Skip links
رسمة توضيحية لكبد الإنسان

تشخيص وعلاج تليُّف الكبد عند الأطفال

الرئيسية » المقالات » الطب » أمراض » تشخيص وعلاج تليُّف الكبد عند الأطفال

تدقيق لغوي: أ. موانا دبس

إن تليُّف الكبد حالةٌ مرضيةٌ مزمنة، وإذا تُرك دون علاج، فإنه يمكن أن يؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة، مثل: سوء التغذية، والداء السكري، وسرطان الخلية الكبدية، وقصور الكبد أو الكلية، وقد يحتاج الأطفال المصابون إلى مراقبةٍ وعلاجٍ طبي مستمر لبقية حياتهم.

ونظراً لأن مجموعةً واسعةً من الحالات الطبية وخيارات نمط الحياة يمكن أن تُسبّب تليُّف الكبد، فإن خطط العلاج تختلف من طفلٍ لآخر، وتُعتبر معالجة السبب الكامن وراء تليُّف الكبد هي الخطوة الأولى، كما قد تساعد بعض الأدوية في الحدّ من المزيد من الضرر أو التحكم في الأعراض. [1]

كيف يتمُّ تشخيص الإصابة بتليُّف الكبد عند الأطفال؟

يتمُّ أخذ قصةٍ مرضيةٍ مفصّلة مع الفحص السريري بالإضافة إلى التحاليل المخبرية والشعاعية، وفق ما يلي: [2] [3]

1- القصة المرضية

يتمُّ السؤال من قبل الطبيب عن الأعراض التي ظهرت على الطفل، مثل: الإقياء، وفقدان الشهية، وتغيرات الوزن، وعن التاريخ الطبي للطفل، والأدوية الموصوفة سابقاً بما في ذلك المُكملات الغذائية، كما يتمُّ السؤال عن السوابق العائلية لأمراض الكبد.

2- الفحص السريري

يقوم الطبيب بالبحث عن علامات اليرقان (وجود لونٍ أصفر على بياض العين والجلد)، والبحث عن وجود الوذمات والاستسقاء، واستخدام السماعة للإصغاء إلى القلب والصدر، والبحث عن وجود ضخاماتٍ حشوية في البطن (ضخامة الكبد أو الطحال).

3- التحاليل المخبرية

بناءً على نتائجها يمكن تشخيص أسبابٍ معينةٍ لتليُّف الكبد، وتقدير مدى خطورته، ومن التحاليل التي يتمُّ إجراؤها:

1- اختبارات وظائف الكبد: وتُظهر ما إذا كانت مستويات إنزيمات الكبد أعلى أو أقل من الطبيعي، ومن العلامات التي تدل على تليُّف الكبد:

  • ارتفاع مستويات إنزيمات الكبد، وهي ألانين أمينوترانسفيراز (ALT)، وأمينوترانسفيراز الأسبارتات (AST)، والفوسفاتاز القلوية، وغاما غلوتاميل ترانسفيراز.
  • وجود مستوياتٍ عالية من البيليروبين في الدم.
  • وجود مستوياتٍ منخفضةٍ من بروتينات الدم تُسمّى الألبومين أو مستويات أعلى من بروتينات الدم تُسمّى الغلوبولين المناعي.

2- تعداد الدم الكامل: والذي يمكن أن يظهر علامات العدوى، وفقر الدم الذي قد يكون ناتجاً عن النزيف الداخلي.

3- قياس مستوى الصوديوم، والبوتاسيوم، والكالسيوم، والمغنيزيوم، والفوسفور، والبيكربونات، والكلوريد، واليوريا، والكرياتينين في الدم.

4- معايرة ترانسفيرين المصل، وإشباع الفيريتين.

5- قياس مستوى السيرولوبلازمين والنحاس في الدم، والنحاس البولي لمدة 24 ساعة (إذا كان العمر أكبر من 3 سنوات).

6- معايرة ألفا-1-أنتيتريبسين.

7- اختبارات العدوى الفيروسية لمعرفة ما إذا كان لدى الطفل التهاب الكبد B أو التهاب الكبد C.

8- اختبارات أمراض الكبد المناعية الذاتية، والتي تشمل الأجسام المضادة للنواة (ANA)، والأجسام المضادة للعضلات الملساء (SMA)، واختبارات الأجسام المضادة للميتوكوندريا (AMA).

