Published in: طب الأطفال

حساسية الجلد عند الأطفال – الأنواع وما هي الأطعمة المُسبّبة لها؟

Author د. نور شرابه

Published on: 10 يونيو، 2024

د. نور شرابه

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ارتفعت نسبة الإصابة بحالات حساسية الجلد (Skin allergy) عند الأطفال بشكلٍ ملحوظ على مرّ السنين، وتعتبر واحدةً من أكثر أنواع الحساسية شيوعاً، تؤثر على حوالي 35 بالمئة من الأطفال، وذلك وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة صحة الطفل (Pediatric Child Health). تزداد فرصة الإصابة في حال كانت الحساسية متوارثةً في العائلات، وتختلف مسبّبات الحساسية، فقد تكون ناتجةً عن العوامل البيئية، أو المواد المُهيّجة، أو المكونات الغذائية. ^[1]

لماذا بشرة الأطفال حساسة للغاية؟

الجلد هو أكبر عضوٍ في الجسم، ويتشابه من حيث طبقات الجلد الرئيسية بين الأطفال والبالغين، يتكون بشكلٍ أساسي من: البشرة (Epidermis)، والأدمة (Dermis)، وتحت الجلد (Subcutis). ومع ذلك ورغم أوجه التشابه، فهناك اختلافاتٌ جوهرية بين بشرة الأطفال وبشرة البالغين، ويجب أن يكون الآباء على درايةٍ بهذه الفروقات لحماية ورعاية بشرة أطفالهم الحساسة بالشكل الأمثل، فبالعناية المناسبة يمكن تجنب العديد من مشاكل البشرة، وتشمل الاختلافات: ^[2]

1- طبقات الجلد الرقيقة

تكون طبقات الجلد عند الأطفال أرقُّ بكثيرٍ منها عند البالغين، وهذا يعني أن بشرة الأطفال الحساسة لم تنضج بعد بشكلٍ كامل، وطبيعته الرقيقة تجعله أكثر عرضةً للمؤثرات الخارجية.

2- فقدان الرطوبة

بسبب رقة الجلد يمكن أن تتسرب الرطوبة منه عند الأطفال بسرعةٍ أكبر، وفي الوقت نفسه يمكن أن تخترق المهيّجات والمواد الضارة الجلد بسهولة أكبر، مما يؤدي إلى الاحمرار والتهيُّج.

3- زيادة مساحة سطح الجلد

بالمقارنة مع حجم الجسم، يكون سطح الجلد عند الأطفال أكبر منه عند البالغين، وهذا يعني أن بشرة الأطفال تجف وتبرد بشكلٍ أسرع، مما يتطلب رعايةً خاصة.

4- إنتاج أقل للدهون والعرق

ينتج جلد الرضع والأطفال القليل من العرق والزهم (عبارة عن مادة شمعية دهنية تفرزها الغدد الدهنية الموجودة في الجلد)، ونتيجةً لذلك، فإن الغلاف الحمضي للبشرة، والذي يعمل كخطّ دفاعٍ طبيعي ضدَّ البكتيريا، والمؤثرات الضارة الأخرى، يصبح أقل مرونة.

أنواع حساسية الجلد عند الأطفال

يوجد أربعة أنواعٍ شائعة من حساسية الجلد عند الأطفال:

1- الأكزيما (Eczema)

وتسمّى أيضاً التهاب الجلد التأتبي (Atopic dermatitis)، وهي إحدى أنواع الحساسية الجلدية الشائعة لدى الأطفال، والتي تصيب حوالي 10 بالمئة من الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحدث في كثيرٍ من الأحيان قبل سن الخامسة، ويمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ.

