافةٍ تماماً (عدم وجود إفرازاتٍ مستمرةٍ في القناة).
– نظام قناة الجذر تمّ تحضيره ميكانيكياً بشكلٍ كاملٍ مع عمل إرواءٍ كثيفٍ للأقنية.
– توفر الوقت الكافي لإكمال العملية لكل من الطبيب والمريض.
هناك جدلٌ كبيرٌ حول وجوب إكمال المعالجة الجذرية في جلسةٍ واحدةٍ أو عدة جلسات. بشكلٍ عام من المقبول إكمال المعالجة اللبّية للأسنان الحية في جلسةٍ واحدة، بينما الحالات غير الحيوية لا ينبغي علاجها في زيارةٍ واحدة بسبب الاعتقاد بأن هناك احتمالية لزيادة الألم بعد المعالجة، وحدوث مضاعفاتٍ أخرى مقارنةً بالعلاج متعدّد الجلسات.
مزايا إكمال العلاج في جلسةٍ واحدة
– يكون نظام الجذر في أنظف حالاته مباشرةً بعد التحضير والتشكيل.
– العلاج في جلسةٍ واحدةٍ يمنع فرصة التسريب عبر الحشوات المؤقّتة.
– تقليل إمكانية حدوث كسور في الأسنان لأن الترميمات النهائية يمكن وضعها في وقتٍ أبكر.
– يكون الطبيب أكثر درايةً بتشريح قناة الجذر عند الانتهاء من التحضير مباشرة.
– توفير الوقت والمال.
– العلاج بزيارةٍ واحدةٍ مفيدةٍ للمرضى المصابين بأمراض تجعلهم بحاجة إلى مضاداتٍ حيويةٍ مُسبَقة.
– المريض يتعرّض للتخدير الموضعي، والحاجز المطاطي، والانزعاج بعد العملية مرةً واحدةً فقط. [2]
الأسمنتات الحاشية
تلعب الأسمنتات الحاشية (Root Canal Sealers) دورًا أساسياً في إغلاق القناة الجذرية بإحكامٍ لمنع تسرُّب السوائل، حيث إنها تملأ الفراغ بين جدران القناة الجذرية المحضّرة ومادة الحشو الأساسية، وتصل إلى القنوات الجانبية التي لا تصل إليها أقماع الكوتا بيركا، وتقدم دوراً مضادًا للميكروبات.
خصائص الأسمنتات الحاشية المثالية
– القدرة على إنشاء ختمٍ مُحكمٍ للسوائل.
– تظهر على الأشعة.
– مضادة للميكروبات.
– لا تنكمش عند التصلُّب.
– لا تسبّب تلوين للأسنان.
– لا تهيّج الأنسجة المحيطة بالجذر.
– غير قابلةٍ للذوبان في سوائل الأنسجة.
– متوافقة حيويًا.
مساوئ الأسمنتات الحاشية
– السُّمّية قبل التصلُّب: معظمها تكون سامةً قبل التصلُّب، لذا يجب تجنُّب تسرُّبها إلى الأنسجة المحيطة بالجذر.
– يمكن أن تُسبّب التهابًا مؤقتًا، ولكنه لا يتداخل مع شفاء الأنسجة.
– تُمتصُّ جزئيًا بعد تعرّضها لسوائل الأنسجة.
أنواع الأسمنتات الحاشية
1- أكسيد الزنك والأوجينول (ZOE)
– تُعتبر الأكثر استخداماً في طب الأسنان السريري.
– تتوفر على شكل مسحوق، أو سائل، أو معجون مزدوج.
– على الرغم من الخصائص السامة في الدراسات المخبرية، ثبتت فعاليتها السريرية.
– لها تأثيرات مضادّة للالتهابات والميكروبات.
– تصبح ضعيفةً ومساميةً بعد التصلُّب، مما يجعلها عرضةً للتحلُّل إذا تسرّبت إليها سوائل الأنسجة.
2- ماءات الكالسيوم
– تستخدم على نطاقٍ واسعٍ بفضل خصائصها العلاجية للأنسجة اللبّية.
– تساهم في الشفاء، ولها تأثيرٌ مضادٌّ للميكروبات.
– قادرة على توفير ختمٍ مناسبٍ مشابهٍ لأوكسيد الزنك والأوجينول ZOE.
– لديها سُميّة منخفضة مقارنةً بأنواع الأسمنتات الأخرى.
– تعمل عن طريق تحفيز النشاط الإصلاحي، وإعادة التَمَعْدن بسبب طبيعتها القلوية العالية (pH 12).
3- الأيونومير الزجاجي (GI)
– تعتمد على خصائص الربط مع العاج بفضل تفاعل حمض البولي أكريليك الموجود في الأيونومير الزجاجي مع هيدروكسي الأباتيت على جدران العاج.
– توفر ختماً ذروياً محكماً وزيادة.
– لها خصائص مضادة للميكروبات، وإطلاق مستدام للفلورايد.
