Published in: الفضاء

حزام الكويكبات

Author د. جاسم الفواز

Published on: 28 مايو، 2023

د. جاسم الفواز

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

ما هو حزام الكويكبات وأين يقع؟

الكويكبات (Asteroids) التي تُسمَّى أحياناً الكواكب الصغيرة (Minor planets)، هي بقايا صخرية متبقية من التكوين المبكر لنظامنا الشمسي منذ حوالي 4.6 مليار سنة، ويبلغ عدد الكويكبات المعروف حالياً 1280362 كويكباً. يمكن العثور على معظم هذه الأنقاض الفضائية القديمة التي تدور حول شمسنا بين كوكبي المريخ والمشتري داخل حزام يُسمَّى حزام الكويكبات.

يتراوح حجم الكويكبات من الكويكب فيستا (Vesta) الأكبر بقطر حوالي530 كيلومتر إلى أجسام يقلُّ عرضها عن 10 أمتار بينما تبلغ الإجمالية لجميع الكويكبات مجتمعةً أقل من كتلة قمر الأرض. شَكل معظم الكويكبات غير منتظم ومشوه تشبه حبات البطاطا، والقليل منها له شكل قريب من الشكل الكروي.

أكثر من 150 كويكباً له قمر صغير (بعضها له قمرين)، كما أن هنالك أيضاً كويكبات ثنائية (مزدوجة) حيث يدور كويكبان متساويان في الحجم تقريباً حول بعضهما البعض، بالإضافة إلى أن هنالك أنظمة كويكبات ثلاثية. يقع حزام الكويكبات بين (2.2) و(3.2) وحدة فلكية من شمسنا، وسمكه حوالي 1 وحدةً فلكيةً (150 مليون كيلومتر). ^[1]

هل حزام الكويكبات مُكتظّ بالأجسام؟

على الرغم من وجود عدة ملايين، وربما مليارات من الأجسام في حزام الكويكبات، فإن متوسط المسافة بينهما هو حوالي مليون كيلومتر، وهذا يعني أن المركبة الفضائية يمكنها الطيران عبر حزام الكويكبات دون الاصطدام بأي كويكب، فحزام الكويكبات لا يشبه بالتأكيد ما تصوره أفلام الخيال العلمي على أنها صخور متزاحمة جداً، فلنفرض أنك وقفت على أي كويكب في الحزام، فمن المحتمل ألا تتمكن حتى من رؤية أي كويكبات أخرى بسبب بُعدها الشديد عن بعضها البعض.

كيف تشكل حزام الكويكبات؟

اعتقد علماء الفلك في بداية اكتشاف حزام الكويكبات أنه بقايا كوكب صخري مزقته جاذبية المشتري منذ فترة طويلة، بينما يُعتقد الآن أن حزام الكويكبات هو مجرد بقايا من تكوين نظامنا الشمسي قبل 4.6 مليار سنة حيث يحتوي حزام الكويكبات على أجسام تختلف في الحجم كما أشرنا سابقاً، كما يحتوي حزام الكويكبات على ملايين لا حصر لها من الأحجار الصغيرة، وربما بعضها بحجم الحصى. ^[2]

كما أن هنالك نظرية تقول إن حزام الكويكبات تشكل داخل القرص الغازي الذي يحوم حول الشمس البدائية كسرب من الكواكب المتبقية مع كتلة أولية ربما تكون عدة كتل أرضية في المجموع، ومع مرور الوقت تمَّ طرد 99.9 بالمئة من هذه المادة من المنطقة المدارية عن طريق تفاعلات الجاذبية من الكواكب (بما في ذلك الهجرة المبكرة المحتملة لكوكب المشتري وزحل)، لذلك فإن حزام الكويكبات الذي نرصده اليوم يمثل بقايا خزان مُستنفَذ بشدة من الكواكب الصغيرة.

ربما بدأت هذه المنطقة المدارية بالفعل مع عدم وجود مواد صخرية فيها على الإطلاق، وقد امتلأت عبر تاريخ النظام الشمسي بالكواكب الصغيرة التي ولدت في مكان آخر من النظام الشمسي، وهذه كلها نظريات وتكهنات، فنحن ليس لدينا يقين قطعيّ عن آلية ومصدر حزام الكويكبات. ^[3]

هل نظامنا الشمسي هو الوحيد الذي له حزام كويكبات؟

نظامنا الشمسي ليس الوحيد الذي يفتخر بحزام الكويكبات حيث تبدو سحابة من الغبار حول نجم يعرف باسم زيتا ليبوريس (Zeta Leporis) أشبه بحزام شاب من الكويكبات. في الوقت نفسه، تُظهر الدراسات التي أُجريت على الأقزام البيضاء، النجوم الشبيهة بالشمس في نهاية حياتها، بصمات لمواد صخرية تسقط على سطحها مما يشير إلى أن مثل هذه الأحزمة شائعة حول أنظمة النجوم.