وإذا كان الطفل يعاني من حالات، مثل: الربو، أو الحساسية الغذائية، أو حمّى القش، فإن خطر الإصابة بالأكزيما مرتفع، وأيضاً إذا كانت أي من هذه الحالات موجودة في العائلة، فإن الطفل يكون معرضاً لخطر الإصابة بالأكزيما بشكلٍ أكبر، ولا تزال أسباب هذه الحالة الجلدية غير واضحة بشكلٍ كافٍ، وأعراضها تشمل:

1- طفح جلدي أحمر اللون: ويظهر عند الرضع وصغار الأطفال على الخدين أو فروة الرأس. أما الأطفال الأكبر سناً والبالغين، فغالباً ما يتوضع الطفح في ثنايا الجلد، مثل: المرفقين، وخلف الركبتين، وقد يتواجد أيضاً على الوجه، والرقبة، واليدين، والقدمين، والظهر. يسبّب الطفح الجلدي حكةً شديدةً، واحمراراً، ونزّاً، وقشوراً، ويمكن أن تكون هذه الأعراض مؤلمة، وقد تسبّب تغيراتٍ في لون الجلد، وظهور بثور.

2- غالباً ما يكون الجلد جافاً جداً ومتهيّجاً، ويمكن أن يؤدي حكُّ الجلد العنيف إلى حدوث خدوش، وتخريش، وسحجات جلدية، ويسبّب المزيد من الحكة، ويمكن أن تؤدي هذه الخدوش إلى حدوث التهاب جلدٍ متكرر.

3- كما قد تظهر بقعٌ جلديةٌ سميكة مع مرور الوقت نتيجة الخدش والاحتكاك، وخاصةً في أماكن الثنيات الجلدية، ومؤخرة العنق.

4- تتفاقم الأعراض عند التعرض للهواء الجاف، أو التعرق، أو بعض أنواع الصابون والمنظفات، أو الأقمشة الخشنة.

5- أيضاً يعاني بعض الأطفال المصابين بالأكزيما من حساسيةٍ تجاه الطعام، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة عند تعرضهم لمحفزات الطعام، مثل: فول الصويا، والبيض، والمكسرات، والمأكولات البحرية.

2- التهاب الجلد التماسي (Contact dermatitis)

والمعروف أيضاً باسم الطفح الجلدي التحسسي، وهو حالة تحدث عندما يتلامس الجلد بشكلٍ مباشر مع المواد المُسبّبة للحساسية، وتشمل أعراض الإصابة ما يلي:

1- ظهور طفحٍ جلدي أحمر اللون على الجلد، ويتوضع عادةً في منطقة التلامس مع المادة المسبّبة للحساسية فقط، وتشمل المواقع الشائعة الوجه، وخاصةً الأجفان، والرقبة، واليدين، والقدمين.

2- تقشُّر الجلد.

3- حكة شديدة.

4- تورُّم الجلد في مكان التلامس.

وتشمل بعض المُسبّبات الشائعة لالتهاب الجلد التماسي التحسسي مجموعةً متنوعةً من المواد الكيميائية بما في ذلك مستحضرات التجميل، وصبغات الشعر، والمعادن، مثل: النيكل، والنحاس، والأدوية الموضعية، ومواد طب الأسنان، والنباتات، مثل: اللبلاب السام، والمكونات الموجودة في معجون الأسنان أو غسول الفم. والتهاب الجلد التماسي الناتج عن المعادن، كما هو الحال في المجوهرات، أو الأزرار والسحابات على الملابس، يحدث عادةً على الرقبة، والمعصمين، اليدين، وعند محيط الخصر.

3- الشري (Urticaria)

هي حساسية جلدية تظهر على شكل نتوءاتٍ حمراء على الجلد عندما تتلامس مع مُسبّبات الحساسية، وعادةً ما يختفي الشرى من تلقاء نفسه عند تجنب مسبّبات الحساسية، وعلى عكس أنواع الحساسية الجلدية الأخرى، يمكن أن يظهر الشرى في أي مكانٍ على الجسم، ويمكن أن يستمر من بضع دقائق إلى عدة ساعات أو أيام، وينتج عن تحفيز الجهاز المناعي الذي يطلق الهيستامين (Histamine).