– قد تكون صعبة الإزالة في حالات إعادة العلاج.
4- الأسمنتات الراتنجية
– لا تعتمد على الأوجينول، وتوفر التصاقاً ممتازاً على جدران القناة.
– تقسم إلى مجموعتين رئيسيتين بناءً على مكوناتها: أسمنتات الإيبوكسي الراتنجية أو الميثاكريليت الراتنجية.
– يمكن أن تسبّب ردود فعلٍ التهابيةٍ أولية، وإمكانية استجاباتٍ تحسُّسية.
5- البيوسيراميك سيلر
– مواد متوافقة حيوياً تعتمد على سيليكات الكالسيوم أو فوسفات الكالسيوم.
– مثال على ذلك: MTA الذي يُستخدم في العديد من التطبيقات في علاج الأقنية الجذرية.
– يتحول إلى خليطٍ قلويٍّ عالٍ مع pH 12 عند إضافة الماء، مما يجعله مادةً ممتازة. [1]
مواد حشو الجذور الأساسية
تعدُّ مادة الكوتابيركا المادة الأكثر استخداماً وقبولاً كمواد حشوٍ أساسية. وهي مطاطٌ طبيعيٌّ يتكون كيميائيًا من (trans-1 , 4-polyisoprene)، تحتوي في شكلها التقليدي على أكسيد الزنك (65 بالمئة)، كوتابيركا (20 بالمئة)، مادة مُعتمة شعاعيًا (كبريت معدني) (10 بالمئة)، ومادة ملدنة (5 بالمئة).
تتوفر الكوتابيركا في شكلين بلوريين؛ الطور ألفا، وبيتا، فعند تسخينها إلى 42-49 درجة مئوية تتحول إلى الطور ألفا، وعند تبريدها تعود إلى الطور بيتا، وتتقلص أثناء ذلك، وتتوفر الكوتابيركا في أشكال أقماع مخروطية مختلفة القياسات أو بشكل كبسولات.
خصائص الكوتابيركا
– سهلة التشكيل والتعامل.
– استقرار الأبعاد.
– قدرة ممتازة على الختم الذروي.
– غير مهيِّجةٍ للأنسجة المحيطة بالجذر.
– تظهر على الأشعة.
– لا تسبّب تلويناً أو تصبُّغاً.
– مضادة للميكروبات.
– متوافقة حيوياً. [3]
تقنيات حشو الأقنية الجذرية
تقنية حشو الجذور المثالية يجب أن تتمتع بالخصائص التالية: [4]
1- أن تُنتج كتلةً متجانسةً ومضغوطةً من الكوتابيركا.
2- أن تملأ جميع الأجزاء في نظام القناة، مع ترك فراغاتٍ قليلةٍ جدًا.
3- أن يكون التقلص التصلُّبي بالحدّ الأدنى.
4- أن تكون تقنيةً آمنةً مع احتماليةٍ أقل ما يمكن لحدوث (اندفاعٍ خارج الذروة، كسر الجذر بسبب قوى التكثيف، أذية حول سنّية بسبب التغيرات الحرارية).
5- أن تكون سهلة التطبيق والممارسة.
وتشمل التقنيات المستخدمة ما يلي:
1- تقنية التكثيف الجانبي
تُعتبر الأكثر استخدامًا، وهي ذات كلفةٍ مقبولة، لكنها لا تحقّق الختم الثلاثي الأبعاد، يتمُّ وضع عددٍ كبيرٍ من أقماع الكوتابيركا المضغوطة معًا بشكلٍ جانبي بعد وضع السيلر المختار، العيب الرئيسي فيها هو الفجوات في الحشوة النهائية التي يمكن أن تكون بسبب التكثيف السيئ والتغيرات التشريحية، مثل: انحناء القنوات.
2- تقنيات التكثيف الحراري
التكثيف الحراري العمودي
هو ملء قناة الجذر باستخدام الضغط العمودي بواسطة أدواتٍ مسخّنةٍ لتليين الكوتابيركا، ويتمُّ تكرار هذه العملية عدة مرات حتى يتمّ الإغلاق الكامل. تستخدم هذه التقنية في حالات الأقنية المنحنية، والامتصاص الداخلي للقناة. من مزاياها أنها تعطي ختماً ثلاثي الأبعاد وختم القنوات الجانبية والإضافية. ومن مساوئها تستغرق وقتاً طويلاً بالإضافة لخطر كسر الجذر العمودي بسبب قوة التكثيف.
التكثيف الحراري الجانبي
يتمُّ إدخال القمع الرئيسي وتكثيفه جانبياً باستخدام ناقلاتٍ حرارية، مثل: Endotec II وEndoTwinn تُكرّر هذه العملية حتى يتمّ ملء القناة بالكامل. من مزاياها القدرة على التحكم بالطول أثناء عملية الحشو.
