Published in: الطب

تنظير قعر العين

Author د. سوزين بلال

Published on: 31 يناير، 2024

د. سوزين بلال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

يعدُّ إجراء استقصاء تنظير قعر العين (Ophthalmoscopy) من أكثر الاستقصاءات التي يقوم بها اختصاصيو العيون في العيادة أو في المشفى، وهو يبين البنى الموجودة خلف الأقسام الظاهرة من العين، ومنها الشبكية، والقرص البصري، والأعصاب، والأوعية المُغذية لها.

ما هي استطبابات تنظير قعر العين؟

يُستطب تنظير قعر العين في الحالات الرضّية والمرضية لتشخيص نزف الشبكية أو انفصالها، كما توجد عدة حالات من ارتفاع ضغط العين، وما ينتج عنها من مرض الزرق (Glaucoma)، ووذمة حليمة العصب البصري (Optic disc edema)، ويتحقق الطبيب من خلالها من المظاهر المرضية في اعتلال الشبكية الناتج عن فرط التوتر الشرياني أو الداء السكري، وهذه المظاهر تتجلى بقطع الصوف والقطن، أو مظهر شريط النحاس، أو الفضة، وغيرها من المظاهر النوعية. ^{[1] [2]}

منظار قعر العين المباشر

هو عبارةٌ عن جهازٍ صغيرٍ اخترع عام ألف وثمانمئة وخمسين على يد الطبيب هيلموت Helmoholtz، ويستخدم جهاز منظار العين (Ophthalmoscope) في تنظير قعر العين بنوعه المباشر، ويتألف من عدة أقسام، وهي من الأعلى إلى الأسفل: ^{[3] [4]}

● نافذة الرؤية (Viewing Window).

● زر التصفية (Filter Switch).

● دولاب التحكم بالفتحة (Aperture Dial): يمكن تحويل الفتحة من شكل الشق (Slit) إلى شكل الشبكة.

● دولاب التحكم بقوة العدسة (Diopter Dial): أو يسمّى بدولاب التحكم بالتركيز (Focusing Wheel) الموجود على طرف الجهاز، وهو يتحكم بزاوية الخرج، حيث عند يدور مع عقارب الساعة تزداد قوة العدسة، وتصبح البقعة البؤرية أقرب للفاحص أو المراقب، وعند دورانه عكس عقارب الساعة تنقص قوة العدسة، وتكون البقعة البؤرية أبعد ما تكون للفاحص.

● منظم التيار (Rheostats).

● زر التشغيل والإطفاء (On/ Off Switch): وهو زرٌّ موجودٌ أعلى القبضة يسمح بتشغيل وإطفاء الضوء، والتحكم بشدته. يمكن التحكم بشدة الضوء وقطر الفتحة الصادر عنها من خلال الأزرار والدواليب، حيث تنقسم في منظار قعر العين إلى ثلاث تدرُّجات، وهي:

1- السماح بعبور كميةٍ كبيرةٍ من الشعاع الضوئي، وذلك لاستقصاء المرضى الخاضعين لتوسيع الحدقة بالقطرات الموسعة المضادة لتأثير الأستيل كولين، مثل: الأتروبين (Atropine)، أو تروبيكاميد (Tropicamide).

2- السماح بكميةٍ كافيةٍ من الضوء، وذلك لتحري قعر العين لدى الأشخاص الطبيعيين.

3- السماح بعبور كميةٍ بسيطةٍ من الضوء من خلال الفتحة الصغيرة لفحص العين ذات الحدقة المُتقبّضة.

وتستخدم ألوان عديدة من الأشعة الضوئية، ولكل منها استطباباتها، فمثلاً: يستخدم اللون الأحمر لرؤية أوعية الشبكية عن قرب، واللون الأزرق لتسحجات (Abrasion) وتقرحات القرنية، وذلك باستخدام صبغة الفلوروسين (Fluorescein)، وتستخدم أشكال عديدة للفتحات، كمنظر الشق Slit المستخدم لتحري عيوب القرنية، أو الجسم البلوري والشبكية، أو منظر شبكة العنكبوت (Grid)، وذلك لتقدير المسافة التقريبية بين الآفات الموجودة على سطح الشبكية.

كيف يجرى تنظير قعر العين؟

يجرى تنظير قعر العين في عيادة طبيب العيون أو في قسم الإسعاف في الحالات الطارئة، وذلك باستخدام جهاز المنظار المباشر بعد غسل اليدين وتعقيمهما على أن يكون مستوى الفاحص أعلى من المفحوص الجالس على كرسي مريح في غرفة المعاينة، ويقوم الطبيب بالنظر من خلال نافذة الرؤية.