ويتسبّب هذا المركب في توسُّع الأوعية الدموية، ويسبّب تورم الجلد والحكة، بالإضافة إلى الطفح الجلدي الأحمر، ويمكن أن يؤدي أيضاً إلى أعراض أخرى، مثل: صعوبة التنفس، وتورم الوجه والفم، والشرى يصنف إلى:

الشري الحاد (Acute urticaria)

يستمر أقل من ستة أسابيع، ويحدث بعد التعرض للعوامل المحرضة، مثل: الأطعمة، أو الأدوية، أو لدغات الحشرات، أو العدوى، أو المُسبّبات غير التحسسية، مثل: الحرارة (التعرض لأشعة الشمس المعروفة باسم الشرى الشمسي)، وممارسة الرياضة.

الشرى المزمن (Chronic urticaria)

هو حالةٌ نادرة تنتج عن محفّزاتٍ محددة، وتستمر أكثر من ستة أسابيع، وقد تبقى لعدة أشهر أو حتى سنوات، ويمكن أن تكون هذه الحالة مؤلمة، لكنها ليست معدية.

4- الوذمة الوعائية (Angioedema)

هي حساسية جلدية تتميز بتورم الجلد، وغالباً ما تكون مصحوبةً بالشرى، وعادةً ما يحدث تورم في الأجفان، أو الفم، أو الأعضاء التناسلية، ولكن في بعض الحالات يمكن أن يؤدي إلى وذمةٍ في الجهاز التنفسي أو الغشاء المخاطي في الجهاز الهضمي، ويمكن أن تؤدي الوذمة في الحنجرة إلى مضاعفاتٍ تهدد الحياة.

وتستمر الوذمة الوعائية الحادة من بضع دقائق إلى ساعات، وعادةً ما تحدث بسبب ردّ فعلٍ تحسسي للأدوية أو الأطعمة، مثل: المكسرات، وحليب الصويا، والبيض، وغيرها، والوذمة الوعائية المزمنة المعروفة باسم الوذمة الوعائية المتكررة، عادةً ما تستمر لفترةٍ أطول، وليس لها سبب معروف. ^{[1] [3] [4]}

الأطعمة المُسبّبة للحساسية

تختلف المواد الغذائية المُسبّبة للحساسية من طفلٍ لآخر، وأكثرها شيوعاً هي:

1- حليب البقر ومشتقاته

تعتبر الحساسية من الحليب واحدةً من أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً عند الأطفال، فيمكن أن يكون لديهم حساسية تجاه حليب الأم، أو حليب البقر، أو حليب الثدييات الأخرى، مثل: الماعز، والجاموس، والأغنام، وتشمل أعراض حساسية الحليب، وخزاً وحكةً حول الفم، وتورماً في الشفاه، والطفح الجلدي، بالإضافة إلى الصفير، والأعراض الهضمية، مثل: البراز الرخو، وآلام البطن التشنجية، وكثير من الأطفال يتخلصون من حساسية الحليب لكن يمكن أن تبقى عند البعض منهم.

2- البيض

وتعتبر الحساسية تجاه البيض شائعةً جداً عند الأطفال بعمرٍ أقل من 16 سنة، ومعظم الحالات (حوالي 70 بالمئة) يتمُّ يتخلص منها الطفل عندما يكبر، وتحدث هذه الحساسية عندما يتفاعل جهاز المناعة في الجسم مع البروتينات الموجودة في صفار البيض وبياضه، وتشمل الأعراض الطفح الجلدي، والتورم، بالإضافة إلى عسر الهضم، وضيق في التنفس، وعند المصابين بالأكزيما يمكن أن يؤدي تناول البيض إلى تفاقم الحكة الجلدية، وفي حال وجود حساسية تجاه بيض الدجاج، فقد يكون هناك أيضاً حساسية تجاه أنواع أخرى من البيض، مثل: بيض الإوز، أو البط ،أو الديك الرومي، أو السمان.