ما هي أصناف الكويكبات في حزام الكويكبات؟

تُصنف الكويكبات إلى عدة أنواع بناءً على تركيبها الكيميائي وانعكاسها أو لونها:

1- الكويكبات من النوع C (C-type asteroids)

تشكل أكثر من 75 بالمئة من الكويكبات المعروفة، ويرمز الحرف(C) إلى الكربون (Carbon)، وتكاد تكون أسطح هذه الكويكبات شديدة السواد من الفحم الأسود. النيازك الكربونية (Carbonaceous meteorites) على الأرض لها تركيبة مماثلة، ويُعتقد أنها قطع تحطمت من الكويكبات الكبيرة.

2- الكويكبات من النوع S (S-type asteroids)

هي ثاني أكثر الأنواع شيوعاً بعد النوع (C)، وتشكل حوالي 17 بالمائة من الكويكبات المعروفة التي تسيطر على حزام الكويكبات الداخلي، وتصبح أكثر ندرةً، وهي أكثر إشراقاً، وتحتوي على معدن النيكل والحديد.

3- الكويكبات من النوع M (M-type asteroids)

هي النوع الرئيسي الأخير، وتُعتبر من الكويكبات اللامعة لحدّ ما، ويتألف معظمها من الحديد والنيكل النقي، ويُعثر عليها في المنطقة الوسطى من حزام الكويكبات.

4- الأنواع النادرة المتبقية هي نوع A، D، E، P، Q، R  

يحتوي النظام الشمسي على العديد من أنواع الكويكبات المختلفة، مجمَّعةً حسب المعادن التي تحتوي عليها. إن وفرة المعادن الثمينة مثل: النيكل، والحديد، والتيتانيوم (على سبيل المثال لا الحصر)، والماء تجعل الكويكبات هدفاً جذاباً لعمليات التعدين المستقبلية، فعندما يقرر البشر توسيع وجودهم عبر الفضاء بين الكواكب يمكن أن تخدم المياه والمعادن من الكويكبات المستعمرات في الفضاء حيث تبحث ناسا بشكل جدّي في هذا المضمار. ^{[4] [5]}

ما هي كويكبات طروادة (Trojan Asteroids)؟

تتكون كويكبات طروادة من عدة مئات من الكويكبات المتميزة بدورانها حول الشمس على نفس مسافة كوكب المشتري بالقرب من نقطتين افتراضيتين تُسمَّيانL5 ،L4 (Lagrange Points) نقطتي لاغرانج.

بالنسبة لنظام الشمس والأرض والقمر، فإن كتلة الشمس مهيمنة جداً بحيث يمكن التعامل معها كجسم ثابت، ويتمُّ التعامل مع نظام الأرض والقمر كنظام ثنائي الجسم من وجهة نظر الإطار المرجعي الذي يدور حول الشمس مع هذا النظام.

اكتشف عالما الرياضيات في القرن الثامن عشر ليونارد أويلر وجوزيف لويس لاغرانج أن هناك خمس نقاط خاصة في هذا الإطار المرجعي الدوار حيث يمكن الحفاظ على توازن الجاذبية، فإن أي كائن يتمُّ وضعه في أي نقطة من هذه النقاط الخمس في الإطار الدوار سيبقى هناك، وتمّ ترقيمها من L1 إلى L5، وقد تمّ تسمية هذه النقاط الخمس بنقاط لاغرانج. ^[6]  

ما هي أهم الرحلات العلمية لحزام الكويكبات؟

تمّ إطلاق المركبة الفضائية نير NEAR (Near-Earth Asteroid Rendezvous) في عام 1996، فكانت أول مركبة فضائية تدور حول كويكب، وفي النهاية هبطت بنجاح على كويكب إيروس (Eros) في عام 2001. ثم تمّ إطلاق أحدث مهمة لزيارة حزام الكويكبات في عام 2007 حيث طارت المركبة الفضائية داون (Dawn spacecraft) بالقرب من المريخ في عام 2009 في رحلتها إلى اثنين من أكبر الكويكبات في حزام الكويكبات، فيستا (Vesta)، وسيريس. ^[7]

لا يجب أن تنتهي رحلتنا إلى حزام الكويكبات، فمن هنا على الأرض يمكنك أن تنظر إلى السماء ليلاً من خلال منظار أو تلسكوب، وترى الكويكبات الكبيرة، مثل: فيستا، كما يمكنك أيضاً رؤية المذنبات والنيازك التي خلفتها ولادة النظام الشمسي تماماً مثل: الكويكبات. ^[8]