وذلك باختيار المقدار المناسب للفتحة، وكمية الشعاع الضوئي الصادر، ولونه حسب حالة المريض، ويطلب الطبيب من المريض النظر بشكلٍ مستقيم، ونزع النظارات الطبية، لأنها تُسبّب انعكاساً للضوء، وتشويشاً للرؤية، وقد يخضع المريض لتوسيع الحدقة في حال عدم وجود مضاد استطباب، وبعدها يتمُّ النظر إلى: ^{[4] [5]}

● البنى السطحية بتمعن، مثل: الملتحمة، والأجفان للبحث عن المظاهر المرضية، مثل: الاحمرار، والتورم، أو الكدمات، أو خروج مفرزاتٍ غير طبيعية.

● يجب التأكد من شكل العين، وقطرها، وتناظرها مع العين الأخرى لاستبعاد الأمراض المزمنة التي تُسبّب جحوظ العينين.

● حجم الحدقة، وتناظرها، وشكلها مهمٌّ للفحص، حيث تتوسع الحدقة بشكلٍ طبيعي في الضوء الخافت، وتتضيق عند زيادة حدة الضوء خلال عملية تنظير قعر العين.

● توضيح المظهر، وتمييز الموجودات السليمة والمرضية لكل من أوعية الشبكية، والقرص البصري، وتقدير الحالة لوصف المعالجة المناسبة.

لا يتطلب إجراء تنظير قعر العين أي تحضيراتٍ مسبقة من المريض على أن يتمّ إعلام الطبيب بالقصة المرضية المفصلة، وخاصةً الأدوية الموضعية في العين، والعمليات الجراحية السابقة المجراة على الشبكية، أو أي جزءٍ آخر من العين، وإخباره بالأمراض المزمنة، ولاسيما ارتفاع الضغط، والداء السكري، وعلى الفاحص إخبار المريض بالاختلاطات التي قد تصيبه، مثل: تشوش الرؤية، أو الرؤية المزدوجة، والدوار، والغثيان نتيجة توسيع الحدقة أو الأشعة الضوئية، وقد يعاني المريض من جفاف الفم في بعض الأحيان.

ما هي المظاهر التي يلاحظها الطبيب في تنظير قعر العين؟

يبين المظهر الطبيعي لقعر العين شبكةً من الأوعية، كالأوردة، والشرايين، وفي الحالة غير المرضية تكون الشرايين ضيقةً أكثر من الأوردة، بالإضافة إلى القرص البصري الذي يمثل دائرةً متوهجةً، ويبين لدى بعض المرضى بنية تسمّى كأس العين أو (Optic cup) بقطر أكبر من 0.8 ميلي متر، وفي الحالة الطبيعية يتراوح قطر الكأس حوالي 0.5 ميلي متر، أما لدى مرض ارتفاع التوتر داخل القحف الذي يؤثر على حليمة العصب البصري، وتُسبّب لها الوذمة (Edema).

حيث ترتفع الحليمة عن السطح، ويكبر حجمها، وقد تترافق بخيوطٍ نزفيةٍ تمثل تخرب الأوردة، وقطع الصوف، والقطن، التي تمثل تدمر المحاور، ووجود احتشاءاتٍ نقطية، وقد يظهر تصالب الأوردة مع الشرايين بمظهر العنكبوت، أما عند مرضى ارتفاع التوتر المزمن، فتتضح الشرايين أكثر في تنظير قعر العين، مما يعكس تثخُّن جدران الأوعية وتليفها، وتوجد حالات تظهر فيها بقع صغيرة باهتة تُدعى بقع روث (Roth) التي تعبر عن العدوى البكتيرية (Endocarditis).

وقد تكون البقع الرمادية أو الباهتة ناتجةً عن تجمُّع الصفيحات الدموية، والكولسترول، والفيبرين مشكلة صمّة أو خثرة دموية قديمة، لكن يجب على الطبيب الاهتمام بالنظافة والتعقيم في غرفة الفحص، لأن العين البشرية حساسة جداً للجراثيم والفيروسات الموجودة في البيئة المحيطة، وعلى الطبيب إجراء تنظير قعر العين على كل المرضى الذين يعانون من مشاكل في حدة الرؤية أو صداع مستمر لا يهدأ على الأدوية، وفي النهاية يجب اتباع أحدث التطورات في مجال أجهزة تنظير قعر العين. ^{[1] [5]}