3- الأسماك

عادةً ما تكون ردود الفعل التحسسية ضدّ بروتينات بارفالبومين (Parvalbumin) الموجودة في الأسماك، وهذا يمكن أن يؤدي إلى الطفح الجلدي، والحكة، والاحتقان، وانسداد الأنف، والصداع، وآلام في المعدة، والغثيان، والإقياء، وعلى عكس الحليب والبيض، فإن الحساسية تجاه الأسماك يمكن أن تتطور في مرحلة البلوغ.

4- المحار

يمكن أن يسبّب بروتين التروبوميوزين (Tropomyosin) الحكة، والشرى، والطفح الجلدي، وتتشابه أعراضه مع حساسية السمك، وقد تحدث حساسية أيضاً تجاه سرطان البحر، والحبار، والاسكالوب.

5- فول الصويا

وهو من البقوليات التي تستخدم غالباً في حليب الأطفال والأطعمة المصنّعة، ويعتبر من مُسبّبات الحساسية الشائعة تحت سن 3 سنوات، مثل: حساسية الحليب والبيض، ويمكن أن يسبّب الحكة، والطفح الجلدي، والبقع الحمراء المرتفعة عن سطح الجلد، ويتخلص العديد من الأطفال من هذه الحساسية عند البلوغ.

6- الفول السوداني والأطعمة المُصنّعة باستخدامه

وهو أحد أكثر أنواع الحساسية الغذائية شيوعاً وخطورة، ويمكن أن يسبّب ردّ فعلٍ يهدّد الحياة، ويتطلب علاجاً طبياً طارئاً، وإلى جانب تناول الفول السوداني، يمكن أن تحدث ردود الفعل أيضاً من استنشاق غبار الفول السوداني، أو رذاذ زيته، وتتشابه الأعراض مع أعراض حساسية الطعام الأخرى: وتشمل الحكة، والشرى، والتورم، ومشاكل في الجهاز الهضمي، وسيلان الأنف، وصعوبة التنفس.

7- القمح ومنتجاته

يمكن أن تسبّب البروتينات، مثل: الجلوبيولين (Globulin)، والغلوتين (Gluten)، والألبومين (Albumin)، والجليادين (Gliadin) الموجودة في القمح تفاعلات تحسسية لدى حوالي 1 بالمئة من الأطفال.

8- المكسرات

وتعتبر الحساسية من أنواع المكسرات المختلفة، مثل: اللوز، والجوز، والكاجو، والفستق، والبندق، والجوز البرازيلي شائعةً جداً، وتؤثر على حوالي 5 بالمئة من الأطفال، ويمكن أن تسبّب الحكة، والتورم، والطفح الجلدي.

9- السمسم

معظم الأشخاص الذين لديهم حساسية من السمسم سيكون لديهم حساسية غذائية أخرى، وتتراوح الأعراض من طفحٍ جلدي خفيف إلى الحساسية المفرطة، ويستخدم السمسم كبذور، أو زيت، أو معجون في العديد من المنتجات بما في ذلك الأغذية، والأدوية، ومستحضرات التجميل، وأغذية الحيوانات الأليفة.

10- الفواكه والخضروات النيئة

تحتوي على بعض البروتينات المسبّبة للحساسية، والتي لا تتحلل عند تناولها نيئة.

11- اللحوم ومنتجاتها

عادةً ما تكون الحساسية تجاه مصادر اللحوم الحمراء مع ظهور أعراض، مثل: عسر الهضم، وآلام المعدة، والاحتقان الأنفي، والوذمة الوعائية.

12- الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الهيستامين (Histamine)

مثل: النبيذ، والأطعمة المخمرة، والفواكه الجافة، والجبن، وما إلى ذلك.

13- الأطعمة المضاف إليها الكبريتيت (Sulfite)

أو التي تحتوي على الكبريتات بشكلٍ طبيعي بما في ذلك الجبن، والعنب المعتّق. ^{[5] [6]}