4- التصوير الشعاعي

تصوير البطن بالأمواج فوق الصوتية

تُعتبر طريقة التصوير المثالية للاستقصاء الأولي في أمراض الكبد المزمنة عند الأطفال والمراهقين، فيمكن من خلاله تحديد حجم، وشكل الكبد، وتشخيص الكيسات الصفراوية، والحصيات المرارية، ويمكن أيضاً تحديد حجم الطحال، والذي قد يشكل دليلاً غير مباشر على وجود ارتفاعٍ في توتر وريد الباب، ولكنه لا يُعتبر مؤشراً دقيقاً لوجود أو غياب الدوالي المريئية المعدية.

ويمكن أن يفيد استخدام تقنيات الدوبلر في إكمال التقييم المبدئي بالأمواج فوق الصوتية، فهو يساعد على تحديد التروية، واتجاه تدفُّق الدم في وريد الباب، والشريان الكبدي، وأيضاً تشخيص التشوُّهات والخثار في وريد الباب.

التصوير المقطعي المحوسب متعدد الشرائح والتصوير بالرنين المغناطيسي للبطن

يُعتبران ضروريان لتقييم الطفل خاصةً في مرحلة ما قبل زرع الكبد، حيث تسمح طرق التصوير هذه بتحديد التشوُّهات الخلقية أو التغيرات المرتبطة بتليُّف الكبد (التحولات البابية الجهازية، تخثُّر وريد الباب)، والتي قد تتطلب تعديل التقنيات الجراحية.

5- التنظير الهضمي

هو أفضل طريقةٍ لتقييم وجود وحجم وامتداد دوالي المعدة والمريء، وفي حالاتٍ نادرة، دوالي الاثني عشر.

6- خزعة الكبد

تُعتبر الطريقة الذهبية لتشخيص تليُّف الكبد، وتتمُّ باستخدام إبرةٍ مجوفةٍ يتمُّ من خلالها أخذ قطعٍ صغيرةٍ من أنسجة الكبد، ومن ثم يتمُّ تقييم أنسجة العينة تحت المجهر، وقد يتأثر تفسير النتائج بعدد من العوامل، مثل: صغر حجم العينة، أو حدوث خطأ في أخذ العينات.

كيف يتمُّ علاج تليُّف الكبد عند الأطفال؟

في معظم الحالات لا توجد وسيلةٌ لعلاج تليُّف الكبد بشكلٍ شافٍ، وعادةً ما يحتاج الأطفال المصابون إلى رعايةٍ مستمرةٍ لبقية حياتهم، والهدف الرئيسي من العلاج هو حماية الكبد من المزيد من التندُّب، ومعالجة الحالة الطبية الأساسية التي أدت إلى تليُّف الكبد، وتشمل التدابير العلاجية الممكنة: [3] [4]

1- علاج السبب الكامن وراء تليُّف الكبد

1- علاج التهاب الكبد الفيروسي: يمكن أن يُقلّل العلاج من نسبة حدوث تليُّف الكبد عند الأطفال المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي، حيث يمكن للأدوية المضادة للفيروسات (Antivirals) علاج التهاب الكبد C المزمن، ولكنها تثبّط فقط التهاب الكبد المزمن B.

2- علاج أمراض المناعة الذاتية: يمكن أن تساعد الكورتيكوستيرويدات (Corticosteroids)، ومثبطات المناعة (Immunosuppressant) في تدبير بعض أمراض المناعة الذاتية المُسبّبة لتليُّف الكبد.

3- كما يمكن من خلال العلاج الدوائي تدبير أعراض بعض الأمراض الوراثية التي يترافق وجودها عند الطفل مع حدوث أذيةٍ كبدية.

4- ويمكن أيضاً سحب الدم بشكلٍ منتظم لخفض مستويات الحديد في حال كان سبب التليُّف هو داء ترسُّب الأصبغة الدموية.

2- التغذية الصحية

الأطفال والمراهقون المصابون بتليُّف الكبد لديهم احتياجاتٌ غذائيةٌ متزايدة، لذلك فهم بحاجةٍ إلى برنامجٍ غذائي خاص بهدف ضمان حصولهم على طاقةٍ كافية لتلبية الاحتياجات اليومية، ومعالجة العجز الغذائي الناجم عن زيادة الطلب على الطاقة بسبب مرض تليُّف الكبد، ومنع تقويض البروتين.