3- تقنيات الحقن الحراري الملدن
في هذه التقنيات، يتمُّ حقن الكوتابيركا المُسخّنة في القنوات الجذرية. تستخدم هذه التقنية أجهزة:
Obtura III
تستخدم هذه التقنية جهاز Obtura III لتسخين الكوتابيركا إلى 160-200 درجة مئوية في مسدسٍ يحتوي على وحدات تسخين وكوتابيركا مضغوطة. بعد تجفيف جدران القناة وتغطيتها بالسيلر، يتمُّ حقن الكوتابيركا باستخدام المسدس بقطر إبرةٍ مختارة (20، 23 أو 25) بحيث تكون أقصر من طول العمل بـ 3-5 ميلي متر. يتمُّ سحب الإبرة ببطء حتى تملأ القناة بالكامل باستخدام أدوات الضغط، وتوجد صعوبةٌ في التحكم بالطول، مما قد يؤدي إلى حشوٍ زائدٍ للقناة أو نقصٍ فيه.
Ultrafil 3D
تقنية حقن حرارية أخرى تتضمن وحدة تسخين، محقنة لحقن الكوتابيركا، وأقماع كوتابيركا بأحجام مختلفة.
Calamus
نظام حشوٍ حراري متخصّصٍ يحتوي على خراطيش بإبر بأحجام 20 و23. يوفر التحكم في درجة الحرارة ومعدل التدفُّق.
Elements
نظام حشوٍ يتضمن ذراع توصيل للكوتابيركا المُسخّنة، مصدر حرارة، وأداة ضغط.
HotShot
جهاز توصيلٍ حراري لاسلكي بنطاق تسخين 150-230 درجة مئوية، يمكن استخدامه مع الكوتابيركا والرزيلون.
GuttaFlow
مادة حشوٍ تحتوي على بولي دايميثيل سيلوكسان مع كوتابيركا، متوفرة بشكل كبسولات. وقت العمل 15 دقيقة، ووقت التجفيف 25-30 دقيقة.
4- تقنية التكثيف الموجي المستمر
تترافق هذه التقنية مع استخدام أنظمة النيكل التيتانيوم الآلية لتحضير القناة، حيث يتمُّ استخدام أدوات تسخينٍ من الفولاذ المقاوم للصدأ بأحجام مختلفة تتوافق مع حجم أدوات التحضير. يتمُّ ملء الفراغات المتروكة باستخدام تقنية الحقن الحراري، والأجهزة المُستخدمة: تشمل Obtura II، Ultrafil 3D، Calamus، Elements، وHotShot.
5- تقنية الكوتابيركا المُستندة على الناقل
تعتمد هذه التقنية على مبدأ Thermafills، وهي كوتابيركا بطور ألفا مغلّفة بناقلٍ بلاستيكي، تتوفر بأحجام وأقطار مختلفة حسب حجم القناة المحضّرة. تتطلب جهاز تسخين، بعد تجفيف القناة، وتطبيق السيلر على الجدران، يتمُّ وضع الناقل المُسخّن داخل القناة بعد التأكد بالأشعة. يستخدم حشو مثل AH Plus، من مزاياها أنها سهلة الاستخدام، ويتمُّ ملء القنوات الجانبية والإضافية، ومن مساوئها صعوبة التحكم في الطول والألم بعد العملية.
6- التكثيف الحراري الميكانيكي
جهاز قدمه McSpadden يتكون من شفرات، مثل: مبرد هيدستروم، لكن بترتيبٍ عكسي، وعند دورانه في جهازٍ يدوي، يسبّب تليين الكوتابيركا، وفي هذه التقنية يتمُّ تطبيق السيلر، وإدخال المخروط الرئيسي حتى طول التحضير، ثم يدخل الضاغط المختار مع مخروط الكوتابيركا، ويُسخّن بفعاليةٍ يدوية. تعدُّ تقنيةً بسيطة، ولكن لا يمكن استخدامها في القنوات المنحنية، مع إمكانية تسرُّب المواد، أو كسر الجهاز.
7- تقنية الكوتابيركا المُليّنة كيميائياً
تستخدم المذيبات، مثل: الكلوروفورم، الكافور، والزيلين لتليين الكوتابيركا، ومن مساوئها الانكماش، الفراغات، تسرُّب المواد، وتهيُّج الأنسجة حول الجذر. [4]
المراجع البحثية
1- Gasner, N. S., & Brizuela, M. (2023, March 19). Endodontic materials used to fill root canals. StatPearls – NCBI Bookshelf. Retrieved October 23, 2024
2- Root Canal Obturation. Retrieved October 23, 2024
3- Tomson, R. M. E., Polycarpou, N., & Tomson, P. L. (2014). Contemporary obturation of the root canal system. BDJ, 216(6), 315–322. Retrieved October 23, 2024
4- Kapoor, K. (2024). Endodontic obturation techniques. International Journal of Health Sciences, 8(S1), 1033–1040. Retrieved October 23, 2024