Skip links
حفار على سطح كوكب في الفضاء يقوم بالحفر وبجانبه يقف رجال الفضاء ينظرون للحفرة

تعدين الكويكبات

الرئيسية » المقالات » الفضاء » تعدين الكويكبات

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

تتعاظم احتياجات الأرض يوماً بعد يوم، ويصبح تحدّي تأمين الموارد أكبر مع مرور الزمن، وبالبحث عن بدائل لتأمين هذه الموارد تتجه بعض الأنظار نحو الفضاء كمصدرٍ محتملٍ للمعادن النادرة، وذلك بالاعتماد على تعدين الكويكبات (Asteroid mining).

ما هو تعدين الكويكبات؟

هو مصطلحٌ يصف عملية البحث والتنقيب عن المعادن، والمياه، وغيرها من المواد في الكويكبات والكواكب الصغيرة في الفضاء الخارجي، يوجد العديد من المعادن النادرة والثمينة موجودة وبوفرة، مثل: الذهب، الفضة، البلاتينيوم، بالإضافة إلى غيرها من المعادن الشائعة: كالحديد، الفحم، والمنغنيز، وذلك ضمن الكويكبات القريبة من الأرض. ومن ذلك فإن تعدين الكويكبات يسعى لاستخراج هذه المواد، والاستفادة منها ضمن الرحلات الفضائية أو حتى جمع كمياتٍ كبيرةٍ من هذه المواد، ومن ثم إرسالها إلى الأرض لاستخدامها في الصناعات المختلفة.

بالطبع تعدين الكويكبات لم يدخل ضمن إطار التطبيق العملي والتجاري، وهو في واقع الأمر بعيدٌ كل البعد عن الاستخدام بشكلٍ واسع كمصدرٍ إضافي للصناعات البشرية، وذلك لما يواجه من العقبات وتحديات أهمُّها التكلفة الكبيرة لهذه العملية، والذي يجعل استخراج هذه المواد والعودة بها إلى الأرض مهمةً صعبةً إلا أن ذلك لا ينفي وجود عدد من المحاولات الجديّة لاستخراج بعض المعادن من الكويكبات القريبة من الأرض. [1]

هل جميع الكويكبات يمكن التنقيب ضمنها؟

يعتمد الاختيار المناسب للكويكبات التي قد يتمُّ التنقيب ضمنها تبعاً للمواد المواد المكونة لهذه الكويكبات، وعليه يمكن تقسيم الكويكبات، والتي تشكل نقاط تنقيبٍ مهمّة إلى ثلاثة أنواع رئيسية: [1]

1- كويكبات من النوع C

وهي الكويكبات التي تحتوي على كميةٍ كبيرةٍ من الماء بالإضافة لكمياتٍ كبيرة لكل من الفوسفور، والكربون، وعليه فإن هذه الكويكبات يمكن الاستفادة منها بشكل رئيسي في الحصول على سمادٍ طبيعي للزراعة خارج الأرض.

2- كويكبات من النوع S

وهي الكويكبات التي تحتوي بشكلٍ رئيسي على معادن ومواد ذات قيمة مادية كبيرة، كالذهب، والبلاتينيوم، وهذا النوع هو الهدف الرئيسي لعمليات التنقيب المستقبلية لما قد تحمله من فوائد اقتصاديةٍ ضخمة بالإضافة إلى أن نجاح عمليات التعدين على هذه الكويكبات سيفتح الباب أمام الصناعات على سطح كواكب أخرى خارج سطح الأرض.

3- كويكبات من النوع M

وهي مشابهةٌ للنوع S إلا أنها أندر ومكونة من كمياتٍ أضخم من المعادن.

ما هي الطرق الممكنة للتنقيب ضمن هذه الكويكبات؟

في الوقت الراهن لا توجد طريقة ذات جدوى مادية واقتصادية لاستخراج المعادن بشكلٍ فعال، وأحد أهمّ العوامل التي ستحدد إمكانية التنقيب هو قرب الكويكب من الأرض أحد الكويكبات التي تتجه الأنظار نحوه كهدفٍ لأولى عمليات التنقيب هو الكويكب Psyche 16 المكون من كتلٍ معدنيةٍ ضخمة تقدر قيمتها على سطح الأرض بأكثر من 1000000 تريليون دولار.

وقد اكتشف هذا الكويكب في 1852 وتمَّت دراسته بشكلٍ مفصّل، ويعدُّ هدفاً ممتازاً للتنقيب لولا المدار البعيد جداً الذي يدور ضمنه (بين المريخ والمشتري)، والحلُّ المقترح في هذه الحالة هو تغيير مدار هذا الكويكب ليصبح أقرب إلى كوكب الأرض كأن يدور ضمن مدارٍ حول القمر لخفض التكاليف اللازمة للوصول للكويكب، وتصبح عندها عمليات التنقيب ممكنةً (فرضياً).