بالنسبة للبروتين يحتاج الرضع الذين يعانون من تليُّف الكبد، والذين يعانون من ركودٍ صفراوي إلى تناول البروتين بحوالي 2-3 غرام /كيلوغرام (2-3 غرام من البروتين لكل كيلو غرام من الوزن) يومياً للحصول على نمو صحي، وتُعتبر المُكمّلات التي تصل إلى 4 غرام/كيلوغرام يومياً آمنة بشكلٍ عام، وضرورية للحفاظ على النمو الطبيعي، وتجنُّب التقويض المفرط.

تُعتبر الدهون عنصراً غذائياً مهماً بشكلٍ خاص عند الأطفال المصابين بأمراض الكبد، ويجب أن تمثل حوالي 30 إلى 35 بالمئة من إجمالي السعرات الحرارية في النظام الغذائي، وينبغي أن تمثل الدهون الثلاثية متوسطة السلسلة (MCTs) ما بين 30 إلى 50 بالمئة من كمية الدهون، حيث يتمُّ امتصاصها مباشرةً عن طريق ظهارة الأمعاء، ولا تتطلب أملاحاً صفراويةً للهضم والامتصاص. كما يعدُّ نقص الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون مشكلةً شائعة، خاصةً عند الأطفال المصابين بالركود الصفراوي، ولذلك يجب مراقبة مستويات هذه العناصر الغذائية بدقة.

ما هو تدبير مضاعفات تليُّف الكبد؟

1- الاستسقاء والوذمات

تُعتبر من أكثر مضاعفات تليُّف الكبد شيوعاً، وغالباً يحتاج الأطفال المصابين إلى مجموعةٍ من التدابير الدوائية وغير الدوائية، ومنها:

تقييد تناول الملح

حيث إن تقييد الصوديوم، وليس تقييد السوائل هو المسؤول عن فقدان السوائل، حيث يؤدي تقليل الصوديوم إلى التخلص من السوائل بشكلٍ سلبي.

العلاج الدوائي

يشمل مدرات البول من الخط الأول، وأكثرها استخداماً عند مرضى التليُّف هي: سبيرونولاكتون (Spironolactone)، وفوروسيمايد (Furosemide)، ومدرات الخط الثاني، ومنها: هيدروكلوروثيازيد (Hydrochlorothiazide)، ويجب تجنُّب استخدام بعض الأدوية عند الأطفال المصابين بالاستسقاء، فقد تزيد الصادات الحيوية، مثل: أمينوغليكوزيد (Aminoglycoside) من خطر القصور الكلوي، وتشكل الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية Non-steroidal) anti-inflammatory) خطراً كبيراً لاحتباس الصوديوم، والفشل الكلوي.

تسريب الألبومين (Albumin infusion)

حيث وجدت الدراسات أن الجمع بين مدرات البول والألبومين يؤدي إلى معدلات استجابةٍ أعلى، وقصر مدة الإقامة في المستشفى، وانخفاض معدلات إعادة القبول.

بزل الاستسقاء

هو علاجٌ آمنٌ وفعّال للأطفال الذين يعانون من الاستسقاء المتوتر.

2- الدوالي المريئية المعدية ونزيف الجهاز الهضمي

يُعتبر تمزُّق الدوالي المريئية المعدية السبب الأكثر شيوعاً لنزيف الجهاز الهضمي عند الأطفال المصابين بتليُّف الكبد، وهو أشدُّ مضاعفات المرض، ويُعتبر حالةً طبيةً طارئة، وعادةً ما يتمُّ علاج نزيف الجهاز الهضمي الناجم عن الدوالي المعدية المريئية لدى الأطفال والمراهقين باستخدام وسائل تمّ تطويرها عن تلك المُتّبعة للبالغين.

وتمَّ تكييف هذه الطرق للاستخدام مع الأطفال من قبل لجنة من الخبراء،  والتي اقترحت أيضاً مجموعةً من المبادئ التوجيهية لعلاج الأطفال الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم البابي، ويمكن تصنيف العلاجات على أنها دوائية، وتنظيرية، وميكانيكية، وجراحية.

3- الإنتانات

الأطفال الذين يعانون من تليُّف الكبد معرضون بشكلٍ خاص للإصابة بالعدوى، وأكثرها شيوعاً هو التهاب الصفاق الجرثومي العفوي، كما أن التهابات المسالك البولية، والجهاز التنفسي شائعة أيضاً، وتشمل التدابير الوقائية الموصى بها المكملات الغذائية، واللقاحات، والصادات الحيوية الوقائية عند الإجراءات الغازية، كما يوصى بلقاحات المكورات الرئوية، والمكورات السحائية للأطفال الذين يعانون من غياب الطحال الوظيفي بسبب ارتفاع ضغط الدم ضمن وريد الباب.

وفي حال الإصابة بالتهاب الصفاق الجرثومي يتمُّ العلاج باستخدام الجيل الثالث من السيفالوسبورين الوريدي، مثل: سيفوتاكسيم (Cefotaxime) لمدة 14 يوماً، وفي حال تكرر الإصابة، فيمكن استخدام الصادات الحيوية الوقائية عن طريق الفم، مثل: الكوتريموكسازول (Co-trimoxazole)، أو السيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin)، أو النورفلوكساسين (Norfloxacin).

4- اعتلال الدماغ الكبدي

هو عبارة عن اعتلالٍ في وظائف الدماغ ناتجٌ عن قصور الكبد، ويُسبّب العديد من الاضطرابات العصبية والنفسية، ويفيد في تدبيره كل مما يلي:

1- تُعتبر السكريات الثنائية غير القابلة للامتصاص، مثل: اللاكتولوز (Lactulose) العلاج المفضل للمرضى الذين يعانون من اعتلال الدماغ الكبدي، أما بالنسبة للأطفال، فإن الجرعة المثالية من اللاكتولوز هي 0.3-0.4 ميلي لتر/ كيلو غرام، مرتين إلى ثلاث مراتٍ يومياً، وعند المراهقين، والبالغين، يمكن أن تتراوح الجرعة المثالية من 10 إلى 30 ميلي لتر ثلاث مراتٍ يومياً .

2- كما يتمُّ استخدام العديد من الصادات الحيوية، مثل: نيومايسين (Neomycin)، وفانكومايسين (Vancomycin)، وميترونيدازول (Metronidazole)، لتقليل عدد البكتيريا المُنتجة للأمونيا في الجهاز الهضمي.

3- كما يجب تجنُّب المهدئات، وخاصةً البنزوديازيبينات (Benzodiazepines)، والمواد الأفيونية، لأن هذه الأدوية قد تؤدي إلى تفاقم الاعتلال الدماغي.

4- ينبغي تجنُّب الاستخدام المطوّل للأنظمة الغذائية منخفضة البروتين، وعندما يكون تقييد البروتين مطلوباً، فيتمُّ تقليل تناول البروتين إلى 2-3 غرام/ كيلوغرام يومياً.

5- الاضطرابات الدموية

الأطفال الذين لديهم تطاول زمن البروثرومبين يجب أن يتلقوا مكمّلات فيتامين K عن طريق الوريد، والجرعة الموصى بها للأطفال هي 2-10 ميلي غرام في الوريد مرةً واحدةً يومياً لمدة 3 أيام، أو 5 إلى 10 ميلي غرام في الأسبوع، ويمكن أيضاً استخدام نقل البلازما الطازجة المجمدة (5-10 ميلي/كيلوغرام)، أو نقل الصفائح الدموية كعلاجٍ لنوبات النزيف، أو للوقاية من النزيف أثناء بعض الإجراءات، مثل: خزعة الكبد.

6- تدابير أخرى لعلاج مضاعفات تليُّف الكبد

1- التحال (غسيل الكلى): في حال حدوث قصورٍ كلويٍّ مرافق.

2- العلاج بالأوكسجين أو التهوية الآلية في حال القصور التنفسي المرافق.

3- زراعة الكبد :وهو إجراءٌ جراحيٌّ يتمُّ فيه استبدال الكبد المصاب بكبدٍ سليم يأتي من جسم شخصٍ آخر، ويتمُّ في حال قصور الكبد الفعّال (الحاد أو المزمن) ، أو في حال سرطان الخلية الكبدية، أو في حال فشل العلاجات الأخرى.

المراجع البحثية

1- Ssmhealth. Com. (n.d). Pediatric liver cirrhosis: Symptoms & treatment. Ssmhealth. Com. Retrieved November 8, 2023

2- National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. (n.d). Diagnosis of cirrhosis.  National Institute of Diabetes and Digestive and Kidney Diseases. Retrieved November 8, 2023

3- Pinto, R, B. Schneider ,A, C, R.  SIlveira  ,T ,R . (2015, March 27). Cirrhosis in children and adolescents: An overview. World journal of hepatology. Retrieved November 8, 2023

4- Boston Children’s Hospital. (n.d ). Cirrhosis in children. Boston Children’s Hospital. Retrieved November 8, 2023

This website uses cookies to improve your web experience.