يمكن علمياً حرف الكويكب عن مداره من خلال استخدام أشعة الليزر على مناطق معينة من الكويكب في لحظة مناسبة إلا أن هذه العملية ستكون مكلفةً جداً ستكلف حوالي مليار دولار، وذلك فقط من أجل حرف الكويكب دون تكلفة التنقيب، وإرسال المواد إلى الأرض. [2]

طريقةٌ أخرى مقترحة هي تبخير الكويكبات ذات المحتوى الجليدي الكبير للحصول على الماء بشكل رئيسي بالإضافة إلى المواد الأخرى اللازمة لإنبات المحاصيل (كالفسفور)، وذلك بالاعتماد على ما يُسمّى (بالتعدين البصري) عبر تركيز الأشعة الشمسية في نقطةٍ معينة ضمن الكويكب لتبخير الكتل الجليدية ضمنه، واستخراج الماء من هذه الكتل الجليدية.

هذه الطريقة تهدف بشكلٍ رئيسي إلى استخراج المواد اللازمة للزراعة خارج سطح على الأرض كجزء من الخطط المستقبلية الاستعمار المريخ والحصول المحاصيل دون الاعتماد على كوكب الأرض. هذه الطرق وغيرها من الطرق المقترحة التي لم يتمّ تطبيقها بشكلٍ فعلي على أرض الواقع ألا أنه تمَّ في السابق عدة تجارب جديرة بالذكر. [3]

المحاولات السابقة للتعدين الفضائي

على الرغم من قلّتها إلا أنه تمَّ في السابق عدة محاولات للحصول على عيّنات من الكويكبات القريبة من الأرض. منذ بداية عام 2005 استطاعت الوكالة اليابانية للاستكشاف الفضاء الجوي عبر المهمّة (Hayabusa) من الحصول على أول عينةٍ من كويكبٍ قريبٍ من الأرض الكويكب (Itokawa)، بالإضافة لكون هذه المهمّة أول مهمةٍ تحطُّ على سطح كويكبٍ صغير الأمر الذي شكل نقطة تحوُّل في التنقيب والتعدين الكويكبي. استطاعت المهمّة (Hayabusa) الحصول ما يقارب 0.5 Kg من الغبار المكوّن لهذا الكويكب، والعودة به إلى سطح الأرض في عام 2010 بهدف دراسة كيفية تشكُّل هذا الكويكب.

تلي هذه المهمة مهمّة مشابهة في 2014 أطلق عليها اسم (Hayabusa 2)، والتي استطاعت في عام 2020 إيصال عيناتٍ عن الكويكب (Ryugu) لسطح الأرض لتكمل بعدها في رحلة استكشاف كويكبٍ آخر يُدعى 1998 KY26. وآخر المهمّات ذات الأهمية في مجال التعدين الكويكبي هي المهمّة (OSIRIS-Rex)، والتي تمّ إطلاقها في عام 2016 من قبل وكالة ناسا، واستطاعت هذه المهمّة بعد عامين من إطلاقها من الوصول إلى الكويكب Bennu مع تقديراتٍ أولية بأن تصل أولى عيّنات هذه المهمّة في أواخر 2023.

تشترك هذه المهمّات الثلاث بأنها جميعاً لم تنقل كمياتٍ كبيرةٍ من الصخور الفضائية إلى سطح الأرض، وذلك بسبب العقبة الرئيسية وهي التكلفة، وذلك هو ما منع شركات خاصة مثل:  Planetary resources من القيام بمهامٍ مشابهة بهدف الحصول على المعادن النادرة من بعض الكويكبات القريبة من سطح الأرض، حيث أن تكلفة هذه العملية حاليا ستفوق قيمة المواد التي يتمُّ نقلها إلى سطح الأرض مما يجعل الفائدة المادية للتعدين الكويكبي غير موجودة في الزمن الحالي، إلا أن تزايد المهمّات المرسلة لجمع العيّنات من الكويكبات المحيطة بالأرض قد يجعل من هذه الكويكبات موارد ضخمةً في  الفضاء، وهي موارد ذات قيمةٍ ولا تقدَّر بثمن. [4]

المراجع البحثية

1- Pariona, A. (2017). What Is Asteroid Mining? WorldAtlas. Retrieved June 14, 2023

2- Davies, S. (2022, January 4). How to Mine an Asteroid — The Easy Way? – Predict – Medium. Medium. Retrieved June 14, 2023

3- David, L. (2015, September 18). Asteroid-Mining Plan Would Bake Water Out of Bagged-Up Space Rocks. Space.com. Retrieved June 14, 2023

4- Howell, E. (2018). Hayabusa: Troubled Sample-Return Mission. Space.com. Retrieved June 14, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.